فارس حامد عبد الكريم
إقرار الحق اولاً والتسامح الإختياري ثانياً
الحياة في المجتمع لها ثوابت وقيم وهي الاولى ان تتبع سواء استمدت هذه القيم من الشريعة الإسلامية رامية الى تحقيق العدل والإنصاف أو انها ما يقضي به القانون المُشرع لتحقيق العدل الوضعي.
ولذلك فإن من اولى مهام القضاء بأنواعه المختلفة (جزائي، مدني، إداري) هو اقرار الحق ابتداءاً والتمييز بينه وبين الباطل
والحق لغة هو الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، ويقابله الباطل والباطل لغة هو الفاسد بأصله.
فالحق اولاً هو الذي يقضى به ويعلن
للملأ
اما التسامح فيأتي في مرحلة ثانية بعد اقرار الحق وتثبيته وبخلافه تضيع القيم وتخلط الاوراق ويصبح أهل الباطل دعاة للتسامح والتساهل لما يحققه ذلك من مصلحة لهم للإيغال بالباطل وتصويره بأنه هو الحق.
حتى ورد في الآثر؛
(حين سكت اهل الحق عن الباطل توهم اهل الباطل أنهم على حق) - الإمام علي (ع)
وقرر الباحث علي الموسوي:
(ان الناس ثلاثة أصناف بتعاملهم مع الحق، فصنف يكرهونه لأنهم أهل الباطل، وصنف يحبونهبشرط أن لا يتقاطع مع مصالحهم الشخصية وهؤلاء هم المنافقون، وصنف يحبون الحق لأنهم أهلهالثابتون عليه ولا يعلو عليه شيء في نفوسهم وسلوكهم).
وحتى في النزاعات بين الافراد وقبيل الصلح يجب ان يكون هناك وضوح وتحديد لأصحاب الحقوق وتمييز التصرفات الباطلة عن التصرفات التي توافق الحق والصدق حتى لاتتكرر الإدعاءات الباطلة وعندها وعندما يتضايق الظالم اومدعي الباطل يقرر ان يطلب الصلح كوسيلة للهروب من العقاب او اللوم الاجتماعي ...
انظر لقوله تعالى في سورة البقرة كيف اقر الحق اولاً ثم الحقها بإختيار العفو بملء ارادة صاحبالحق دون اجبار
وذلك في قوله تعالى:
{وَإِن طَلَّقۡتُمُوهُنَّ مِن قَبۡلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ
وَقَدۡ فَرَضۡتُمۡ لَهُنَّ فَرِيضَةٗ فَنِصۡفُ
مَا فَرَضۡتُمۡ إِلَّآ أَن يَعۡفُونَ أَوۡيَعۡفُوَاْ
ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ عُقۡدَةُ ٱلنِّكَاحِۚ وَأَن تَعۡفُوٓاْ
أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۚ وَلَا تَنسَوُاْ ٱلۡفَضۡلَ بَيۡنَكُمۡۚ
إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَبَصِيرٌ} (237).
وهناك ايات كريمة عديدة بهذ المعنى الواضح من العدالة الالهية.
936 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع