سحبان فيصل محجوب*
إنذار مبكر
قبل أيام مضت ورد تصريح إعلامي جرى الاعلان فيه عن كمية الطاقة الكهربائية المطلوبة في العراق لتغطية الطلب عليها والبالغ قيمتها واحد وثلاثين الف ميكاواط مقابل قيمة انتاج قدره أربعة وعشرين الف من وحدات القياس ( ميكاواط) وهو ما سيتم تأمينه في صيف ٢٠٢٣ م….ما تضمنه نص هذا التصريح يثير العديد من الاستفهامات والتي تبدأ بالأداة ( هل ) ، دعونا نتناول البعض منها :
* هل وضعت القيم المخمنة لكمية الانتاج خارج إحتمالات الانحراف السالب أم جرى وضعها في منحنى المسار الحرج المعتمد في رسم الخطط المستقبلية بنحو سليم ؟
* هل تم الإعتماد في حساب قيمة الطلب المستقبلي للأحمال الكهربائية على وفق النتائج الخاصة باجراء تجارب الفحص الشامل في تجهيز التيار الكهربائي المستمر ؟ أم جرى ذلك بالاعتماد على دراسة منحنيات الأحمال لفترات زمنية سابقة وكم هي نسبة النمو السنوية المعتمدة ؟
* هل تم الأخذ بعين الاعتبار لدى إجراء عملية حساب الطاقة المنتجة كميات الطاقة المستوردة ( الجاهزة) من دول الجوار وكذلك التي يعتمد في انتاجها وطنيًا على الوقود اللازم المورد من إيران ؟
* هل تم حسم قيمة الضياعات ( الفنية و الادارية) من كمية الطاقة المنتجة وعلى اية مقاييس تم تحديدها ؟
* هل هناك من ضمانات مؤكدة على استمرار تدفق الغاز الايراني المستورد لتشغيل محطات الانتاج في منظومة الكهرباء الوطنية لكي يتم توفير ما قيمته الثلث من الانتاج المتوقع ؟
* هل باستطاعة شبكات النقل والتحويل إستيعاب تدفق الطاقة اليها في حالة زيادة الانتاج والطلب وتجاوز القيم المتوقعة لها ؟
ومن هنا و على الرغم من ضرورة استدراج الاجابات الواضحة على هذه التساؤلات وغيرها بهدف الاستدلال على مدى دقة البيانات التي تناولها هذا التصريح الاعلامي فاننا ومن باب الافتراض بأن ما ورد من تخمينات سوف تكون قريبة الى الواقع مع حلول الصيف العراقي القادم فأن ذلك يشير الى إستمرار حالة التردي في خدمة تجهيز الطاقة الكهربائية التي عانى منها المواطن العراقي منذ عقدين من الزمان تقريباً ،لذا دعونا نطلق صافرات الانذار من الآن فلا تزال الفجوة قائمة بين كمية الطاقة الكهربائية المطلوبة وكمية الطاقة المتاحة المتوقع توفيرها مع إحتمال الزيادة في مساحة هذه الفجوة نتيجة للانحرافات الفنية المعروفة والتي سوف تقلص من القدرات الانتاجية للمحطات العاملة في المنظومة الوطنية أو حدوث النقص في كميات الوقود والطاقة المستوردة أو غيابها لأسباب سياسية أو تجارية متوقعة ، فمن أجل تجاوز هذه التوقعات المحبطة وتداعياتها وفي إطار البحث عن مسارات الخروج من دوامة التقهقر المستمر في نوعية خدمة الكهرباء المقدمة فإن التوجه الى تنفيذ الاجراءات الاستثنائية لانتشال واقعها المتردي والعمل بعيدا ً عن السياقات الروتينية في جوانب إدارة قطاع الكهرباء والقطاعات ذات الصلة فهذا التوجه لا بديل عنه الآن وقبل فوات الاوان ، أما عن تطبيقه بفاعلية ونجاح فهو بحاجة الى إرادة وطنية مستقلة بإمتياز تردع التدخلات المشبوهة التي تعرقل حركة التغيير والبناء .
* مهندس استشاري
735 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع