د. أنور الجاف
رسـالـة إلـى سـفـارة،أم سـفارة فـي رسـالـة !؟
كـلمة الــشَّمـال أم كُــرْدسـتـان الـعـراق !؟
انطلاقا مماورد من نص الديباجة للإعلان العالمي لحقوق الانسان أنه:(لماكان التعارف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشريةوبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام فيالعالم) أوضِّح وأصرِّح: بأنِّي أبعد الناس عن العنصرية والطائفية، فانامؤمن بالإخوة الانسانية الحقة ومع حقوق الإنسان أياً كانت ولمنْ كانت؟مسترشداًبما جاء في الكتاب السماوي نصا:( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَلِتَعَارَفُوا) فأقول:
إذا كان القصد من استعمال لفظ الـشـمـال في المخاطبات والمراسلات منالناحية الجغرافية، فهذا شيئ طبيعي لا غبار عليه، فكما أن بصرةوالعمارة هما جنوب العراق، وبغدادُ و الأنبار وسط العراق، فكذلككردستان ُالعراق شَمال العراق، والاّ فان استعمال كلمة ( الشَّمال)حصراًعلى المناطق التي يعيش فيها الكُرد يذكرنا بماضٍ مأساوى أليم على يدالأنظمة العراقية السابقة حيث أنّ كلمة الشَّمال مصطلحٌ سياسي عرقيللعرب العنصريين! والمقصود به طمس معالم الهوية الكردية لكردستان العراق .
فمن هذا المنطلق إن هذا الاستعمال شيئ جارح لشعور الكرد القومي،فيفضل استعمال كردستان العراق بدلا من شَمال العراق .
ومن الدليل على ممارسة العنصرية في النظام العراقي السابق كانيتكرَّرُدوما لفظ الشّمال على لسان مسؤوليهم وعلى رأسهم صدام حسين. وعلى الرغم من أنَّهم كانوا ينطقون هذه اللفظة(بكسر الشين)خطأً و جهلاًمنهم بأصل اللغة العربية، فقد كان يستعمل صدامُ في المخاطبات الرسميةكلمة الشَّمال أو (شمالنا الحبيب!)على سبيل أن الإضافة للملكية والفوقية،لا على سبيل التحبب والتوادد له، وعلى الرغم من أنه كان يسوم أهله أشدَّالعذاب وأشدَّ بطشاً وتنكيلاً.!
فكان يتهرّبُ من استعمال كردستان تجنّبا من التصريح والنطق به كيلايتثبّت هذه الكلمة في الأذهان، فيتعوَّد الناسُ والعراقيون علىاستعمالها وحتى لايكون ذلك اعترافاً أو إقراراً بكيان الشعب الكردي علىأرض كردستان.!
وعلى سبيل المثال: كانت شركة السمنت الوحيدة التي كانت تعمل فيالسليمانية اسمها الأصلي (شركة سرچـنار) فاستبدلوها بــ(شركة الجبلللسمنت)تهرُّبا من استعمال لفظ(سرچنار)الكردي،الموقع الذي كان ينتجفيه الاسمنتُ، وما تزال أبنية هذه الشركة وآثارها في مصيف السليمانيةالقديم سرچنارباقية، ونخشى أنْ يستولي عليها قادة الكرد بعد هذاالكَتْبِ لمقرهم أو بيتهم الشخصي!
وكذلك قد بدّلوا اسم الحنطة الكردية(والحنطة الهوليرية) بحنطةالشَّمال! وعيَّنوا في وقته وزيراً لكردستان العراق باسم شـؤون الـشـمال، لاشؤون كردستان!
وهناك أمثلة اخرى كثيرة لا مجال لسردها أوذكرها هنا.
علماً أنَّ العراق الحديث بعد عام ٢٠٠٣ منذ سقوط النظام الدكتاتوري قدذاق طعم الحرية الحقيقية وبعض الديمقراطية، فلماذا إذن، نعود الىالماضي الأليم ونذكّر بتلك الأيام، فينجرح بها شعور الكثيرين باستعمالهذه الكلمة التي في غير محلها!؟
وللأسف نلاحظ سفارة أمريكا بالذات/ قسم الشؤون الثقافة والتراث فيبغداد تستعمل كلمة الشَّمال عند المكاتبات الرسمية، وحتى أنَّ أمريكا قدثبَّتْها في قاموسها السياسي واللغوي كما في(تابليت اللغوي الأمريكي؛Tablet a writing pad).
وكأن العهد مازال عهد الدكتاتورية العنصرية السابقة .
في حين أنَّ الدستور العراقي قد نصَّ على إقليم كردستان، وأقرَّه بناءً علىاستفتاء أكثرية الشعب العراقي وبمباركة دول التحالف، وفي مقدمتهاالولايات المتحدة الأمريكية .
والملاحظ:أن المسؤولين الأمريكيين وخاصة الشعب الأمريكي يتطلعون الىالشعب العراقي بكافة قومياته واطيافه نحو الامام والمستقبل المشرق لهم،فالمعروف منهم أنهم يحترمون مشاعر الناس ويقدرونها، سواء في داخلامريكا أو في خارجه ،ويتحاورون فيما بينهم بكل حذر عند المجاملاتوالمخاطبات، فهم قدهجروا استعمال لفظ جارح أو أية كلمة مزدرية بينالبيض والسود وبين الأمريكيين الاصليين والمهاجرين مما فيه خطابالكراهية، فنجد أنهم قد تركوا استعمال كلمة: (هنود الحمر). فبدلا من ذلكيصفونهم ب (الأمريكيين الأصلين) وكذلك بدلا من وصفهم لأمريكيين السوديصفونهم : (الأمريكيين الافارقة)تحاشياً من التحسِّس بالعنصريةوالفوقية أو الدونية أوما شابه ذلك، كما جرى في العراق، كل ذلك خوفا منتجريح الشعور بين مواطنيهم الأصليين وغيرهم .
وفي نظري المتواضع:أن في السياسة الحكومة الامريكية من هذا الوجه تراجعا،لنُصرة الكرد، لأنّهم قد اصدروا بعد الهجرة المليونية للكرد الىإيران وتركيا حظرا جوياً سموه:المطرقة المرفوعة، وتحاشوا من استعمالالكلمتين(كردستان العراق)أو شَمال العراق صراحة، فاشاروا الى ان منطقةما فوق خط العرض ٣٦ (منطقة آمنة) .
ففي اعتقادي أنَّ كثيراً من الأساتذة و المثقفين الكرد ونخبتهم لا ساستهم،يرونَ أنَّ استعمال لفظة(الـشَّمـال) اذا لم يستعمل بمقابلها وسطِ العراق أوجنوبها في نفس الوقت عند المخاطبات والمراسلات والمجاملات يدل علىعدم الاعتراف بكيان شعب الكرد في إقليم كردستان، فيكون ذلك تنقيصاًلحقهم واستخفافا في شانهم و لهويتهم القومية والذاتية.
وهذا مخالفٌ لنصِّ الدستور العراقي كما هو واضح ، بل خرق ٌ لحقوقالإنسان وتناقض لأهداف الأمم المتحدة ومبادئها كما قرره الإعلان العالميالذي ورد فيه نصا:"إنَّ لكل انسان أينما وجد الحق في أن يعترفبشخصيته القانونية"و "لكل فرد حق التمتع بجنسية ما" فاي شخصيةأو جنسية يتمتع بها الانسان إذا لم يتم الاعتراف بكيانه ولم يصرّحبجنسيته، بل يجرد من اسم موطنه في الألفية الثالثة؟!
واتمنى بعد الآن على ضوء هذه الحقيقة المسرودة أن يراعي المسؤولون الأمريكيون وغيرهم في مخاطباتهم عنداستعمال هذه الكلمة،فيستعملونها في محلها الصحيح رعاية لشعور الشعب الكردي وخاصةالمخضرمين منهم، لا كما يستعملها بعض الإخوان من العرب القوميينالشوفينية والقوميّين العنصرين بنفْس نَفَس البعثيين ،
وأخيرا أتساءل:ما هو الفرق من حيث سهولةُ النطق على اللسان وأداءالمعنى والاختصار بين (الـشَّمـال) و (كردسـتـان)؟! والجواب باختصارمفيد لا يقول بالأول إلاّ معاندٌ ومكابرٌ ..!!!
1450 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع