أحمد العبدالله
من هم حكّام العراق القادمون؟
يجري منذ زمن, وعلى قدم وساق شيطنة تنظيم داعش الإرهابي وإلصاق كل الجرائم به فقط دون غيره, ومن خلاله وبشكل غير مباشر, يتم شيطنة أهل السُنّة بشكل عام. وفي المقابل يتم التعتيم على إجرام إيران وميليشياتها في المنطقة وفي العالم, والذي هو أخطر بكثير, لأنه (إرهاب دولة) وليس تنظيمات خارجة على القانون. وبلا شك إن تنظيم داعش هو أحد أسوأ التنظيمات الإرهابية التي ظهرت للوجود في العصر الحديث وحتى التي قبله, وهو امتداد لفكر الخوارج المتطرف الذي أنكرته الأمة الإسلامية بالكلمة, وحاربته بالسيف. ولكن الفارق كبير جداً مقارنة بإجرام الميليشيات الشيعية من أحفاد القرامطة, والذي هو تجسيد لفكر موجود في أمهات كتب الشيعة, والتي تتوعد المسلمين, والعرب منهم بشكل خاص, بـ(الذبح)!! على يد الإمام الغائب المسردب. وإن ما تقوم به الميليشيات الشيعية من فساد وقتل في العراق تحديداً, هو تمهيد لظهور الإمام الموعود. ولذك شرّعوا لـ(جحش), قانونا يمنحه الحصانة, وأسبغوا عليه صفة؛(القداسة)!!!.
وأنا عند دراسة أي ظاهرة, أغوص في عمقها وأحلّلها للوقوف على أسبابها ودوافعها وظروفها, ولا أتوقف عند مظهرها الخارجي. وانطلاقا من ذلك, أتساءل؛ ما هي الظروف الموضوعية لظهور داعش في العراق, وقبله تنظيم القاعدة ؟. وبالطبع أنا لا أقصد الرؤوس الكبيرة ذات الإرتباطات المشبوهة, بل أقصد الأفراد العاديين والذين هم السواد الأعظم من تلك التنظيمات, والذين حافزهم ومحركهم الأساسي هو الغيرة الدينية.
يمكننا إرجاع ذلك لثلاثة أسباب رئيسيّة, الأول؛ معتقلات المحتلين الغزاة في (بوكا) و(أبي غريب), وغيرهما, والتي (خرّجت) كمّاً هائلاً من الإرهابيين بسبب الظلم والإجرام الذي مارسه الأمريكان وعملاؤهم ضد المناطق الغربية باعتبار إن أهلها هم من تصدّوا للغزاة وقاوموهم دون باقي المناطق الأخرى.
والسبب الثاني؛ هي السياسات الإقصائية والإنتقامية والطائفية والثأرية للحثالات الحاكمة التي جلبها الإحتلال الأمريكي وسلّمها مقدرات البلاد والعباد, والتي فتكت بالسُنّة العرب من خلال توظيف موارد الدولة القمعية وجيشها ومعها الجيش الأمريكي المحتل لتدمير المحافظات الغربية السُنيّة, واعتقال عشرات الألوف من أهلها وقتل وتغييب آلاف أخرى. وكان كبار الرؤوس الحاكمة كالهالكي والخزعلي والعامري وغيرهم, يصفون أبناء تلك المناطق بأنهم؛ نواصب وأحفاد يزيد وبعثيون وإرهابيون,...الخ, يجب الاقتصاص منهم والتضييق عليهم, وقتل واعتقال وتشريد أكبر عدد منهم, وقطع أرزاقهم, وتأليب العالم عليهم من خلال(دعشنتهم), تمهيدا للخطوة القادمة, والتي بدأت فعليا, وهي إحلال علوج الفرس مكانهم. وشُرّعت قوانين إجرامية لتطبق عليهم وحدهم, كقانون اجتثاث البعث وقانون الإرهاب وغيرهما.
وقبل سنوات كشف فخري كريم مستشار(مام جلال), عن اجتماع حضره بين الطلباني والهالكي في سنة 2013, قال فيه الأخير ما نصّه؛ (إنني لا أرى في استعادة المناطق المستقطعة من كردستان مصلحة لنا وفرضا علينا فحسب، بل أنا أقول صراحة وصدقا إن علينا أن نعمل معا لامتداد إقليم كردستان ليضم نينوى لأن هؤلاء، ويعني بهم أهل الموصل، هم أعداء لنا وسيظلون رغم كل شيء سُنّة و(قومجية) وعربانا وملجأ للبعث والمتآمرين على حكمنا)!!. ولكن جلال الطلباني رفض هذا الكلام, وقال للهالكي؛ تذكر إننا سُنّة أيضا.
والسبب الأخير والأهم ممّا سبق, هو إن كثيراً من المعمّمين الشيعة على منابر(الحسينات) والقنوات الشيعية الفضائية والتي غدت كالقمامة؛ كمّاً ومضموناً, تسيء للصحابة الكرام وأمهات المؤمنين(رضي الله عنهم جميعا), وتصفهم بكلام يخجل منه إبليس نفسه, وتكفّرهم, هم والذين يوالونهم, بكل صفاقة وقباحة, وعلى رؤوس الأشهاد وبلا حساب ولا حتى عتاب, وفي ذلك استفزاز كبير جدا لمشاعر المسلمين في العراق وعلى امتداد الأمة الإسلامية بكافة أقطارها.
وأذكر إن الكاتب؛(حسن علوي) في مقابلة متلفزة معه في حوالي سنة 2004, قد أشار لكتاب لمؤلف شيعي معاصر, فيه تمجيد وثناء على الملعون(أبو لؤلؤة المجوسي), قاتل الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب(رضي الله عنه), وهو يؤمّ المسلمين في المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة عام 23 هـ, غيلة وغدرا, وإن عملية الإغتيال تلك حسب زعم مؤلف الكتاب, هي انتقام لـ(كسر ضلع الزهرة)!!. وكان تعقيب حسن علوي على هذا الهراء, بما مؤداه؛ إن مثل هكذا كلام سيقود إلى ظهور (مئة زرقاوي), ويجعل من استهداف الشيعة عملا مبررا.
وأعتقد إن تحذير حسن العلوي والذي أطلقه في وقت مبكر, كان نصيحة مخلصة لقومه. فالتطرف يقود لتطرف أشد, والدم لا يجلب إلا الدم, وكما تدين تدان. ولكنهم لم يلتفتوا لذلك التحذير من إبن جلدتهم, فقد كانوا في سكرتهم يعمهون وفي غيّهم سادرون, ومع(الشيطان الأكبر) متحالفون!!.
وبما إن العوامل والظروف الموضوعية التي أنتجت القاعدة وداعش سابقا, لا تزال قائمة, بل زادت أضعافاً مضاعفة بسبب الإجرام غير المسبوق الذي مارسه الحشد الشيعي الإيراني في المناطق والمحافظات الغربية بعد 2014, ولا زال مستمرا ومتصاعدا, وقد أوغلوا كثيرا في ظلمهم. فلذلك؛ سيخرج جيل جديد من الإرهابيين سيكون أشدّ فتكاً من كل الذين سبقوه, وسيحرق أرض العراق ومن عليها.
وكما حكم أهل مخيم(رفحاء), العراق بعد عشر سنوات من فرارهم, وهم شرذمة قليلة, وكانوا يعيشون في أرض السعودية(الوهابية)!! معززين مكرمين. فلا يستبعدن أحد أن يحكم العراق خلال بضع سنوات قادمة, الجيل الذي نشأ وترعرع في مخيم (الهول)*, وعشرات من مخيمات اللجوء والتشرّد, وفي ظروف غير إنسانية, وهم أكثر بكثير من جماعة(رفحاء)!!.
فتلك سنن التاريخ وقوانينه ودروسه وتجاربه. ولكن من يتعظّ ؟
...................................
* لو كانت (حكومة بغداد) لديها أدنى حسّ وطني وإنساني وشعور بالمسؤولية, لشرعت فورا وبدون إبطاء بحملة كبرى لاستيعاب وتأهيل عوائل (الدواعش) ودمجهم في المجتمع بعد توعيتهم بمساويء الفكر المتطرف, وتخليصهم منه, وبعد معالجة الأسباب والدوافع. ولكن تلك الحكومات التي تسيّرها الميليشيات الطائفية الفارسية, لم تتعامل معهم بنظرة موضوعية ومنصفة, بل اعتبرتهم أعداءاً يجب الانتقام منهم بكل الطرق؛ قتلا وتشريدا واضطهادا. وهو ما سيرتد على نحورهم بعد حين. وعلى الباغي تدور الدوائر.
1917 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع