لبنان وانعكاسات الاتفاق السعودي/الإيراني

سناء الجاك

لبنان وانعكاسات الاتفاق السعودي/الإيراني

ما أن تم الإعلان عن الاتفاق السعودي/الإيراني حتى بدأت القوى اللبنانية تتلمس انعكاساته على مفاصل الواقع اللبناني المتأزم.

وفي رد فعل أولي ظهر وكأن كل فريق يحاول أن يطمئن نفسه بأنه الرابح، وبأن الاتفاق لن يطيح به ولن يكون على حسابه.

وانهمرت التحليلات والاجتهادات والقراءات باستنسابية وفق تموضع الأطراف التي تتجاذب السلطة من ضمن المنظومة الواحدة.

في المبدأ، من المنطقي أن يسفر مثل هذا الاتفاق عن تفاؤل لبناني، انطلاقا من أن الغريق يتمسك بقشة على أمل أن ينجو، فكيف إذا تعلق الأمر بأمل مصدره كل من السعودية وإيران، ومعروف أنهما يشكلان قطبي التجاذب لفريقين رئيسين يتنازعان بشأن مصير لبنان وتموضعه في المنطقة؟؟

فجسور التقارب والتوافق بين الدولتين القويتين الاقليميتين لا بد ستنعكس إيجابا على الدول التي تدور في فلكهما، وكيف إذا كانت إحدى هذه الدول مرتبطة عضويا بأحدهما.. أو بالاثنتين معا.. كما هو الحال بالنسبة إلى لبنان؟؟

إلا أن التفاؤل يجب ألا يطيح بالواقعية، ليرتكز على الأمنيات المتناقضة والمتعلقة بكل فريق على حدة.

وقبل الاستسلام لهذه الأمنيات، من المفيد التوقف عند المصالح الاستراتيجية لأصحاب الاتفاق والتي تتجاوز مصالح القوى التي تدور في فلكها، فأولويات طهران في الاتفاق مع الرياض تعلو على أولويات أجندتها اللبنانية، وأولويات الرياض ليست لبنان بالتأكيد.

وربما يجب على هذه القوى، على ضفتي التجاذب، التروي قبل المسارعة إلى المزايدات في المواقف المنطلقة أساسا من الصراع على النفوذ واللهاث لتسجيل الغلبة على الآخر والاستثمار في الاتفاق للاستقواء وفرض القرار، وليس للتلاقي وبحث السبل بغية الخروج من المأزق، ولبنان أسير السباق بين العدم والفوضى العبثية، في ظل غياب أي بادرة إنقاذية، وفي ظل الجنوح إلى المواقف الانكفائية.

أو ربما يجب الأخذ بنصيحة زير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي قال تعقيبًا على اتفاق استئناف العلاقات السعودية الإيرانية، أنّ "لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني، وليس لتقارب إيراني سعودي"، مشددا على انّه "متى اتُّخذ تقديم المصلحة اللبنانية، فسوف يزدهر لبنان بالتأكيد، والسعودية سوف تكون معه".

ففي هذا الطرح العقلاني مفتاح الحل اللبناني لأزماته، على اعتبار أن الدول لا يمكن أن تستثمر في علاقات مع منظومة لا أمل منها.

بالتالي، لا يزال الوقت مبكرا على ترجمة مفاعيل الاتفاق لبنانيا، فلبنان لا يحتل رأس القائمة في الأجندة المتعلقة بالمسارات التي ستسلكها السعودية وإيران لتنفيذ الاتفاق. ولا يستوي رهان القوى المنخرطة في المحور الإيراني على أن هذا الاتفاق سينعكس سريعاً بشكل إيجابي على مسألة خياراتها السياسية، وأنه انتصار جديد يضاف إلى لائحة الانتصارات ويخوِّل "حزب الله" التفرد أكثر فأكثر في القرارات ويسمح له بفرض خياراته على باقي الأطراف، وبلغة تهديدية مبطنة من خلال الإشارة إلى أن "صاحبه" الإيراني لا يغدر به.

لكن هذا الصاحب الذي ارتفعت قيمة عملته الوطنية فور الإعلان عن الاتفاق، لم يدل بدلوه في المسألة اللبنانية، حتى هذه اللحظة. والوقت عامل مهم لقراءة طيات المفاوضات التي أدت الى "وثيقة بكين"، وربما لا يكفي الاستناد إلى ما أعلنه الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله على هذا الصعيد، أو ربما يجب التوقف عند جملة مفيدة ذهبية وهي مسألة "احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها"، التي يجب أن تنجح في اليمن، ومن ثم تنسحب على العراق وسوريا ولبنان.

لعل هذه الجملة هي الرهان الحقيقي، ومنها تتناسل الاحتمالات التي يفترض بالقوى اللبنانية أن تضعها نصب أعينها.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

728 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع