مباحث في االلغة والأدب/١٣

                                                     

                            ضحى عبد الرحمن
                              كاتبة عراقية

مباحث في االلغة والأدب/١٣

    


أمثال في اشعار

خلد بعض الشعراء الأمثال المتداولة في أشعارهم، واحيانا أتخذ مما جاء في الأشعار كحكم وكلمات مأثورة يرددها الناس، مثل قول المتنبي:
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم يا أمة ضحكم من جهلها الأمم
وقوله:
لقد أسمعت لو ناديت حيـًا ولكن لا حياة لمـن تنادي
ولو نارٌ نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في الرماد (ديوان المتنبي)

من أبرز الأمثال:

إيَّاكَ أعنِي واسْمَعِي يَا جارَه
ـ قال الشاعر:
يَا مَن أحبُّ ولا أسمِّيَ باسمِهَا ... إيَّاكَ أعنِي واسْمَعِي يَا جارَه
(الدر الفريد11/298) . (البصائر والذخائر6/ 108).

الرَّجُلُ المُعَلّمُ غَيرَهُ
ـ قال أبو بكرٍ العَرزميُّ:
يَا أَيّها الرَّجُلُ المُعَلّمُ غَيرَهُ ... هَلَّا يَكُونُ لنَفسِكَ التَّعليمُ
ابدأ بِنَفُسِّكَ فانههَا عن غَيِّها ... فَانِ انتَهت عنهُ فَأنَت حَكِيم
تَصِف الدواءَ لذِي السَّقَام مِنَ الضَّنَا ... كَيما يَصحَّ بهِ وَأنتَ سَقِيمُ
مَا زِلتَ تلقح بالرشاد عقولنَا وصفه ... وَانتَ مِنَ الرشادِ عَديم
لَا تنهَ عَن خلقٍ وتَأتي مثلَه ... عَارٌ عليك إِذَا فَعلتَ عَظِيمُ
(البصائر والذخائر5/131). الدر الفريد11/263). (ديوان أبي الأسود الدؤلي/231).

لا تنهَ عنْ خلقٍ وتأتيَ مثلهُ
ـ ذكر ابو علي القيسي" هذا البيت، للمتوكل بن عبد الله بن نهشل بن مسافع، من شعراء الإسلام. وهو من أهل الكوفة، كان في عصر معاوية، وابنه يزيد، ومدحهما، ونسب إلى الأخطل، ويروى لأبي الأسود الدؤلي.
لا تنهَ عنْ خلقٍ وتأتيَ مثلهُ ... عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ
وللمتوكل نسبه أبو الفرج الأصبهاني، وذكر أنه اجتمع مع الأخطل
بالكوفة. فقال له المتوكل: أنشدنا يا أبا مالك. فوالله لا تنشدني قصيدة إلا أنشدتك مثلها أو أشعر منها، من شعري.
قال: ومن أنت؟.
قال: أنا المتوكل.
قال: ويحك! أنشدني من شعرك، فأنشده:
للغانياتِ بذي المجازِ رسومُ ... فببطنِ مكَّةَ عهدهنَّ قديمُ
فبمنحر البدنِ المقلَّدِ منْ منًى ... حللٌ تلوحُ كأنَّهنَّ نجومُ
حتى انتهى إلى قوله:
لا تنهَ عنْ خلقٍ وتأتيَ مثلهُ ... عارٌ عليكَ إذا فعلتَ عظيمُ
فقال له الأخطل: ويحك يا متوكل! لو صب الخمر في جوفك، كنت أشعر الناس.
ورأيت لمن يرويه، للأخطل، أو لأبي الأسود:
وإذا جريتَ معَ السَّفيهِ كما جرى ... فكلاكما في جريهِ مذمومُ
وإذا عتبتَ على السَّفيهِ ولمتهُ ... في مثلِ ما تأتي فأنتَ ملومُ
(ايضاح شواهد الايضاح1/349).

مَن لَسَعَتهُ حَيَّةٌ مَرَّةً
ـ قال أبُو الشَّمَقْمق:
يُوَقَّرُ المَرْءُ عَلَى عَقْلِهِ ... وَالأَدَبُ الصَّالِحُ بِالعَقْلِ
مَن لَسَعَتهُ حَيَّةٌ مَرَّةً ... تَرَاهُ مَذعُورًا مِنَ الحَبلِ
(السحر الحلال/95). (جواهر الأدب2/ 427). (الدر الفريد/366).

الماءُ، وَالْخُضْرَةُ، وَالْوَجْهُ الْحَسَنُ
روى الخرائطي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله (ص) : ثَلاثٌ يُجْلِيْنَ الْبَصَر؛ الماءُ، وَالْخُضْرَةُ، وَالْوَجْهُ الْحَسَنُ" (اعتلال القلوب/337). وروى أبو نعيم في "الطب" عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله (ص) ثَلاثٌ يُجْلِيْنَ الْبَصَرَ؛ النَّظَرُ إِلَىْ الْمَاءِ الْجَارِيْ، وَالنَّظَرُ إِلَىْ الْخُضْرَةِ، وَالنَّظَرُ إِلَىْ الْوَجْهِ الْحَسَنِ". (المقاصد الحسنة للسخاوي/275).
ويروى" ثلاثة تجلو البصر : الخضرة والماء الجاري ، والوجه الحسن.
ونظم ذلك أحد الشعراء:
ثلاثة تجلو عن القلب الحزن الماء والخضرة والوجه الحسن

مَن يَحفرِ البِئرَ لأَصحَابهِ
ـ قال أبُو الشَّمَقْمق:
مَن يَحفرِ البِئرَ لأَصحَابهِ ... يَكُن هُو الوَاقِعُ فِي البئرِ
وذكر المستعصمي" قِيْلَ لأَعْرَابِيٍّ: مَاتَ فُلَانٌ الحَفَّارُ فَقَالَ: لَا خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ يَحْفُرِ حُفْرَةَ السّوْءِ يَقَعُ فِيْهَا". (الدر الفريد/390).
قال أَبُو الشَّمَقْمَقِ أيضا:
لَيْسَ الَّذِي تَعْرِفُهُ بِالخَنَا ... مِثْلُ الَّذِي تَعْرِفُهُ بِالخَيْرِ
مَنْ يَحْفِرِ البِئْرَ لأَصْحَابِهِ ... يَكُنْ هُوَ الوَاقِعُ فِي البِئْرِ (الدر الفريد10/450).

وكل الذي فوق التراب تراب
ـ قال المتنبي يمدح كافور:
ان مديح الناس حق وباطل ... ومدحك حق ليس فيه كذاب
إذا نلت منك الود فالمال هين ... وكل الذي فوق التراب تراب
ليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
ان صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب ( نزهة الأبصار/35)
اذا كنت لا تستحي فأفعل ما تشاء
كما قال الحماسي:
إذا لم تخش عاقبة الليالي ... ولم تستحي فاصنع ما تشاءُ
فلا والله ما في العيش خيرٌ ... ولا الدنيا إذا ذهبَ الحياءُ (زهر الأكم في الأمثال والحكم1/74)
قال أبو دلف العجلي:
إذا لم تصن عرضاً ولم تخش خالقاً ... وتستحي مخلوفاً فما شئت فاصنعِ (زهر الأكم في الأمثال والحكم1/75).

لَقَدْ ذلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيهِ الثَّعَالِبُ
قال الميداني" قيل: أصله أن رجلا من العرب كان يعبد صنما، فنظر يوماً إلى ثعلب جاء حتى بَالَ عليه، فَقَال:
أرْبٌّ يَبُولُ الثُّعْلُبَانُ برَأسِهِ لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْ عَلَيهِ الثَّعَالِبُ (مجمع الأمثال2/181)

قَوْلهم هَلُمَّ جرا
قال ابو هلال العسكري مَعْنَاهُ سِيرُوا على هينَتكُمْ وَلَا تشقوا على أَنفسكُم وركابكم
وأصل الْجَرّ أَن تتْرك الْإِبِل وَالْغنم ترعى وتسير قَالَ الراجز
قد طَال مَا جررتكن جرا ... حَتَّى نوى الأعجف واستمرا
فاليوم لَا ألو الركاب شرا (جمهرة الامثال2/355).

قولهم حَكَمَ اللهُ بَيْنَنا
قال الأصمعي: أصل الحُكومة ردُّ الرجل عن الظلم، ومنه سُميت حَكَمة اللِّجام لأنها تردُّ الدابة. ومنه قول لَبيد:
أَحْكَم الجِنْثِيَّ عن عَوْراتِها ... كُلُّ حِرْباءٍ إذا أُكْرِهَ صَلّْ
يصف درعاً. والجنثيّ: السيف. أي ردّ السيف عن عورات الدرع، وهي فُرَجُها والخللُ الذي فيها. كل حرباء: أراد المسمار الذي تُسمَّر به الحَلَقُ". (الفاخر/139).

ضرب أخماسا لأسداس
قال ابو القاسم الزجاجي" خبرنا ابن شقبر قال قال حدثنا ثعلب عن ابن الأعرابي قال: تقول العرب لكل من قاتل: ضرب أخماسا لأسداس، وأصل ذلك أن رجلا كان له بنون يرعون مالا له، وكان لهم نساء فكانوا يقولون لأبيهم أنا نرعى سدسا فيرعون خمسا ويسرقون يوما يأتون فيه نساءهم، وكذلك كانوا يقولون في الخمس في الخمس فيرعون ربعا ويسرقون يوما، ففطن له فقال الوافي وذلك ضرب أخماس أريدت لأسداس عسى ألاّ تكونا فنقل هذا البيت الكميت في قصيدته لأنه صار مثلا سائرا فقال: وذلك ضرب أخماس البيت وأنشد ابن الأعرابي في مثله البسيط:
والله والله لولا إنني فرق ... من الأمير لعاتبت ابن نبراس
في موعد قاله لي ثم أخلفه ... غدا غدا ضرب أخماس لأسداس
حتى إذا نحن ألجأنا مواعده ... إلى الحقائق في رفق وايناس
أبدت مخيلته عن لا فقلت له ... لوما بدأت بها ما كان من باس
وليس يرجع في لا بعدما سلفت ... منه نعم طائعا حر من الناس (أخبار الزجاج/40).

اصل: نار على علم
قيل: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحسن قول الخنساء في صخر أخيها:
لا بدّ من ميتة في صرفها غير ... والدهر من شأنه حول وإضرار
وإن صخراً لتأتم الهداة به ... كأنه علم في رأسه نار (المحاسن والأضداد/171)

اراهم في حيص بيص
قال ابن سيده" قال أَبُو عبيد: وقَع القومُ فِي حيْصَ بيْصَ - أَي فِي اختِلاط من أمْر لَا مخرَج لَهُم مِنْهُ أنْشد: قد كُنت خرّاجاً وَلوجاً صيْرفاً لم تلْتَحِصْني حيْصَ بيْصَ لحاصِ لَحاصِ على مخْرَج حَذامِ وقَطام وَنصب حيْصَ بيْصَ على كل حَال يذهَب إِلَى الْبناء. ابْن السّكيت: قَوْله لَحاصِ أَي لم يلْحَصْ فِي شرّ أَي لم يَنشَب فِيهِ وَمِنْه قيل الْتَحَصتْ عينه وَالْأَصْل بطن الضّبّ يُبْعَج فيخرَج مكْنُه وَمَا كَانَ فِيهِ ثمَّ يُحاص. ابْن دُرَيْد: حيْصَ بيصَ وحيصِ بيصِ وحيصٍ بيصٍ وحِيصَ بِيصَ وحِيصِ بيصِ. قَالَ أَبُو عَليّ: حَيصَ اسمٌ سمّي بِهِ الْفِعْل وَقد جَاءَ من هَذَا الضَّرْب مَا يُشْتَق كرُوَيد. قَالَ: وَمَعْنَاهُ اجْهَدْ أَن تَحيصَ عني - أَي تَعدِل فَأَما بَيصَ فَجَائِز أَن يكون إتباعاً لحَيْص وَيجوز أَن يكون من البَوْص الَّذِي هُوَ الفَوْت". (المخصص3/363).
قال العاملي" يحكى أن الحيص بيص الشاعر قتل جرو كلبة، فأخذ بعض الشعراء كلبة وعلق على رقبتها رقعة وأطلقها عند باب الوزير فأخذت الرقعة وإذا فيها مكتوب:
يا أهل بغداد إن الحيص بيص أتى ... بجرأة ألبسته العار في البلد
أبدى شجاعته بالليل مجترياً ... على جريٍّ ضعيف العطش والجلد
فأنشدت أمه من بعدما احتسبت ... دم الأبيلق عند الواحد الصمد
أقول للنفس تأسياً وتعرية ... إحدى يدي أصابتني ولم ترد
كلاهما خلف من بعد صاحبه ... هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي (الكشكول2/81).
وقال ابن خالويه النحوي: من كلام العرب الذي غلب فيه المؤنث على المذكر: تقول صمت عشرا، ولا تقل عشرة، مع أن الصوم لا يكون إلا بالنهار وكذا تقول: سرت عشرا، لا عشرة. . والنفس مؤنثة. وتقول ثلاثة أنفس على لفظ الرجال، ولا يقال ثلاث أنفس(الكشكول2/253)
قال الشاعر:
وقالوا في العزوبة ألف هــــم فقلت لهم وفي التزويج أيضا
فذا في حيص بيص بغير أهل وذا في أهله في حيص بيصا (الكشكول2/262).

قولهم صَاحَتْ عَصافِيرُ بَطْنِه
إذا جاع. قال الأصمعي: العصافير الأمعاء. وقال أبو عمرو: العصافير ما اضطرب عند الجوع والفزع مثل الأمعاء والأحشاء والقلب وما أشبهها. وقال مُثقّب العبدي:
فَنُخِبَ القَلْبُ ومارَتْ بِه ... مَوْر عَصافِير حَشَى المُرْعَدِ
مارت به أي اضطربت به، يعني أذنه. يقول سمعت حِساً اضطربت منه. (الفاخر/130). عصافير بطني كامت تزقزق

أقبض من طيز دبش
قال ابن دريد" دبش: أَرض مدبوشة إِذا أكل الدبا وَالْجَرَاد نبتها. قَالَ الراجز:
جَاءُوا بأخراهم على خنشوش
فِي مهوأن بالدبا مدبوش ". (جمهرة اللغة1/298)

هاك سن الزمال وانطينا سن الغزال
قال الابشيهي" أما رمي السن، فكانوا يزعمون أن الغلام إذا ثغر، فرمى سنه في عين الشمس بسبابته وإبهامه، وقال: أبدليني بأحسن منها، فإنه يأمن من على أسنانه العوج والفلج قلبه". (المستطرف/331).
وقالوا للغلام إذا سقط سنّه فحذفها نحو عين الشمس، وقال أبدليني خيرا منها عادت، لذلك قال طرفة:
بدلته الشمس من منبتها ... بردا أبيض مصقول الأثر ". (محاضرات الأدباء1/194).
قال ابن شبرمة" سألت الشعبيَّ عن معنى هذا البيت " من الرمل ":
بدَّلته الشمسُ من منبتهِ ... بَرداَ أبيض مصقول الأُشرْ
فلم يكن عنده جوابٌ. وقيل: إنه كان الصبيُّ في الجاهلية إذا أتغر استقبل بسنه عين الشمس، فحذفها وقال: أبدليني خيراً منها".(نور القبس/89).
قال الخالديان" روي عن الشعبي أنَّه كان يسأل جلساءه عن معنى هذا البيت لطرفة بن العبد:
وإذا تضحك تُبدي حَبباً عن شتيتٍ كأقاحي الرَّمل حُرْ
بدَّلته الشَّمـسُ من منبِته بَرَدا أبيضَ مصقولَ الأشُرْ
فلا يجيبون، ثمَّ فسَّره لهم فقال: كان الغلام أو الجارية من غلمان العرب، إذا سقطت سنُّه، يقف بحذاء الشَّمس فيحذفُ بها ثمَّ يقول يخاطب الشَّمس: أبدليني بها سنّاً أحسن منها، فهذا معنى قول طرفة بن العبد الَّذي ذكرنا". (حماسة الخالدين/51).
قال ابن دريد" الغَزالة: الشَّمْس عِنْد طُلُوعهَا، يُقَال: طلعت الغَزالةُ، وَلَا يُقَال: غَابَتْ الغَزالةُ، قَالَ الْأَصْمَعِي: لَيْسَ الغَزالة الشَّمْس بِعَينهَا، وَلَكِن الغَزالة: وَقت طُلُوع الشَّمْس، واحتجّ بقول ذِي الرمَة:
وأشرفَتِ الغَزالةَ رأسَ حُزْوَى ... أراعيهم وَمَا أُغني قِبالا
". (جمهرة اللغة2/819).

لاحظت برجيلها ولا خذت سيد علي
من طريف ما ذكره قال الانطاكي" أن رجلاً علق جارية نصرانية وأخذ هواها منه حتى أزال عقله فحمل إلى البيمارستان فأقام به مدة، وكان له صديق يتعاهده فقال له يوماً وقد أشرف على التلف قد أيست من ملاقاة فلانة في الدنيا، وأخاف أن لا ألقاه في الآخرة إن مت مسلماً. ثم تنصر ومات فخرج من عنده فوجدها عليلة، وهي تقول قد أيست من فلان في الدنيا فأنا أسلم لألقاه في الآخرة، ثم أسلمت وماتت".( تزيين الأسواق/88).

ضحى عبد الرحمن
العراق
ايلول 2022

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

924 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع