أبحاث في اللغة والأدب/ ٢٨

ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية

أبحاث في اللغة والأدب/٢٨

لسعات الأفعى في التراث

الجزء الأول
لم يفوت الأدباء والشعر العرب حالة إلا وضمنوها في الأدب، من الماء والهواء والمطر والسحاب وصفات البشر والحيوان والنبات والبحر والفواكة والخضار والطبخ والأمثال وغيرها، وهذه الحالة لا تجدها في بقية آداب الأمم، بل ظاهرة حصرية في الأدب العربي. وفي هذه الحلقة سنستعرض لسعات الأفعى الواردة في التراث العربي، ومن تعرض لها من الشعراء والأدباء، وستكون على حلقيتين، وفي نهاية الجزء الثاني، سنضمنه مصادر المبحث.
ـ قال الأربيلي النشابي" من الشعراء الأصبع العدواني. واسمه حرثان بن حارثة. وسمي بذلك لأن حية نهشته في إصبعه. وقال قوم: إنه كان في أصابعه إصبع زائدة". (المذاكرة في القاب الشعراء/7).
ـ ذكر نشوان الحميري" الأَرْقَم : الحية التي فيها سواد وبياض. والأراقم : قوم من ربيعة بن نزار، وهم جثم ومالك وعمرو وثعلبة ومعاوية والحارث بنو بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بني تغلب. وسموا الأراقم لأن أمهم ماوية بنت حمار من قيس عيلان مر بها كاهن ، وهم ستة في قطيفة لها فقالت له : انظر إِلى بنيَّ هؤلاء ، فقال : والله لكأنما رموني بعيون الأراقم ، فسموا الأراقم لذلك. منهم عمرو بن كلثوم الشاعر ، وكليب ، ومهلهل ابنا ربيعة". (شمس العلوم4/611). وأضاف الحميري" تأبط شرا: هو ثابت بن عبد شمس وقيل : إِنَّما سمِّي بذلك لأنه حمل سكيناً تحت إِبطه وخرج إِلى نادي قومه فوجأ رجلاً منهم. وقيل : بل كان مولعاً بالصيد ، فلا يزال في مِخْلاته لحم صيد، وكانِت له أخت تأخذ منه وهو لا يعلم من يأخذه، فاصطاد حية فوضعها في مِخْلاته ، فأتت أخته فأدخلت يدها لتأخذ من اللحم فلدغتها الحية فصاحت: يا أَبتا، إِنّ ثابتاً تأبَّط شرّاً ، أي حمل شرّاً في إِبطه". (شمس العلوم4/163). قال تأبط شرا:
مطرقا يرشح سما كما أطرق أفعى تنفث السم صّل
(النّجم الثاقب1/135). (شرح الحماسة للتبريزي1/342)
ـ ذكر ابن السكيت" قال الأصمعي حدثنا عيسى بن عمر قال سألت ذا الرمة عن الحية النضناض قال فأخرج لسانه فحركه، وقال الراعي:
تبيت الحية النضناض منه ... مكان الحب تستمع السرارا ". (القلب والابدال/15).
ـ ذكر ابن سعد الخير" إنما سمى ذو الإصبع بهذا الاسم لأن أفعى نهشته في إصبعه فقطعتها، واسمه حرثان بن محرث". (القرط على الكامل/71). في حين ذكر السيوطي" ذي الأصبع، اسمه حرثان بن الحارث بن عمرو بن عبادة بن يشكر بن عدوان العدواني، شاعر فارس من قدماء الشعراء في الجاهلية. وسمي ذا الأصبع، لأنه نهشته حية في أصبعه فيبست. وقال الآمدي:: لأن أفعى ضربت إبهام رجله فقطعها، وهو أحد الحكماء الشعراء". (شرح شواهد المغني1/433).(المؤتلف والمختلف/118).
ـ ذكر السيوطي" قال المفضل: أفنون هذا لقب، واسمه صريم بن معشر بن ذهل بن تيم بن عمرو بن مالك بن حبيب - مصغر - ابن عمرو بن غنم بن تغلب. لقى كاهنا في الجاهلية فقال له انك تموت بمكان يقال له (إلاهة) فمكث ما شاء الله، ثم إنه سافر في ركب من قومه إلى الشام، فضلوا الطريق فقال لرجل: كيف نأخذ؟ فقال: سيروا فإذا رأيتم مكان كذا وكذا حيي لكم الطريق ورأيتم إلاهة، فلما رأوها نزل أصحابه وأبى أن ينزل، فبينا ناقته ترعى إذ لدغتها أفعى في مشفرها، فاحتكت بساقه والحية معلقة بمشفرها فلدغته في ساقه فمات منها. وفي الوشاح لابن دريد أنه لقب أفنونا لقوله:
منّيتنا الودّ يا مضنون مضنونا … أزماننا إن للشّبّان أفنونا ". (شرح شواهد المغني 1/146). ورد في المؤتلف للآمدي أن اسمه ظالم.
مَن لَسَعَتهُ حَيَّةٌ مَرَّةً
ـ قال أبُو الشَّمَقْمق:
يُوَقَّرُ المَرْءُ عَلَى عَقْلِهِ ... وَالأَدَبُ الصَّالِحُ بِالعَقْلِ
مَن لَسَعَتهُ حَيَّةٌ مَرَّةً ... تَرَاهُ مَذعُورًا مِنَ الحَبلِ
(السحر الحلال/95). (جواهر الأدب2/ 427). (الدر الفريد/366).
ـ قال ابن الحجاج:
وَمَن يَذُق لَسعَةَ الأَفعَى وَإِن سَلِمَت ... مِنها حُشَاشَةٌ يَفرغُ مِنَ الرَّسَنِ
(السحر الحلال/108). (الدر الفريد10/428).
ـ قال طرفة:
أَنَا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الَّذِي تَعْرِفُوْنَهُ ... خَشَاشٌ كَرَأسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
ـ قال ابن الأصبع:
لم تعقلا جفرة على ولم ... أوذِ صديقاً ولم أبل طبعاً
قال ابن السِّيد البَطَلْيَوسي" الإصبع العدواني واسمه حرثان بن عمرو، ويقال حرثان ابن الحارث بن محرث، ولقب ذا الإصبع لأن أفعى عضت إصبعه فقطعها". (الاقتضاب في شرح أدب الكتاب3/334)
ـ قال النابِغةُ في حَيَّةٍ لدَغت رَجُلاً:
تناذرها الرَّاقُون من سوء سُمِّها تُطَلِّقُهُ حِيناً و حِيناً تُرَاجِعُ
(تاج العروس5/101).
ـ قال المستعصمي" الغَرِبُ الرَّجُلُ الخَفِيْفُ السَّرِيْعُ في مَشْيِهِ وَعَدْوِهِ، وَكَأَنَّهُ يَتَوَقَّدُ نَارًا، وَالخَشَاشُ اسْم لِلحَيَّةِ النَّضْنَاضِ الَّذِي يُخْرِجُ لِسَانهُ مُحَرِّكًا لَهُ يُوْعِدُ بِهِ شَبَّهَ نَفْسَهُ في ذَكَائِهِ وَيُرْوَى خَشَاشٌ بِالرَّفْعِ (الدر الفريد4/275). وذكر" وإِنَّمَا مَثَلنَا كما قَالَ النَّابِغَةُ: أبَى لَكَ قَبْرٌ. البَيْتُ. وَحَدِيْثُ ذَلِكَ أَنَّ العَرْبَ زعمُوا أَنَّ حَيَّةً كَانَتْ فِي بَيْتِ رَجُلٍ فَقَتَلتهُ فَتَرَصَّدَ لها أَخُوْهُ لِيَقْتِلَهَا طَلَبًا لِثَأْرِهِ فقالت لَهُ الحَيَّةُ صَالِحْنِي عَلَى أَنْ أُؤَدِّي لَكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ دِيْنَارًا فَفَعَلَ فَلَمَّا كَثرَ مَالَهُ تَذَكَّرَ فَأَعَدَّ فَأْسًا وَتَرَصَّدَ لها فَرَمَاهَا فَأَشْوَاهَا وَشَجَّ رَأْسَهَا فَأَفْلتتْ فَنَدمَ الرَّجُلُ لَمَّا لَمْ يَنَل ثأْرَهُ وَفَاتَهُ مَا كَانَ يَنَالَهُ فَدَعَاهَا يَوْمًا إِلَى المُرَاجَعَةِ عَلَى أَنْ يُصالِحُهَا فَقَالَتْ لَا يَقَعُ الصِّلْحُ بَيْنَنَا مَا رَأَيْتَ قَبْرَ أَخِيْكَ وَرَأَيْتُ أَثَرَ الفَأْسِ فِي رَأْسِي. وَهَذَا مِنْ مَحَاسِنِ خُرَافَاتِ العَرَبِ. وَهُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ فِيْمَا يُبْعدُ الصّلْحُ فِيْهِ وَقَدْ نَظَمَهُ النَّابِغَةُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ يَقُوْلُ مِنْهَا:
وَأَنِّي لأَلْقَى مِنْ ذَوِي الضِّغْنِ مِنْهُمُ ... وَمَا أَصبَحَتْ تَشْكُو مِنَ البَثِّ سَاهِرَه
كَمَا لَقِيَتْ ذَاتُ الصَّفَا مِنْ حَلِيِفِهَا ... وَكَانَتْ تَدِيْهِ المَالَ غَبًّا وَظَاهِرَه
رَأَى أَنْ ثَمَّرَ اللَّهُ مَالَهُ ... وَأَصبَحَ مَسْرُورًا وسدَّ مفاقرَه
تَذَكَّرَ أَنِّى جعَلُ اللَّهُ جَنّةً ... فَيُصْبِحُ ذَا مَالٍ وَيَقتلُ وَاتِرَه
أَكَبَّ عَلَى فَأْسٍ يَحدُّ غرَارهَا ... مذكرةً مِنَ المَعَاوِلِ بَاتِرَه
وَقَامَ عَلَى حُجْرٍ لها فَوْقَ صَخْرَةٍ ... لِيَقْتِلَهَا أو تخلف الكف بادره
فَلَمَّا وَقَاهَا اللَّهُ ضَرْبَةَ فَأْسِهِ ... وَللبرِّ عَيْن لَا يغْمِضُ نَاظِرَه
تَنَدَّمَ لَمَّا فاتَهُ الدَّخْلُ عِنْدَهَا ... وَكَانَتْ لَهُ إِذْ خَاسَ بِالعَهْدِ قَاهِرَه
فَقَالَ تَعَالِي نَجْعَلُ اللَّهَ بَيْننَا ... عَلَى مَالنا أَوْ تنجزي لي آخرَه
فَقَالَتْ مَعَاذَ اللَّهَ أَفْعَلُ إِنَّنِي ... رَأَيْتكَ مَسْجُوْرًا يَمِيْنكَ فَاجِرَه
(الدر الفريد2/86) . (ديوان النابغة الذبياني/68)
ـ قال الوزير المغربي" قيل: أن سامة بن لؤي شَرِبَ مع أخيه كعب، فرأَى كَعْباً قد قَبَّل امرأته، فأنِف من ذلك، فهرب إلى عُمَان، فقال في ذلك المُسيِّب ابن عَلَس الضُّبَعيّ:
وقد كان سَامَة في قومه ... له مَطعَمٌ وله مَشْربُ
فسامُوه خَسْفاً فلم يَرْضَه ... وفي الأَرض من خَسْفِهم مَهْرَبُ".
تزوَّج سامة ناجية بنت جَرْم بن ربَّان، وهو عِلاف بن حُلْوان ابن عِمران بن الحَافي بن قُضاعة، بعُمان، أو سَيف من أسيلف البحر، فولدت له غالب بن سامة. فهلك وهو ابن اثنتي عشرة سنة، وخَلف الحارث بن سامة على ناجية، نِكَاح مَقْت، فعَقِبُ سامة منه.
وقوم يقولون: كان لناجية ولد من غير سامة، وكان سامة متبنِّيا له فنُسِب إليه، فالعقب لذلك الولد.
وأجمعوا جميعا أن سامة بينما هو يسير على ناقته، أي وضعت رأسها ترتع، فأخذت حيَّة بمشفرها في حشيشه فنفضتها، فوقعت على ساق سامة، فنَهَشَتْهُ في ساقه فقتلته، فقال الشاعر " وقيل أن سامة قال ذلك لما أحسَّ بالموت ":
عَيْنٌ بَكِّي لسامة بن لُؤَيٍّ ... عَلِقَتْ ما بِسَامة العَلاَّقَهْ
رُمْتَ دَفْعَ الحتُوف يابنَ لُؤَيٍّ ... ما لمن رَامّ ذاك بالحَتْفِ طاقَهْ
( الإيناس بعلم الأنساب/23)
ـ قال محمّد بن محمّد، عماد الدّين، أبو حامد القرشيّ، الأصبهانّي بهذه الرسالة ذكرت شعرا كنت وصفت فيه منزلة كثيرة الأفاعي؛ ومنه:
وأرض ترى الحيات فيها سواريا ... كأنّ مساريها ضروب من الرّقم
أساود رقط كالنّمال دبيبها ... ولكن تراها في القساوة كالدّهم
وتختلف الألوان منها كأنّها ... أزاهير روض وشّعتها يد الوسمي
إذا نشرت كانت حزاما وإنها ... كعروة إذ تطوى المساحب للضمّ
ومطرقة فوق الكثيب كأنها ... ضفائر ضمّتها مبدّنة الجسم
(مسالك الأبصار في ممالك الأمصار12/261).
ـ قال ابو القاسم الزجاجي" اخبرنا ابن دريد قال اخبرني عمي عن ابن الكلبي قال اخبرني أبو حاتم عن أبي عبيدة قالا: خرج سامة ابن لؤي بن غالب من مكة حتى نزل بعمان فأنشأ: الخفيف
بَلّغا عامرا وكعباً رسولا ... إن نفسي إليهما مشتاقه
إن تكن في عمان داري فإني ... ماجد ما خربت من غير فاقه
ثم خرج يسير حتى نزل على رجل من الأزد فقراه وبات عنده. فلمام أصبح قعد يستن، فنظرت إليه امرأة الأزدي فأعجبها. فلما رمى قصمة سواكه أخذتها فمصتها، فنظر إليها زوجها فحلب ناقتة إلى وضع في حلابها سماً وقدمه إلى سامة، فغمزته المرأة فهراق اللبن وخرج يسير. فبينما هو في موضع يقال له جوف الخميلة هوت ناقته إلى عرفجة فانتشلتها وفيها أفعى ففتحتها فرمت بها على ساق سامة، فنهشته فمات. فقالت الأزدية تبكيه حين بلغها أمره:
عين بكي لسامة بن لؤي ... علقت ساق سامة العلاقه
لا أرى مثل سامة بن لؤي ... حملت حتفه إليه الناقه
رب كأس هرقتها ابن لؤي ... حذر الموت لم تكن مهراقه
وحدوس السرى تركت رديا ... بعد هجر وجرأة ورشاقه
وتعاطيت مفرقا بحسام ... وتجنبت قالة العوّاقه (أخبار الزجاج/13).
ذكر ابن الجوزي" خرج شامة بن لؤي بن غالب من مكّة حتّى نزل بعمان على رجلٍ من الأزد.
وكان شامة بن لؤي من أجمل خلق الله، فقراه وبات عنده. فلما أصبح قعد يستنّ فنظرت إليه زوجة الأزدي فأعجبها، فلمّا رمى، مضت إلى سواكه فأخذتها فمصّتها، فنظر إليها زوجها، فحلب ناقةً وجعل في اللبن سمّاً وقدّمه إلى شامة، فغمزته المرأة، فأراق اللبن وخرج يسير. فبينما هو في موضعٍ يقال له خرق الجّميلة أهوت ناقته في عرفجة؟ فانتشلها وفيها أفعى فنهشت مشفريها فحكتها على ساق شامة فمات. فقالت الأزد:
إذا ناقتي حلّت بليلٍ ففارقت جملة لمّا أنبتّ منها قرينها
فقلت لها حثّي قليلاً فإنني وإيّاك نخفي عبرةً سترينها
غدرت بنا بعد الصّفاء وخنتنا وشرّ مصافي خلّةٍ من يخونها
قال ابو الفرج" قال أبو عمرو في خبره فأمره بصلة أبيه وملازمته طاعته : وكان عمر بن الخطاب استعمل كلابا على الأبلة فكان أبواه ينتابانه يأتيه أحدهما في كل سنة ثم أبطآ عليه وكبرا فضعفا عن لقائه فقال أبياتا وأنشدها عمر فرق له ورده إليهما فلم يلبث معهما إلا مدة حتى نهشته أفعى فمات وهذا أيضا وهم من أبي عمرو وقد عاش كلاب حتى ولي لزياد الأبلة ثم استعفى". (الاغاني21/21).
ـ قال ابو الفرج" اخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن المدائني عن جويرية بن أسماء عن عمه قال:حججت فإني لفي رفقة من قومي إذ نزلنا منزلاً ومعنا امرأة فنامت وانتبهت وحية مطوية عليها قد جمعت رأسها وذنبها بين ثدييها، فهالنا ذلك وارتحلنا فلم تزل منطوية عليها لا تضيرها حتى دخلنا الحرم فانسابت. فدخلنا مكة وقضينا نسكنا فرآها الغريض فقال أي شقية ما فعلت حيتك؟ فقالت: في النار! قال: ستعلمين من أهل النار.
ولم أفهم ما أراد وظننت أنه مازحها واشتقت إلى غنائه ولم يكن بيني وبينه ما يوجب ذلك فأتيت بعض أهله فسألته ذلك؟ فقال: نعم! فوجه إليه أن اخرج بنا إلى موضع كذا وقال لي اركب بنا فركبنا حتى سرنا قدر ميل فإذا الغريض هناك فنزلنا فإذا طعام معد وموضع حسن فأكلنا وشربنا ثم قال يا أبا يزيد هات بعض طرائفك فاندفع يغني ويوقع بقضيب:
مرضتُ فلم تحفل عليّ جنوب وأُدنفتُ والمَمشى إليّ قريب
فلا يُبعد الله الشباب وقولَنـــــا إذا ما صبونا صبوة سنتوب (الاغاني20/384).
ـ قال ابو العلاء الربعي" ذُكر أن أسامة بن لؤي خرج في سفر له، فتعلقت عليه حية من شجرة فنكزت رأسه فمات:
قال الشاعر:
عين بكي أسامة بن لــــؤي عَلِقت من إسامة العَلاقَة
لا أرى مثل سامة بن لؤي حملت حتفه إليه الناقة
وقيل أن ناقته أهوت الى ملأ لتأكله، فعلقت الأفعى بمشفرها، فإحتكت بساقِ سامة في غرز الرٌحل، فنبشته فمات". (كتاب الفصوص1/328).
قال داود الانطاكي عن سامة بن لؤي بن غالب القرشي" نحر يوماً لضيوف مائة من الابل فأكلوا قليلاً وبقي الغالب فعاتبه أخوه كعب في ذلك وقال له لو بقيت عليها الحاجة كان أولى فغضب منه ورحل مستخفياً فنزل عن أزيد فنظرت إليه زوجته فوقع من قلبها، وهي من قلبه وزوجها يرصدهما فلم يستطيعا أن يعرف كل منهما الآخر ما عنده فاستاك أسامة ورمى السواك فأخذته وامتصته ففطن زوجها لذلك فعزم على قتله فسم له قدحاً من لبن وقدمه إليه فغمزته فأراقه ثم ركب وسار فهوت ناقته في الخميلة إلى عرفجة لترعاها فلما جذبتها خرجت حية فضربت ساق سامة فمات لوقته وبلغه الأزدية فلم تزل تبكيه حتى ماتت".( تزيين الأسواق/74)
ـ قال أبو هفان" خبرت أن أبا نواس قدم عليه أقاربه فقالوا له: يا هذا إنه قد نفذ عمرك وتصرمت أيامك وساء عملك واقترب أجلك فلو تزوجت بعض أهلك، وما زالوا به حتى زوجوه قرابة له وكانت جميلة بارعة، فلما دخل بها أعرض عنها وخرج على غلمان كانوا يتعهدونه فدعاهم وألبسهم الأزر المفرجة والخلوقية، وخلا بهم يومهم ذلك فلما أمسى طلقها وأنشد:
لا أبتغي بالطمث مطمومة ... ولا أبيع الظبي بالأرنب
لا أدخل الجحر يدي طائعا ... أخشى من الحية والعقرب (أخبار ابي نواس/2)
ـ قال الأصمعي: أشد الناس الأعجر الضخم؛ وأخبث الأفاعي أفاعي الجدب؛ وأخبث الحيات حيات الرمث، وأشد المواطىء الحصى والصفا، وأخبث الذئاب ذئب الغضى. وإنما صار كذا لأنه لا يباشر الناس إلا إذا أراد أن يغير.
قال الكروس الهجيمي
تحوز منى أمهم أن أضيفها ... كما انحازت الأفعى مخافة ضارب
أناس يبيت الضيف قدام أهلهم ... مكباً تخطله عظام المحالب (مجالس ثعلب1/17).

امثال عن الأفعى
قَالَ ابن منظور" قَالَ الأَزهري: وَلِلْعَرَبِ أَمثال كَثِيرَةٌ فِي الحَيَّة نَذْكُرُ مَا حَضَرَنَا مِنْهَا، يَقُولُونَ: هُوَ أَبْصَر مِنْ حَيَّةٍ؛ لحِدَّةِ بَصَرها، وَيَقُولُونَ: هُوَ أَظْلَم مِنْ حَيَّةٍ؛ لأَنها تأْتي جُحْر الضَّبِّ فتأْكلُ حِسْلَها وتسكُنُ جُحْرَها، وَيَقُولُونَ: فُلَانٌ حَيَّةُ الوادِي إِذَا كَانَ شَدِيدَ الشَّكِيمَةِ حامِياً لحَوْزَتِه، وهُمْ حَيَّةُ الأَرض؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الإِصْبعِ العَدْواني: عَذِيرَ الحَيِّ منْ عَدْوانَ كانُوا حَيَّةَ الأَرض
أَراد أَنهم كَانُوا ذَوِي إربٍ وشِدَّةٍ لَا يُضَيِّعون ثَأْراً، وَيُقَالُ رأْسُه رأْسُ حَيَّةٍ إِذَا كَانَ مُتَوقِّداً شَهْماً عَاقِلًا. وَفُلَانٌ حَيّةٌ ذكَرٌ أَي شُجَاعٌ شَدِيدٌ. وَيَدْعُونَ عَلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُونَ: سَقَاهُ اللَّهُ دَمَ الحَيَّاتِ أَي أَهْلَكَه. وَيُقَالُ: رأَيت فِي كِتَابِهِ حَيَّاتٍ وعَقارِبَ إِذَا مَحَلَ كاتِبُهُ بِرَجُلٍ إِلَى سُلْطانٍ ووَشَى بِهِ ليُوقِعَه فِي وَرْطة. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا طَالَ عُمْره وللمرأَة إِذَا طَالَ عُمْرُهَا: مَا هُو إِلَّا حَيَّةٌ وَمَا هِيَ إِلَّا حَيّةٌ، وَذَلِكَ لِطُولِ عُمْرِ الحَيّة كأَنَّه سُمِّي حَيَّةً لِطُولِ حَيَاتِهِ. ابْنُ الأَعرابي: فلانٌ حَيّةُ الْوَادِي وحَيَّة الأَرض وحَيَّةُ الحَمَاطِ إِذَا كَانَ نِهايةً فِي الدَّهاء وَالْخُبْثِ وَالْعَقْلِ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ: كمِثْلِ شَيْطانِ الحَمَاطِ أَعْرَفُ وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَثْوَة: مِنْ أَمثالهم حيه: حَيْهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صَاحِبِي، حيه، حَيْهٍ حِمَارِي وَحْدِي؛ يُقَالُ ذَلِكَ عِنْدَ المَزْرِيَةِ عَلَى الَّذِي يَسْتحق مَا لَا يَمْلِكُ مُكَابَرَةً وَظُلْمًا، وأَصله أَن امرأَة كَانَتْ رَافَقَتْ رَجُلًا فِي سَفَرٍ وَهِيَ رَاجِلَةٌ وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ، قَالَ فأَوَى لَهَا وأَفْقَرَها ظَهْرَ حِمَارِهِ ومَشَى عَنْهَا، فبَيْنَما هُمَا فِي سَيْرِهِمَا إِذْ قَالَتْ وَهِيَ رَاكِبَةٌ عليه: حيه حيهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صَاحِبِي، فَسَمِعَ الرَّجُلُ مَقَالَتَهَا فَقَالَ: حيه، حَيْهٍ حِمارِي وَحْدِي وَلَمْ يَحْفِلْ لِقَوْلِهَا وَلِمَ يُنْغِضْها، فَلَمْ يَزَالَا كَذَلِكَ حَتَّى بَلَغَتِ الناسَ فَلَمَّا وَثِقَتْ قالت: حيه، حَيْهٍ حِمَاري وَحْدِي؛ وَهِيَ عَلَيْهِ فَنَازَعَهَا الرجلُ إِيَّاهُ فَاسْتَغَاثَتْ عَلَيْهِ، فَاجْتَمَعَ لَهُمَا الناسُ والمرأَةُ رَاكِبَةٌ عَلَى الْحِمَارِ وَالرَّجُلُ رَاجِلٌ، فقُضِيَ لَهَا عَلَيْهِ بِالْحِمَارِ لَمَّا رأَوها، فَذَهَبَتْ مَثَلًا". (لسان العرب14/220).
ـ قال ابن قتيبة" من امثال الحيوان (أحلم من حيّة) . و (أظلم من حيّة) ، وذلك لأنها تدخل حجرة الحشرات وتخرجها".(عيون الأخبار2/84). وذكر أيضا" في الإنجيل أنّ المسيح عليه السلام قال للحواريّين: كونوا حلماء كالحيّات وبلهاء كالحمام".(عيون الأخبار2/85).
ـ قال ابو القاسم القالي" أنشدني قَالَ أنشدنا عبد الرحمن:
كأنما وجهك ظلٌّ من حجر ... ذو خضلٍ فِي يوم ريح ومطر
فأنت كالأفعى التي لا تحفر ... ثم تجيء سادرةً فتنجحر
وكذلك هو أظلم من حية، وذلك أنها تدخل فِي كل جحر وتهجم عَلَى كل دابة". (الأمالي2/12).
ـ المثل: الحاوي لا ينجو من الحيات". (المستطرف/38)
ـ قيل: أعمر من حيّة" لأنّها لا تموت حتف أنفها". (محاضرات الأدباء2/406).
الدعاء عليه بالهلاك: رماه الله حيث لا يرى بفاقرة الثرى، أي الأفعى. كقولهم: رماه الله بأفعى عادية". (محاضرات الأدباء1/491).

ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
شباط 2023

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1719 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع