عبد يونس لافي
رسالةٌ عراقية، من رسائلِ الحياةِ اليوميَّةِ البابِلِيَّة – ١٥ –
من كُردوشة الى بيلْشونة
الرسالةُ البابليةُ التي بين ايدينا،
كانت بين رجلين، إداريٍّ وإقطاعيٍّ هما،
بيلْشونو وكردوشة.
وبيلْشونو هذا، ورد اسمه في الوثائق البابلية،
كحاكمٍ سابقٍ في سوريا،
ثم بعدها حكم في بابل،
وورد ذكرُه ايضًا كرجلِ اعمال وإداريّ.
اما كُرْدوشة فهو صاحبُ مِلْكِيَّةٍ او مقاطعةٍ زراعية،
كان يكتب رسائلَ تتعلق بأملاكه،
ومنها هذه االرسالة،
الى بيلْشونو،
الذي كان يشرف على مقاطعته.
هذه الرسالةُ التي كٌتِبت بالخطِّ المِسماريِّ على لوحٍ طينيٍّ،
تتألف من سطورٍهي أقلُّ من عشرين سطرًا،
اما ابعادُها، فارتفاعها (9.2 cm)،
وعرضها (4.8 cm)،
كما يتضح في الصورة الواردة اسفل المقالة.
يعود تاريخُها الى الحِقبة بين (1894) و (1595) قبل الميلاد،
وقد حُصِلَ عليها من العراق بتاريخ 1912.
هي الآن من مقتنيات قسم الأثار الشرقية،
في متحف اللوڤر في پاريس،
https://collections.louvre.fr/en/ark:/53355/cl010167047
والآن نأتي الى فحوى الرسالة:
"أبلِغ بيلْشونو (Bēlšunu)، انَّ كُردوشة (Qurduša)،
يُرسل اليك الرسالة التالية:
عسى الإلهُ شَمَش (Šamaš)،
يديم عليك تمامَ الصحة.
من المؤكدِ أنكم سمعتم،
أنَّ البلدَ يمرُّ في حالة ارتباك،
وأنَّ العدوَّ يطوفُ فيه بِحُرِّيَّة،
حيث الديارُ مفتوحةٌ امامه.
لقد أرسلتُ رسائلَ إلى إبني – مردوخ (Ibni-Marduk)،
وواراد - ... (Warad - …)، وإليك.
خذ خروفًا من القطيع الى العرّاف،
واحْصلْ منه على ما يتوقع أن سيحصل للماشية والقطيع،
فيما إذا سيندفع العدوُّ الى جواري!
فإن توقَّعَ ألّا يكون هناك هجومٌ منهم،
ولا من قبل اللصوص،
فالماشيةُ يجب ان تكون عندي،
وإلّا فاجْلُبْها الى بلدة كيش (Kish*)
حيث تكون في مأمنٍ من العدو،
فلا يستطيع ان يصلَ اليها.
عليك أيضًا أن تُحْضِرَ كلَّ ما هو موجودٌ من الشعير إلى كيش،
واكتب لي تقريرًا كاملًا بذلك."
انتهت الرسالة.
كما نلاحظ انها عبَّرت عن قلقٍ بالغٍ
من قِبَلِ كُردوشة على قطيعه،
وهذا قلقٌ مشروع،
لا يتقيَّد بزمانٍ ولا مكان،
سيما في ظرفٍ كهذا غير واضحِ المعالم.
كلمةٌ اخيرة، وأنا أسرد هذه الرسالة،
لم يكن عليَّ صعبًا ان أعيشَ أجواءَها،
وكيف كان يفكر الناس في مثل تلك الظروف.
* كيش (Kish) مدينةٌ سومريةٌ موغلةٌ في القِدَم، حيث يرجع تاريخُها الى ما قبل 5000 سنة. كانت تقع عند ما يعرف الآن بتل الإحيمِر شرقي بابل، وجنوب بغداد.
958 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع