زيد الحلي
" ابن خلدون" في ضيافة بيت الياسري الثقافي
اعترف ان اشتراكي في عدد من مجاميع " الواتسب " او ما يسمى بالكروبات ، اخذ من وقتي الكثير ، وأثر عليّ في مجال القراءة والكتابة التي هي مساحة عملي ، ومكان رزقي الوحيد ، لكن بعد مرور الوقت على تلك المشاركة ، استطعت ان اميز بين " كروب" ينتمي الى واحة الثقافة وامتزاج الحوار ، واستنهاض روح المبادرة المجتمعية ، وبين " كروب" يعني بالسجالات العادية التي تعتمد على الاخبار الشخصية ، و اجترار ما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي على طريقة ( في الإعادة .. افادة ) !..
وفي الامس ، انجذبتُ بشكل عجيب الى بصمة صوتية كانت عبارة عن محاضرة ، رصينة ، عميقة المحتوى في كروب " بيت شمران الياسري الثقافي" الذي يقوده الاستاذ إحسان الياسري ، استمرت مدة غير قصيرة ، كان فحواها ( مقدمة ابن خلدون ) قدمها الاستاذ كاظم الحسيني ، وادارها بذكاء صديقي القديم د. ماهر الخليلي .. كانت محاضرة ، ربما يكون وصفها بالمهمة ، قليلة بحقها ، فقد بذل الاستاذ الحسيني جهدا واضحا في الالمام بهذه المقدمة التي هي واحدة من المآثر الثقافية والاجتماعية ، وبقيت صامدة منذ سنة 1377 ميلادية وحتى اليوم ، واظن انها ستبقى محل دراسات وبحوث في قابل السنين .
ومعروف ان ( مقدمة ابن خلدون ) هي مقدمة لكتاب ضخم انجزه ابن خلدون ، واسماه " كتاب العبر" لكن اعتبرت المقدمة لاحقًا مؤلفًا منفصلًا ذا طابع موسوعي إذ تناول فيه ابن خلدون جميع ميادين المعرفة من الشريعة والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد والعمران والاجتماع والسياسة والطب ، كما تناول فيه أحوال البشر واختلافات طبائعهم والبيئة وأثرها في الإنسان.
وابن خلدون هو عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي، وهو مؤرخ عربي تونسي المولد ، وشخصيا زرتُ قبره في منطقة "باب النصر" شمال العاصمة المصرية القاهرة في العام 1978 ضمن وفد صحفي عراقي رأسه المرحوم سعد قاسم حمودي ، وما لفت انتباهي اثناء تلك الزيارة وجود مجموعة من طلبة الاجتماع في عدد من الجامعات المصرية والعربية ، وهم ملتفون حول القبر ، ويتناقشون بما طرحه " ابن خلدون" في مقدمته التي علت على اصل كتابه ( العبر).
الذي ابتغيه من هذه السطور ، هو ان تتجه مجاميع "الواتسب" المنتشرة حاليا الى اغناء وتنوير اعضاءها بالتاريخ الثقافي والعلمي عراقيا وعربيا وانسانيا عبر ممارسات وندوات ذات بصمات صوتيه ، لخلق روح النقاش الموضوعي ، مثلما لاحظته في هذا الكروب الذي اتحدث عنه .
إنّ الثقافة وتعزيزها هي إحدى مقتضيات حقوق الإنسان ، ولكل إنسان الحق في الانتفاع بالثقافة والتراث الانساني والمشاركة فيها والاستمتاع بها. فالحوار المنفتح بين الثقافات، أساسياً لصون وتعزيز المهارات الإبداعية وتشجيع التعددية الثقافية ، وكلي امل ان يستمر هذا الكروب بهذا المسعى ، وهذه المحاضرات ، ليكون مثالا يحتذى به ..
شكرا لبيت شمران الياسري الثقافي ، مع تحياتي لمؤسسه وكافة متابعيه .
2177 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع