الراحل علي الوردي و الانحراف الجنسي (٨)

                                                       

                          عبد الرضا حمد جاسم

 

الراحل علي الوردي و الانحراف الجنسي (8)

الحجاب و الانحراف الجنسي

يتبع ما قبله لطفاً

انحراف أطفال العراق

مقدمة: كتب الراحل الوردي في صفحة 326 من دراسة في طبيعة المجتمع العراقي/1965 التالي: [إن أكثر الأطفال لم يبلغوا الحلم، ولكنهم يمارسون اللواط بدافع الفخار. فالفاعل يفتخر بما فعل ويعتبره من قبيل الغلبة اما المفعول به فهو مغلوب ومستضعف لا يستطيع ان ينظر الى الناس بملء عينه وهم بذلك يصفونه بأن "عينه مكسورة" ان كسر العين في الازقة من أعظم مظاهر التغالب بين الأطفال] انتهى

تعليق: الحقيقة استغرب ليس من طرح الراحل الوردي هذا لأني كما تابعته وجدت من هذا القبيل الكثير حيث تَعَّوَدَ على ذلك وتَمَيَزَ به... لكن استغرب من الذي قرأ الوردي وسكت عن هذه ال "...."...اين وجد الوردي ذلك؟ أكثر أطفال العراق كلهم لائط و مليوط به من حتى قبل ان يبلغوا الحلم؟ انها مأساة المثقف العراقي وبالذات ذلك الذي قرأ للوردي وبالذات منهم من كتب بانبهار عن الوردي وما ترك...

لم يترك الراحل الوردي صفة معيبة شائنة لم يلصقها بالشعب العراقي والفرد العراقي والمجتمع العراقي رغم عدم تمكنه من تقديم أي دليل على تلك "المعيبات"

أتعرفون لماذا ذكر هذا المقطع وتوابعه؟

الجواب: سبب غريب ألا وهو أن الوردي يريد ان يقول ان صفة "التغالب" بدوية اكتسبها المجتمع العراقي من البداوة وهي جزء من صراع البداوة والحضارة...ليجد شيء يسند به هذه "الحكاية" فذهب الى أطفال العراق المساكين...

أين وجد الوردي هذه الكثرة في الكاظمية مثلاً وهو الذي عاش طفولته فيها؟ ام وجدها في زقاق مظلم من ازقة بغداد؟ والأصح هو: هل كان الوردي في طفولته فاعلاً أم مفعول به ...أي غالباً ام مغلوباً"مكسورة عينه"؟؟؟؟ هذهالاسئلة يجب على من قرأ اوردي ان يجيب عليها!!!!

في ص55 من كتاب|:دراسة في طبيعة المجتمع العراقي:1965كتب الوردي: [إني اميل الان الى فرضية في هذا الصدد ولعلني سأغير رأيي فيها بعد الانتهاء من طبع هذا الكتاب ومهما يكن الحال فاني أرى بان محور الثقافة البدوية او طابعها العام يمكن اجماله بكلمة واحدة هي "التغالب"] ثم يقول في نفس الصفحة: [وفي رأيي ان مركبات الثقافة البدوية هي ثلاثة:

1ـ العصبية.

2ـ الغزو.

3ـ المروءة.

والملاحظ ان طابع "التغالب "موجود في جميع هذه المركبات الثلاثة] انتهى.

لاحظ عزيزي القارئ لطفاً كلمة او مفهوم "التغالب" المهم في مسيرة الراحل الوردي. مع الانتباه لطفاً الى انه ربما سيغير رأيه!!!

هل يفهم الوردي ما كتبهُ؟ هل يفهم الوردي ان ما سَّطرهُ في هذا الكتاب سيكون مصدراً لكتابات أخرى و لا ينفع عندها ان غير الوردي رأيه ام يُغَّيرهْ؟ هل فَهِمَ أم لم يفهم كل من قرأ هذا الكتاب انه مشمول به عندما "لم يبلغ العقل"؟؟ اقولها و بقوة ان كل من اقتنى هذا الكتاب او اطلع عليه او استعار منه او اقتبس منه او شجع على قراءته و لم يرد على الوردي الرد الملائم كان في صغره/طفولته اما غالب / فاعل /لائط او مغلوب/مفعول به/ مليوط به مهما كان موقعه العائلي و الوظيفي و الاجتماعي و السياسي و العلمي و الديني...واحمد الله / العقل/ المجتمع اني سأقابلهم برأس مرفوعة واثقة لأني بعد اكثر من ستة عقود كنتُ و لا أزال أول من رد على "ترهات" الوردي بخصوص أطفال العراق وغيرها وتلك التي حاول لصقها ب "المجتمع العراقي"

................

وعاظ السلاطين والانحراف الجنسي

وفي ص8 / الهامش من كتاب وعاظ السلاطين/1954 كتب الوردي التالي: [ويبدو أن وعاظنا يستسيغون انتشار الانحراف الجنسي بين الناس ولا يستسيغون انتشار السفور ولعلنا لا نغالي إذا قلنا إن الانحراف الجنسي منتشر بين الوعاظ أنفسهم أكثر من انتشاره بين غيرهم وهذه هي عاقبة من يغفل أمر الطبيعة البشرية ويعظ بما يخالفها] انتهى

الراحل الوردي هنا بين السفور والانحراف الجنسي...ويمكن تفسير هذا المقطع بشكل اخر هو:

أن الذي "يستسيغ" انتشار الانحراف الجنسي أي الوعاظ لا "يستسيغ" انتشار السفور ...ويمكن ان أقول إن ذلك يعني ان مَنْ "يستسيغ" انتشار السفور "يستسيغ" انتشار الانحراف الجنسي و الدليل من كلام الوردي نفسه حيث كتب: ان الوعاظ لا يستسيغون انتشار السفور والانحراف الجنسي بينهم اكثر من غيرهم.

هل يقبل الراحل الوردي بهذا الرد على طرحه؟؟؟

هذا يعني ان الراحل الوردي هنا تعامل مع القضية "يسود يبيض" أي لا يوجد بين الوعاظ من لا "يستسيغ" انتشار الحالتين / الظاهرتين السفور والانحراف الجنسي و ليس بين الوعاظ من هو غير منحرف جنسياً وبذلك عاد الوردي هنا الى جاحظيتة / ارسطوطاليسيته التي لم تفارقه. ولتأكيد كلامه هذا اضاف عبارة تعني ان الراحل الوردي عرف اسباب ارتفاع الانحراف الجنسي عند الوعاظ حيث صاغ كلام غريب هو: [وهذه هي عاقبة من يغفل أمر الطبيعة البشرية ويعظ بما يخالفها]...

في ص231 من كتاب اسطورة الادب الرفيع/1957 كتب الوردي التالي: [وقد دفعت هذه الطريقة المنطقية بالجاحظ الى ان يكتب في أي موضوع يشاء ذما ومدحا فهو يكتب في الشيء ونقيضه يستطيع ان يأتي لكل وجهة بما يؤيدها من الأدلة المنطقية فإذا أراد ان يمدح الشيء بحث عن مقدمة تصلح له فيبني عليه النتيجة التي يريدها إذا أراد ان يذم الشيء ان يبحث عن مقدمة مناقضة...الخ] انتهى

وفي ص234 من نفس الكتاب كتب الوردي التالي: [والذي اراه ان الجاحظ كان ذا نزعة ارسطوطاليسية طاغية حيث كان يؤمن بالحقيقة المطلقة ويعد العقل الوسيلة الوحيدة للوصول اليها ولكنه كان من الجانب الاخر كغيره من علماء الكلام يناقض نفسه من حيث لا يشعر، فهو يكتب كما تمليه عليه العاطفة او المصلحة الانية ويستخرج المساوئ او المحاسن كما يشتهي ثم لا يستحي بعد ذلك ان ينادي بالحقيقة المطلقة ويدعو الناس اليها.] انتهى

وهذا حال استاذنا الدكتور الوردي له الذكر الطيب والرحمة

استغرب هنا من قول "عالم الاجتماع" الراحل الوردي: "يبدوا ان وعاظنا يستسيغون الانحراف الجنسي بين الناس ولا يستسيغون انتشار السفور"!!

لماذا لم يقٌل الوردي انهم لم يفهموا خطورة الحجاب وتأثيره...أو ان مواعظهم لا تحل مشاكل المجتمع...أو إنهم لا يعلمون ما للحجاب من اخطار. اولا يعلمون نتائج التشدد في موضوعة الحجاب. اليس هذه العبارات تفي بالغرض وتبين فهم او احترام عقل المقابل فمن لا يعرف معذور ولنعتبر الوعاظ لا يعرفون او انهم يتصرفون تحت تأثير اطارهم الفكري وما ترسخ في عقلهم الباطن. كما علي الوردي و ما ترسخ في عقله الباطن.

هل قال أحد الوعاظ في رده على الوردي ان الوردي يستسيغ الانحراف الجنسي بدعوته غير المفهومة او غير الواضحة لرفع الحجاب وازالته / السفور؟ ...وكان بإمكانهم ان يعلنوها وصوتهم اعلى من صوت الوردي...لكن اغلبهم تميز بالحكمة في هذا الموضوع و لم ينحدر الى "مزبلة" الوردي.

وجاء فيما كتب الوردي انه: "لا يغالي أذا قال ان الانحراف الجنسي منتشر بين الوعاظ أكثر من انتشاره بين غيرهم"!!!

أقول: إنَ هذا الكلام يعني ان الوردي لا يزن كلماته و لا يفهم ما يقول و يكتب فلو توقف قليلاً و سأل نفسه سؤال محتمل طرحه وهو كيف تثبت قولك هذا؟ او هل ان الوعاظ الذين تتلمذت عليهم او سمعت لهم او قرأت لهم كانوا من هذه الشريحة، لو فعل ذلك لوقف او توقف عن الكتابة ربما نهائياً ان كان ذو حلم.

هذا الطرح غير مقبول اطلاقاً لسبب بسيط وهو ان الراحل الوردي لا يستطيع اثباته وهذا الطرح عيب علمي ولغوي حيث إنْ كان كذلك فهذا يُفَنِدْ كل طروحات الوردي حول انتشار الانحراف الجنسي في العراق وعلاقته بالحجاب! لماذا؟ الجواب بسيط وواضح وهو ان عدد الوعاظ في كل مجتمع قليل ولما كان الانحراف عندهم كما طرح الوردي أكثر من غيرهم فهذا يعني ان الانحراف الجنسي بين الملايين / سكان المدن في العراق قليل جداً وليس كما كتب الوردي بأنه "لواط لا يقل 40%" من مجموع سكان المدن في العراق" حتى لو كان الوعاظ يشكلون 40% من سكان المدن في العراق.

كم عدد الوعاظ أيها الوردي قياساً الى ملايين سكان المدن العراقيين؟ الجواب: انه رقم لا يُذكر ولما كان الانحراف الجنسي عند هذا الرقم الذي لا يذكر أكثر من غيرهم فهو يعني ان الانحراف الجنسي عند سكان المدن العراقية رقم اقل من الرقم الذي لا يُذكر.

طرح الراحل الوردي هذا بهذه الصيغة / اللغة كان يجب ان يُطرح على كل الصُعُدْ والمستويات بما فيها القانونية بدعوى الطعن والمساس بشرف الناس واخلاقهم وقيمهم مع مطالبته بإثبات هذا القول...هذا قول يمكن لكل مهتم بعلم النفس او المجتمع ان يضع عشرات بل مئات علامات الاستفهام على الراحل الوردي / نفسيته / كتاباته / نظريته.

ويمكن لمثل هذا القول لو قيل اليوم وفي أي دولة بما فيها الولايات المتحدة الامريكية لكانت ضجة كبرى لا تُعرف ابعادها تزيد عما يُتداول اليوم في العالم فيما يخص "التحرش الجنسي"

كيف سمح الوردي لنفسه ان يقول هذا القول؟ الجواب: لا اعرف!!! لكن اقول ان علماء الاجتماع في الغرب لا يطلقون مثل هذه الأقوال دون تدقيق وإحصاء لأنهم مسؤولين عن اثباتها بالحقائق العلمية. ولأنهم يحترمون تخصصهم وكلماتهم فلا يطلقونها دون ذلك. لكن عالم الاجتماع الوردي لا يملك أي رقم ولم يطلع على أي دراسة و لم يحاول تنظيم دراسة ولم يفهم في اللغة التي يكتب بها...فلو كان فاهم في لغته لتخلص من كل هذا الضجيج باستخدام كلمة من أربعة حروف وهي "نسبة" كأن يقول ان النسبة المئوية للانحراف الجنسي عند الوعاظ اكبر من تلك التي عند غيرهم.

عن المنحرف جنسياً كتب الراحل الوردي:

1ـ في ص12 مهزلة العقل البشري/1955 التالي: [نحن لو درسنا طبيعة الانحراف الجنسي المنتشر في البلاد المتحجبة لوجدنا فيه بعض معالم الاكتساب والميل الى التعويض في الغالب] انتهى

2ـ وفي نفس الصفحة كتب الراحل الوردي: [ان المنحرف الذي يكتسب انحرافه من محيطه يميل الى الغلام الناعم البض الذي يشبه المرأة في تكوين بدنه او ملامح وجهه اما المنحرف الطبيعي فهو يميل الى الرجل العملاق الخشن الذي تتوافر فيه معالم الرجولة انه بمعنى اخر انثى بصورة ذكر] انتهى

3ـ وكتب في ص 351من دراسة في طبيعة المجتمع العراقي/1965: [ان المنحرفين الطبيعيين يتميزون عن غيرهم من المنحرفين بكونهم ذوي طبيعة جنسية شاذة فالرجل منهم يميل الى رجل كامل الرجولة متين العضلات كث الشعر. وكذلك الانثى منهم اذ هي تميل الى انثى ناعمة متغنجه] انتهى

أقول: يؤكد الراحل الوردي على كلمة / مفهوم "المنتشر" ولم يتغير في طرحها نحو الأفضل في اللغة والمعنى الصحيح والدقة واقصد "موجود"...رغم وجود عبارة "بعض معالم الاكتساب" وأكثر الحديث يدور عن الانحراف المكتسب ويضيف اليها الراحل هنا عبارة "والميل الى التعويض في الغالب" بقصد واضح

وهنا سأتكلم عن هذا "الغالب": بَيَّنَ لنا الراحل الوردي عن ميل المنحرف الإيجابي نحو الغلام البض الذي يشبه المرأة في تكوين بدنه وملامح وجهه...ولم يخبرنا عن الفتاة التي تكتسب انحرافها من محيطها... نحو مَنْ مِنَ الناس تميل هل تميل الى الانثى ال"بضه" التي تشبه الرجل؟

هل تميل الى المرأة الخشنة التي لها ملامح الرجل؟ أم ان الانحراف المكتسب يحصل في الرجال / الذكور فقط؟

ومع هذا اسأل الجميع ومعهم الراحل الوردي: كم عدد هؤلاء الغلمان "الناعم البض" في العراق؟ كم عددهم بين ملايين الملحان الصفران المرضى المتعبين المصابين بسوء التغذية؟ ربما لا يوجد أكثر من 0.01% وربما اقل ممن ينطبق عليهم وصف الوردي.

من هذا يمكن ان أقول ان الوردي يأخذ النموذج الشاذ ويعممه وبطرحه هذا يبين الوردي أنه يمشي في بعض الأزقة في بغداد ومقاهيها حيث تَصَّيَدَ مثل هذه الصورة التي اُعجب بها وسيطرت على عقله ليصور انها عامه في كل العراق الذي لا يعرف عنه شيء.

هنا السبب في ذكر الوردي ل "في الغالب" حتى لا يقال كما قلتُ هنا. ويبين لنا ميلان / ميل المنحرف السلبي / الجيني بالنسبة للذكر والانثى...فالذكر كما يقول يميل الى رجل كامل الرجولة متين العضلات كث الشعر...ويمكن من خلال بحثه المتواصل عنه في الازقة والمقاهي أن يعثر عليه...لكن المرأة اين تحصل على تلك الفتاة / الانثى الناعمة المتغنجة التي كانت محجور عليها بفعل التشدد في الحجاب؟...يبقى احتمال واحد هو ان المسكينة تحصل على ما تتمنى "بين العوائل والمعارف" من خلال "القبوليات""و المناسبات" وهذه تحكمها ظروف حيث تواجد الاخريات وصعوبة الانفراد والخوف من حدود المكان الضيق / اهل الطرفين والخوف من "الصيت" السيء.

في ص352 من دراسة في طبيعة المجتمع العراقي/1965 كتب الوردي التالي: [يمكن القول ان الانحراف الإيجابي سائر في سبيل التقلص بين أبناء الجيل الجديد شيئاً فشيئاً وقد ساعدهم على ذلك سفور المرأة وانطلاقها الحديث فصرنا نرى الشبان يركضون وراء الفتيات ويطارحونهن افانين الغزل والغرام بدلاً من الركض وراء الغلمان] انتهى

أقول: الإيجابي يعني المكتسب يعني الذي انتشر بفعل / تأثير الحجاب... بعد الحجاب صارت مطارحات الغزل والغرام تلك التي رآها الراحل الوردي والتي كما يبدو انه اقتنع ان المجتمع سمح بها؟ لكن كيف يشبع الذكر أو الانثى حاجته الجنسية تلك التي اهتاجت نتيجة تلك المطارحات؟ ووفق ذلك كيف سيؤثر السفور وتلك المطارحات في الانحراف الجنسي / زيادة او نقصان...انتشار او انحسار / تقلص؟

يجيب الراحل الوردي في ص360 من نفس الكتاب وهو يتكلم عن المرأة العراقية حيث كتب التالي: [.. فهي تخشى الرجال خشية بالغة وتتزمت كل التزمت في سلوكها اتجاههم انها تعلم ان أي لين يبدو عليها في التحدث معهم او في مخالطتهم يثير حولها الاقاويل والشبهات وقد يؤدي بها الى الموت الزؤام او العار الدائم...] انتهى

وكتب في نفس الصفحة: [وقد اعتاد الرجال في العراق على هذا التزمت والحذر الشديد في المرأة بحيث صاروا يتوقعون منها ان تكون "باردة" تجاههم تخفض بصرها عند محادثتهم ولا تبتسم لهم ابداً. فاذا وجدوا في احدى النساء لينا او ابتساما خيل إليهم ان "الغرام" استحوذ على قلبها فجعلها مدلَّهة لا تكترث لأقاويل الرقباء والعذال] انتهى

ويكمل في نفس الصفحة: [ربما صح القول بان الرجل العراقي أمسى ضعيفا تجاه النساء فاذا حاولت احداهن اغوائه بشيء من الغنج واللين خلبت لبه وسيطرت عليه دون ان يجد في نفسه قدرة على مقاومتها] انتهى

ثم كتب في نفس الصفحة: [لا ننكر ان هذا الضعف اتجاه المرأة موجود في جميع الرجال في العالم. ولا نستثني منهم في ذلك سوى ذوي الانحراف الجنسي الطبيعي. لكن هذا الضعف يختلف من حيث شدته فيهم حسب اختلاف الظروف الاجتماعية التي تحيط بهم. لاحظنا شدة هذا الضعف عند اهل المدن العراقية سابقاً في مجال "الكسلات " وحفلات الفرح ثم لاحظناه بعدئذٍ في مجال المراقص وقد نلاحظه في مجالات أخرى. فا لرجل العراقي بصورة عامة لا يكاد يلمح امرأة، أو جماعة من النساء تنظر اليه حتى يشعر بالزهو فيتقوس في حركاته ويتحذلق في كلامه وقد يطلق النكات "الرقيعة" واحدة بعد الأخرى. فاذا رأى إحداهن تضحك لنكته منه غامت الدنيا في عينيه وأخذ يزداد رقاعة وتحذلقاً فهو يحسب انه خلب لب المرأة وما درى انها هي التي خلبت لبه. انه في واد وهي في واد] انتهى

أقول: اذن اين المطارحات وذلك الغزل والغرام الذي رآها الوردي ورآهم يركضون وراء الفتيات؟

ارجو الانتباه الى ان الراحل الوردي حتى في هذه النقطة ميَّز الرجل العراقي عن الرجال في العالم واطلق قوله هذا ليصف العراقيين بالرقاعة والضعف امام المرأة وكأنه ينقل احاسيس شخص قريب منه يعرفه حق المعرفة وعمم تلك الرقاعة على كل رجال العراق واكيد لم يستثني احد منهم...و الغريب انه اعتمد في ذلك على ما قال عنه انه لاحظ ذلك في "الكسلات" التي لا يعرفها ربما 90% من الشعب العراقي وكذلك اعتمد على ما يدعي انه لاحظه في المراقص التي لا يوجد منها في كل العراق اكثر من عدد أصابع اليد الواحدة وقتها...إلا اذا كانت هناك مراقص وكسلات في الكاظمية والنجف وكربلاء والسماوة والبصرة والناصرية والأنبار وغيرها والعراقيين لا يعلمون...هذه قياسات من يطلق الكلام دون رقيب الضمير والمجتمع والسلطة والعلم والصدق.

وانا اسأل كل من قرأ الوردي: هل زرت مرقصاً او تواجدت في "كسلة"؟؟؟

الجواب عن اغلبهم وبالذات من كتب عن الوردي اجزم ب لا وكلا و الف كلا ولا...أينكم من عذاب المجتمع الذي طعنتم به بتأييدكم لطروحات الوردي هذه؟؟!!!!

..............

اختم هذا الجزء: حيث كتب الوردي في نهاية ص17 من مهزلة العقل البشري/1955 التالي: [وإذا اراد الرجل استغلالها من جديد استطاعت أن تكيل له الصاع صاعين فهي تستطيع أن تعمل كما يعمل وتدرس كما يدرس وتتحذلق كما يتحذلق وهي فوق ذلك تملك من سلاح العيون والنهود ما يجعله راكعاً بين يديها ينشد قصائد الحب والغرام] انتهى.

هنا يجب ان نكرر سؤال وهو: أليس التفكير الوعظي الذي حاربه وشَّنَعَ به وانتقده الوردي بشدة، نقذ الوردي من السقوط في براثن "الشهوة واللذة البريئة" في أمريكا وحافظ عليه هناك وهنا اذا كان قد تخلص منها او قفز عليها و تجاوزها؟

اليكم مقاطع أخرى من اقوال الوردي:

1ـ في ص11 مهزلة العقل البشري/1955 كتب الراحل الوردي التالي: [قلت في كتاب وعاظ السلاطين ص9: ان الانحراف الجنسي يزداد بين الناس كلما اشتدت عندهم عادة الحجاب والفصل بين الجنسين فلم يفهم إخواننا هذا القول وسخروا به وكان دليلهم في ذلك ان الانحراف الجنسي موجود في جميع البلاد شرقية وغربية وجاؤوا بأمثلة تدل على وجود الانحراف الجنسي في المجتمعات التي لا حجاب فيها وذكروا ان في معظم العواصم الاوربية نواد وجمعيات خاصة باللواطة. إن هذا الدليل الذي جاؤوا به واهٍ من أساسه وهولا يجديهم في جدلهم شيئا. فأنا لم اقل بان الانحراف الجنسي معدوم في البلاد التي لا حجاب فيها انما قلت بان نسبته تقل في تلك البلاد وهذا امر بحثه العلماء ووصلوا الى نتائج تكاد تكون قاطعة...الخ] انتهى

2ـ ص14 من نفس الكتاب كتب الوردي التالي: [وخلاصة الامر ان الانحراف الجنسي ظاهرة اجتماعية معقدة تتدخل فيها عوامل شتى وليس من السهل ان نضع لها قانونا عاما انما يصح ان نقول: ان تحجب المرأة وانفصالها عن الرجل يزيدان في نسبة انتشار هذه الظاهرة بين الناس ولست أعني بهذا ان الحجاب يخلق الانحراف او يوجده من العدم كما ظن الذين انتقدوا كتابي الأخير] انتهى

3ـ في نفس الصفحة السابقة كتب: [الانحراف او البغاء او الجريمة او ما أشبه من المشكلات لا تنشأ عن سبب واحد] انتهى

مناقشة: ابدأ من الأخير(3) فأقول الموضوع يخص الانحراف الجنسي لكن الوردي هنا خلط كل الانحرافات" جريمة، بغاء او ما اشبه لا تنشأ عن سبب واحد". الدكتور الوردي يعرف جيداً ان لا أحد قال او يقول او سيقول يوماً ان كل الانحرافات تأتي من سبب واحد. عليه فأن هذا القول يريد به الوردي تشتيت القارئ والتمويه على اعتراض من اعترض عليه.

ان الوردي في مجتمع مثل مجتمعنا لا يعتبر البغاء "انحرافاً جنسياً" ربما على أساس ان البغاء "عمل" او "مصدر رزق"...لكن بعض اللواط كذلك كما اعتقد، صحيح ان ليس له مقرات "عمل" كما البغاء... لكن اليوم أصبحت له نوادي وأماكن. وهنا أيضا يتضح ان الراحل الوردي لا يعرف المجتمع الذي يتكلم عنه وكيف ينظر الى البغاء والبغي و "القوادات والقوادين والكَحاب والكَحبجية". ربما في عرف علماء الاجتماع في الغرب كل ذلك مقبول ومبرر ومعتمد وهو وارد وربما يقدمون بناتهم وازواجهم كنماذج أو دليل على ذلك.

لكن ماذا يقول الوردي عندما يصطف مع أولئك العلماء ويكون معهم في رأيهم؟ اليس الاخلاق نسبية يا سيدي الوردي كريم الاسم والعائلة والتاريخ؟ نحن نتكلم هنا عن 1951

كتب الوردي"...ولست أعني بهذا ان الحجاب يخلق الانحراف او يوجده كما ظن الذين انتقدوا كتابي الأخير" هذا رد الوردي بعد ان وجهت اليه انتقادات على ما ورد في كتابه "كتابي الأخير" وعاظ السلاطين وبدل ان يعتذر تراه يحاول ان يسفه انتقادات البعض له وعَمِلَ على الإشارة الى قصور فهمهم لما قاله في كتابه الأخير...

الان انقل لكم ما كتبه الوردي في "كتابي الأخير" واقصد كتابه وعاظ السلاطين/1954 حيث كتب في ص8: [دأب وعاظنا على تحبيذ الحجاب وحجر المرأة فنشأ من ذلك الانحراف الجنسي في الرجل والمرأة] انتهى

لاحظوا لطفاً كلمة/مفهوم "فنشأ" وما علاقته ب "يخلق" الذي ظن الوردي ان نقاده ظنوا انه قال يخلق. انهم يا سيدي الوردي فهموا معنى ينشأ وردوا عليك وفق ذلك ولم يظنوا إنك تعني انه "يخلق"..لاحظوا الجهد الذي بذله الوردي في التصرف بين يزيد وينشأ ويخلق...وهذا دليل تحايل واعتداء على النفس والغير كما اعتقد.

ان الوعاظ لم يظنوا أن باستطاعتهم منع الانحراف بالوعظ وحده لكنهم فكروا ولمسوا ان الوعظ واحدة من عدة طرق او وسائل لمنع انتشاره وتفشيه وغايتهم حسب معرفتهم وايمانهم انهم بذلك يساهمون في التحذير من ذلك. ان الراحل الوردي يقول ان الوعاظ يحبذون أي انهم لا يجبرون ولا يأمرون وانما يُوَّعون/يرغبون / يتمنون حسب فهمهم بذلك وهذا فضلاً منهم عظيم... ثم ان الوعاظ لم يأتوا بجديد لا في وعظهم واعتماده ولا في "تحبيذهم" الحجاب انما استندوا الى نصوص مقدسة تراكمت في "قواقعهم الفكرية وثقافتهم الاجتماعية" لعشرات القرون وعشرات الأجيال فهم معذورين وليس من الحكمة التجاوز عليهم. والوردي هو من كتب التالي في كتاب خوارق اللاشعور/1952 الفصل الثالث/الإرادة والنجاح/ص128 حيث كتب التالي: [ان كلمة تكرر قولها على نفسك مرة بعدة مرة لقادرة ان تطبع في عقلك شيئا من الايمان بها قليلا او كثيرا والايمان يزلزل الجبال كما يقولون. ينتقد بعض الكتاب القران لأنه يكرر القصص وآيات الوعظ مرة بعد مرة ويذكر الله واثاره في الكون في كل صفحة من صفحاته وما درى هؤلاء المغفلون بان هذا التكرار الذي ينتقدونه هو الذي طبع في نفوس العرب ذلك الايمان العميق بالله وجعلهم يحطمون ايوان كسرى وعرش قيصر في سنوات معدودة...] انتهى

ان الوعاظ يا سيدي الوردي اهتدوا بقولك هذا وحاولوا تطبيقه والاستفادة منه في موضوع تحبيذ الحجاب متأملين ان تكرار ذلك سيفعل فعله في المجتمع وبذلك جعلوك من أولئك المغفلين الذين ما دروا ان تكرارهم المواعظ سيطبع في نفوس السامعين لهم نصوصها وبذلك انتصر الوعاظ على منتقدهم الوردي.

في كراسة /شخصية الفرد العراقي/بحث في نفسية الشعب العراقي على ضوء علم الاجتماع الحديث/1951 كتب الوردي في ص13 التالي: [ومن الملاحظ ان رجال الدين ورجال الفكر قديما أحسوا بهذه الحقيقة واعتبروا النفس الإنسانية ميدناً لنزاع مرير بين هدى الله ونزعات الشيطان، او كما قال الفلاسفة بين وحي العقل واندفاع العاطفة. اجل لقد أدرك القدماء هذه الحقيقة بشأن الشخصية لكنهم فشلوا رغم ذلك في دراسة الشخصية دراسة واقعية فقد كان دأبهم الموعظة والارشاد وان ينصحوا الانسان بان يكون عاقلاً او خيراً من غيران يقفوا لحظة يبحثون فيها عن السبب الذي جعل كثيرا من الناس منجرفين مع تيار العاطفة متنكبين عن طريق العقل او بعبارة أخر "متبعين لأوامر الشيطان تاركين أوامر الرحمن"] انتهى

واليكم ما سجله الوردي عن العقل الذي يمتدحه هنا حيث كتب في/ خوارق الا الشعور/1952 ص 32 التالي :(إني اشتهي أن أجعل هذا الكتاب الذي أقدمه بين يدي القارئ صرخة مدوية ضد هذا الدين السائد بين شبابنا المتعلم في هذه الايام والذي جعلهم يؤمنون بالعقل ويتخذون منه إلاهاً يُعبد) انتهى

ملاحظة: لاحظوا لطفاً التناقض في موضوع العقل!!!!

ثم يأتي الوردي ليدحض نفسه ويقوض كل طروحاته عندما كتب في ص15 من نفس الكتاب [فإذا رُبيَّ الانسان في مجتمع معين واقتبس منه قيمه وتقاليده فمن السخف ان نطلب منه الاصغاء الى نصائح الحكماء التي تخالف ما تعود عليه] انتهى

أقول: ان الوعاظ تربوا كما يعرف الوردي في مجتمع معين واقتبسوا منه قيمه وتقاليده فمن السخف ان يتهجم عليهم الحكيم الوردي ويطالبهم بالإصغاء الى نصائحه التي تخالف ما تعودوا عليه. والسخف الأكبر والأعظم ان يتهمهم الحكيم الوردي بأنهم يستسيغون الانحراف الجنسي وان الانحراف الجنسي يكثر في صفوفهم لسبب بسيط هو انهم تأثروا بما تربوا عليه. إذا كان انتقادهم سُخف فأن اتهامهم جريمة كان يجب ان يعاقب عليها المُتَهِمْ عقاباً شديداً قانونياً واجتماعياً.

ان "إخواننا" كما سَّماهم الوردي فهموا ما كتبه ولم يسخروا منه لأنهم ردوا عليه كما يقول وكان دليلهم علمياً اجتماعياً صحيحاً كما أتصور، لكن الوردي كعادته في اغلب ردوده على منتقديه يقوم بالتحريف بشكل يتيه على القراء البسطاء وقد اشرت الى ذلك سابقاً

انهم "إخواننا" هؤلاء لم يقولوا إِنك قلت ان الانحراف الجنسي معدوم في البلاد التي لا حجاب فيها ولا/ولن تستطيع قول ذلك...ان دليلهم غير واهي وانت لم تقل ان نسبته تقل في البلاد التي لا حجاب فيها لأنك لا تستطيع اثبات ذلك مطلقاً حتى لو استندت الى دراسات علماء الاجتماع الغربيين لأنهم اصلاً يعرفون ان مجتمعهم غير متحجب. ربما هم استندوا الى دراسات حول الجنود وابتعادهم عن الحياة الاجتماعية/انفصالهم عن النساء لفترات طويلة وهذا نسبي ايضاً.

اليكم ما كتبه الراحل الوردي في ص 8 وعاظ السلاطين ذلك الذي اعترض عليه "إخواننا" لتجدوا كيف حَّرَفَ الراحل الوردي قوله بدل ان يعترف بالخطأ...كتب التالي: [دأب وعاظنا على تحبيذ الحجاب وحجر المرأة فنشأ عن ذلك عادة الانحراف الجنسي في الرجل والمرأة فالإنسان ميال بطبيعته نحو المرأة والمرأة كذلك ميالة نحو الرجل فإذا منعنا هذه الطبيعة من الوصول الى هدفها بالطريق المستقيم لجأت اضطراراً الى السعي نحوه في طريق منحرف. ودلت القرائن على ان المجتمع الذي يشتد فيه حجاب المرأة يكثر فيه، في نفس الوقت، الانحراف الجنسي من لواط وسحاق وما اشبه"ظن وعاظنا انهم يستطيعون ان يمنعوا الانحراف الجنسي بواسطة الكلام والنصيحة وحدها. غير دارين بأن الانحراف طبيعة اجتماعية لا بد من ظهورها في كل بلد يحجب النساء فيه عن الرجال] انتهى

اقول: تجدون تحريف الوردي واضح وضوح الفرق بين: "فنشأ" و "يزداد" فالفرق كبير بين المفهومين ثم ان الوردي لم يَقُلْ ان الانحراف الجنسي يَقِل في البلاد غير المحجبة. وان قال ذلك فكيف يُثبته ووفق أي جدول او حساب اوخط بياني. والاخلاق نسبية كما يؤمن الوردي أي لا يقاس مجتمع على دراسات تمت على مجتمع اخر. ثم مَنْ هُمْ العلماء الذين بحثوا وتوصلوا الى "نتائج تكاد تكون قاطعة"؟ وان تم ذلك، كيف يعتمد باحث مثل الوردي على نتائج "تكاد تكون قاطعه" عن دراسات على مجتمع مختلف ويجعلها قاطعه في طروحاته على مجتمعه؟

اليكم ما قاله الوردي عن دراسات أولئك العلماء حيث كتب في ص314 /دراسة في طبيعة المجتمع العراقي التالي: [مهما يكن الحال فأننا ينبغي ان لا نكون مقلدين للباحثين الأجانب تقليداً اعمى، ونتبعهم في جميع ما يهتمون به او يهملونه من مواضيع. ان مجتمعنا يختلف عن مجتمعهم في كثير من النواحي. والواجب العلمي يقضي ان ندرس مجتمعنا في ضوء ظروفه الخاصة به. ربما توصلنا في دراستنا الى نتائج تختلف عما توصلوا اليه.] انتهى

لم أجد أي رأي او فرضية او "نظرية" او اقتراح او وجهة نظر طرحها الوردي فيما قرأت له لم يعتمد فيها "قال العلماء في الغرب" وقال "عالم الاجتماع المعروف" وقال "ابن خلدون" حتى انه يحشر الكثير من تلك الاقوال حشراً في غير محلها.

وهنا سؤال أعتقد انه مهم وهو: ألم ينتشر الانحراف الجنسي في البلدان غير المتحجبة /السافرة؟ او بصيغة أخرى: ماهي أسباب الانحراف الجنسي المكتسب في البلدان غير المتحجبة والتي تُراعى فيها "الشهوة" و"اللذة البريئة"؟

اما بخصوص ميل الذكر الى الانثى والانثى للذكر، فان هذا الميل لم يقتصر على الرجل والمرأة انما يشمل كل الحيوانات تقريباً وربما النباتات لا نعرف، فما الجديد في ذلك وهو معروف منذ الحيوان الأول وعرفه الانسان الأول حتى قيل ان العوائل الأولى كانت من زواج الأخ بأخته لعدم وجود نساء اخريات والرجل يميل للمرأة فلم يجد امامه غير اخته. ولا اعتقد ان هناك مَنْ مَنَعَ او يستطيع منع هذه الطبيعة من الوصول الى هدفها إذا كانت ضمن الحدود المعترف بها؟ ما هو هدف هذه الطبيعة البشرية "الميل المتبادل"؟ هل هو "الشهوة" و"اللذة البريئة" فقط؟ وما هو الطريق المستقيم هنا ومن يحدد استقامة الطريق. هل الحدود المتعارف عليها ام التفكير الوعظي وهل هناك تأثير للتفكير الوعظي على تحديد تلك الحدود؟

ثم كتب: [ظن وعاظنا انهم يستطيعون ان يمنعوا الانحراف الجنسي بواسطة الكلام والنصيحة وحدها.] انتهى

أقول: من قال ان الوعاظ ظنوا هذا الظن؟ هل ناقشتهم في ذلك؟ جوابي كلا فالراحل هو الناقد او الكاتب ربما الوحيد الهارب دائماً من النقاش وان حَظَرَ نقاشاً تَهَّرَبَ منه بالتبرم واللف والدوران وكل من قرأ للوردي لمس ذلك كثيراً. ثم ألا يمكن اعتبار تلك النصائح وذلك الكلام واحدة من الحلول التي توصل اليها الوعاظ او التي لم يفهموا غيرها فاجتهدوا ولهم الشكر على اجتهادهم وهو أحسن من السكوت او الكتابة المنعزلة ومن خلف الجدران الأربعة الصماء؟ الم يكونوا بطرحهم أحسن من الراحل الوردي الذي اكتفى بالكتابة والنشر في موضوع يخص مجتمع لا يقرأ...

الامية فيه ضربت اطنابها؟

ثم كتب: [وإني لأعترف بما اعتراني من دهشة اثناء تجوالي في بلاد الغرب المختلفة على ما رأيت هناك من عناية بأمر الطبيعة البشرية ومن مداراة لها فهم يمنحون الانسان حرية كافية يفصح فيها عن نفسه فلا يشتدون في وعظه ولا يمنعونه من اشباع شهوته وانانيته ضمن حدود معترف بها] انتهى

الراحل الوردي كتب عن مجتمع كان فيه دون ان يعيش حالة هذا المجتمع...كانت امامه فرص كثيرة اضاعها على نفسه وعلى المجتمع وبالذات بعد التغييرات الهائلة في المجتمع العراقي في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي...حيث دخلت المرأة كل مناحي الحياة وهي سافرة وغزت المصانع والمعامل والمدارس والجامعات والدوائر بالذات بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية وزج الشباب في جبهات القتال حيث هي من أدارت/ساهمت في الإنتاج في كثير من مواقع العمل...حيث اثناء الحرب العراقية الإيرانية انطلقت المرأة في العمل وسدت الفراغ الهائل الذي تركه الرجل الذي تم حشره في جبهات القتال. وكان عملهن يتطلب احياناً العمل في الوجبات الليلية ودائماً في الأعياد والعطل الرسمية "دعماً للمجهود الحربي". في تلك الفترة ارتفعت نسبة النساء الى نسبة الرجال في المجتمع وازداد عدد العوانس والارامل في مرحلة تم فيها الاستعانة بالعمالة العربية والأجنبية فصار المجتمع سافراً تحت تلك الظروف وبأمر ورغبة الحكومة كل ذلك لم يحرك الراحل الوردي لدراسة مجتمعه والمتغيرات التي تجري على سطحه وفي اعماقه واكتفى يعيد ويصقل بما انتجه غيره...

وهنا اسأل هل ارتفع الانحراف الجنسي في المجتمع الجديد "السفور" ام انخفض بسبب السفور؟ هل ارتفعت نسبة اللواط بين صفوف الجنود العراقيين في جبهات القتال المنقطعين عن الحياة الاجتماعية وبأعمار تبدأ من الثامنة عشر الى حد ما بعد الستين بالنسبة لقواطع ما سُميَّ بالجيش الشعبي؟

اعتمد الراحل الوردي على اقوال علماء الاجتماع الغربيين بهذا الخصوص وغِطائَهُمْ الفكري او قوقعتهم الفكرية ونظمهم القانونية التي تبيح وتتيح اللواط في ""كل"" وقت ومكان بعكس حالنا فلو ضُبِطَ جندي يلوط باخر تكون عقوبته الإعدام او ارساله للحجابات ليُقْتَلْ هناك. علماء الاجتماع الغربيين الذين يحاجج بأقوالهم الوردي وينهي عن اتباعهم/بحوثهم لم يدفعوا الراحل الوردي الى التفكير بمعنى الحجاب عندهم ومعناه عند عامة الناس في العراق.

وفي ص9 وعاظ السلاطين/1954 كتب الوردي ما يأتي:[ وقد عجبت حقا حين رأيت الجامعات الغربية تعني بالشهوة كل العناية فلا تستحي ولا تعظ فهي تخصص لطالباتها وطلابها أماكن للاختلاط والرقص وتساعدهم على التعرف بعضهم ببعض وتهيئ لهم اجواق الموسيقى و تشملهم جميعا بجو من المرح و اللذة البريئة و قد ابديت دهشتي هذه لاحد الأساتذة هناك فأجابني الأستاذ :"اننا اذا منعنا طلابنا و طالباتنا عن الاختلاط المكشوف لجأوا الى الاختلاط المستور بعيدا عنا في جو تملؤه الريبة و الاغراء اننا اذ نعترف بما في الطبيعة البشرية من قوى و نهيئ لها ما ينفس عنها في جو من البراءة و الطمأنينة نكون بذلك قد وقينا الانسان من مزالق الشطط و مغريات الخفاء وأنهى الأستاذ كلامه قائلاً: "عَّود ابناءك على حياة النور تنكمش فيها نزعة الظلام] انتهى

كتب في وعاظ السلاطين:

1ـ في ص8 من نفس الكتاب كتب الرحل الوردي التالي: [وإني لأعترف بما اعتراني من دهشة أثناء تجوالي في بلاد الغرب المختلفة على ما رأيت هنالك من عناية بأمر الطبيعة البشرية ومن مُدارات لها. فهم يمنحون الإنسان حرية كافية يفصح فيها عن نفسه فلا يتشددون في وعظه ولا يمنعونه من اشباع شهوته أو انانيته ضمن حدود معترف بها] انتهى.

2ـ في ص9 من كتاب وعاظ/1954 كتب الراحل الوردي التالي: [وقد عجبت حقا حين رأيت الجامعات الغربية تعني بالشهوة كل العناية فلا تستحي ولا تعظ فهي تخصص لطالباتها وطلابها أماكن للاختلاط والرقص وتساعدهم على التعرف على بعضهم ببعض وتهيئ لهم اجواق موسيقية وتشملهم جميعا بجو من المرح واللذة البريئة] انتهى [اعيد المقطعين للضرورة]

في المقطعين أعلاه يركز الراحل الوردي على "الشهوة" و"اللذة البريئة"...وهو هنا كما قلت في الجزء السابق تاه بين "عجبت" و"ابديت دهشتي" فتَيَّهَ علينا تلك الحدود التي قال عنها "حدود معترف بها"!! وتاهت علينا معاني "الشهوة"...لكن يفاجئنا بقوله"...الجامعات لا تستحي ولا تعظ"...لا اعرف ماذا يعني بكلمة/مفهوم "لا تستحي"؟ هل يعني الدكتور الوردي ان الطلاب والطالبات يحصلون على "الشهوة" وهم عُراة وامام انظار الجميع بما فيهم المسؤولين عن إدارة الجامعة؟ ولا افهم ايضاً حشره لكلمة/مفهوم "ولا تعظ"؟ هل يعني ان الجامعات وعلماء الاجتماع والسلطات لا تحذر ولا تنصح ولا تُذَّكر بالالتزام بتلك الحدود المعترف بها؟ ام ان الطلاب والطالبات "بوعيهم العالي" ينتبهون وهم في لحظة "الشهوة" الى تلك الحدود؟ أم ان تلك الحدود المعترف بها هي عبارة عن حدود مفتوحة؟ الحمد لله لم يظهر وقتها مرض الايدز.

المهم الاخر الذي طرحه الوردي بعد "الشهوة" هو "اللذة البريئة" لكنه بعكس "الشهوة" ترك عنها توضيح سطره في هامش نفس الصفحة حيث كتب التالي: [اقصد باللذة البريئة ما كان يعتبر في نظرهم، والأخلاق نسبية كما لا يخفى...فما يعدو في نظرهم بريئا قد يعتبر عندنا فسقا وفجورا. وربما تنقلب الأحوال عندنا في المستقبل فيصبح مقياسنا في شؤون الاخلاق مخالفا لمقياسنا الحاضر. لست أنكر أني قد انذهلت حين رأيت في جامعات الغرب ذلك الاختلاط العجيب بين الجنسين لأول مرة واعتبرته من قبيل الإباحية والفسق حيث كنت آنذاك تحت تأثير التفكير الوعظي الذي نشأت عليه في بيئتي الشرقية المتزمتة] انتهى

أقول: هذه "اللذة البريئة" التي كانت تشجعها الجامعة ضمن الحدود المعترف بها...وقد ربطها الوردي بالتفكير الوعظي الذي نشأ عليه ولما كان يعيب ذلك الأسلوب الوعظي ويهين الوعاظ بسبب مثل هذا الوعظ، هنا هل يمكن لي ان استنتج انه يريد ان يكون السفور/الا حجاب وفق تلك النظرة المضادة "لبيئته الشرقية المتزمتة التي كان عليها؟ وهل يمكن ان نستدل على ذلك من توقعه" ربما تنقلب الأحوال عندنا" انه يدعو اليه لتكون الحال بنفس تلك الأحوال؟ وبخلاف ذلك فهذه ال "ربما" تعني ان الوردي لا يعرف او يتجاهل مقومات الثقافة الاجتماعية في "المجتمع" العراقي وأسس بناء "القوقعة الفكرية" لا فراد ذلك "المجتمع"

((""انا هنا ومع تدقيقي بهذه العبارة وانا الذي اقترب من السبعين من العمر شطح خيالي الى هناك حيث تواردت صور في مخيلتي كيف كان عليه الوضع عند تمتعهم "الطلاب والطالبات" ب "الشهوة واللذة البريئة" فتحركت اعصابي باتجاهات كثيرة...حاولت كبحها وتمكنت بصعوبة فائقة""، فكيف كان حال الوردي وقتها وهو تحت تأثير التفكير الوعظي المتشدد. تصورته يترك تلك المراقص والساحات والاجواق الموسيقية ليختلي مع نفسه أمام المرآة ويفكر ب "الشهوة واللذة البريئة" ليستريح.

الله كان في عونه وهو الشاب القادم من بلاد مناخها "حجابها" قائض بفعل التفكير الوعظي وهو الممتلئ حيوية ونشاط.)).

اطرح هنا سؤال المقدمة: من حمى الوردي من الانزلاق في تلك الأجواء؟؟؟؟؟ألم يكن التفكير الوعظي ؟؟؟

ماذا "كان سيقول" الراحل الوردي لو ان أحد زملاءه نشر كتاب يتطرق لتلك "الشهوة واللذة البريئة" وأشار/ذكر فيه ان الراحل الوردي اندفع مع ذلك الانفتاح والسفور وشارك في تلك "الشهوة واللذة البريئة" لوان التفكير الوعظي الذي استنكره الوردي لم يحميه ويدفعه الى احترام تلك الثقافة الاجتماعية المتشددة التي جاء منها؟ اجزم أن الوردي لم يفكر بهذا السؤال/الاستفسار مطلقاً عندما كتب هذا المقطع ولم يتوقع سماعه مطلقاً ولو كان غير ذلك لما تطرق لهذا الموضوع بتلك الصيغة وربط بينه وبين الحجاب والتفكير الوعظي الذي ذمه. كان على الوردي ان يُثني ويشكر الوعاظ الذين صَّدَعوا تفكيره بتلك النصائح التي حمته من الانزلاق وإلا لكان الوردي على كل لسان وحديث كل مجلس.

ان الوردي لم يكن دقيقاً كما أتصور في طرحه لهذه المسألة المهمة والحساسة والتي مست كل "المجتمع العراقي" ويمكن ان يفسر موضوع الطريق المستقيم والطريق المنحرف بأنه دعوة الى الفساد والإفساد لأن السؤال هنا هو: ما هو الطريق المستقيم الذي يريده الوردي غير طريق الزواج؟

في ص7 وعاظ السلاطين/1954 كتب الوردي التالي:[و مما يجدر ذكره في هذه المناسبة قصة ذلك الازهري المتزمت الذي سافر الى فرنسا... برفقة البعثة التي أرسلها محمد علي الى هناك عام 1826...يقول هذا الازهري في مذكراته التي كتبها حول هذه السفرة انه اندهش جدا حين رأى سفور المرأة الفرنسية و تبرجها و اختلاطها بالرجل فهو يعيب ذلك الامر و يعتبره من الفواحش و البدع و لكنه يعطف بعد ذلك فيذكر من محاسن الفرنسيين انهم لا يميلون الى اللواط او التعشق بالصبيان فهو يقول عنهم ما نصه:{عدم ميلهم للأحداث و التشبيب بهم فهذا امره منسي الذكر عندهم فمن محاسن لسانهم و اشعارهم انها تأبى تغزل الجنس في جنسه فلا يحسن في اللغة الفرنساوية قول الرجل عشقت غلاما فان هذا الكلام المنبوذ. لقد مدح هذا الازهري الفرنسيين لكونهم لا يعشقون الصبيان وذم نسائهم على سفورهن واختلاطهن بالرجل وما درى انهما امران متلازمان فلا يوجد أحدهما الا حيث يوجد الاخر} انتهى

أقول: يجب ان يعرف الوردي ان هذا الازهري ذهب "بقوقعته الفكرية وثقافته الاجتماعية" وذلك التفكير الوعظي الى فرنسا كما ذهب الوردي الى الولايات المتحدة الامريكية. وقال مثل ما قال الوردي لكنه زاد على الوردي في انه تطرق الى "عدم ميلهم للأحداث والتشبيب بهم" فهل الوردي تعمد عدم ذكر ذلك حيث لم يخبرنا عنه في تلك الجامعات أوالمجتمعات الغربية التي زارها؟

ذهب ذلك الازهري وهو يحمل "اطاره الفكري" الذي يقول بأن تلك المجتمعات إباحية لذلك شاهد السطح الذي أمامه ولو جاء هذا الازهري الى بغداد وقت الوردي لرفض ما كتبه الوردي عن اللواط والانحراف الجنسي لأن اطاره الفكري يحمل قيم" عبد القادر الكَيلاني "و"أبو حنيفة" "والخليفة علي ابن ابي طالب وأولاده" .إذا كان هذا الازهري نقل ما وقعت عليه عينيه فلا يجب ان يعتمد ذلك باحث في المجتمع مثل الوردي ويستشهد به...أن هذا الازهري شاهد سفور المرأة لأن غايته كانت تلك وهو يعرف تأثير ذلك على مجتمعه ولم يشاهد اللواط لأنه لم يبحث عنه ولو بحث عنه لوجده في الغرفة المجاورة لسكنه وفي المقهى الذي تردد عليه وفي الساحات والمتنزهات...

ما نلمسه و نعيشه في فرنسا اليوم من علاقات الذكر بالذكر "اللواط والمثلية الجنسية "و الحمل من غير زواج و العيش العائلي من دون زواج لم يأتي للمجتمع الفرنسي لأن هناك حجاب و انما كان و سيبقى المجتمع الفرنسي على ثقافته الاجتماعية ومع هذا السفور الخليع جداً في المجتمع نجد ان اللواط والمثلية وصلت لتحصل على حق رسمي بالزواج من نفس الجنس وهذا لم يأتي الا من جذور عميقة له لا علاقة لها بالحجاب او فصل المرأة عن الرجل... وقد يقول قائل انه انحراف طبيعي أقول: ان كان انحراف طبيعي فلن يكون بهذه النسبة وان كان مكتسب فلاكتساب جاء في وقت التعري وليس السفور فقط وهذا يعارض رأي الوردي ومذكرات الازهري.

كتب الوردي في ص9 وعاظ السلاطين/1954: [حدث لي ذات مرة في بدء دخولي الحياة الامريكية ان حييت فتاة من فتيات صفي الحسان فردت لي التحية بغمزة من عينها وغمزة المرأة في أمريكا لا تعني غير اللطف وحسن المجاملة اما انا فقد فسرت تلك الغمزة تفسيرا شرقيا خبيثا وبقيت طوال يومي انظر وجهي في المرآة واضرب اخماس بأسداس ان ما نشأت عليه في بيئتي الشرقية المتزمتة من وقار مصطنع جعلني أحس لدى تلك الغمزة البريئة بهمسة من همسات الشيطان ومن السهل ان يغري الشيطان انسانا اعتاد على الوقار المصطنع والتزمت الشديد] انتهى

أقول: تفسير حيرة الوردي ووقوفه امام المرآة وضربه أخماس بأسداس يشير الى شيء...ربما هو ان الوردي لعن الشيطان لحظتها وشكر الوعاظ على النعمة التي غرسوها فيه...والله ورسوله اعلم.

اليكم عن رأي الوردي في الوعظ والوعاظ لتتبينوا القلق الذي عاشه الراحل الوردي والذي به نسف كل كتابه: وعاظ السلاطين: في ص128/خوارق اللاشعور/فصل3/الإدارة و النجاح كتب التالي: [ان كلمة تكرر قولها على نفسك مرة بعد مرة لقادرة ان تطبع في عقلك شيئا من الايمان بها قليلا او كثيرا والايمان يزلزل الجبال كما يقولون. ينتقد بعض الكتاب القران لأنه يكرر القصص وآيات الوعظ مرة بعد مرة ويذكر الله واثاره في الكون في كل صفحة من صفحاته وما درى هؤلاء المغفلون بان هذا التكرار الذي ينتقدونه هو الذي طبع في نفوس العرب ذلك الايمان العميق بالله وجعلهم يحطمون ايوان كسرى وعرش قيصر في سنوات معدودة...الخ] انتهى ""مكرر""

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

729 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع