ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
مباحث في الأدب واللغة/٦
كلمات عامة لها أصل لغوي
اللهجة العامية هي الدارجة في التعامل اليومي بين العراقيين، وهذا ما يقال عن بقية الأقطار العربية، بل ان اللهجة المحلية تختلف من منطقة لأخرى داخل الدولة الواحدة، فلهجة أهل الموصل، ولهجة أهل البصرة وصلاح الدين وبغداد تختلف الواحدة منها عن الأخرى، وربما لا يتمكن الموصلي من فهم لهجة البصراوي، وهذا ما يقال عن عن لهجة سكان القاهرة المختلفة عن لهجة الصعيد في مصر، ونحمد الله ان اللغة العربية هي الأم الحاضنة التي تجمع الشعوب العربية من المحيط الى الخليج العربي. وإلا كيف يمكن ان يفهم البغدادي لهجة المغربي او الليبي او اليمني، والعكس صحيح؟
وفيما يتعلق باللهجة المحلية العراقية بشكل عام وأهل بغداد بشكل خاص توجد العديد من المفردات اللغوية التي يتداولها العراقيون في لهجتهم، لها أصول في اللغة العربية وليست وليدة الحاضر، وسوف نستعرض عدد من هذه المفردات اللغوية.
اللواص
عندما يتحدث شخص بشكل عبثي او حمق، يعلق المستمع (كاعد يلوص) اي يتكلم بحديث سخيف لا يرتبط بالحدث او يتعامل مع المسألة بحمق. قال ابو عمر الشيباني" الَّلواصُ: العَسَلُ، قال أُميَّة:
أَيامَ أَسأَلُها النَّوالَ وَوَعدُها ... كالرَّاحِ مَخْلُوطاً بطَعْم لَواصِ (كتاب الجيم3/200).
وقيل" أنا اتلوص قبل أن أرمى" بالصاد المهملة: التلوي والتقلب، والاصة: إدارة. والرمي معروف. (زهر الأكم في الأمثال والحكم1/90). وقال اليوسي في زهر الأكم ص/ 60 بأن" التلوص" هو التلوي والتقلب" أوصى غراب ابنه " يابني إذا رميت فتلوص" أي إنحرف كي لا يصيبك الأذى!" فرد ابنه " يا أبت أنا أتلوص قبل أن أرمى"
الأوانس
الفتاة غير المتزوجة تُسمى آنسة، وجمعها أوانس. قال بشر بن أبي حازم:
وأوانسٍ مثلِ الدمى ... حورِ العيونِ قد استبينا
ذكر ابن الشجري" الأوانس: اللواتي يؤنسُ بحديثهنَ". (مختارات شعراء العرب2/40).
ذكر المبرد قول يعقوب بن الربيع في جارية طالبها سبع سنين، بيذل فيها جاهه وماله وإخوانه حتى ملكها، فأقامت عنده ستة أشهر ثم ماتت، فقال فيها أشعاراً كثيرة، اخترنا منها بعضها، من ذلك قوله:
لله آنسة فجعت بها ... ما كان أبعدها من الدنس!
أتت البشارة والنعي معاً ... يا قرب مأتمها من العرس!
يا ملك نال الدهر فرصته ... فرمى فؤاداً غير محترس
كم من دموع لا تجف ومن ... نفس عليك طويلة النفس
أبكيك ما ناحت مطوقة ... تحت الظلام تنوح في الغلس
يا ملك في وفيك معتبر ... ومواعظ يوحشن ذا الأنس (الكامل4/79)
قال النابغة الجعدي:
أضاءت لنا النار وجها أغــر ملتبسا بالفؤاد التباسا
يضىء كضوء سراج السّليط لم يجعل الله فيه نحاس
بآنسة غير أنس القــــــــراف وتخلط بالأنس منها شماسا
إذا ما الضّجيع ثنى جيدهــــا تثنّت عليه فكانت لباسا (الشعر والشعراء1/287).
السيدة
ذكر الجاحظ" قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لا يقولنّ أحدكم لمملوكه عبدي وأمتي، ولكن يقول: فتاي وفتاتي، ولا يقول المملوك ربّي وربّتي، ولكن يقول سيّدي وسيّدتي". (كتاب الحيوان1/225).
بابوج:
تستخدم كلمة بابوج للإشارة الى نوع من الأحذية، وغالبا ما يكون مصنوعا من الخشب او الصندل. وهي كلمة فارسية بمعنى الخُف الذي يُلبس في القدم، قال: أعطته بابوج جديد، والكلمة لما تزل تستعمل في الشام والعراق.
بشت:
يستخدم العراقيون كلمة (بشت) خصوصا مع الأطفال المشاغبين، وجاء في الأمثال البغدادية (بيش بلشت يا بو بشت)، ويضرب لمن تهور في عمل أو قول فوق قدرته. وهو من الفارسية (مشته) وقد عربت قديمًا بالمدرعة، وفي التاج: الجبة الواسعة، وهي عباءة تلبس فوق الثوب، مفتوحة من الأمام، وليس لها أكمام، قال: محزم على بشت من الصوف. قلنا: ظل هذه اللفظ مستعملا في العراق إلى وقت قريب.
بعبع:
غالبا ما يخيف الأباء والأمهات أطفالهم بالقول (جاك البعبع) اي جاءك االبعبع لغرض ردعه او دفعه الى النوم او الكف عن البكاء والصراخ، وقيل إنه مشتق من البعبعة وهو صوت الجمل.
بقجة:
غالبا ما كانت جداتنا تحنفظ بأشياء ثمينة في قطعة من قماش وتعقدها بشكل كروي، ويأخذن ما يحتاجن من الأشياء عند زيارة الأبناء او الأقارب، وهو لفظ فارسي، يعني منديل كبير تلف به الأمتعة، قال: ربطته في بقجة. وقيل وهي كلمة محورة من (بوغجة) أي الخندق، وأخذ منها بغمق وهي القماش التي تلف بها الحاجيات، وتربط أطرافها الأربعة معا. (معجم الألفاظ التأريخية/36). وذكر ابن بطوطة عن جزائر الهند(سيلان)" ألقى أحد الغلامين بين يديه لقشة "بقشة"1 وهي شبه السبنية وأخرج منها ثياب حرير وحُقّاً فيه جوهر وحلي فأعطاني ذلك". (رحلة ابن بطوطة2/453).
الدجاجيل:
الدجال لفظ يطلق على السحرة وبعض المعمميين الذين يتاجرون بالدين، ويتكسبوم منه، ذكر القاضي عياض" قال البخاري قيل لمحمد بن مسلمة: ما لرأي فلان، دخل البلاد كلها إلا المدينة. فقال: لأنه دجال من الدجاجلة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يدخلها الطاعون ولا الدجال". (ترتيب المدارك وتقريب المسالك3/132).
الجُبة:
وهي بدلة رجالية غاليا ما يستخدمها رجال الدين، وتتميز بأنها واسعة ومريحة لمن يرتدها، تصنع عادة من الصوف، وقيل أنها على قسمين " ريفية من صوف ثخين غليض مسدودة محكم الثوب ويجعلون أكمامها متسعة، خصوصهم شعرائهم فإنهم يعرفون بزيادة وسع الأكمام. وحضرية يستعملها أهل المدن خصوصًا العلماء والظرفاء، وهي من الصوف الرفيع اللطيف، يجعلونها مخصورة الأباط مفتوحة"، ويقال لها جبة مفرحة بتشديد الراء لكنها انفرجت من مقدم الشخص وبان ما تحتها.
حريف:
بعض العراقيين يستخدمون كلمة حريف، بمعنى صديقي المحبوب او المقرب ليٌ، قيل: هو المحبوب من لغة الأرياف لأنهم يخاطبون محبوبهم بهذه الكلمة، فيقول الشخص منهم فلان حريفي أي صديقي أو صاحبي أو محبوبي.
خُطار:
جاء في قواميس اللغة كلمة خطار، وهي كلمة يستخدمها العراقيون للدلالة على الضيوف، وجاء في المثل: أكرموا الخُطار بالعدس والبيسار، وما زال اللفظ مستعملًا بهذا المعنى في العراق، ومنه جاءت الأغنية العراقية الجميلة (خطار عنا الفرح).
خلبوص، خلبوس:
عندما يحاول شخص ما إهانة آخر، يطلق عليه كلمة حلبوص، وجاء في القواميس" خَلْبَصَ: فرّ وهرب. والخَلَبُوص صعلوك أو شخص لا خلاق له، ومن لوازمه، كما يذكر المؤلف، الطراشة، وهي عصا يحملها ويلعب بها، وقال أن غالب الخلابيص يلبسون في رؤوسهم القحوف وليس له زي ولا هندام تستعمله الفقراء. وذكر طاهر ابو فاشا أن الخلابيص جمع خلبوص وكانوا يطلقونه على راقص الزفة الذي ينادى في الأفراح ويجمع ما يجود به المدعوون". (كتاب هز القحوف).
درويش:
الدرويش تطلق عادة على الزاهدين والمتصوفة من الناس، غالبا ما يرتدون بدلة مهلهلة، ولهم لحايا كثيفة غير منتظمة، وهم لا يحفلوا عادة بالنظافة، ويعيشوا على صدقات الناس. والدرويش كلمة قديمة، فقد ورد في القواميس" أشار إلى فئة من الدراويش المتحللين، قال: سمعت بعض الملحدين الدراويش المحلقين لحاهم يقول كلامًا يخالف الكتاب والسنة، وهو أن البعث والنشور والجنة والنار لا حقيقة لها. ونوه بهم باسم الفقراء أيضًا، قال: الفقراء الزنادقة. وسماهم: طائفة الملحدين المحلقين اللحى، قال: ويدخل الجمع به يدروش". (المصدر السابق).
زبل:
الزبل وجمعها زبالة يستخدمها العراقيون للإشارة الى ما يرمونه من حادات لا لم تعد لهم حادة لها، وقد تكون طعام او كارتون او ورق او سلع أخرى، ويطلقون على من يأخذها (الزبال) والسيارة التي تجمع بها (سيارة الزبالة)، قال يوسف الشريني" هو السرجين، وهو روث الحيوانات الذي يسمد به، وقد أشار المؤلف إلى زبل الخيل، ولكنه أشار أيضًا إلى زبل الغول، قال: قطفت زبل الغول، فكأنه ثمر رديء يُقطف".
زُبون:
للزبون معنيان، اولهم نوع من الألبسة الرجالية، قيل" رداء يرتديه الرجال، ويسمى في العراق أيضًا: ساية، صاية، أي ظل بالفارسية، قال: ألبسه قميص وزبون". والمعنى الآخر يطلق على من إعتادوا على التعامل مع محل او تاجر او حلاق او غيرها من المهن، فيسمونهم الزبائن.
زِريبة:
الزريبة معروفة ولكن احيانا تطلق على بعض الفاسدين أخلاقيا، فيقال (عاش بزريبة) دلالة على سوء أخلاقه، ويقول أهل العراق عندما يسيء أحدهم القول عند مناقشة مسألة ما (زرب بيها)، والزراب هو الخراء، جاء في القواميس" هي حضيرة الماشية، قال أنها مشتقة من زرب البهائم؛ لأنهم دائمًا يزربوا فيها ويجللوا فيها وربما بالوا فيه أيضًا، حضيرة الماشية، وإن المرأة منهن تجلس في قضاء الحاجة وسط الزريبة. اليوم يتندر العراقيون على مجلس النواب بسبب فسادهم ويصفونه (زريبة دواب).
شخ:
وهي من الكلمات التي تستخدم عند التبول سيما مع الأطفال، جاء في القواميس"بال، والشخاخ: البول. ومنها شرشرت: بالت. ومنها: طرَّ: أي بال.
الشحاطة
هي نوع من الأحذية الخفيفة المريحة التي تستخدمها النساء عادة، وأطلقت بعدها على نوع من النعال يستخدمه الرجال، جاء في القواميس" شحطط: قال: يقال: شحططه مأخوذ من الشحططة أو من الشحوطة؛ أي: ينسحب وينجر على الأرض، وهذه من لغات الأرياف. وربما منها منها شحططه، شحاطه.
شلش، يشلش:
يقول أهالي العراق (لا تشلش علينا) اي لا تشوش علينا، اي طلب الهدوء والإلتزام بالمناقشة أو الحوار، جاء في القواميس" يقال: يشلش عليك. بمعنى أو يشوِّش عليك، أي يفسد عليك الأمر ويزيدك اضطرابًا". وبهذا المعنى في العامية العراقية أيضًا، ومنه قيل للرجل مشلوش أي مضطرب. وشلش من الأسماء التي يتسمى بها بعض العراقيين.
شندي بندي:
لفظان ادعى أنهما تركيان. وفي العراق: وقف لي شندي بندي أي راقبني متعجلا ما أقوم به، او وقف أمامي بقوة كنوع من التحدي.
طاجن:
الطاجن صحن مِنَ الفَخَّار يُطهى فِيه الطعام ويقْلَى، قال هو اسم لإناء فخار مدور واسع الجوف يطبخ فيه السمك والأرز واللحم والطير وغير ذلك ويستعمل في سائر البلاد لكن لا يكون استواء الطعام فيه إلا في الفرن، وأصبحت الكلمة مألوفة في المطاعم ومطابخ الطعام البيتية، فيقال طاجن الدجاج او طاجن السمك.
طرطور:
نستخدم كلمة طرطور للسخرية من المقابل مثلا عند نقد كلامه أو افعاله، دلالة على صبيانيته والأصل هي" قلنسوة طويلة دقيقة الرأس، وقال: يلبسون شيئًا يقولون له الطرطور، ويلقون عليه القحف لكونه واسعًا من جهة الرأس وضيقًا من أعلاه قصير عن الطرطور، وكان استعمال ذلك في سابق الزمان كثيرًا". قال الناجم في العزيز الهزج:
وكفُّ الضخمِ في رأس ... كَ كالخالِ أو الشامهْ
لقد ضلَّ امرءٌ عدَّ ... كَ يا طرطورُ علامهْ (التشبيهات/63)
عايق:
وهي من المفردات الني تستخدم بشكل ينتاقض معها دلالتها، فيقال للأحمق او سيئ الأدب، سيما في علاقته مع أبويه (فتى عايق)، أو شاب عايق، والأصل كما جاء في قول بعضهم" ما للمدام الرايق إلا لهذا الشب العايق". واللفظ غير واضح الدلالة ولكنه يعني بصفة عامة الأنيق اللبق الجميل". ولا علاقة للكلمة بالعوق الجسدي عند أهل العراق.
كعدلي:
يقول العراقيون عند يحاججهم أحد او يراقب كلامهم أو أفعالهم او ينتقدهم او ينزعج من قولهم أو فعلهم (كعدللي ركبة ونص)، والأصل بالمصطلح، هي قعدة القوي الشديد الذي يريد دائمًا بها الرغبة بالأكل الكثير.
عنطز:
وهي ايضا من الكلمات التي تخالف معناها، فيقصد بها الإهانة وغالبا ما تستخدم للإشارة الى تعنت الحمار او البغل في عدم الإستجابة لأوامر صاحبة، فيقال مثلا (ركبت زمال فوك زمال عنظز، زماني والدهر وياي عنطز) بمعني الدهر يعاكسني، أو يقال: يتعنطز ويسرح ويقال لا تتعنظز عليٌ. لكن هي في الأصل تعني: يمشي بتكبر وخيلاء.
فرقلة: الفلقة
من عاش عصر الكتاتيب او درس عند الملا او الملاية، يعرف ما هي الفلقة، فهي عقوبة تمارس ضد الأطفال قبل دخولهم المدارس، حيث ينبطح الطفل على ظهره، ويرفع قدمه عاليا، فيضربه الملا على سطح قدمه بالعصا عدة مرات، واحيانا تشد الرجل بحبل وتعلق بمسمار (جنكال) في السقف، كي تبقى الرجل مرتفعة، والأصل" عصا للضرب، قال: ضربهم بالفرقلة، وقال: أضربهم بالفرقلة، ويسوق الثيران بفرقلة لهذا نراها دائمًا على كتفه لا تفارقه، قلنا: هي ما يعرف في العراق بالفلقة. ومنها الفرقيعة: اسم آخر لما سماه طراشة، عصا رقيقة يضرب بها. وأن الذي صنعها صار يضرب بها الناس ويفرقع فكل من تراه يضرب آخر. أما فلق، يفلق: أي يشق، قال: ويفلقون البصلة أربع فلقات.
فشّار:
الفشار: هو الكلام البذي، وغالبا ما يمارسه البعض عند الشجار، فيستخدمون عبارات نابية، والأصل" "كثير الكذب، وقيل: مهذار سفلاق فشار".
گصيف:
تستخدم للدلالة على الألبسة الضيقة، فيقال اللباس كصيف، أي ضيق، وفي اللغة " قصف الشجر هشيمه، وفي لغة أهل العراق: القصيف: الضيق، وهذا المعنى هو الذي أراده، إذ قال: الصبية القصيفة".
لطعة:
تستخدم اللطعة عندما يمسح الفرد لسانه بالملعقة، او يلطع أصابعه ان كان يأكل بيده، عند إنتهائه من تناول الطعام، ويقال" اكل لذيذ تلطع أصابيعك من وراه)، والأصل " هي الانتظار، قال عن الفلاح: يحب اللطعة عند الحيط".
مزمز/ مزه:
يستخدم العراقيون هذه الكلمة في جلسات الخمر، حيث يتناول السكارى المزة وهي عبارة عن أنواع خفيفة من الطعام مثل (السلطة، نومي حامض، لبلبي، جاجيك وغيرها)، وتستخدم ايضا لتكريم الضيف إذا كان شبعانا، فيقدم له شيء خفيف من الشرابت والمكسرات والجبس، ويقال له (مزمز)، وللكلمة مدلول وهو" مزمزَ الطَّعامَ أكله شيئًا فشيئًا، مزمز الكأسَ: تمصّصه، قال: مزمزه بالملعقة".
للمبحث تابع
ضحى عبد الرحمن
العراق
آب 2022
1088 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع