مصطفى محمد غريب
آفاق وحدة الحركة النقابية العراقية الوطنية ووحدة الصراع
ان الحركة النقابية العراقية الوطنية تستطيع ان تلعب دوراً ايجابياً بالنسبة للأوضاع المأساوية التي يمر بها الشعب العراقي والطبقة العاملة شغيلة اليد والفكر، لأنها تمتاز بعلمية الفكرة وتبيان الهدف، الحركة النقابية العراقية ذو تاريخ عريق في النضال من اجل الدفاع عن حقوق العمال النقابية منذ بداية التأسيس وما مرت به من ظروف صعبة طوال العهود السابقة والاضرار التي لحقت بالديمقراطية النقابية كثيرة وقد دونها وذكرها العديد من المختصين والنقابيين وبخاصة انقلاب 8 شباط 1963 الدموي، ثم بعد 17 تموز 1968 الانقلاب البعثي الثاني الذي كان يدرك أهمية هذا العمل ومدى تثيره على العمال وحركتهم النقابية وموقف البعث العدائي من ممثل شغيلة اليد والفكر الحزب الشيوعي العراقي الذي له تاريخ حافل في النضال العمالي النقابي وله قادة نقابين معروفين قدموا حياتهم من الحقوق المشروعية للطبقة العاملة.
في بداية انقلاب 17 / تموز / 1968 لا يمكن نسيان ما قام النظام الدكتاتوري به ضد عمال الزيوت النباتية من استخدام العنف والقتل والاعتقال، ثم استخدام السلطة لسن القوانين المعادية للحركة النقابية والطبقة العملة وبذل الجهود لضرب الوحدة النقابية العمالية عن طريق الهيمنة والتسلط والتزوير لأنه يعلم علم اليقن مدى تأثير القادة الثورين على مجمل الحركة النقابية ولهذا سعى للهيمنة
1 ـــ على الاتحاد العام والنقابات المهنية وهذا ما حصل حيث زيفت إرادة العمال وأصبحت النقابات عبارة عن مؤسسة لا تختلف عن مؤسسات الدولة
2 ـــ اصدار القوانين التي ساهمت في اضعاف الحركة النقابية كمؤسسة مهنية تدافع عن حقوق العمال المشروعة
3 ــــ اصدار القوانين المجحفة منها، قانون التنظيم النقابي للعمال رقم ( 52 ) 1987 القانون يسري بأحكامه على عمال القطاع الخاص والمختلط والتعاوني فقط ، إصدار قرار ( 150 ) 1987 من قبل مجلس قيادة الثورة الغاء التنظيم النقابي قي قطاع الدولة، إضافة إلى قرارات وقوانين العمل والضمان الاجتماعي وجميعها ضد الحركة النقابية وشل حركتها في الدفاع عن مبادئ الديمقراطية والحريات النقابية
4 ـــ أصبح عمال قطاع الدولة موظفين بجرة قلم صدام حسين وفق القرار (150) (صدام حسين : التسمية تسهل لهم الزواج ) *
وبقت النقابات واتحادها العام ضعيفة بدون أية قدرات نقابية، تنفذ ما تآمر به واصبحت مقراتها عبار ة عن أجهزة للتحقيق ومراقبة العمال بما فيها سوق مئات الآلاف من العمال إلى حرب الثمان سنوات مع إيران وغيرها من الحروب التي قام بها النظام العراقي. وقد قدمت العديد من التقارير والشكاوى لمنظمة العمل الدولية ولجنة الحقوق النقابية من قبل الحركة النقابية الديمقراطية. مما زاد من عزلة الاتحاد العام الحكومي.
بعد الاحتلال وسقوط النظام وتسليم السلطة لأحزاب وتنظيمات الإسلام السياسي الشيعي وحلفائهم لم تستطع النقابات من إعادة ترتيب أوضاعها بل استمرت تداعياتها السلبية وسط خلافات وانقسامات غير مبدئية وأصبحت النقابات لا تدافع عن حقوق العمال أو تعمل كتنظيم مهني لهُ استقلالية نقابية بعيدة عن تأثيرات القيادات والبعض من الاحزاب التي لا يهمها إلا مصلحتها الضيقة، الاتجاه الجديد لم يخدم وحدة الطبقة العاملة كونها طبقة بحد ذاتها لها تنظيم نقابي مهني يقف مع حقوقها ، ولم تستفد التنظيمات النقابية من تصوّيت مجلس النواب في جلسته الاعتيادية رقم (33) في تشرين الثاني 2017 من قانون انضمام العراق إلى اتفاقية العمل الدولية الخاصة بالحريات النقابية وحماية حق التنظيم النقابي تعتبر انجازاً كبيراً للحركة النقابية مع إنجازات أخرى .
أن المسؤولية التاريخية التي تتحملها القيادات النقابية الوطنية الحالية دون استثناء ضعف الشعور بالمسؤولية التاريخية عن الوحدة النقابية التي توفر مشروعية قيام العمال بدورهم التاريخي ودفاعهم ليس عن الحقوق المطلبية فحسب بل القضايا الوطنية ، هذه الخلافات ساهمت في تفتيت الحركة النقابية الوطنية وحتماً ستكون عاملاً مع عوامل اخرى يؤدي إلى اضعاف الحركة النقابية وبالتالي الاضرار بالديمقراطية وبالديمقراطية النقابية وتشجيع حكومات المحاصصة في العمل لإضعاف العمل النقابي، لا يمكن نسيان قرار مجلس الحكم رقم (3) لسنة 2004 وفقرته الأولى لحل كافة مجالس إدارات النقابات والاتحادات العملية ، وكذلك الأمر الوزاري رقم (8750) لسنة 2005 حيث نص أن يرأس اللجنة وزير العمل والشؤون الاجتماعية، وبسبب عدم الرؤيا الطبقية الصحيحة صار الانشقاق 2012 حيث تمترس كل طرف في موقعٍ بما فيها اللجنة التي يرأسها وزير العمل لأحد أركان الإسلام السياسي الحاكم وهيمنتهم على الاتحاد العام لنقابات العمال ، ثم قيام تابعين للحكومة ثم لاتحاد إقليمي وهكذا تبعثرت جهود المخلصين من أجل الوحدة النقابية وأصبح الخلاف قاسماً مشتركاً حتى بين القوى اليسارية الديمقراطية ، هذا بشكل مختصر حول الخلافات والانقسامات التي عطلت دور الحركة النقابية التقدمية وصراعها الضيق من أجل المصالح الضيقة والفهم الخاطئ والمعطل لمهمات الحركة النقابية ومنها
ـــ القضايا المطلبية فيما يخص الأجور وساعات العمل والسلامة المهنية والبطالة وقضايا السكن والخدمات الصحية والتعليمية لتحقيق العدالة الاجتماعية
ــــ القضايا الوطنية المشاركة الفعالة في الدفاع عن الوطن والحريات العامة والخاصة وقضايا سياسية ذات جهات مختلفة والمشاركة في العملية السياسية وفق نظرة ديمقراطية عمالية
هذه المهمات ومهمات أُخرى غابت عن الواقع بسبب الخلافات والانقسامات غير المبدئية التي أدت في واقع الحال إلى اضرار جسيمة مست وحدة الطبقة العاملة وموقفها في الكثير من القضايا في مقدمتها
ــــ المحاصصة الطائفية العدو الشرس بالنسبة لوحدتها الطبقية
ـــــ التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية وفي مقدمتها الامريكية والإيرانية والتركية:
ليس كلما ذكر كافي، فقضية وحدة الحركة النقابية التي شابتها الخلافات والانقسامات والصعوبات منذ 2003 وحتى الوقت الراهن أصبحت قضية لا يمكن التغاضي عنها ، ومنها حق التنظيم وتدخل السلطة والبعض من أحزاب الإسلام الحاكم ثم القوانين التي أصدرها قبل ذلك ما يسمى مجلس قيادة الثورة لإضعاف الحركة النقابية في قطاع الدولة وهو تقسيم واضح للحركة النقابية العمالية، ولا يمكن السكوت عن الدور المشبوه لحكومات المحاصصة الداعمة لبعض النقابات السائرة في ركاب مخططاتها وهي جهود ما زالت تبذل لإبقاء الحركة النقابية مهمشة وضعيفة بدلاً من أن تتوحد من أجل مصلحة الطبقة العاملة العراقية كي تقوم بمهماتها التاريخية وحقها في الحرية والديمقراطية النقابية وقد اكد الحزب الشيوعي العراقي في نيسان 2023 حول " تشريع قانون الحريات النقابية، لضمان حق العمال في تنظيم انفسهم بنقابات واتحادات، بعيدا عن تدخل السلطات الحكومية وهيمنتها" ونضالها في المجال المطلبي والسياسي وأن يكون دورها الإيجابي بين العمال بمختلف القطاعات بما فيها القطاع العام بهدف تعزيز وحدة الحركة النقابية بعيداً عن الخلافات غير المبدئية وتغليب المصلحة العامة على المصالح الضيقة، هذه المهمة النبيلة يجب أن يتحلى بها القادة النقابيين الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين والمستقلين بعيدا عن التحزب والانغلاق، توحيد رؤيتهم لأهمية الوحدة النقابية والعمل سوية من اجل عودة روح العمل النقابي المشترك بينهم ، عليهم إيقاف الخلافات والانقسامات والعمل بجهد مسؤول حول وحدة العمل النقابي ونضاله المشروع من اجل الحقوق النقابية وحقوق الطبقة العاملة العراقية، ان العمل بتفاني ونكران الذات سيعيد لحمة الحركة النقابية الوطنية والديمقراطية الى موقعها النضالي العملي
ـــ المجد والخلود لشهداء شغيلة اليد والفكر وحركتهم النقابية الحرة
ـــ
* في أحد اللقاءات المتلفزة ادعى صدام حسين أن ( تسمية العامل موظف يجعله قويا إذا خطب فتاة للزواج!!)
2166 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع