بدري نوئيل يوسف
من سوالف جدي العتيقة والألغاز ... الثالثة
في هذه الأمسية حضر لنا جدي الشلغم المسلوق (اللفت) مع دبس التمر، وحدثنا عن فوائده الصحية وخاصة للأطفال، والذي يساعد على تقوية العضلات والأعصاب، ويعطي قوة في العظام والمتانة لها.
ثم سأل من استطاع حل لغز السالفة الثانية: رسم الجميع ابتسامة خجل، وكان جدي يرغب في استكشاف أدمغتنا،
ولم نقدر حل اللغز، ابتسم كعادته وشرح لنا فوائد الألغاز وخاصة الرياضيات فهي تمرين للدماغ ويوفر لنا فرصة للحفاظ على أدمغتنا نشطة وصحية، وتتطلب الرياضيات تفكيرا مجردا ومحسوسا، مما يؤدي إلى نمو عضلات الدماغ. وتنشيط العقل ومساعدته على إبقائه نشطا. ثم حل لنا اللغز.
العلاقة بين المحيط كعلاقة الأقطار (ويقصد محيط البطيخة وقطرها)، فإذا كان محيط البطيخة الأولى 60سم ومحيط الثانية 50 سم فتكون النسبة ستة على خمسة ويكون حجم البطيخة الأولى أكبر، ومن الجلي شراء الكبيرة. وحتى لو كان ثمنها أغلى بمقدار خمسين بالمائة.
ثم حدثنا عن حكاية أصبحت مثلا يتداوله العامة من أبناء المجتمع العراقي، قال جدي: كان في احدى المدن أخوين وهما شعيط ومعيط، فقيران ضاق بهما الحال ويبحثان عن عمل ينتشلهما من الفقر والجوع والعوز، ورغم بحثهما لم يجدان من يرغب بقبولهما، وأخيرا اتفقا أن يتركا مدنتهما ويهاجران إلى مدينة أخرى ربما يجدان بصيص أمل ينقذهما مما هما عليه، فأصبحا يتنقلان بين القرى المجاورة بحثا عن أي عمل، لكنهما لم أن يحظيا من يقدم لهم المساعدة، وهما في الطريق خطر في بال شعيط فكرة بأن يفترقا من الآن كل منهما في حال سبيله، على أمل أن يلتقيا فيما إذا تحسن حال أحدهما أو كليهما بعد فترة من الزمن ويكونا عونا لبعضهما بعضا.
وفي أحد الأيام وصل شعيط إلى مدينة وهو رجل عريض المنكبين، ضخم الحجم، له شارباه كثيفان يدلان على رجولته وهو يتمشى في شوارع المدينة، شعر بأن أهالي المدينة يعيشون في بيوت عليها ملامح الترف وحسن الحال، لوجود ملك يعتني برعيته بعناية ودراية.
وصل شعيط إلى قصر الملك، وأخذه الفضول بأن يقف أمام الباب، يسأل الحراس بغرض البحث عن عمل لدى الملك، استوقفه حراس القصر ، و كان الملك ينظر من نافذة قصره في الطابق الثاني متعجبا من ضخامة هذا الرجل الغريب، فصاح بهم الملك: من هذا الذي يقف بالباب وعما يبحث؟ وماذا يريد؟.
فأجابه أحد الحراس بأنه يبحث عن عمل ، سمح له الملك بالدخول والمثول أمامه ، فتقدم برفقة الحراس نحو الملك منحنيا وادى الطاعة ، فسأله الملك أسئلة عدة ، وعما يستطيع القيام به من عمل ، وهنا أجابه شعيط أنه ليس لدية مهنة، إنما هو رهن طلب الملك بما شاء ويريد ، ونظرا لطول قامته وضخامة جسمه، قرر الملك أن يعينه مرافقا له ومن ضمن طاقم حمايته الشخصية. مرت الأيام والسنون وشعيط يخلص للملك، وأحيانا يرشده برأيه المتواضع إلى أن عينه الملك مستشارا لإعجابه بصدقه وحسن نواياه الطيبة..
مرض الملك وأحس بقرب أجله، فناداه الملك وأمام حاشيته قائلا: ربما دنا الأجل، أريد أن أوصيك بالزواج من ابنتي الوحيدة والحفاظ عليها، وعلى أن تكون الملك من بعدي.
وبعد رحيل الملك إلى جوار ربه، أصبح شعيط يصدر القرارات بما يراه ويناسبه للحفاظ على كرسي الملك الموروث.
أما معيط فلم تتحسن به الحال نهائيا، فقرر أن يسأل عن أخيه شعيط الذي غاب عنه سنوات طويلة، ولا يدري بأي حال يكون الآن، وبدأ يسأل ويتنقل من مدينة إلى أخرى لعله يحظى برؤية أخيه الغائب إلى أن وصل مدينة الملك، فوصف شكل أخيه واسمه، فأجابوه بأن هذه المواصفات التي يتحدث بها تنطبق على ملكهم، ولكن لا يعرفون ما اسمه، وصل معيط إلى قصر الملك وطلب مقابلة الملك، وعندما تقابلا تعرفا على بعضهما وراحا يحتضنان ويتبادلان القُبلات، وقرر الملك شعيط أن يكافئ معيط بوزارة الدفاع، فبكى معيط ، فنادى الملك على رئيس ديوانه بأن يسند إلى معيط وزارة المالية بالوكالة إضافة لمهام وزارة الدفاع ، فكان بكاء معيط أكثر مرارة مما سبق ، فظن شعيط بأن معيطا يرغب بمهام أكبر كونه أخا الملك، فأردف قائلا لرئيس ديوانه بأن يسند إليه أيضا مهام وزرارة الزراعة ، فأشتد به البكاء والنحيب والعويل ، فتقدم الملك من أخيه الوزير المستحدث ، لماذا كل هذا البكاء أخي أيها الوزير الموقر ؟.
أجابه معيط : والله يا أخي أنا لا أبكي على الوزارات ، لكني أبكي على مدينة يحكمها شعيط ومعيط!.
ثم سأل جدي من منكم يقدر يعطيني اسم قرية أو مدينة يحكمها حكام يشبهون شخصيات حكايتنا.
ساد الصمت جميع الأطفال ولم يرد عليه أحد.
ابتسم جدي قائلا: اسمعوا اللغز الجديد (إثناء البرد الشديد أي في الصقيع، يقف إنسان بالغ وطفل خارج المنزل والاثنان في ملابس واحدة، لأي منهما يكون الجو أبرد. (الحل في السالفة التالية) وتصبحون على خير.
2140 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع