احمد الكناني
اليقين بالله و العشق الحسيني
استيقظت السيدة ( ام حسين ) لتشد رحالها الى أبي الشــهداء. أعدّت الفطور ونادت: زينب . حنين . سكينة . هيا ﻻ نريد التأخر عن قافلة منطقتنا.
استيقظت الأخت الكبرى وهيّأت نفسها مع أختيها سكينة وحنين وخرجن مع والدتهن وهن بكامل الاحتشام والهيبة وبدأنَ السّير.
منهن من تقرأ زيارة وأخرى انشغلت باستماع القرآن.
ونادتهم ام عبد الله : كيف حالك ام حسين عظم الله اجوركم جيد اننا خرجنا في نفس اليوم لأداء الزيارة ولكن لا أرى ( حسين ) معك ! لماذا لم يأتِ معكم ؟ اريد ان ادفعه لكي أُستثاب أكثر ،، ( حسين الشاب الذي ملأ الإيمان قلبه و أنارت حياته أنوار الحسين ولكنه مصاب بالشلل )
أجابت أم حسين : آه يا اختي .. أبى حسين ان يأتي هذه السنه معنا يقول انا اخجل يا أماه ، كل سنه اراك تحتارين بي وتدفعيني مع اخواتي فأشعر بحزن عميق.
-ام عبد الله : آه أوجعني كلامه شافاه الله وأعانكم.
- هيا زينب أسرعي ﻻ نريد ان نتفكك امسكي بأخواتك جيدا و لا تنسين اخيكن حسين من الدعاء.
بقي حسين لوحده في المنزل يشاهد التلفاز ودموعه تملأ عيناه ، وهو يقول موﻻي قلبي يعتصر ألماً لأني لم أذهب مع قافلة الحب نحوك ولكن ﻻ أريد ان اكون عبئاً على اهل بيتي. وبينما هو يناجي بدموع وشوق ذهب بغفوة ..
نعم كانت أمه في الطريق ولكن كان كل فكرها يحوم حول ولدها طوال فترة السير ولو لم تكن تعشق الحسين لم تذهب وتتركه لأي سبب كان. نعم ولكن المسير إلى الحسـين يختلف بالتأكيد ..
نادت بصوت منخفض يمتزج بحزن ابنتي زينب لا تدعي اخواتك تسبقننا ! ناديهن لندخل تلك الخيمة سيؤذّن المؤذّن فلنصلي وبعدها نكمل المسير.
بعدما أتممن صلاتهن صاحت حنين : أماه دعينا نسترح قليلا من ثم نكمل !
- ﻻ يا ابنتي يجب ان نسرع.
في كل حين ام حسين لا تريد ان تسترح لأنها تاركة فلذه كبدها لوحده وهو عليل مشلول ..
كانت تهتف فقط ﻻ شيء آخر.
كانت سكينه ملتزمة بصلاتها وزياراتها بصورة خاصه تأبي حتى أن تتكلم في هذه اﻻيام !!لأنها تدرك عظم المصيبة. وكانت تتقدمهن سكينة وام حسين خلفها وحنين تسير ببطءٍ تارة وتارة بهمة وترافقها زينب.
أثناء السير بَدأَ رجل كبير السن له هيبة و وقار يدنو من سكينة .. "بوركتِ يا ابنتي قوّاكِ الله"
اجابته: "يا عم بل يجب عليّ انا ان اقول لك هذا الكلام لأنك أنتَ كبير في السن.
قال لها: ﻻ يهم كلينا مأجورَين !
صمت ثم قال : لماذا تمشون دون ذلك الشاب الذي كنتن برفقته كل عام ؟!
اندهشت واصفرّ وجهها يا عم من أنت وكيف تعرفنا ؟! قال لها: بل أعرفكم جيدا .
شرحت له انه مقعد وأبى ان يأتي هذه السنة.
قال لها: ولكني أظنّه خلفكم وسيسبقكم !!
تبسمت ابتسامة حزينة والتفتت لأمها حتى تخبرها ما يقوله هذا الرجل فما ان التفت لتقول له يا عم الم أقل انه مشلول... ولكن لم تراه اندهشت.
توقفت ام حسين: ابنتي الحبيبة ما بك هل تعبتِ ؟ أجابتها: أماه انا...انا ! من كان ! اين ؟!
ابنتي ما بك ؟
أماه كان هنا رجل يحادثني عن اخي ما ان التفت عليك حتى اختفى!
صعقت ام حسين: ماذا به أخيك تكلمي ،، أسردت القصة لأمها بدموع حارقة.
فقالت اﻻم: عسى ان هذه الرجل ببخته وفطرته يتحسن اخيك اكملن المسير حتى لا نتأخر.
أخذتهن الليالي والأيام يسرن بهمة ودعوات ام حسين الحمد لله لم يتبقى شيء للوصول ..
زينب: نعم أماه الشكر لله أننا أتممنا زيارة الأربعين آه لو كان حسين معنا!
أكملن زيارتهن ورجعنَ متعبات جداً.
صاحت زينب: أماه باب الدار ليست مقفله !
ام حسين: ربما فتحها اخيك ليستقبل اصدقاءه
دخلن البيت. حسين ولدي اين انت ياقرة عيني الدار خالية !! ارتبكت أم حسين وأخذت عباءتها المتربة وهرولت نحو الشارع تطرق الأبواب هل رأيتم حسين؟ اين حسين؟ ورجعت الأم بلوعة وبكاء وإذا صرخة من غرفةِ ولدها أمااااااااه ..
ركضت هي وبناتها ما بك سكينة ؟ أماه عربة حسين ها هنا ولكن أين هو ! دهشة تملأ الوجوه وخوف وارتباك!!! وإذا بالباب يُطرَق.. ركضت حنين لتفتح وإذا بأخيها واقف ! وراية الحُسَيْن تتلاعب بالهواء على كتفه ! دهشة وبكاء وصراخ دخل حسين على أمه وهي تبكي ما أن رأته حتى وقعت مغشياً عليها ( نعم بالتأكيد معجزة ولكن ليست كبيره على أهل البيت فهم أهل المعاجز والمكارم )
استيقظي أماه انا ولدك ما بك نعم لقد شُفيت .. وضج البيت بالبكاء والنحيب .. جلس حسين وقال: أنتن خرجتن وأنا بقيت أبكي بحرقة وألم لأنني لم أشارك بالسير ولكني غفوت وأثناء النوم رأيت رجل كبير السن يقول لي مد يدك يا حسين ﻻ تترك أخواتك يسيرن دونك في الطريق ... آه موﻻتي زينب حين ذهبتِ مع السّبايا أين كان أخيكِ !!! ... استيقظتُ مذعوراً وإذا بي أحاول النهوض فوقعت وحاولت أيضا وإذا بي أقوم وأمشي؛ صحيح لم أستطع السير والهرولة مثل بقية الناس ولكن مشيت وقد رأيتكن في الطريق وكانت عينيّ عليكن لكن لم أُكلم إحداكنّ منكم لأني كي لا تفرحن برؤيتي وانتن في طريق الحزن .
921 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع