د.وليد الراوي
سبق ان كتبت وكتب غيري من الباحثين الكرام عن هذا الموضوع الخطير والذي له دور كبير في تهديد الامن والسلم العالمي, عبر تحالفات قائمة بين ايران وتنظيم القاعدة بمستوياته المختلفة سواء على المستوى الاقليمي او المستوى الدولي
هذه التحالفات قد تكون دائمة في ساحة معينة ووقتية في ساحة اخرى وفقا لمصالح كلا الطرفين.
في ساحة العراق وافغانستان كانت التحالفات مؤقته ومنذ البداية حيث كانت مرهونة بوجود القوات الامريكية واصرار ايران على افشال المشروع الامريكي في الشرق الاوسط فجاء هذا التحالف الذي سرعان ما انتهى امده واستلم كل
طرف مغانمه .
عودة للتاريخ.
تعود علاقة ايران مع تنظيم القاعدة الى شهر تشرين الثاني عام 2001 , حيث ارسل تنظيم القاعدة وفدا رفيع المستوى الى ايران للتباحث بصدد تامين ملاذ آمن لبعض قيادات تنظيم القاعدة وعوائلهم وبعض من افراد عائلة اٌسامة بن لادن بالاضافة لبعض الارامل والايتام, بعد ان احتلت القوات الامريكية افغانستان وسقطت امارة طالبان, كلفت الحكومة الايرانية للتنسيق في هذا الامر الى قوة القدس.
كان الاتفاق ينص على بقاء القيادات في ايران شرط أن لا تزاول اي نشاط , وعلى المساعدة في عودة بعض العوائل الى اوطانهم.
تم وضعهم في بيوت منعزلة تحت الاقامة الجبرية اول الامر حيث حددت حريتهم وتم مراقبة فعالياتهم ثم سرعان ما منحوا بعضا من الحرية في الحركة واجراء الاتصالات الخارجية.
بناء على أوامر اسامة بن لادن , اسس تنظيم القاعدة في ايران" مجلس الادارة" وضم الاعضاء المذكورين اعلاه, وكان المجلس تحت اشراف اسامة بن لادن ويعمل المجلس على تقديم المشورة لقيادة تنظيم القاعدة في افغانستان وفي بعض دول العالم.
كان للمسؤول الامني والاستخباري" سيف العدل " دورا بارزا في اسناد تنظيم القاعدة في قتالهم لنظام كرزاي في افغانستان , وكذلك في دعم واسناد الهجوم الذي حدث في مدينة الرياض / المملكة العربية السعودية في مايس 2003, حيث تشير بعض المعلومات الصادرة من اجهزة الاستخبارات الامريكية, انهم رصدوا مكالمة هاتفية صادرة من "سيف العدل" في طهران بالامر في تنفيذ عملية الرياض.
ان فلسفة علاقة ايران مع تنظيم القاعدة تنحصر في مد ايران يد التعاون والمساعدة مع اية قوة مهما كان فكرها تحت ذريعة عداء الولايات المتحدة الامريكية.
مع بداية العام 2003 قامت الولايات المتحدة بعقد لقاء مباشر مع المسؤولين الايرانيين حيث طلب الامريكان مساعدة ايران في تسليم هذه القيادات الى بلدانهم وقد رفضت ايران ذلك بادئ الامر الا انها وافقت بعد حين حيث سلم " ابو حفص الموريتاني "الى السلطات الموريتانية, كما سلمت بعض العناصر الغير قيادية الى افغانستان ومن ثم تم تسليمهم للسلطات الامريكية.
بين عامي 2009 -2010 رفعت ايران اجرئات الاقامة الجبرية والحجز عن بعض قيادات تنظـيم القاعـدة لديها وعـن افراد عائلة اسامة بن لادن , وأعطتـهم حرية السـفر لكـن بقـي " مجلس الادارة" يعمل من داخل ايران.
متى انتهى الزواج المؤقت.
يمكن تحديد الوقت الذي انتهى به هذا الزواج المؤقت وفق عدة معطيات اهمها:
1.انسحاب القوات الامريكية من العراق.
2.فشل العملية السياسية في العراق.
3.استمرار الحشد الطائفي في العراق والمنطقة.
4.ظهور القضية السورية.
5.الانسحاب المقبل للقوات الامريكية من افغانستان.
6. قيام امارات تنظيم القاعدة الاقليمية بعملية "اعادة تنظيم "واسعة .
ساحة العراق:
تعتبر ساحة العراق من اكثر ساحات عمل تنظيم القاعدة المثيرة للجدل ويعود سبب ذلك لوجود اشكالية في العلاقة بين القوى السياسية الشيعة التي تدين بالولاء الى ايران مع اهل السنة في العراق وما نجم عن ذلك من موجات صراع واستهداف طائفي.
فمن جانب نرى ان القاعدة تتحالف مع ايران وتستهدف اذرعها في العراق.
في الساحة العراقية اعاد تنظيم القاعدة تنظيمه على المستوى الفكري والعسكري والاعلامي وعلى صعيد البيئة الحاضنة وقد اصدر الكثير من الدراسات حول ذلك مستعرضا فيها اسباب الاخفاق الذي الم بهم في الاعوام 2007-2008 ومن اهم ما اعاد دراسته هو اوليات واسبقيات الاهداف.
فبد انسحاب القوات الامريكية اعاد تنظيم القاعدة في العراق المتمثل بدولة العراق الاسلامية اولويات اهدافه حيث ركز في تلك المرحلة حول اعادة تعمير الجسور المدمرة بين تنظيم القاعدة والحاضنة الشعبية مستغلا تقصيرالحكومة العراقية في معالجة موضوع المحاصصة الطائفية والاستهداف والاستئثار الطائفي وحملات الاعتقال للابرياء, حتى وجدت غالبية مناطق اهل السنة ان لا يوجد من يناصرهم ويساندهم الا تنظيم القاعدة بعد ان خذلهم السياسيون من اهل السنة.
اعطى تنظيم القاعدة اسبقية قتال تشكيلات الصحوة وقد نجح نجاحا كبيرا في التاثير عليها وتقليل تاثيرها وتهميش دورها الى حد كبير عبر استهداف قادتها
وعناصرها اينما كانوا وقد أسست دولة العراق الاسلامية تشكيلا خاصا في 22/10/2008 اطلق عليه اسم "فيلق الصديق" لقتال الصحوات .
ثم جاءت استراتيجية تحريرسجناء تنظيم القاعدة فاطلق امير دولة العراق الاسلامية اسم عمليات "هدم الاسوار" لمهاجمة السجون العراقية واطلاق سراح معتقليهم وقد استمرت هذه الخطة قرابة عام واحد حيث نجح بها تنظيم القاعدة نجاحا متميزا.
في هذه المرحلة يسعى تنظيم القاعدة على العمل وفق استراتيجية " هدم كيان الدولة العراقية" كي يصبح العراق دولة فاشلة, ان تبادل الخبرات والمشورة بين القاعدة وحركة طالبان اعطت الى تنظيم القاعدة في العراق الرؤية في استهداف مؤسسات الدولة العراقية وافشال عملها كي تصبح دولة فاشلة, بالرغم من اعلان تاسيس دولة العراق الاسلامية وطرحها مشروع ادارة مناطق محررة في العراق . الا ان الدولة اعترفت مؤخرا عبر سلسلة الدراسات التي طرحتها على استحالة عمل الدولة الاسلامية في الوقت الحاضر الا بعد افشال عمل الحكومة العراقية وفي مناطق من العراق اهمها مناطق اهل السنة مع استهداف مناطق والمحافظات الشيعية وفق رؤية تشجيع سكان هذه المناطق على التظاهر ضد الحكومة في محاولة لتغير الواقع السياسي في تلك المناطق.
ان تنفيذ هذه الاستراتيجية سيتطلب قيام دولة العراق الاسلامية في التخطيط للقيام بعمليات كبرى يتم التركيز فيها على قيام موجات من الانتحاريين باستهداف قيادات الدولة العليا ومن اهم اهدافهم المنطقة الخضراء ولن يكون التنفيذ قريبا بكل تاكيد وذلك لعدة عوامل اهمها الاستحضارات و انتخاب التوقيت المناسب.
ساحة بلاد الشام:
ان ساحة عمل تنظيم القاعدة في بلاد الشام من اكثر الساحة وضوحا حيث تتمايز الحدود الفاصلة بشكل واضح بين تنظيم القاعدة وبمختلف مسمياته مع ايران حيث وقفت ايران واذرعها في المنطقة بقوة مع نظام بشار الاسد في حين قاد تنظيم القاعدة المتمثل بجبهة النصرة المواجهة المسلحة ضد النظام السوري وايران واذرعها.
لقد وحد تنظيم القاعدة في العراق المتمثل بدولة العراق الاسلامية عمله مع جبهة النصرة ليعلن عن تاسيس دولة العراق وبلاد الشام الاسلامية وبالرغم مما اثاره
هذا التشكيل من اشكاليات على الصعيد الداخلي لتنظيم القاعدة الا ان المهم هو استمرار التعاون والاسناد وارسال المدد من والى سوريا حتى اصبحت ساحة العراق والساحة السورية ساحة واحدة على الصعيد العسكري وسيتطور هذا التنسيق والتوحيد في العمل ليشمل التنظيمات اللبنانية القريبة من القاعدة مع مايوجد من مثيلاتها في الاردن وفلسطين ليعلن في المستقبل عن تاسيس تنظيم القاعدة في امارة بلاد الشام وهي جزء من استراتيجة تنظيم القاعدة الدولي في
تطويرمستوى التشكيلات من قطرية الى اقليمية مثل تنظيم القاعدة في المغرب العربي او تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية لما سيؤمنه من امكانية بشرية ومالية هائلة وقدرة عمل ومناورة كبيرة وسهولة في القيادة والسيطرة والتنسيق.
الساحة الدولية:
على مستوى الساحة الدولية سنرى ان العلاقة بين ايران وتنظيم القاعدة ستاخذ منحى الزواج الدائمي لما تتضمنه استراتيجية كلا الطرفين في مواجه " الدول الكافرة" الغرب واميركا.
ان نجاح هذه الاستراتيجية يتطلب من كلا الطرفين ,ايران وتنظيم القاعدة العمل وفق معطيات هذه الاستراتيجية ودون النظر الى الوراء فيما يخص العلاقة بين الطرفين في ساحات العمل الاقليمية والمحليه لان الاهداف عندهما اكبر بكثير مما قد تحققه قواهم الاقليمية او المحلية وقد يعتبر الطرفان ان النصر في هذه الساحة كفيل في اعادة العلاقة بين الطرفين الى حالة الزواج الدائمي على الصعيد الاقليمي اذا ما تم تجاوز بعض الاشكاليات الفقهية, وان استراتيجيتهم في دحر " الغرب واميركا" في المنطقة ستؤمن لجمهورية ايران الاسلامية وحليفها الاستراتيجي الجديد تنظيم القاعدة في المشاركة في المغانم ومنها اقامة اسس الدولة الاسلامية في المنطقة.
ان سياق العمل مع تنظيم القاعدة على الصعيد الفكري وبالرغم من وجود فتاوي تكفير بين كلا الجانبين فهي وقتية ويمكن تجاوزها عند النظر للاهداف الاستراتيجية البعيدة. الم تتحالف ايران مع الجهاد الاسلامي وحماس وهما قوى اسلامية سنية ولم يجري بينهما الخوض اطلاقا في الاشكاليات الفقهية وانما يكون التركيز دائما امام عدوهما المشترك اسرائيل.
الم تساند ايران جمهورية ارمينيا " المسيحية" في صراعها مع اذربيجان " الشيعية" حول اقليم " كاراباخ".
وفق هذه الرؤية يرى الباحث ان من اوائل العمل الاستراتيجي المشترك والذي يجري الان التخطيط له بين الطرفين , ايران وتنظيم القاعدة الدولي هو عملية اقتحام سجن غوانتانامو, حيث اعلن تنظيم القاعدة عن هدفه في اقتحام هذا السجن وسيجري التنسيق بين الطرفين عبر اذرع ايران المتواجده في اميركا الجنوبية , حيث النفوذ الكبير لبعض قوى حزب الله اللبناني في المنطقة التي ستقدم لهم الاسناد المطلوب.
الدكتور
وليد الراوي
باحث في شؤن الجماعات الاسلامية المسلحة
915 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع