المحامي المستشار
محي الدين محمد يونس
الطبع بالبدن ما يغيره غير الجفن
في عام (1985) اشتريت سيارة من نوع تويوتا سوبر صالون موديل نفس السنة من رجل من أهالي محافظة بغداد يدعىٰ (الحاج شعلان) وكان ميسور الحال ويعمل تاجراً للجملة في سوق جميلة وبالمناسبة اود التطرق الى أن لوحات تسجيل السيارات وحسب تعليمات المرور العامة كانت تمنح على ضوء هوية الأحوال المدنية للشخص ومحل صدورها وكنت احمل هوية الأحوال المدنية لمحافظة بغداد إحصاء عام (1957) لذا فكانت لوحات سياراتي تقرأ بغداد ولهذا السبب كان الكثيرون من معارفي واصدقائي من محافظة أربيل يقبلون على شراء سيارتي بشرط أن تبقى باسمي وبنفس رقم بغداد الذي عليها لعدم ارتياحهم من حملها لرقم أربيل عندما كانوا يسافرون بها خارجها وخاصة الى العاصمة بغداد وهنا اود ان اذكر بانه بعد احداث الانتفاضة الشعبية عام (1991) وانتهاء سيطرة الحكومة المركزية في بغداد على المحافظات المكونة لإقليم كردستان ( أربيل، السليمانية، دهوك) وبعد تحديد خط العرض وقطع علاقتي بوظيفتي الرسمية والنظام واستقراري في محافظة أربيل تبين لي وجود احد عشر شخصاً سياراتهم الشخصية مسجلة باسمي وكانوا يراجعونني لغرض مصاحبتهم الى بغداد لغرض تحويلها بأسمائهم الا انني كنت اعتذر لهم لاستحالة تمكني من السفر اليها لكوني كنت عقيداً هاربا من الوظيفة وكنت استنسخ لهم هوية الأحوال المدنية وشهادة الجنسية العراقية واطلب منهم تدبير امورهم فيقومون بتدبيرها عن طريق رشوة رجال المرور دون حضوري في بغداد وحصل نفس الشيء مع صديقي العزيز المرحوم ( ميزر نوري الفيصل الجربا) الذي كان قد سجل الدار التي ابتاعها في حي الجامعة في بغداد باسمي وكان يلح علىَ بالسفر الى بغداد وتحويل الدار باسمه ويذكر لي بانه قد حصل لي على عفو خاص من الرئيس العراقي السابق (صدام حسين) مع ضمان عودتي الى وظيفتي ورتبتي السابقة الا انه ونتيجة اصراري على قطع علاقتي بالنظام السابق لجأ الى نفس الطريقة حيث حول الدار من اسمي الى اسمه بعد أن حصل على موافقة خاصة بذلك لكونه من محافظة نينوىٰ وكنت امازحه بعد سقوط النظام في عام (2003) من انني سوف ابطل المعاملة التي تم تحويل الدار من اسمي بموجبها لكونها باطلة لعدم حضوري او تنظيمي لوكالة قانونية وعدم وجود أي قرار قضائي يجيز ذلك وحان الان ان نعود للحديث عن (الحاج شعلان) الذي اتفقت معه في يوم لاهب شديد الحرارة من شهر آب اللهاب عام (1985) لمراجعة مديرية المرور في بغداد لغرض تحويل السيارة التي اشتريتها منه باسمي، وراجعته في محله الضخم واصطحبني معه في سيارته السوبر وموديلها (1985) كان شباك السيارة مفتوحاً والهواء الحار يحرق وجوهنا كنت اعتقد مع نفسي بانه لا يشغل تبريد السيارة لعطل فيها وعندما استفسرت منه :-
سوبر صالون موديل 1985
- حجي شعلان شنو تبريد السيارة عاطل؟
- شنو عاطل... سيارة جديدة ما ما شيه
بس بالمناسبة انصحك ديربالك لا تشغل تبريد السيارة لان هذا التبريد يدمر محرك السيارة ويقصر عمرها، التفت اليه متسائلاً: -
حجي شعلان إذا ما يصير زحمة انت اشكد عمرك؟
- اجابني ليش تسأل عن عمري؟ آني عمري (67) سنة
- اجبته ها يعني باقيلك ثلاثة سنوات عايش
- اجابني محدقا في وجهي ليش انت (الله) تحدد عمري؟
- اجبته لا استغفر الله آني مو (الله) بس الاعمار بهذا المتوسط واردفت شوف حجي عندك أولاد؟
- أي عندي ثلاث ولد
- الله يخليلك ياهم ويطول باعمارهم، وانت ان شاء الله عمرك طويل من تترك هذه الدنيا وهذا حالنا جميعاً ولدك راح يتمتعون بأموالك وسياراتك يضربون بيها بطناش... شنو قصتك عمي انت شبيك ليش هيجي ظالم نفسك ومعذبها، الفلوس شنو فائدتها اذا ما تستفاد منها وتمتع نفسك وتصرف عليها، بعد أن انهيت حديثي معه مد يده على عتلة درجات التبريد وزحف بها للأخير ومن ثم ضغط على قرص التبريد الأحمر، قلت له حجي مو هيجي يعني انت لو ما تشغل التبريد لو للأخير، وضعت عتلة التبريد في المنتصف واغلقنا شبابيك السيارة وشعرنا بالراحة والارتياح بعد ان لمسنا برودة الأجواء داخل السيارة انهينا معاملة تحويل السيارة المشتراة من ِقبلي وبعد ذلك توادعنا مع الحاج شعلان مصافحاً إياه وهو يقول لي ها مقدم محي الدين شلونه تبريد السيارة، اجبته ممتاز بس نتفارگ اطفي التبريد لأن طبيعة الانسان ثابتة وما تتغير والطبع بالبدن ما يغيره غير الجفن.
736 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع