جيمس دين وناظم الغزالي وعبدالحليم حافظ - الفن ومغازلة أحلام الشباب

                                                           

                            عبدا لكريم إبراهيم

     

            جيمس دين وناظم الغزالي وعبدالحليم حافظ

                       الفن ومغازلة أحلام الشباب

تُعرف الظاهرة الفنية بأنها تلك الموهبة الفذة التي تركت أثرا في الوجدان الإنساني دون النظر إلى عامل الزمن، لان الذي يهم المتذوقون للفن وعشاقه هو المنجز الفني وأثره في النفوس.
كثير هي المواهب الفنية التي ظهرت في بلد العم سام وروج لها الإعلام الأمريكي المؤثر، ولكن يبقى جيمس دين( 1921- 1955) من أكثر الشخصيات لوجا في فئة الشباب والمراهقين، لأنه استطاع استمالتهم من خلال طرح قضاياهم إلى المجتمع، وتسليط الضوء عليها. ولافت للنظر إن جيل اليوم مازالت يتذكر إيقونة المراهقة برغم من مرور عقود لم مثل فيها دين سوى سبعة أفلام:حراب ثابتة 1951، حذار و صياد 1952،هل رأى أحدكم غيل خاصتي؟ 1952، مشاكل على طول الطريق 1953،شرق عدن 1955، متمرد بلا سبب1955، ضخم الذي عرض بعد وفاته 1956. ربما يكون أشهرها (متمرد بلا سبب) 1955هي نفس السنة التي فارق فيها الحياة اثر حادث تصادم. وعادة ما يجتمع عدد من محبيه في كل ذكراه السنوية إحياء لرحيل، وأصبح هذا الأمر تقليدا يقام كل سنة من قبل أجيال تبعدهم عنه مسافة زمنية طويلة ،ولكن لا تقاس الموهبة بالزمن بل بالتأثير قبل كل شيء.
إما إيقونة الشباب الأخرى فهي موهبة غنائية لم تتكرر في بلاد الرافدين انه ناظم الغزالي ( 1921- 1963) الذي ولد في إحدى محلات بغداد القديمة (الحيدرخانة) هو يرضع المقام العراقي منذ الصغر، ولكنه خالف اغلب أستاذته، وعلى رأسهم مطرب المقام الأول محمد القبنجي من خلال اعتماده على مقامات الخفيفة وإضافة إليها بعض البستات البغدادية، بهذا حاول إن يخرج بالغناء العراقي من المحلية إلى المنطقة العربية، فلقب بـ(سفير الأغنية العراقية)، ولعل لحلاوة صوت الغزالي، واختيار الكلمات القريبة من العربية الفصحى سهل له إن يحظى بمقبولة عربية بعدما كانت اللهجة المحلية تقف عائقاً إمام انتشارها عربيا، وتفضيل المصرية عليها كون الأخيرة قد طرح نفسها من خلال الكم الهائل من الأفلام والأغاني التي دخلت كل بيت عربي.غنى الغزالي لأشهر الشعراء العرب مثل إيليا أبو ماضي، أحمد شوقي، أبو فراس الحمداني. فغنّى لأبي فراس الحمداني: «أقول وقد ناحت بقربي حمامة»، ولأحمد شوقي: «شيّعت أحلامي بقلب باك» وللبهاء زهير «يا من لعبت به شمول»، ولإيليا أبي ماضي «أي شيء في العيد أهدي إليك يا ملاكي»، وللمتنبي: «يا أعدل الناس»، وللعباس بن الأحنف «يا أيها الرجل المعذب نفسه»، ولغيرهم من كبار شعراء العربية .وأبرز أغانيه:هلا هلا أول أغانيه، من ألحان حقي الشبلي، غنها ناظم في عام 1948،المضيع ذهب ثاني أغانيه، من ألحان وديع خوندة، أقول وقد ناحت وهي من أشهر قصائد أبي فراس الحمداني،عيرتني بالشيب، فوق النخل، طالعة من بيوت أبوها،يا أم العيون السود،أحبك وأحب كل من يحبك، مروا عليه الحلوين . لم يستطيع بعد الغزالي من تطويع المقام العراقي وجعله يدخل قلوب الجمهور العربي، وربما إن هناك عوامل ساعدته في تحقيق
هذه الغاية وفي مقدمتها الشاعر والملحن الجيد. ويشكل الغزالي مع الشاعر جبوري النجار( 1917- 1976) والملحن ناظم نعيم (1925 - 2020) ثلاثيا ناجحا استطاع إن يتحف الغناء العراقي والعربي بأجمل الأغاني منها : ما أريده الغلوبي،خايف عليها،طالعة من بيت أبوها،فوك إلنا خل .و كان زواج الغزالي من سليمة مراد من الزيجات المثيرة للجدل، فالبعض يقولون أن قصة حب ربطت بين الفنانين على الرغم من فارق السن بينهما، أما البعض الآخر فكانوا يقولون أن سليمة مراد تكبر الغزالي ربما بعشر سنوات أو أكثر، وأن الغزالي كان بحاجة إلى دفعة معنوية في بداية طريق الشهرة ،وتعلم الغزالي على يد مراد الكثير من المقامات، وكانا في كثير من الأحيان يقومان بإحياء حفلات مشتركة، يؤديان فيها بعض الوصلات فردية وأخرى ثنائية. تم الزواج عام 1953، وخلال عشر سنوات تعاونا على حفظ المقامات والأغنيات. وفي عام 1958 قاما بإحياء حفل غنائي جماهيري كبير، فتح آفاقاً واسعة لهما إلى خارج حدود العراق فكانت بعدها حفلات في لندن وباريس وبيروت.
وفي ارض الكنانة استطاع شاب اسمر إن يقلب موازين الغناء المصري والعربي انه عبدالحليم حافظ (1929- 1977) الذي كسر التقليدية وناطح عمالقة الغناء العربي: أم كلثوم ،محمد عبد الوهاب ، فريد الأطرش وغيرهم. وقد امتلك حافظ حسا مرهفا فيه مزيج من الخجل والتحدي والبناء الذات وهذه الصفات يبحث عنها الشباب، وجسدها في أفلامه الستة عشر برغم إن عبد الحليم لم يكن ممثلا بارعا مقارنة بجيله، ولكنه استطاع من خلال أغانيه إن يلهب مشاعر الشباب في عدم الاستلام ومواصلة الطريق، وقد تكون لتلقائيته وبساطته دورا كبيرا في إن تكون أغانيه رمزا شبابا استطاع المحلين قراءة صوته بصورة جيدة. والتحق حليم بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943 وهناك التقى بصديقه ورفيق دربه الملحن كمال الطويل( 1923 - 2003) حيث شكلا ثنائيا رائعا في ما يقدر بـ56 أغنية عاطفية ووطنية. من ابرز أفلامه: لحن الوفاء 1955،أيامنا الحلوة 1955، ليالي الحب 1955،أيام وليالي1955،موعد غرام 1956،أبي فوق الشجرة 1969. وقدم عبد الحليم أكثر من مئتين وثلاثين أغنية: صافيني مرة،إحنا كنا فين،على قد الشوق، توبة،يا خليّ القلب،في يوم في شهر في سنة، موعود، حبيبتي من تكون،من غير ليه.
شكل هذا الثلاثي رمزا فنيا لدى الشباب برغم إن اغلب هذه الفئة لم تكن معاصرة لتلك الحقبة الزمنية، ولكنها وجدت ضالتها في فنهم ما يعبر عن جيل كامل له همومه وتطلعاته التي يحتاج من يعبر عنها بمختلف الوسائل. وبهذا طوى دين والغزالي وحافظ الزمن إلى الإمام بما يمتلكونه من موهبة استطاع إن تكون حاضرة في نفوس الشباب إلى اليوم .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1101 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع