يا بصرة الخير ... أناديكِ بأحبّ أسمائكِ

د. رمضان مهلهل سدخان

يا بصرة الخير ... أناديكِ بأحبّ أسمائكِ

وبينما تغفين، يا بصرتنا الغالية، على هدهدة ماء شط العرب ودغدغة مويجاته الحانية التي تمسح صفحتَها نسائمُ باردة؛ وبينما تسرّحين بَصَرَكِ صباحَ مساءَ للغادين والرائحين؛ وبينما تحلمين بسندبادٍ يأتي إليكِ محمّلاً بالعطايا والهدايا والحكايا والمغامرات؛ وبينما تودّعين عام 2022 وهو يلملمُ أذياله مغادراً، حتى تنتابك انتباهة على حين فجأة. يصطخب شط العرب، ويرقص العشّار، وتتزين جادّاتكِ بأبهى الحُلل، ويطلقُ قلبُكِ إحدى وعشرين نبضة كبيرة ترحيبية. هاهم الأشقاء يطرقون بابك، فتنتفضين صائحة: "تفضل يا طويل العمر، الدار دارك، والديرة ديرتك".
يا "أمّ العراق"، كفى حزناً، فأنتِ على موعد مع خليجكِ الـ 25، بعد أن غابَ عن عراقكِ قرابة 43 عاماً. انفضي من جبينكِ غبارَ السنين وخلّي عنكِ عصّابتك التي أكلت حاجبيكِ ورحّبي بالقادمين من أبناء جلدتنا الحاجّين إلى ترابكِ الأثير المضمّخ بشوق السنين.
يا "عين الدنيا"، انظري إلى أشقائنا وأبناء وطننا وهم يطوفون في شوارعكِ، يتلمّسون أديم ترابكِ ويشمّون عبق ثراكِ ويقبّلون ذا المكان وذا المكان، فهم في أرض أذِنَ الله لها أن تكون قبلة للجميع.
يا "ملتقى الدجلتين"، ما أبهاكِ وأنتِ تحتضنين بحنوٍ بالغٍ كرنفالاً طالَ انتظاره وكان دونه خرط القتاد، ما أروعكِ وأنتِ تتزينين بأبهى حلّة فغدوتِ حديث الشارع بالجمال والبهاء.
أيتها "البصرة العظيمة"، ما أعظمكِ وأنتِ تربضينَ شامخة، شموخ نخلكِ، رغم أهوال السنين الخوالي التي عصفت بكِ وأرادت النيل من إرادتكِ، لكنكِ أثبتِّ بأن مَن جذوره في أعماق الأرض لا يهتم لشدة الريح والأعاصير.
يا "ثغر العراق الباسم"، أتعلمينَ أنكِ حينما ابتسمتِ، ابتسمَ العراق بأجمعه، من الهور إلى الصحراء، ومن السهل إلى الجبل، ابتسمتِ وأنتِ ترحّبين بـ "خطاركِ" الذين أصبحوا أصحاب الدار بين ليلة وضحاها وهم يجوبون جاداتكِ المفعمة بالحب والنابضة بالشوق.
أيتها "الفيحاء"، فاحَ عطرُ كرمكِ حتى غدا مادة القنوات الفضائية، وحديث القاصي والداني. وانتشرَ عبق ترحابكِ ليغدق على كلّ مَن زاركِ وأخذ يشعر وكأنه يعرفكِ منذ سنين.
يا قبة العلم"، كم خرجَ من معطفكِ الوثير العلماءُ والأدباءُ وأصبح بصريوكِ لا يطفئون سراج الشعر والأدب حتى حينما ينامون لأنهم ببساطة يريدون أن يحلموا بالقوافي وأوزان الفراهيدي.
يا "ثاني أكبر مدن العراق"، أيتها الكبيرة التي لا تشيخ رغم توالي السنين والأيام، تزدادين كل يومٍ يمرّ بهاءً وجلالاً، فأنتِ من طينة مختلفة مجبولة على العطاء والصمود كلّما عصفت بكِ الخطوب.
يا "ميناء العراق الأوحد"، يحجّ إليكِ العراقيون وغير العراقيين من كلّ حَدَبٍ وصوب. يا "مدينة النخيل"، رحّبَ سعفُكِ ولوّحَ وعزفَ أبهى الأناشيد هذه الأيام، أيام هذا العرس الكرنفالي، عرس إقامة بطولة خليجي 25.
يا "مدينة اخوان الصفا"، قد صفا الجوّ الآن وراقَ كثيراً إذ يلتقي الأخ أخاه بعد فراق طويل. ما أجملكِ وأنتِ تحتضنين كل اللهجات الخليجية الجميلة وتمزجينها ببهارات لهجتنا العراقية البصرية من الـ "چا" والـ "حبّوبي" فتخرج لنا توليفة لهجية بديعة.
باختصار، ما أبهانا هذه الايام، وما أبهى بصرتنا الحبيبة، التي صُيِّرَ كورنيشها ملتقىً للعراقيين من كل المحافظات بإخوانهم الخليجيين، مجتمعين على الخير والمحبة، تحت مسمّى كبير ورائع عنوانه "خليجي 25". وحَسْبُ البصرة الآن أنها أصبحت عراقاً مصغّراً يختلف إليها العراقيون والخليجيون ويتعللون ويقضون الأماسي بأهازيج المحبة واللقاء.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

461 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع