علي المسعود
"صُنع في السنغال" فيلم يوثق سيرة حياة اللاعب السنغالي " ساديو ماني "
أجتمع ثلاثة من المخرجين هم "بيتا جينكين" و"جيرمن رافينغتون" و"مهدي بن حاج جليلي" لتوثيق مسيرة اللاعب السنغالي ( ساديو ماني ) الرياضية في الفيلم الوثائقي ( صنع في السنغال )على تقديم بورتريه متكامل عنه يشمل جوانب كثيرة من حياته، تبدأ من طفولته في قرية بومبالي السنغالية، حتى وصوله إلى مدينة ليفربول البريطانية ليلعب في ناديها الأشهر، مرورا بموطنه الذي لعب لمنتخبه الوطني، و نجخ في تحقيق حلم مواطنيه بفوز بلدهم ببطولة أمم أفريقيا لكرة القدم .
يترك الفيلم الوثائقي "صنع في السنغال" المجال للاعب "ساديو ماني" كافيا للحديث عن نفسه وحياته، ولإضفاء المزيد من البعد البصري والجمالي على ما يرويه ، وإستعانوا بالرسومات المتحركة لتغطي الجوانب التي تفتقر إلى التوثيق (الأرشيف)، مثل طفولته في القرية التي بدأ حلمه في أن يصبح لاعب كرة قدم من ساحتها الترابية الصغيرة ، ولأن أهلها فقراء كان يصعب على أطفالها الحصول على كرات جيدة، لهذا كانوا يستخدمون كل شيء مدور وكروي الشكل، فكانوا يحولون الفاكهة إلى كرات يتقاذفونها بينهم، وكان "ماني" يرمي بقدميه كل شيء مُدور الشكل يصادفه في الطريق مثل الحصى والحجر . يرجع الوثائقي إلى عام 2008 وقد أصبح الصبي "ماني" لاعبا في فريق القرية، وأراد أن يمضي أبعد من ذلك، ولم يكن ذلك الهدف سهلا، فعائلته لم تشجعه على لعب الكرة لأن الكثير من رجالها هم شيوخ وأَئِمة جوامع المنطقة، وقد أرادوا له أن يكون مثالا يُحتذى به مثلهم تماما، وأن يركز على دراسته وتعليمه، لا أن يكون لاعب كرة قدم . تألق ماني في أولمبياد 2012 وفوت يورغن كلوب فرصة التعاقد معه لبوروسيا دورتموند، ومسار المهاجم يأخذه إلى ريد بول سالزبورغ وساوثهامبتون. ويتحدث المدرب ألالماني"يورغن كلوب " في الفيلم موضحاً كيف استطاع الاعب "ساديوماني" أن يصل إلى هذه المرحلة الرائعة وكيف طور موهبته على مدار السنوات الماضية، وقال: ”المرة الأولى التي شاهدت فيها ساديو كانت في دورتموند، وكان يلعب مع سالزبورغ، لقد رأيت صبيًا صغيرًا يجلس بعيدًا، وكان يرتدي قبعة بيسبول مستديرة وخصلة صفراء تتدلى من شعره ، كان يشبه مغني الراب، وقلت لنفسي وقتها ليس لدي وقت لأضيعه مع هذا الشخص، بوروسيا دورتموند وقتها كان فريقًا كاملًا ولا يحتاج أي لاعب، لكنني كنت بحاجة إلى لاعب يمكنه تحمل البقاء على مقاعد البدلاء" . وتابع:“ لكنني كنت مخطئًا بالفعل، وتابعت مسيرته في سالزبورغ ونجاحه مع هذا الفريق، وتألق أيضًا مع ساوثهامبتون" .
أما الانتقالة الكبرى فكانت إلى نادي ليفربول ، حين وقع "ماني" عقدا مع إدارة النادي وارتدى القميص رقم 19 فيه في عام 2016، ويستعيد "ماني" أهم المراحل التي مر بها خلال تلك الفترة التي كُتِب فيها اسمه بين أسماء كبار لاعبي كرة القدم، ليس في بريطانيا فحسب بل وفي العالم بأسره . وعن رحلة انتقاله إلى ليفربول، قال ساديو:“كنت مع ساوثهامبتون، وعلى مقاعد البدلاء في إحدى المباريات أمام ليفربول وكنا متأخرين فيها بهدفين بعد الشوط الأول، ودفع بي المدرب وقتها (رونالد كومان) ونجحت بتسجيل هدفين ، وأردف:“كنت لاعبًا لا قيمة له في الفريق، ولكنني تحولت لقيمة مهمة بعد الأداء المميز في تلك المباراة الصعبة، وبعدها حلل ليفربول أداء اللاعبين الذين شكلوا الخطورة على مرماهم وطلبوا التعاقد معي، وعندما جاءني العرض لم أستطع الرفض، وكان كلوب قد اتصل بوكيلي وطالب بضمي" . ظل اللاعب السنغالي رغم كل النجاحات بسيطا متواضعا .
ينقل الفيلم الوثائقي مشهد افتتاحه مدرسة جديدة، فتعليم الناس بالنسبة إلى "ماني" أولوية قصوى، تماما كالصحة التي يهتم بمشاريع تطويرها، وقد أعلن "ماني" أثناء وجود فريق العمل عن قرب افتتاحه مشروع بناء مشفى جديد من ماله الخاص .تتلخص فرحة الناس بإعلانه المشاريع الجديدة وشكرهم له في عبارة أطلقها أحدهم: "لو قدّر لوالده أن يرى ما يقدمه ابنه اليوم للقرية وأهالي المنطقة، لشعر بفخر واعتزاز كبيرين" ، تلقى أول صدمة، بفقدان الأب، لعدم وجود مستشفى في القرية، توفي والد اللاعب السنغالي الدولي وهو في عمر يناهز السابعة، دون أن يتلقى رعاية طبية بعد ، يتحدث اللاعب عن هذه الذكرى ، وقال “كان عمري 7 سنوات وكنا نستعد لخوض مباراة، فاقترب مني ابن عمي وقال لي: والدك مات، فأجبته: حقا؟، ظننت أنه كان يمزح، لم أتقبل الأمر". وتابع ماني: “قبل وفاته، كان مريضا لعدة أسابيع ، معاناته كانت من آلام في المعدة ، وعالجناه بالأدوية التقليدية، وبقي معنا لـ3 أو 4 أشهر ثم عاد المرض، ولكن هذه المرة لم يعمل الدواء ولأنه لم يكن هناك مستشفى في بامبالي (مكان نشأة ماني) . لذا قام اللاعب السينغالي ساديو ماني ببناء مستسفى في بلده ، لمساعدة المرضى، كون والده لم يجد من يعالجه بعد مرضه، لينضاف إلى المدرسة التي بناها في بامبالي العام الماضي وبالإضافة إلى ذلك، هناك سبب آخر لقيام ماني بهذه الخطوة، إذ قال: “أتذكر أن أختي ولدت في المنزل أيضا، لأنه لا يوجد مستشفى في قريتنا لقد كان وضعا محزنا للجميع كنت أرغب في بناء مستشفى لمنح الأمل للناس ". وبعد ظهور بصمته وتأثيره على حياة البسطاء، مثل مساهمته بنحو مليون يورو لبناء المدرسة الثانوية، بجانب توفير خدمة الانترنت ، ومعاش شهري بقيمة 70 دولاراً لعشرات العائلات والطلاب، والآن يسابق الزمن للانتهاء من إعادة تطوير مكتب البريد وتوفير محطة وقود بمواصفات آدمية، لتسهيل الحياة على مواطني القرية، وغيرها من المشاريع التجارية التي حولت بامبالي إلى مدينة جديدة ، ماني الصبي من بامبالي وهو يحمل السنغال على كتفيه بشكل لم يسبق له مثيل . هناك مشهد في ساديو ماني: صنع في السنغال حيث يقف مهاجم ليفربول في أعلى مستوى من مدرسة أنفق 250 ألف جنيه إسترليني لبنائها في قريته بامبالي ، تجمع في الفناء، ينظرون إليه، مئات الأشخاص من المنطقة. صغارا وكبارا ، العديد منهم يرتدون الملابس التي تبرع بها ، يعلقون على كل كلمة له. إنه ليس مجرد نجمهم الخارق ، المنحوت من نفس الشوارع والصراعات المتربة ، إنه أملهم. وكما يفعل في ملعب كرة القدم، يقدم ماني لشعبه . طوال الفيلم الروائي الطويل، الذي يزيد قليلا عن ساعة، يظهر ساحر الكرة " ساديو ماني" وهو يحمل السنغال على كتفيه .
1343 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع