عمّــار وهبي
(مخدّتي)
مخدتي .. مخدتي الأولى .. كم أحنُّ اليها .. وكم احتاج اليها اليوم .. كانت تمسح دموعي وكلّ همومي .. وتشاركني ضحكي وفرحي .. لذا كنت أحملها دوما أينما أسافر .. وحتى في ترحالي بين غرف بيتنا .. مخدّتي شاركتني حتى أحلامي الصغيرة .. كبرت عليها .. وقضيت صباي أضع عليها رأسي فأنام بأسترخاء تام .. حملني أبي وحملتني أمي اليها حين أنام بعيدا عنها في زوايا البيت .. وما البث أن أعود الى نومي هادئا .. مخدّتي كفكفت دموع عيني حين أبكي ختلاً .. حينما أحببت أول مرّة .. وعندما لاتبادلني هي مشاعري .. وحيثما هي تتركني .. وإذ لا القاها يومها .. ولكنّي أعود الى نومي بهدوء بعدها .. مخدّتي .. شاركتني قلقي وخوفي ليلة أمتحان المدرسة .. شكيت لها صعوبة الدرس وقسوة معلمتي .. بكيت بين طيّاتها حين كان يوّبخني أبي رحمه الله .. ولكن!! بعد قليل تكفكف دموعي وتهدّئ خاطري .. فلا ألبث أن أعود الى نومي .. يومها صارحتها بأحلام المستقبل .. كانت تسمع بل تحسّ بي فعندما أنام ورأسي عليها .. تصبح كشاشة السينما تستعرض افكاري في أجمل حلم .. وكانت تتحمّل احتضاني لها بقوّة شدّي لها وقت أفراحي ونجاحي وصولاً الى الرقص معها .. لم تضنك مخدتي ولم أبدّلها .. بل أنا كبرت وهرمت وتركت خلفي كلّ أشيائي ومخدّتي الأولى .. فما بال مخدّتي اليوم ؟!! .. لا أنام عليها براحة وسكينة .. أستيقظ عدة مرّات في الليل الطويل ولاتبالي بي .. ولاتسكّن آلامي وتحسّ بأفكاري .. شكوت لها همومي .. فأصبحت لاتكترث ولايغور رأسي بين طيّاتها بهدوء ومرتاح البال .. شكوتها الى أهلي وصحبي .. نصحوني بأن أستبدلها .. إنّها مخدّة مضنكة .. وأفضل المخدّات .. أغلاها .. صدقت أمرهم وأنفقت مئات الدولارات على مخدّات .. والحال نفس الحال .. لايهدا نومي .. وصحب آخر .. نصحني بأن أبخس المخدّات ثمناً هي أفضلها .. ومرّة أخرى صدقت أمرهم .. وعاد فشلي والحال نفس الحال .. أصبحت أملك تلّا من المخدّات .. ريش وقطن وبولستر وجل ووو .. فماذا حصل؟!! ولا واحدة اليوم تتحمّل رأسي المحمّل بالتفكير والقلق …. والمستقبل!! .. فهل مشكلتي مخدّتي أم بريئة كلّ المخدّات بل رأسنا المحمّل بدوّامات التفكير والهموم ؟!
(الصورة المرفقة لـ مخدّه عمل فني من البرونز تحت عنوان "قلب على مخدّه" عمل الصديق والفنان الرائع احمد البحراني)
1271 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع