حسين گصبة وسترة رابح درياسة

                                                        

                          عبدا لكريم إبراهيم

        

حسين گـصبة وسترة رابح درياسة

الخروج عن النظام ومحاولة مخالفته ، قد يعدها بعضهم نوعا من الشواذ،لان الإنسان يجب إن يكون ابن عصره مهما حاول إن يعود بالزمن إلى الوراء. جيراننا(حسين أبو شوارب)،وأحيانا يطلق عليه بعضهم(حسين گـصبة) لنحافته المفرطة فضلاً على قصر قامته. هذا الرجل ذو الشعر المجعد في خضم موضة(بوردا) دون سابق إنذار عاودهُ الحنين إلى موضة (التشارلس) التي أصبحت من الماضي، فقرر إن يمارس هواية العودة إلى الوراء بعدما قرأ في إحدى الصحف إن الموضة تدور بعد عقود من ظهورها، ولكن أنظاره هذه المرة طال، وحاول استباق الزمن بعدما أشعل الرأس شيباً، وبدأت ملاحم الشيخوخة طرق بابه برغم من وسائد الصد إلى عجزت هذا المرة عن مواجهتها. بادر (حسين گـصبة)إلى لبس بنطلون تشارلس وسترة (رابح درياسة)، وقميص طويل الياقة مع رباط مشجر كأنه لسان الثور يحفظ به في خزانته مع حذاء الكعب العالي بعدما أطلق العنان إلى شعره المجعد وزلفه إن يأخذان راحتهما. استغرب أهل المنطقة من هذا التصرف، وهم يرون جيرانهم( حسين گـصبة) على هذا الهيئة، وهو يتخطى الدربونة بكل أريحية حاملاً المسجل على كتفه. من يعرف الرجل وقفشاته لم يستغرب من هذا التصرف، ولكن الشباب الذي لم يعيش فترة مجد(حسين گـصبة) بهت من شخص يريد أن يعود إلى الوراء وحده دون إن يشرك الجميع في هذا التحدي. ومن الطرائف التي تروى عن تطرف (گـصبة) انه جعل حجل بنطلون سبعين سنتمتر بعد إن يدفع الأجرة للخياط ضعفين حتى يبدو في هذا الهيئة، وكان لحبه للمطرب الجزائري رابح درياسة كبيرا لدرجة إن اشترى سترة كالتي ظهرت فيها بإحدى أغنياته(نجمة قطبية).

عاش (حسين گـصبة) دوامة الحرب وحلق الشعر، وملابس العسكرية مما جعله أكثر التصاقا بموضة كانت تعني الحرية معنى الكلمة. لم يحمل هذا الوضع فكان يقضي اغلب وقته فارشا صوره وملابسه في غرفته، وهو يحدث نفسه حتى أصيب الرجل بالكآبة ويدخل بعدها مستشفى الإمراض النفسية حيث وجد في هذا المكان ضالته في يمارس حريته دون انتقاد. وقبل وفاته أوصى أمه إن تبقى (كنتور) الملابس على ما عليه من فوضى السبعينيات، وان تضع صورته هو يرتدي (التشاريس) على قبره مع عبارة هناك يرقد (حسين گـصبة ). هذه المرأة تجهد بالبكاء كما اطل المطرب (درياسة) في التلفزيون، وهي تقبل هذا المطرب ماسحةً على سترته التي كانت يحبها ابنها (حسين)، ومازال تحفظ بها إلى وفاتها .
""""""""""""
• رابح درياسة ( 1934 - 2021) مغنٍ ومؤلف موسيقي وملحن وكاتب كلمات جزائري من رواد وعباقرة الأغنية الجزائرية مُتشبع بالطابع الشعبي الجزائري البدوي الأصيل.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1153 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع