من سوالف جدي العتيقة ... الثانية

بدري نوئيل يوسف

من سوالف جدي العتيقة ... الثانية

في هذه الأمسية: جلسنا حول مدفئة نفطية، وكان مع جدي كيس صغير فيه زبيب اسود مع لب الجوز، وزع علينا بالتساوي، حيث استعمل استكان الشاي مقياس لكمية الزبيب لكل طفل، وثلاث حبات من لب الجوز.
ثم سأل جدي مَن منكم عرف حل لغز السالفة السابقة، هز الجميع رؤوسهم بالنفي، وبدأ جدي يشرح لنا الحل.
يقول: حجم البطيخة الكبرى يزيد على حجم البطيخة الصغرى، وهذا يعني أن من الأربح شراء البطيخة الكبرة فهي أغلي بمرة ونصف أي أن المادة الصالحة للأكل فيها أكثر بمرتين. ولكن لماذا لا يطلب الباعة ثمنا لهذا البطيخ ضعف الثمن، وإنما أكثر بمرة ونصف، يفسر هذا ببساطة بأن الباعة في اغلب الأحيان ضعفاء في الهندسة.

ثم سأل جدي من منكم يعرف ما هي العصيدة؟ ابتسم الجميع بخجل بأنهم لا يعرفون، وقال:العصيدة هي اكله تعملها امهاتنا قديما وأساسها الخبز البايت او القديم المتجمع و بدﻻ من رميه لأنه عتيق ويابس، تقوم أم البيت بوضعه في قدر وتخلط معه الحليب والسكر ويسخن على النار صباحا ويقدم مع وجبة الفطور وهو ما يمثل ما يقدم للأطفال في الوجبات الصباحية الحديثة ويسمى الكورن فليكس، وهناك طريقة أخرى لعمل العصيدة ، من طحين القمح، مع قليل من زيت الزيتون، توضع على النار مع التقليب حتى يجف الماء، ويصبح الخليط متماسك ونعصدها ثم نعيدها إلى النار.ثم نسكب عليها الزبد أو العسل وتقدّم على شكل نصف كرة.

أما سالفة هذا اليوم صناعة التنانير ، يعود استخدام التنور الطيني الى آلاف السنين في العراق، وعامة البلدان منذ النشأة الاولى للخليقة، وتزدهر بالعراق والمادة الرئيسيه لصناعة للتنور هي الطين، وليس كل طين يصلح للتصنيع، بل يجب استخدام التراب الثقيل الأحمر المسمى باللهجة العامية الطين الحر، و يجب أن يكون خالي من أي أملاح أو حبيبات الرمل، و تجلب هذه التربه من مكان بعيد من نهر دجله، في البداية يرفع عن سطح الارض كميه كبيره من التربة، ثم نرفع التراب المطلوب الأحمر الثقيل، ويصفى من الأعشاب وجذور النباتات أو أحجار إن وجدت، ومن ثم يخلط هذا الطين مع التبن وهو المفضل دائما، ويضاف للخلطة قليل من الماء وتعجن باليد لتكوين طين متماسك، ويغلف هذا الطين بالقماش لمدة يومين لكي يتخمر الطين، وتكون لينه ومطاوعة للشكل الذي يريده الصانع، بعد ذلك يقوم ببناء التنور حسب الشكل المراد، وتعمل فتحة بقطر ثمانية سنتمترات تقريبا في اسفل التنور تعمل بمثابة تنفيس للوقود (تسمى) (الرواك) بتخفيف الكاف، تغلق حين يسجر التنور بحجر، وترفع حين يتجمر الحطب، ويعاد الحجر حين وضع اقراص الخبز داخل التنور، ويتطلب اسبوع كامل على الاقل لكي ينشف التنور ويصبح جاهز للعمل أو البيع، ولكن من الممكن تقصير هذه الفترة إلى أربعة أيام، بالقيام بحرق مخلفات الاغنام داخله التي تحترق ببطء مما يسارع تجفيف التنور.
يصاحب بناء او تثبيت التنور بالمكان المطلوب عمل دكه من كل جانب، منه للإسناد وللعزل الحراري، وتستخدم كحوامل أو قواعد، فالجهة اليمنى لوضع قطع العجين والجهة اليسرى لوضع الخبز الناضج او الخبز الخارج من التنور بعد الخبز، من اسفل التنور يعمل فتحه باتجاه هبوب الرياح، لكي يدخل الى التنور من الاسفل وهذا يعتمد على موقع التنور أثناء بناءه، فمثلا اذا كانت الرياح شماليه، فنضع الفتحه باتجاه الشمال، وأخيرا يجب وضع الخبز بعد اخراجه من التنور في سله مصنوعة من خشب التوت، كي لا يكتسب أي روائح ويبقى طري، تصنع الكثير من التنانير من قبل النساء وتشتهر كركوك بصناعتها ، وأكثر الخبازات يلبسن ملابس سوداء عند القيام بالخبز، ومن ملحقات تنور الطين السيخ وهو قضيب حديدي رفيع يستخدم لتقليب الجمر، والماشة وهي عتلة حديدية تستخدم لخلع اقراص الخبر من سطح التنور، والواشة وهي قطعة قماش مبللة لتنظيف سطح التنور الداخلي من الخبز المحترق الملتصق به، إضافة إلى الطبق لوضع الخبز الجاهز فيه، وهناك المخدة التي تستخدم لمد الرغيف عليها للصقه على سطح التنور الداخلي، والى جانب استخدام الحطب لإشعال النار في التنور، تستخدم بعض ربات البيوت وخاصة في الأرياف وضواحي المدن( المطال) وهو عبارة عن اقراص مجففة من فضلات الأبقار، وثمة نساء يتبركن بوجود تنور الطين في البيت. لأن لخبز التنور الطيني طعم متميز .
وفي نهاية حديثه سأل جدي من منكم يعرف هذا اللغز : تباع بطيختان من نوع واحد، محيط الأولى ستين سنتمتر، والثانية خمسين سنتمتر ، الأولى اغلى من الثانية بمرة ونصف أي شمامة من الاربح شراؤها. (الحل في السالفة التالية) وتصبحون على خير.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1063 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع