المُلا عثمان الموصلِيّ والذكرى المئوية لرحيله- الجزء السادس

الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط
أستاذ متمرس/ جامعة الموصل



المُلا عثمان الموصلِيّ والذكرى المئوية لرحيله- الجزء السادس

في العام 1973 مرت على وفاة المُلا عثمان الموصلِيّ 50 سنة، وبالتزامن مع هذه المناسبة عرض الدكتور عادل البكري (1930- 2018) على محافظ نينوى في ذلك الوقت علاء الدين البكري ضرورة إقامة تمثال للمُلا عثمان في أحد شوارع المدينة بوصف الموصلِيّ أحد رموز المدينة. فقام النحات الراحل فوزي اسماعيل (1935-1986) بإنجاز التمثال في العام ذاته عن أصل مصغر أبدعته أنامل الفنان الكبير راكان دبدوب (1942-2017)، وقد أقيم التمثال في المنطقة التي حملت اسمه وتقع قبالة محطة قطار الموصل.

وبالتزامن مع ذلك الحدث تم إقامة عدد من الندوات للتعريف بشخصية المُلا عثمان احتضنتها عدد من المناطق منها غابات الموصل. كما قام المرحوم الدكتور عادل البكري بنشر ثلاث كتب عن المُلا عثمان:

- "عثمان الموصلِيّ الموسيقار الشاعر المتصوِّف"، مطبعة العاني، 1966.

- "مع عثمان الموصلِيّ وقيثارة النغم". وقد قامت وزارة الإعلام بطبعه ونشره بمناسبة مرور خمسين سنة على وفاة المُلا عثمان، 1973.

- "عثمان الموصلِيّ قصة حياته وعبقريته"، بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 1990.
لقد تعرض ذلك التمثال إلى التدمير خلال فترة احتلال الموصل (1914-2017). وقد أعادت بلدية الموصل الحياة من جديد إلى التمثال وذلك بالتعاون مع نحاتي المدينة، حيث قامت الفرق الهندسية والفنية في بلدية الموصل بالتعاون مع فريق من النحاتين بإعادة نحت ونصب نسخة جديدة لتمثال الموصلِيّ في ظروف صعبة وقياسية.

وتجدر الملاحظة أن النحات المغترب عدنان الموصلِيّ كان قد نحت تمثالا آخر للمُلا عثمان وذكر أن ذلك التمثال يحمل تفاصيل حقيقة لشخصية الموصلِيّ بملامح حقيقية لوجهه مع طبيعة الملابس وتنسيق الجسم.

وبالنظر للمكانة الكبيرة التي يحتلها المُلا عثمان الموصلِيّ في مختلف الأوساط الرسمية والشعبية العراقية، فقد أوصت الأوساط الرسمية في بغداد بإصدار طابع يحمل اسم وشكل المُلا عثمان الموصلِيّ، وقد اُطلاق عليه لقب "المُعلم الثالث"، حيث أن المُعلم الأول هو أرسطو (384-322) ق.م، والمُعلم الثاني هو الفارابي (874-950م). وقال بيان لوزارة الثقافة أن (التوصيات بتشييد تمثال المُلا عثمان الموصلِيّ واصدار طابع يرمز لشخصيته جاء في أثناء عقد جلسة استنكارية وندوة ثقافية نظمتها دائرة الفنون الموسيقية تحت عنوان "المُلا عثمان.. نغمة إيمان للوطن والإنسان" على قاعة الشهيد عثمان العبيدي في بغداد).

واوضح البيان أنه قد (قُدمت في الندوة مجموعة من البحوث منها "أنغام خالدة في تنزيلات المُلا عثمان الموصلِيّ، أساليب التلاوة في منهاج المُلا عثمان الموصلِيّ، الأشعار الصوفية للمُلا عثمان الموصلِيّ، والتأثير الإبداعي للمُلا عثمان الموصلِيّ" والتي تعد خلاصة البحوث التي قدمها الباحثون في مجال الموسيقى والمقام العراقي وفي التاريخ الموسيقي القديم والتاريخ الفني المعاصر أيضا).

 

بغداد في الذكرى الخمسين لرحيل المُلا عثمان الموصلِيّ:

وفي العام 1973 أيضا كتب الفنان سالم حسين الأمير (1923- 2015) بالتفصيل عن الفعاليات التي جرت في بغداد احتفاءا بالذكرى الخمسين لرحيل الموصلِيّ.

فقد أقيمت احتفالية خاصة بتلك المناسبة في بغداد، كان نجمها الأول مطرب العراق الأول محمد القبانچي (1904-1989) الذي غنى القصيدة الآتية والتي صاغ كلماتها خصيصا للمُلا عثمان:

بــــالألـــم لا تـــــزد مــــا فـــــيّا مــــــن ألــــــمٍ ... ففي فؤادي من آلام يكفيني
هيّجت في النفس من مكنونها حرقاً ... ودمع عيني يبكيها ويبكيني
فأرحـم دموعـــي جـــزاك الله مكـــرمة ... فإنني ساهر والدمع يؤذيني
عــثمـــانُ يا خــالـــق الأنغـــام ليـلتنــا ... طابت بذكراك في عذب التلاحينِ
إني أُحييك من روحي ومن نغمي ... حيتي مهجتي من بعد خمسينِ

وشارك الفنان سالم حسين الأمير بمعزوفة من (وحي الموصلِيّ) بمشاركة الفرقة الموسيقية، كما تم عرض لوحة المولوية. وشاركت كذلك الفرقة الموصليّة ومطربھا الكبير السيد إسماعيل الفحّام (1905- 1990)، وقدّمت لوحات وأغانٍ من ألحان المُلا عثمان.

وقامت الإذاعة العراقية بتكليف الدكتور مالك المطلبي بكتابة مسلسل إذاعي في ثلاثين حلقة تُذاع خلال شهر رمضان المبارك الذي كان سيحل بعد أيام قليلة، وقام الفنان الموصلِيّ كنعان وصفي (1932-2000) بدور المُلا عثمان الموصلِيّ.

ومع الانتهاء من إعداد المسلسل الإذاعي الذي سُجل من قبل فنانين وممثلين وبعض المطربين انهالت برقيات التهنئة إلى عمادة معھد الفنون في بغداد مع دعوات لحضور احتفالات خارج العراق باسم المُلا عثمان الموصلِيّ، وقد اُذيع المسلسل الإذاعي طيلة أيام شھر رمضان المبارك.

كما تم إعداد مسلسلا تلفزيونياً عن المُلا عثمان الموصلِيّ تكفَّل بإعداده الكاتب القصصي والشاعر الأديب عبد الإله حسن، وقد تكفّل الفنان سالم حسين الأمير بإعداد الأغاني والموسيقى. وقد أخرج ذلك المسلسل المخرج الراحل جاسم شعن. وقد انهالت الطلبات من الفضائيات التلفزيونية العربية على شراء ذلك المسلسل، غير أن دخول الجيش العراقي إلى الكويت في آب 1990 حال دون ذلك، فضاع ذلك المسلسل مع من ضاع وسُرق.

كذلك صدرت بعض الكتب عن الموصلِيّ منھا (عثمان الموصلِيّ في بغداد) للمحامي السيد محمود العبطة، كما أشادت الصحف العراقية والعربية بأعمال ھذا الرجل الشاعر والمُلحن العبقري.

مهرجان في أربيل بالذكرى 84 لوفاته:
وفي العام 2007 أقيم في مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان العراق (مهرجان الموسيقار الخالد المُلا عثمان الموصلِيّ)، وقد شارك به المطرب والموسيقار العراقي جعفر حسن (1944-2022) وغنى فيه أغنية المُلا عثمان "دزني وأفهم مرامي".

وبمناسبة الذكرى 86 لوفاة شيخ الموسيقيين المُلا عثمان الموصلِيّ، وفي السابع عشر من شهر تشرين الثاني عام 2009م، أقامت كلية الآداب جامعة الموصل ندوة علمية بعنوان ((المُلا عثمان الموصلِيّ عبقرية الإبداع)) وبحضور رئيس جامعة الموصل وعميد كلية الآداب والعديد من الشخصيات الثقافية، وقد تضمنت الندوة إلقاء أربعة عشر بحثا في جلستين تناولت جوانب مختلفة من حياة المُلا عثمان وإبداعاته.

وتستذكر حفيدة المُلا عثمان السيدة المهندسة (كفاح جهاد فتحي مُلا عثمان الموصلِيّ) الذكرى الخمسين لوفاة جدها، وهي من مواليد 1959، وخريجة هندسة مدنية/جامعة الموصل، وعملت مهندسة موقع في إسالة ماء بغداد، وبعد انتهاء المشروع تحولت لقسم متابعة محطات الإسالة، ثم عملت في قسم الإجازات في أمانة بغداد، ثم هاجرت هي وزوجها إلى أوربا.

تقول السيدة المهندسة كفاح الموصلِيّ: "في العام 1973 اقيمت احتفالية كبرى في بغداد بمناسبة ذكرى مرور ٥٠ عام على وفاة جدنا المُلا عثمان، وقد حضرها أحفاد الملا الذكور الثلاثة أولاد ابنه فتحي مُلا عثمان: الوالد جهاد، محمود، محمد سعيد. وقد نقل تلفزيون بغداد الاحتفالية التي جرت في قاعة الخُلد. وفي تلك السنة زارنا الدكتور عادل البكري وأخذ منا كل المعلومات والتفاصيل المتعلقة بحياة جدنا المُلا عثمان".

وتضيف المهندسة كفاح الموصلِيّ: "لقد كان عندنا في البيت عكازة جَدنا المُلا عثمان الشهيرة، ويوجد معها سيف ضمن الغمد المصنوع من الفضة وعليه نقوش تُركية، وهي هدية من السلطان عبد الحميد الثاني للمُلا عثمان الذي كان من المقربين إلى السلطان. وهذه العكازة برأس نحاس بشكل راس نسر، والغمد مستدير بلون غامق، وعند سحب السيف يظهر مدخل السيف وهو من النحاس".

وتضيف الحفيدة قائلة: "لقد طلب الدكتور عادل البكري العكازة من أبي وقال إنه سيضعها في متحف في الموصل، ففرح أبي بذلك وأعطى العكازة والغمد إلى الدكتور عادل البكري. كما أخذ الدكتور عادل البكري بعض الأوراق المتعلقة بجدنا المُلا عثمان ولا أعلم ما كانت تتضمنه".

لقد علمتُ من مصدر موثوق أن المرحوم الدكتور عادل البكري قد قام بإعارة تلفزيون بغداد مقتنيات المُلا عثمان؛ بما فيها العكازة، عند قيام تلفزيون بغداد بتسجيل مسلسل المُلا عثمان سنة 1990، وكان يُذكر اسم الدكتور عادل البكري في المسلسل تحت عنوان (معالجة تاريخية). فكانت المقتنيات الأصلية للمُلا عثمان معروضة ضمن المسلسل، وقد استرجعها الدكتور عادل البكري وأخذها بعد إكمال المسلسل، ولا علم لنا إين استقرت تلك المقتنيات التاريخية المهمة.

https://www.youtube.com/watch?v=UPG6uhAS2D4

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

475 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع