بسام شكري
كتاب معجم حكام العراق - الحلقة الخامسة
وقعـــة صفيـن
لما انصرف أمير المؤمنين ( ع ) من وقعة الجمل أرسل إلى معاوية يعرفه اجتماع الناس على بيعته ويعلمه ما كان من وقعة الجمل ويأمره بالدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار وكان معاوية أميرا بالشام من قبل عثمان ( ع ) وكان ابن عمه فلما ورد إلى معاوية رسول أمير المؤمنين علي ( ع ) خــاف معاوية مـن علي ( ع ) وعلم أنه متى انتسب الأمر له عزله ولم يستعمله وقد كان ابن عباس والمغيرة بن شعبة ( ع ) أشارا علي أمير المؤمنين ( ع ) أن يقر معاوية بالشام مدة حتى يبايع الناس ويتمكن ثم يعزله بعد ذلك ، فلم يطعهما عليه السلام . فحين ورد الرسول إلى معاوية ثم استشار بعمرو بن العاص وكان أحد الدهاة وكان معاوية قد تآلفه واستمالة ليتقوى برأيه ودهائه ، فأشار عمر بن العاص أن يظهر قميص الدم الذي قتل فيه عثمان بن عفان وأصابع زوجته ( ع ) ويعلق ذلك على المنبر ، ثم يجتمع الناس ويبكي عليه ويلصق قتل عثمان بعلي ( ع ) ويطالبه بدمه ، ليميل إليه أهل الشام ويقاتلوا معه فأخرج معاوية ( ع ) القميص والأصابــع وعلقه على المنبر وبكى واستبكى الناس وذكرهم بمصاب عثمان ( ع ) فانتدب أهل الشــام من كل جانب وبذلــوا له الطلب بدم عثمان ( ع ) والقتال معه على كل من أوى قتلة عثمان ، ثم كتب معاوية إلى أمير المؤمنين ( ع ) كتابا يذكر فيه ذلك ، فحينئذ تجهز علي ( ع ) للقتال وكاتب الناس ليجتمعوا معه وكذلك صنع معاوية ثم التقوا بصفين من أرض الشام فجرت بينهم مناوشات وحروب كان أولها إن معاوية وأصحابه سبقوا إلى شريعة الماء فملكوها ومنعوا أصحاب أمير المؤمنين ( ع ) من الماء ، ولم يكن هناك شريعة غيرها ، فلما اخبر علي ( ع ) بذلك أرسل إلى معاوية رسولا يقول له : إن من مذهبنا إلا نبدأكم بقتال حتى نحتج عليكم وننظر فيما جئنا له وتنظرون وقد منع أصحابك الناس من الماء فابعث حتى يخلوا سبيل الماء ، وإن شئتم إن نترك ما جئنا له وتكون مقاتلنا على الماء فيكون الغالب هو الشارب فعلنا ذلك ، فقال معاوية لأصحابه : ما تشيرون ؟ قال قوم من بني أمية: ترى إن نمنعهم الماء حتى يموتوا عطشا أو يرجعوا لطلب الماء فتكون هزيمة. فقال عمرو بن العاص (أرى أن نخلي لهم سبيل الماء فإن القوم لا يعطشون وأنت ريان). فأخـر معاوية الجواب وقال سأنظر، فاقتتل الناس على الماء، وأمد على ( ع ) أصحابــه، وأمد معاوية فأرادوا منــع أصحاب معاوية فأرســل إليهم علي ( ع ) وقال: خذوا حاجتكم من الماء ولا تمنعوهم منه ، ودام على ذلك مدة حتى كاد عسكر علي ( ع ) إن يغلبوا وظهرت إمارات الفتح فخاف عمرو بن العاص من الهلاك فأشار إلى معاوية برفع المصاحف على الرماح والدعاء إلى ما فيها من أمر الله ( عز وجل ) فلما رفعت المصاحف فتر أكثر الناس عن الحرب وجاءوا إلى أمير المؤمنين ( ع ) وقالوا : يا علي أجب إلى كتاب الله ( عز وجل ) فوالله إن لم تفعل لنحملك إلى معاوية أو لتفعلن بك كما فعلنا بابن عفان ( ع ) فقال لهم علي ( ع ) يا قوم إنها خدعة منهم وإنهم ليس فيهم من يعمل بهذه المصاحف أو لستم على بينه من ربكم فامضوا لشأنكم وقاتلوا عدوكم فلم يفعلوه وغلبوه ، فأجاب إلى ترك القتال ثم أرسل إلى معاوية رسولا يقول له ما الذي تريد برفع هذه المصاحف ؟ قال : نحكم منا رجلا ومنكم رجلا ونقســم على الرجلين أن ينصحا الأمة ويعملا بما في كتـــاب الله ( عز وجل ) وما لم يجداه في كتاب الله حملاه على السنة والجماعة ، فأي شيء حكما به قبلناه ، فتراضى الناس جميعا بذلك إلا أمير المؤمنين ( ع ) فإنه رضي كارها مغلوبا ونفر يسير من بطانته كالأشتر وابن عباس ( ع ) وغيرهما . وانعقد الإجماع على تحكيم رجلين، فأما أهل الشام فاتفقوا على أن يكون الحكم من جهتهم عمرو بن العاص داهية العرب وأما أهل العراق فطلبوا أبو موسى الأشعري (ع) وكان شيخا مغفلا فلم يستصلحه أمير المؤمنين (ع) للتحكيم وقال أن كان ولابد من التحكيم فدعوني أرسل عبدا لله بن عباس فقالوا: ألا والله هو أنت وأنت هو قال فالأشتر قالوا فهل سعر الأرض غير الاشتر قال: فقد أبيتم إلا أبا موسى ؟ قالوا : نعم فرد عليهم فافعلوا ما شئتم ، فاتفق الناس على أبي موسي وعمر بن العاص ، وتواعد إلى شهور ، وسكنت الحرب وانصرف الناس إلى أمصارهم ورجع معاوية إلى الشام وأمير المؤمنين ( ع ) إلى العراق ثم بعد شهور صار الحكمان ليجتمعا بدومة الجندل وكانت ميعاد الحكمين ، وسار ناس من الصحابة ليشهدوا ذلك المقام ، وكان أمير المؤمنين ( ع ) قد أرسل صحبة أصحابه عبدا لله بن العباس ( ع ) فلما اجتمع الحكمان قال عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري : يا أبا موسى ألست تعلم أن عثمان قتل مظلوما ؟ قال أشهد. قال ألست تعلم أن معاوية وآل معاوية أولياؤه ؟ قال : بلى . قال عمرو: فما منعك منه وبيته في قريش كما قد علمت ؟ فإن خفت أن يقول الناس ليست له سابقة فقل وجدته ولىّ عثمان الخليفة المظلوم والطالب بدمه أحسن السياسة والتدبير وهو أخو أم حبيبة زوج النبي (ص) وكاتبه وقـد صحبه , وعرض عمرو لأبي موسى بولاية ووعده عن معاوية بأشياء فأبى أبو موسى وقال: معاذ الله أن أوالى معاوية وأن أقبل في حكم الله رشوة فقــال له عمــرو: فما تقـول في ابني عبدالله وكـــان لعمرو بن العاص ابن اسمه عبدالله من خيار الصحابة، فأباه أبو موسى وقال لعمرو أنت طمسته معك في هذه الفتنة ولكن هل لك في أحياء اسم عمر بن الخطاب؟ وندبه إلى عبدالله بن عمر فأبا عمرو بن العاص فلما لم يتفقا قال له عمرو : يا أبا موسى فأي شيء هو رأيك ؟ قال أبو موسى رأيي أن نخلع عليا ومعاوية من هذا الأمر ونريح الناس من هذه الفتنة وندع أمر الناس شورى فيختار المسلمون لأمرهم من يجمعون عليه , فقال عمرو نعم ما رأيت وأنا معك على ذلك ، ولاح لعمرو وجه الحيلة وكان قد عوّد أبا موسى الأشعري أن يتقدمه في الكلام يقول له أنت صاحب رسول الله ( ص ) وأكبر سنا فتعوّد أبو موسى أن يتكلم قبل عمرو فتقدم أبو موسى وقال : أنا وعمرو قد اتفقنا على أمر نرجو فيه صلاح المسلمين فتقدم عمرو وقال : صدق وبر ، تقدم يا أبا موسى وأعلم الناس بما اتفقنا عليه فقام ابن عباس قال لأبي موسى ويحك إني لأظنه قد خدعك وقد أوهمك إنه اتفق معك على ما تريد ثم قدمك لتعترف به ، فإذا اعترفت أنكره فإنه رجل غدر فإن كنتما قد اتفقتما ثم قال : إننا قد اتفقنا على أن نخلع عليا ومعاوية من الخلافة كما يخلع الخاتم من الأصبع فتقدم عمرو بن العاص وقال أيها الناس قد سمعتم ما قال وأنه قد خلع صاحبه وأنا أيضا قد خلعته معه وأثبت صاحبي معاوية فأنكر أبو موسى وقال أنه غدر وكذب وما على هذا اتفقنا ، فلم يسمع منه وتفـرق الناس ومضى عمرو بن العاص وأهل الشـام إلى معاوية وسلموا عليه بالخلافة ومضى ابن عباس وأصحاب على ( ع ) إلى أمير المؤمنين وأخبروه بما جرى ، وأما أبو موسى فإن أهل الشام طلبوه فهرب إلى مكة ، وعلى ذلك انفصل أمر صفين ، وكان ابتداؤه في سنة ست وثلاثين وانقضاؤه في سنة السبع والثلاثين .
فتنه الخوارج وثورتهـم
لما جرى أمر التحكيم على الوجـه الذي ذكرناه، عاد الذين أشاروا بالتحكيم وألزمـوا أمير المؤمنين (ع) الرضا به، فندموا عليه ونفروا واتوا عليا (ع) وقالـــوا: لا حكم إلا لله، قال على (ع) لا حكم إلا لله. قالـــوا : فما لك حكم الرجلين؟ قال : إني لم أرضَ بقضية التحكيم وأنتم اللذين رضيتموها وإني أعلمتكم إنها مكيدة من أهل الشام وأمرتكم بقتال عدوكم منهم ، فأبيتم إلا التحكيم وغلبتموني على رأيي ، فلما لم يبق بد من التحكيم استوثقت وشرطت على الحكمين أن يعملا بكتاب الله عز وجل وأن يحيا ما أحيا الكتاب ويميت ما أمات فاختلفا كتاب الله وعملا بالهوى ونحن على الرأي الأول في قتالهم قال الخوارج : أما نحن فلا ريب إن رضينا بالتحكيم في أول الأمر لكنا ندمنا عليه وعلمنا إنا كنا مخطئين فأنت أن أقررت على نفسك بالكفر واستغفرت الله من خطأتك وتضييعك وتحكيمك الرجلين رجعنا معك إلى قتال عدو ك وعدونا ، وإلا فها نحن قد نابذناك . فوعظهم بكل قول ، وبصرّهم بكل وجه فلم يرجعوا ، واجتمعوا أمما من العراقيين من أهـل البصرة والكوفــة وغيرهم وقصدوا النهروان وكان رأيهم أن يأتـوا بعض المدن الحصينة بها ويقاتلوا فيها ، وصدرت منهم أمــــور متناقصة تــــدل على أنهم يخبطــــون خبط عشــواء : منها أن رطبة سقطــت من نخلة فتناولها رجــل ووضعها في فيه فقالوا له : أكلتها غصبــا وأخذتها بلا ثمن فألقاهـــا ، ومنهـــا أن خنزيرا لبعض أهل القـــرى مر بهم فضربه احدهم بسيفه فعقــــره ، فقالوا : هذا فســــاد في الأرض فمضى الرجـــل إلى صاحب الخنزير وأرضاه ، ومنها أنهم كانوا يقتلون النفس التي حرمت إلا بالحق : قتلوا عبدا لله ابن خباب ( ع ) ، وكان خباب من كبار الصحابة وقتلوا عدة نساء وسبوا وفعلوا أفاعيل من هذا القبيل ، فلما بلغ عليا ( ع ) أمرهم وقد كان خطب الناس في الكوفة وندبهم إلى قتال أهل الشام وإعادة الحرب خدعة قالوا : يا أمير المؤمنين أين نمضي وندع هؤلاء الخوارج يخلفوننا في عيالنا وأموالنا ؟ سر بنا إليهم فإذا فرغنا من قتالهم رجعنا إلى قتال أعدائنا من أهل الشام فسار عليه السلام بالناس إلى الخوارج فلقيهم على النهروان وأبادهم ، فكأنما قيل لهم موتوا فماتوا .
مقتل الإمام علي (عليه الســلام)
كان الإمام علي (ع) يحسن إلى جميع الناس بما فيهم قاتله ابن ملجم الذي كان الإمام ينشد إذا رآه: -
أريــد حياتـه فيريـد قتلـي عذيرك مـن خليــلك من مـراد
ولما كان الإمام بالكوفة صائما في شهر رمضان من سنة 60 هـ كان يفطر ليلة عند ولده الحسن وأخرى عند ولده الحسين والثالثة عند ابن أخيه عبدا لله بن جعفر الطيار (ع) فإذا أكل لا يزيد على ثلاث لقم ويقول: إنما هي ليلة أو ليلتان، ويأتي أمر الله وأنا خميص كأنما كان يتنبأ بمصرعـه فلم تمض إلا ليال قلائـل حتى قتــــل (ع) وقيل إنه قتل في شهر ربيع الآخر والأول أصح وهو المعول عليه , وأما كيفية قتله ( ع ) فهي أنه خرج من داره بالكوفــة أول الفجــر فجعــل ينادي الصـلاة ( يرحمكم الله ) فضربه ابن ملجم ( لعنه الله ) بالسيف على أم رأسه وقال الحكم لله لا لك يا علي وصاح الناس وهرب ابن ملجم فقال أمير المؤمنين لا يفوتكم الرجل فشد الناس عليه فأخذوه واستناب علي ( ع ) في صلاة الصبح بعض أصحابه وادخل داره فقال : احضروا الرجل عندي فلما حضر عنده قال له : يا عدو الله الم أحسن إليك ؟ قال بلى . قال : فما حملك على هذا ؟ قال شحذته أربعين صباحا وسألت الله أن يقتل به شر خلقه فقال أمير المؤمنين لا أراك إلا مقتولا به ولا أراك إلا من شر خلق الله ثم قال عليه السلام النفس بالنفس أن هلكت فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي يا بني عبدا لمطلب لا تجمعوا من كل صوب تقولون قتل أمير المؤمنين إلا لا يقتلن بي إلا قاتلي ثم التفت إلى ابنه الحسن ( ع ) وقال : انظر يا حسن إذا أنا مت من ضربتي هذه فأضربه ضربة بضربة ولا تمثلن بالرجل ، فإني سمعت رسول الله
(ص) يقول إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور, ثم وصى بنيه بتقوى الله تعالى وبإقامة الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة عند محلها وحسن الوضوء وغفر المذنب وكظم الغيط وصلة الرحم والحلم عن الجاهل والتفقه في الدين والتثبت للأمر والتعاهد للقرآن وحسن الجوار والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتناب الفواحش ثم كتب وصيته ولم ينطق إلا بلا إله إلا الله حتى قبض ( رض ) فلما قبض بعـث الحسـن ( ع ) إلى ابن ملجم فأحضره فقال للحسن : هل لك في أمر أني والله قد أعطيت الله عهدا إلا وفيت به وإني عاهدت الله عند الحطيم أن أقتل عليا ومعاوية أو أموت دونهما فخل بيني وبين معاوية حتى أمضى واقتله ، ولك عهد الله على أنى أن لم أقتله وسلمت أن أجيء إليك حتى أضع يدي في يدك فقال الحسن : لا والله حتى تذوق النار ثم قدمه فقتله وأخذه الناس فأدرجوه في بواري وأحرقوه بالنار .
وأما مدفن أمير المؤمنين عليه السلام فإنه دفن ليلا بالغرى ثم عفا قبره إلى أن ظهر حيث مشهده الآن (ع) , وأما السبب الذي حمل ابن ملجم لعنه الله على قتله فهو أن ابن ملجم كان أحد الخوارج فاجتمع برجلين من الخوارج وتذاكروا من قتل أمير المؤمنين ( ع ) بالنهروان وقالوا ما في الحياة بعد أصحابنا نفع وتواعدوا علي أن يقتل كل واحد منهم واحدا من ثلاثة علي بن أبي طالب ومعاوية وعمرو ابن العاص فقال ابن ملجم أنا أكفيكم عليا وقال الآخر أنا أكفيكم معاوية وقال الآخر عمروا فأما أبن ملجم فإنه رأي امرأة جميلة من بنات الخوارج فهويها فخطبها فقالت له أريد كذا وكذا وأريد أن تقتل علي بن أبي طالب فقال لها ما جئت إلا لقتله والتزم لها أن يقتله ثم قتله وقتل بعده وأما الآخر فإنه مضى إلى معاوية فقعد له حتى خرج فضربه بالسيف على فخده فلم يصنع طائلا وتطبب لها معاوية فبرى وقتل الرجل وقيل لم يقتله وأما الآخــر فمضى إلى مصــر لقتل عمرو بن العاص فقعد له فاتفق أن عمرا انحرف مزاجه في تلك الليلة فلم يخرج في صبيحتها إلى الصلاة واستناب بعض أصحابه فلما طلع اعتقده الرجل عمرا فضربـ فقتله ، فقبضوه واحضروه إلى عمرو ، فلما رأى الناس يسلمون عليه بالإمارة قال من هذا الأمير عمرو بن العاص قال فمن قتلت قالوا نائبه وكان اسمه خارجة فقال الرجل لعمرو بن العاص أما والله يا فاسق ما أردت غيرك فقال عمرو أردتني وأراد الله خارجة ثم قدمه عمرو فقتله ولما بلغ عائشة رضي الله عنها قتل علي عليه السلام قالت :
فألقـت عصـاهـــا واستقـر بهـا النـــوى كمـا قـر عينـا بالإياب المســافــر
ريحانة الرسول الحسن بن علي ( ع )
الحسن بن علي بــن أبي طالب (ع)، أبــــــو محمـــــد، سبـط رسـول الله (ص)، وريحانته، وآخر الخلفاء الراشدين. ولد في منتصف رمضان سنة ثلاث من الهجرة، كان أشبه خلق الله بالرسول (ص) كان الحسن (ع) سيدا، حليما، ذا سكينة ووقار وحشمه، جوادا، ممدوحا، يكره الفتن والسيف تزوج كثيرا، وكان يجيز الرجل الواحد بمائة ألف. وقد كان رحمه الله مطلاقا للنساء، وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه، ويقال انه أحصن تسعين امرأة. فقد كان يتزوج ويطلق حتى خشيّ أهله أن يورثهم عداوة في القبائل لكثرة زواجه وطلاقه، حتى قال أبوه (ع): يا أهل الكوفة لا زواجا لحسن فإنه رجل مطلاق، فقال رجل من قبيلة همدان: والله لنزوجه فما رضي أمسك وما كره طلق. ولذا نجد اليوم في العراق مراقد كثيرة تنسب للحسن يسمونها العامة (بنات الحسن) ولي الحسن الخلافة بعد مقتل أبيه بمبايعته أهل الكوفة فأقام فيها ستة أشهر وأياما ثم سار إليه معاوية – والأمر إلى الله – فأرسل إليه الحسن يبذل له تسليم الأمر إليه على أن تكون له الخلافة من بعده وعلى ألا يطالب أحدا من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان في أيام أبيه، وعلى أن يقضي عنه ديونه، فأجابه معاوية إلى ما طلب فاصطلحا على ذلك. وسمى الناس هذه السنة عام الجماعة لأن الناس اجتمعوا فيه على خليفة واحد. ثم ارتحل الحسن عن الرقة إلى المدينة وأقام فيها، وقد توفى بالمدينة مسموما، سمته زوجته جعده بنت الأشعث ابن قيس، وكان من خبر ذلك أن يزيد بن معاوية دس إليها أن تسم زوجها ويتزوجها هو بعده ففعلت فلما مات الحسن بعثت إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها فقال أنّا لم نرضاك للحسن افنرضاك ِلأنفسنا وكانت وفاته سنة تسع وأربعين وقيل في خامس ربيع الأول سنة خمسين، وقيل سنة إحدى وخمسين وألح عليه أخوه الحسين (ع) بمن سقاه السم فلم يخبره وقال: الله اشد نقمه إن كان الذي أظن، وإلا فلا يقتل بي والله بريء.
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
للراغبين الأطلاع على الحلقة الرابعة:
https://www.algardenia.com/maqalat/54922-2022-07-29-07-14-18.html
1365 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع