بقلم أحمد فخري
قصة قصيرة - العشيقة الالكترونية /الجزء الاول
سان فرانسسكو
دخل مدير مركز شرطة انگلسايد وقال لعناصره، "انهما آتيان. ليتهيأ الجميع، دع كل واحدٍ منكم يأخذ مكانه، سنفاجئ العرفاء توماس وتشارلي".
دخل توماس وتشارلي المركز فقال احدهما،
توماس : ما هذا الظلام؟ لماذا أُطفأت الانوار؟ هل يحاول النقيب فلاوتشر توفير مصاريف الطاقة؟ اللعنة، اكاد لا ارى اصبعي.
تشارلي : ربما سوف يقلص المزيد من مرتباتنا هذا الشهر وسنضطر للتسول بباب المركز. انه شيء لا يطاق يا صديقي.
فجأة ومن دون مقدمات أضيئت الانوار ليصرخ الجميع بصوت موحد، "مفــــــــــــــــاجئة".
انصدم توماس وتشارلي ولم يتوقعا هذا الاحتفاء الكبير من زملائهم بالمركز الذي يعملان به منذ اكثر من 15 عاماً. الكل كان يتحدث بآن واحد ونسبة الضجيج كانت عالية لاقصى الدرجات لكن المدير راح يطرق على الطاولة التي امامه ويصرخ قائلاً، "هــــــــــدوء، هــــــــــدوء، هــــــــــدوء رجاءاً، اليوم حضرات السيدات والسادة نريد ان نحتفل بذكرى مرور 15 عاماً على انضمام الثنائي توماس وتشارلي والمعروفان لدى الجميع بـ (توم وجيري) والذان استحقا بجدارة لقب افضل محققين في مركزنا انگلسايد بل بتاريخ امريكا منذ زمن (بوتش كاسدي وسندانس كيد).
قاطعه احد الحضور وقال، "بوتش كاسدي وسندانس كيد، لم يكونا محققان بالشرطة بل كانا لصوص قطارات وبنوك سيدي". علم المدير انه اخطأ بالتشبيه لكنه تفادى الاحراج فقال، دعوني لا اطيل الحديث عليكم، ليتقدم الثنائي توم وجيري ليتسلما هديتهما القيمة. انها سيفين فضيين. سيف واحد لكل منهما".
امسك بعلبتين طويلتين ونادى عليهما كي يتقدما ويستلماها. سار العريفان نحوه وتسلما جائزتهما فنادى الجمع كي يقوما بإلقاء كلمة قال توماس، "انا لا احسن فن الخطابة لذلك ساترك الامر لشريكي تشارلي حتى يتحدث بالنيابة عني". توقف الجميع عن الكلام وعمت السكينة في الصالة فنظر تشارلي الى الحشد وقال، "شكــــــــــــــراً" ثم نزل من المنصة بينما غص الجميع من الضحك لاقتضاب الخطبة. صاروا يصافحونهم الواحد تلو الآخر ويهنؤوا الرجلين على ما قاما به خلال السنوات الخوالي. وبعد مرور ربع ساعة على بدء الاحتفال جاء احد العناصر من ذوات الرتب المتدنية والذي يشغل وظيفة سكرتير المدير ليهمس باذنه فوقف المدير فجأة وراح يطرق على كأسه بالسكين كي يجلب انتباه الحاضرين. ولما سكن الجميع ليستمعوا له قال، "يبدو اننا لن نستطيع ان نحتفل بهذين الرجلين كما ينبغي لان الواجب ينادي. سوف نفض الاحتفال ونكتفي بهذا القدر الآن لان هناك معتوهاً ما يقف على سطح بناية من 6 طوابق يُقدِمُ على الانتحار ويجب ان ارسل الثنائي توم وجيري كي يثنياه عن نيته كما فعلا مرات عدة في السابق. ارجو منهما التحرك فوراً ودعنا نصفق لشجاعتهما وتفانيهما الذي لا يأفل ابداً ". تقدم توماس الى المدير وسأل،
توماس : اين موقع الحادث؟
فلاوتشر : انه في منطقة آوتر سنسيت. بشارع 32 رقم 1114، هيا تحركا بسرعة.
توماس : حسناً، نحن ذاهبان الآن.
ركض الثنائي الى خارج المبنى وركبا سيارة دورية ليتوجها بها الى موقع الحدث. بالطريق قال توماس لشريكه،
توماس : هل يجب علينا ان نرتدي الصدرية الواقية يا تُرى؟
تشارلي : دعك من هذا الهراء، انه رجل ينتحر، هل تعتقد انه سوف يطلق النار علينا؟
توماس : اعمل ذلك لكننا بالمرات السابقة قمنا بارتدائها في حالات الانتحار وهذا ما ينص عليه البروتوكول.
تشارلي : تباً للبروتوكول الغبي، انا اريد ان انقذ حياة الرجل لا ان اصاب بنوبة ضيق في التنفس. لقد عملت بالشرطة خمس عشرة سنة ولازلت لا اتحمل ارتدائها.
توماس : لكنها انقذتك مرتين من الموت هل تذكر؟
تشارلي : وكيف انسى، لكنني سوف لن ارتديها اليوم، مفهوم؟
توماس : مفهوم، مفهوم، لا تتوتر ارجوك.
تشارلي : انا لست متوتراً، انا فقط اكره تلك الصدرية اللعينة.
توماس : انظر ها قد وصلنا الشارع 32، دعنا نتابع رقم البنايات. 18...20... 22...24... اسرع قليلاً فما زالت الارقام الزوجية تمر ببطئ شديد. انظر الى هناك انه 32. هيا صف السيارة ودعنا ننزل يا تشارلي.
ترجل الشرطيان من السيارة ورفعا رأسيهما الى الاعلى فرأوا الرجل على حافة سطح البناية والناس متجمهرين تحته ينظرون اليه وكأنهم يودون لو انه يقفز. دخل الشرطيان الى داخل البناية فوجدا المصعد معطلاً قال،
تشارلي : المصعد معطل لذلك سوف اصعد عن طريق السلم. ارجوك ابقى انت في الاسفل فانت مصاب بالتهاب المفاصل وسوف تؤلمك ركبتاك إن طلعت السلم معي.
توماس : هذا امرٌ مستحيل، انا آتٍ معك. سوف لن ادعك تذهب وحدك.
تشارلي : وماذا لو سقطت ومتَ هنا؟ قلت لك ابقى في الاسفل. سوف اتحدث مع ابن الزانية الذي في السطوح واقنعه كي يعدل عن الانتحار. اخرج انت الى الخارج واحضر سيارة اسعاف ثم وفر لي الدعم إن احتجت اليه.
توماس : حسناً لكن لا تجازف باي شيء. حياتك اهم من كل المنتحرين المجانين يا تشارلي.
تشارلي : لا تقلق، لقد خضنا مثل هذه المهمة مرات عدة. ساقنعه وسانزل معه على الفور.
خرج توماس الى خارج البناية ووقف مع الحشد المتجمهر بالشارع وصار يراقب الرجل من الاسفل. وبعد مرور بضع دقائق وصل تشارلي الى السطوح وهو متعب لتسلقه 6 ادوار. قال له المنتحر،
المنتحر : لماذا جئت الى هنا؟ لماذا لا تتركوني اموت بسلام؟
تشارلي : لا تكن تافهاً يا رجل، لو كنت تريد الموت لقفزت قبل ساعة كاملة. انت تريد أن يأتي اليك احدهم ويقنعك لتعدل عن القفز، فليس لديك أي النية كي تموت بتاتاً. ما اسمك؟
المنتحر : اسمي ليونارد وانت؟
تشارلي : اسمي العريف تشارلي اون بامكانك ان تناديني جيري.
ليونارد : ولماذا جري؟
تشارلي : لان شريكي توماس ينادوه باسم توم، لذلك اصبحنا الثنائي توم وجيري. انظر الى الاسفل سترى شريكي توم واقفٌ يشير اليك بيده وهو ينتظرنا كي نتناول فطيرة الدونات فاليوم نحتفل بمرور 15 عاماً على التحاقنا بالشرطة.
ليونارد : كم هذا امر تافه.
تشارلي : اسمع مني يا ليو، لماذا لا تنزل من ذلك المرتفع الخطر ودعنا نتحدث بهدوء.
ليونارد : لا اريد ذلك، انا قررت ان اموت اليوم، فالهنود الحمر يقولون انه يوم جميل للموت عندما يعزمون على الدخول في الحرب.
تشارلي : لكنك لست في حرب ولا انت هندي احمر. اسمع، اريدك ان تخبرني عن مشكلتك فإن لم استطع حلها، على الاقل تموت وقد اخبرت شخصاً ما عنها. ما رأيك؟
قالها وخطى خطوة بطيئة وقصيرة نحو ليونارد لكن ليونارد انتبه الى تقدم تشارلي نحوه فقال بصوت مرتفع.
ليونارد : تــــــــــوقف، لا تقترب مني، لقد لاحظت خطواتك نحوي. انا لست غبياً.
تشارلي : وهل قلت انك غبي؟ انا فقط اردتك ان تحدثني عن مشكلتك فقد تكون آخر ما تقوله قبل ان تسقط 6 ادوار وتتهشم جمجمتك وتتناثر اطرافك على الارض.
ليونارد : هل تحاول اخافتي؟
تشارلي : اسمع مني يا ليو، ان من البديهي ان يتبعثر جسد الانسان عندما يسقط من ارتفاع كبير. فهو امر بشع جداً. لا تحتاج لان تكون عالم بالفيزياء النووية كي تعرف ذلك. فكتلتك الجسدية التي اقدرها بـ 70 كغم سوف...
قاطعه ليونارد وقال،
ليونارد : 73 كغم.
تشارلي : حسناً 73 كغم، فكتلتك الجسدية التي هي بهذا الحجم سوف تسقط بسرعة عالية بحكم الجاذبية وترتطم بالرصيف المصنوع من الخرسانة وسوف تتناثر اعضائك بكل الاتجاهات لانك لست كرة مطاطية، لذا فإن القوة الكبيرة التي ستتعرض لها اعضاك سوف تجعلها تنتشر بشكل افقي بكل الاتجاهات مما يجعلها تنفصل عن كتلة جسدك الاصلية. هل تريد ان يرى افراد عائلتك اشلائك المتهتكة عندما يضعونها في صندوق خشبي كي يصلّون على روحك البائسة بالكنيسة؟
ليونارد : انا ليس لدي احد لا من قريب ولا من بعيد. تربيت بمأتم وعشت وحيداً طوال حياتي. اترك عملية افلام الرعب التي تمارسها عليّ ودعني اموت بسلام.
بهذه اللحظة تقدم تشارلي خطوة اخرى الى الامام ولم يبقى بينه وبين المنتحر سوى متراً واحداً فقط قال،
تشارلي : اسمع مني يا ليو. دعني اخذك الى البار الذي بالقرب من هنا واشتري لك كأساً من الجعة. ثم استمع لكل همومك ومشاكلك، علنا نصبح اصدقاء، ما رأيك؟
ليونارد : هل قلت جعة؟ حسناً ولكن انتظر قليلاً.
هنا استغل تشارلي تلك العبارة المطمئنة من ليو وخطى خطوة اخرى الى الامام ليصبح على مسافة ذراع واحد فقط منه. قفز نحوه وامسك بجذعه واراد ان يسحبه الى الخلف. الا ان ليو اصيب بارتباك وهلع فرجع الى الخلف وكاد ان يسقط لذا تمسك بكتف تشارلي كي يستعيد توازنه لكن اندفاع تشارلي الى الامام جعل الرجل يتراجع الى الوراء فتنزلق قدمه ويسقط فيسقط معه تشارلي. هوى الاثنان في الهواء متوجهين نحو الارض بسرعة فائقة. تابع ذلك المنظر شريكه توم الواقف في الشارع وصرخ، "لا لا لا ماذا حصل؟ يا الهي لقد سقط الاثنان معاً، مستحيل لقد سقطا، سيموت تشارلي، اللعنة، اللعنة". وما هي الا ثانية واحدة فقط وسمع صوت ارتطام جسديهما على الارض. بقي توم يقول اللعنة، اللعنة، ركض نحو شريكه تشارلي ليتفحص نبظه، فوجده قد توقف. صار يصرخ بشكل هستيري ويقول "النجــــــدة النجــــــدة". جائه رجال الاسعاف وطلبوا منه ان يتراجع للخلف. راحوا يُجرون الاسعافات على المصابين ثم بعد قليل عادوا الى توم وقال احدهم،
رجل الاسعاف : انا آسف يا سيدي لقد فارق شريكك الحياة. اما المنتحر فهو لا زال حياً وسوف ننقله للمشفى فوراً.
توم : لا، لا، لا، تشارلي لا يمكن ان يموت، انا السبب، انا قتلته انا قتلته كان علي ان اصعد معه الى السطوح.
قالها وجلس على الرصيف وصار يجهش بالبكاء.
<<<<<<<<<<
بعد مرور يوم واحد فقط من الحادثة دخل النقيب فلاوتشر منزل العريف توم ليجده جالساً بصالة بيته المظلمة وبيده قارورة خمر بحالة سكر كبيرة. قال له،
فلاوتشر : كيف حالك يا توم؟
رفع توم رأسه المتأرجح لينظر الى مديره وقال بتهكم،
توم : كما ترى، انا في غاية السعادة. هل تعافى ابن الزانية؟
فلاوتشر : لقد دخل في غيبوبة بعد ان عالجوا كسوره لكنه توفى في الصباح الباكر.
توم : مع الاسف، كنت اريد ان اقتله بكلتا يداي.
فلاوتشر : لقد مات وذهب لحال سبيله وانت يجب ان تتمالك اعصابك. فانت ما زلت حياً يا توم ونحن بحاجة اليك.
توم : وكيف تكونوا بحاجة اليّ؟ كيف ساعمل من دون تشارلي؟ هل سألت نفسك ذلك؟
فلاوتشر : سوف نجد لك شريكاً مناسباً. المهم انك ستستجمع نفسك وتعود لرشدك فتكمل السنة التي بقيت لك كي تطلع على المعاش.
توم : انا مستقيل من الآن. انا لا اعمل من دون تشارلي، هل نسيت ما كانوا ينعتوننا به يا فيل؟ ثنائي توم وجيري اليس تشارلي هو شريكي؟ كيف ساعمل دون شريكي؟
فلاوتشر : ارجو منك ان تهدأ قليلاً وتستمع الي جيداً، ستأخذ الآن اجازة لمدة اسبوع كامل ثم تبدأ بزيارة الطبيبة النفسية السيدة كروگر، بعدها ستعود على رأس عملك. ما رأيك؟
توم : لا اريد طبيبة نفسية ولا طبيبة بيطرية. انا اريد ان استقيل وحسب فانا لم اعد اصلح للعمل في سلك الشرطة.
فلاوتشر : دعك من هذا الهراء. انت افضل محقق لدينا وسوف لن ادعك تتنازل عن مهنتك فانت ستحال إلى التقاعد بعد سنة بشكل آلي لكنك إن استقلت الآن فسوف تخسره كله وكأنك لم تعمل شيئاً طوال حياتك.
توم : لا يهمني تقاعد ولا براز الكلاب. اريد ترك سلك الشرطة وحسب.
فلاوتشر : حسناً تعال الى المركز بعد ان تنتهي اجازتك ولا تزر الطبيبة كروگر، فقط التقي بزملائك وابقى معهم فترة وجيزة ثم عد الى بيتك، اتفقنا؟
توم : حسناً ساتي يوم الاثنين القادم.
فلاوتشر : شكراً لك يا توم. زملائك سيفرحون بقدومك.
توم : هيا اخرج واتركني بحالي الآن.
فلاوتشر : حسناً اعتني بنفسك يا توم ولا تحمّلها اكثر مما تستحق. لا تنسى ان تذهب للمقبرة غداً.
توم : اجل، اجل سافعل ذلك. وداعاً.
خرج النقيب فلاوتشر من منزل توم وكان محبطاً جداً لانه كان يأمل ان يعيد توم الى العمل، خصوصاً وإن جميع عناصر المركز يحبونه ويحترمونه كثيراً ويثقون بحكمته وتحليلاته في القضايا المعقدة. كان يتأمل ان يفي توم بوعده كي يحضر الى المركز يوم الاثنين.
باليوم التالي ارتدى توم الزي الرسمي للشرطة وتوجه الى (مقبرة ماونتين ڤيو) فرأى عدد كبير من زملائه ممن حضروا لتأدية الوداع الاخير لزميلهم المحبوب تشارلي. وعندما اطلقت الفرقة اطلاقات البنادق وانزل نعشه بالارض. وقف توم ووضع حفنة من التراب على تابوت زميله بينما راح القسيس يقراء مراسم الدفن ليقول "نحن نسلم هذا الجسد الى التراب، الارض للارض، والرماد للرماد، والتراب للتراب. في رجاء أكيد بالقيامة إلى الحياة الأبدية".
امسك الرجال بالعلم الامريكي وطبقوه على شكل مثلث ثم سلموه لزوجته. جهش الجميع بالبكاء وصاروا يقدمون تعازيهم للزوجة ادنا. بعدها ساروا كلهم ببطئ شديد نحو مركباتهم التي صفت في الطريق بداخل المقبرة. تقدم احد زملاء توم وقال له،
دوك : دعني اقدم لك تعازيي يا توم. انا اعرف كم كنت مقرباً من تشارلي.
توم : شكراً لك يا دوك.
ركب سيارته ورجع الى منزله والدموع تنهال من عينيه كالانهار. اما باقي عناصر مركز شرطة انگلسايد فقد عادوا الى مقرهم. وفور دخولهم المقر سمعوا المدير يقول، "اعزائي افراد شرطة انگلسايد، اليوم دفنا اعز زميل لنا المرحوم تشارلي لكننا يجب ان نحاول ارجاع شريكه توم الى آلية العمل فهو من خيرة المحققين لدينا ولا ننوي خسارته هو الآخر. لقد قمت باستدعائه للعمل بعد اسبوع من الآن ووعدني بالمجيئ يوم الاثنين كي يباشر عمله. اريدكم ان ترحبوا به بحرارة بينكم وان تشعروه بانكم جميعاً افراد عائلة واحدة. لقد وعدته ان ارجعه للعمل لكنني سوف لن اعطيه قضايا معقدة ومزعجة حتى يتعافى تماماً من صدمته ويرجع الى اسلوب حياته المعتادة باسرع وقت ممكن. لذلك سوف نحضّر الكيك ونقدم له الهدايا كي نحاول الترويح عنه". اومأ الجميع رؤوسهم تعبيراً عن كلمات القبول والترحيب بالفكرة. وبعد مرور بضعة ايام وبالتحديد يوم الاثنين دخل توم مركز الشرطة لكنه تفاجأ بجميع زملائه قد اجتمعوا كي يرحبوا به وصاروا يقدمون له الهدايا. قالت احداهن،
تريسي : لقد احضرت لك وجبة خبز اللحمة التي تحبها كثيراً.
توم : شكراً لكِ يا تريسي، اجل انا احبها كثيراً.
سلفستر : وانا اشتريت لك فارة لاسلكية جديدة لحاسوبك بامكانك ان تستبدلها بفارة حاسوبك القديمة في الدار.
توم : شكراً سلفستر.
دوك : اما انا فقد اشتريت لك جهاز (گوگل نيست ميني).
توم : وماذا يعمل؟ هل يعد لي القهوة بشكل آلي؟
دوك : ليس ذلك وحسب، بل انه يعينك بجميع شؤون البيت. بامكانك اصدار الاوامر له شفهياً وسوف يستجيب فيوفر لك المعلومات ويعمل كل شيء.
توم : انا اعرف ان نيتك حسنة يا دوك لكنني لا افهم بتلك التقنيات الجديدة فانا من خريجي المدرسة القديمة. انا لست بمستواك التقني حيث اتعامل مع الاجهزة الالكترونية كما لو كنت تتجول بالحديقة العامة.
دوك : لا تقلق يا توم، انه بسيط الاستعمال وسوف اتي الى بيتك بنفسي واولفه مع هاتفك الذكي بسرعة قياسية.
توم : حسناً، انا اشكرك.
راتكلف : انا اهديك صورة انت والمرحوم تشارلي باطار خشبي جميل كي تبقيها على حائط منزلك.
توم : شكراً يا عزيزي رات.
بعد ان انفض الاحتفال المصغر الذي اعده زملائه، رجع الجميع على رأس عملهم فدخل توم الى مكتبه الذي كان يتقاسمه مع شريكه السابق تشارلي وراح ينظر الى منضدته وكرسيه وحاسوبه ثم رأى فوقها صورة لهما فوق سطح المكتب. رفعها وصار يتفحصها بكل حزن متأسفاً على زميله الراحل، وصارت صورة سقوطه على الارض تترائى امامه كما لو كانت بمقطع ﭬيديو. جلس بعدها على منضدته الخاصة يمسح دموعه وصار يرتب الاوراق فوقها فدخل عليه مديره النقيب فلاوتشر قال،
فلاوتشر : يا توم هناك اتصال استغاثة من احدى السيدات بمنطقة گلين بارك. تقول ان ابنتها ذات الخمس سنوات مفقودة وهي قلقة عليها لان احتمال اختطافها وارد جداً. بامكانك ان تأخذ اي شخص ممن تختارهم كي يكون شريكك المؤقت الى حين نخصص لك شريكاً بشكل دائمي.
توم : انا لا اريد شريكاً، لا مؤقت ولا دائمي. ساذهب وحدي.
رغم اعتراض الرئيس، خرج توم من مكتبه وحيداً وتوجه الى المراب ليأخذ سيارة شرطة يتوجه بها الى منطقة گلين بارك. ولما وصل هناك، رأى سيدة واقفة خارج الدار وهي بغاية القلق. اوقف السيارة امامها فقالت،
السيدة : اسعفني يا حضرة الضابط ارجوك. ابنتي ياسمين مفقودة وانا خائفة جداً. عسى ان لا يصيبها مكروه فهي ما زالت لم تكمل الخمس سنوات بعد. ربما تكون قد اختطفت او تعرضت لحادث ما.
توم : لا تقلقي سيدتي. سنبحث عنها فوراً وسنجدها لك سالمة.
رجع توم لسيارته وتحدث باللاسلكي ليعلمهم باختفاء الطفلة ياسمين وباقي التفاصيل الاخرى. ثم رجع لوالدتها وسأل،
توم : هل تأذنين لي سيدتي ان ادخل بيتك؟
السيدة : اجل، اجل بالطبع تفضل معي.
دخل توم مع تلك السيدة فطلب منها ان تقوده الى غرفة ابنتها فادخلته ليلاحظ اثاث الاطفال المنسق والالعاب موزعة بشكل جميل قال،
توم : يبدو انك تصرفين الكثير من الوقت بترتيب غرفتها.
السيدة : ابداً يا حضرة الضابط، ابنتي لا تقبل ان يمس احد غرفتها او اثاثها. هي التي ترتب كل شيء فهي طفلة عاقلة ورشيدة بالرغم من صغر سنها.
تَمَشّى بداخل الغرفة فوجد صورة للطفلة ياسمين وهي تحمل قطة سيامية. فسأل،
توم : هل هذه الصورة قديمة؟
السيدة : كلا، التقطتها لها قبل اسبوع.
توم : واين القطة؟
السيدة : تعودتُ على اطعامها في الصباح. الا انني لم ارها هذا اليوم.
توم : متى رأيت ابنتك آخر مرة؟
السيدة : بالامس عندما دخلت ياسمين الى غرفتها كي تنام.
توم : هل هذه قطتها بالصورة؟
السيدة : اجل اسمها الآنسة فلفل.
توم : ساضطر لاخذ هذه الصورة معي،
السيدة : اجل بكل تأكيد خذها.
اخذ الصورة ورجع الى سيارته. فتح حاسوبه المتنقل وقام بمسح صورة الطفلة ياسمين وبعثها الى المركز بشكل رقمي. رجع الى السيدة وقال،
توم : سنقوم بالبحث عن ابنتك وسنتصل بك فور عثورنا عليها.
ركب سيارة الشرطة وهم بالعودة الى المركز لكنه اثناء قيادته للسيارة سمع احد رجال الدورية يقول على المذياع، عثرت على طفلة تتشابه اوصافها مع اوصاف الطفلة المفقودة. فرد عليه توم وقال، اعطني الاحداثيات وسأتي اليك حالاً. وما هي الا دقائق وتوقفت سيارة توم بالقرب من سيارة زميله فوجده واقفاً تحت شجرة. قال،
باترك : انظر يا توم الى اعلى الشجرة. انها الطفلة التي تشبه الصورة. حاولت التحدث معها لكنها لم ترد عليً.
توم : دعني اتسلق الشجرة.
باترك : هل جننت يا توم؟ انها شجرة عالية وملساء. سوف تقع منها وتتكسر عظامك لا محال.
توم : لا تخف عليّ يا بات.
تسلق توم الشجرة بصعوبة لانه يعاني من التهاب المفاصل لكنه تحامل على نفسه حتى وصل الى اعلى الشجرة ولما بلغ الطفلة قال،
توم : كيف حالك يا ياسمين؟
ياسمين : من اين عرفت اسمي؟ انا لا اعرفك.
توم : لكنني اعرفك واعرف الآنسة فلفل ايضاً. اليست فلفل هي التي تحملينها بيدك الآن؟
ياسمين : اجل لقد تسلقتْ قطتي المسكينة الشجرة ولم تتمكن من النزول بعدها. لذلك طلعت خلفها كي انقذها ولم اتمكن من النزول انا ايضاً.
توم : لا تقلقي يا صغيرتي، سوف انزلكما بامان.
ياسمين : هل ارسلتك امي؟
توم : اجل، لقد كانت قلقة عليك كثيراً.
ياسمين : حسناً عندما اعود الى البيت ساطلب منها عدم القلق بالمستقبل. فانا انسانة ناضجة وما عدت طفلة.
قال توم لزمليه باترك الذي وقف بجانب جذع الشجرة انه سوف ينزل الطفلة وقطتها معاً، وعليه ان يتسلمهما منه. امسك توم بياسمين ونزل بها الى فرع الشجرة السفلي ثم امسك بها وصار يسلمها لزميله باترك الذي تلقفها وطلب من توم ان يتركها. بعدها تبعهم توم لينزل الى الاسفل وهو يعاني من آلام كبيرة بجميع مفاصله لكنه ابى ان يظهر لزميله شكواه من الآلام. اركب ياسمين الى جانبه بالسيارة وتحدث باللاسلكي ليخبر الادارة ان الطفلة ياسمين بخير وعليهم اخبار والدتها بانهم سيكونون عندها خلا دقائق. وفي الطريق قالت له،
ياسمين : اود ان اشكرك على مساعدتنا وانقاذك لنا من الموت المحتم.
توم : الارتفاع لم يكن كبيراً بحيث يسبب الموت لكنني جداً سعيد بسلامتك وسلامتها.
ياسمين : هل لديك زوجة واطفال؟
توم : كلا. زوجتي توفت ولم يسبق لنا ان انجبنا اطفالاً.
ياسمين : لكنك تعاملني كما لو كنت اباً حنوناً.
توم : شكراً لك عزيزتي فانت طفلة مميزة.
وصلت السيارة امام بيت ياسمين فنزلا منها لتستقبلهما امها بالعتاب الا ان توم طلب منها ان تتوقف عن نهر ابنتها لانها كانت تريد انقاذ قطتها العالقة على الشجرة. قالت له ياسمين،
ياسمين : اريدك ان تأتي لزيارتنا في المستقبل.
التقت عين توم بعين والدتها فوجدها تومئ برأسها وهي تبتسم قال،
توم : حسناً يا حلويتي اعدك ان ازوركم باسرع وقت. فسوف اشتاق لك وللآنسة فلفل.
بعد ان انهى مهمته ودعهم وعاد الى سيارته ثم اتصل بالمركز ليخبرهم بان المهمة قد انتهت بنجاح. الا انه شعر بحزن عميق لان انواع تلك المهمات كانت تناط بشرطة ناشئين وليس محققاً بمثل مرتبته وخبرته الطويلة في حل القضايا المعقدة. وعندما وصل المركز دخل القاعة الرئيسية فوجد جميع زملائه محتشدين ليحيوه ويهنئوه على نجاحه بالعثور على الطفلة ياسمين وقطتها. لكن الحيلة لم تنطلي عليه، لانه يعلم تماماً ان مدير المركز لديه يد في جمع الزملاء كي يبعثوا به الشعور بالامل والقناعة بعد اتمامه المهمة بنجاح. قال، "يا زملائي الاعزاء، انتم اجتمعتم اليوم كي تحيوني على عمل بسيط تافه اعتدنا ان ننيطه بعناصر الشرطة المبتدئين وليس لمحقق محنك ذو خبرة طويلة قضى جل عمره يحل اعقد الجرائم واكثرها تعقيداً لذا، رجاءاً كفاكم تدليلاً لي كما لو كنت طفلاً صغيراً". قالها ثم دخل مكتبه واغلق الباب ورائه. جلس على مكتبه فلحق به المدير ودخل المكتب ثم قال،
فلاوتشر : عزيزي توم، ارجو منك ان تغفر لي زلتي فانا لم اقصد ان اقلل من شأنك عندما اعطيتك مهمة العثور على الطفلة ياسمين. انا اردت فقط ان تعود للعمل بشيء بسيط يرجعك الى سابق عهدك في البحث والتدقيق.
توم : لكنك مخطئ يا فيل، فانا متأثر بوفاة شريكي وزميلي وصديقي تشارلي لكنني لا زلت انساناً سوياً لم أصل الى عمر الخرف وبامكاني ان احل القضايا الاكثر تعقيداً بنفس الكفائة.
فلاوتشر : وانا متأكد من ذلك، لكن اللوائح والقوانين تمنعني من ان اتركك تمارس عملك بقضايا خطيرة دون ان يكون لك شريك. فالشريك قد يصد عنك الاذى او حتى يحذرك من خطر محدق بك. اسمع مني يا توم، لقد قررت ان اقرنك مع الشرطية زوي.
توم : ماذا؟ زوي؟ انها شابة يافعة التحقت بالمركز قبل اقل من سنة بعد تخرجها من مدرسة الشرطة. كيف تريدني ان اسلم حياتي بيد امرأة مستجدة؟
فلاوتشر : يا توم، لا تجبرني على اتخاذ قرار ظالم بحقك. فاما احالتك على التقاعد المبكر او زوي، ما رأيك؟
توم : لا اريد التقاعد الآن... حسناً، إن كان ولا بد فزوي. ولكن يجب ان تعلمها انني انا المدير.
فلاوتشر : اجل، اجل ساخبرها بذلك. ستطيعك بكل شيء.
وفجأة سمعا طرقاً على الباب لتدخل زوي الشرطية الجميلة طويلة القامة ذات الشعر الذهبي القصير. قالت،
زوي : هل تأذن لي بالدخول؟
توم : لقد دخلت ولم تنتظري الاذن بالدخول، تعالي يا زوي واجلسي.
زوي : لم يتسنى لنا ان نتعرف على بعضنا البعض من قبل بشكل جيد. انا زوي كورك، ولدت بلويزيانا ثم انتقلت الى هنا وتخرجت من مدرسة الشرطة.
فلاوتشر : زوي حازت على اوسمة كثيرة ولديها الحزام الاسود في القتال الياباني (هاﭘكيدو).
توم : هل انتِ متزوجة ولديكِ اطفال؟
زوي : كلا وكلا.
فلاوتشر : تعتبر زوي اكثر شرطية متفرغة ومخلصة لعملها. وسوف تنفعك كثيراً لاسيما وانها فازت بالمرتبة الثانية ببطولة الـ 25 كلم في جري الماراثون.
توم : حسناً حسناً، كفاك ترويجاً للبضاعة، يبدو وكأنك تتحدث في اعلان تجاري لمسحوق غسيل الملابس.
فلاوتشر : حسناً انتما الاثنان، سيبدأ عملكما سوياً من الآن فصاعداً وسوف اسلمكما قضايا جديدة عندما ترد الينا.
خرج توم وزوي ليأخذا سيارة دورية فقال لها،
توم : انا ساقود السيارة.
ركبت زوي على يمينه دون ان تبدي رغبتها بالقيادة. ابتدأ يومهما بالتجوال ببطئ شديد وسط المدينة وراحوا يتفحصون المارة والمركبات التجارية وسيارات الاجرة. لم ينطقا بكلمة واحدة بينهما وفجأة سمعا ارسالاً على جهاز اللاسلكي يقول، "الى جميع الوحدات المتواجدة بالقرب من الشارع 52 و 48 تقع عملية سطو مسلح على متجر H&M ". نظرت زوي الى شريكها توم وقالت،
زوي : هذا نحن. العملية تبعد مسافة قليلة منا.
امسكت بجهاز اللاسلكي واخبرت المركز باستجابتهما للنداء، كبس توم على صفارة السيارة وبدأ القيادة بسرعة كبيرة متوجهاً الى موقع الجريمة. اوقف السيارة ونزل الاثنان ليرتديا الستر الواقية مخرجين البنادق من الصندوق الخلفي فيتحدث توم بجهاز اللاسلكي ويقول، "نحن على استعداد تام وننتظر الاوامر". جائه الرد من مديره قائلاً،
فلاوتشر : هل بامكانك احصاء عدد الجناة ونوع السلاح الذي بحوزتهم وامكانية التحاور معهم؟
توم : سادخل المتجر الآن وانفذ المهمة.
زوي : وانا سأتي معك.
توم : كلا يا زوي، اريدك ان توفري لي الدعم من الخارج مفهوم؟
زوي : مفهوم.
بقيت زوي واقفة خارج المتجر ممسكة ببندقيتها بينما اقترب توم من زجاج المتجر ونادى بصوت عال، "نحن الشرطة، هل بامكاننا التحدث سوياً؟"
الجاني : ابعد عن هنا والا قتلت جميع من في المتجر.
توم : ما هي مشكلتك يا رجل؟ ربما استطيع حلها، تكلم ارجوك.
الجاني : اتركني ايها العجوز الاحمق فانا اعرف اساليب التحاور مع الجناة لكنني اليوم سوف اخرج من هنا ولن يقبض عليّ احد.
توم : حسناً كلام سليم لكنك تعلم انني ليس بمقدوري ان ادعك تذهب بحرية. المكان كله محاصر وهناك المزيد من عناصر الشرطة تصل الى هذا الموقع كما نتحدث الآن. هل بامكاني الدخول الى عندك كي نتحاور وجهاً لوجه؟
هنا سمع صوت اطلاق النار من داخل المتجر فانحنى توم كي يتفادى الاصابة ثم صرخ،
توم : مــــــــــــا الذي يجري؟ الم نكن نتحدث بشكل جميل؟ لماذا اطلقت النار؟
الجاني : لقد غادر احد الزبائن موقعه وحاول الهروب خلسة فاطلقت النار الى الاعلى كي اوقفه.
توم : هل اصيب احد بأذى؟
الجاني : كلا، عاد المعتوه الى مكانه.
توم : والآن كيف سنحل هذه المشكلة؟ ماذا تريد مني؟ ما هي مطالبكَ؟
الجاني : اريد تزويدي بطائرة مروحية تقلني حيث اريد. اريد مبلغ مليون دولار باوراق نقدية صغيرة غير معلمة ذات الخمسة والعشرة والخمسين دولار.
توم : لا اسمعك جيداً هل بامكاني الدخول والتحدث اليك وجهاً لوجه كي اسجل التفاصيل فانا لست مسلحاً؟
الجاني : حسناً تقدم الى الامام ودعني افتشك كي اتأكد من انك اعزل.
وقف توم ورمى اسلحته على الارض ثم عدّل هندامه وضغط على زر التشغيل كي تبدأ الكاميرا التي تشبه زر القميص والمثبتة على بزته ثم تقدم نحو باب المتجر الزجاجي وصار يخطو خطوات بطيئة رافعاً يده الى الاعلى فرأى الجاني حاملاً بندقية صيد مصوباً اياها نحوه قال،
الجاني : تقدم نحوي ببطئ شديد اريد ان اتأكد من انك اعزل.
تقدم توم ببطئ وحذر يخطو خطوات تجعل من حذائه ينزلق على الارض كي يبعث الطمأنينة بقلب الجاني ثم لما صار على مسافة ذراع واحد منه قال،
توم : مرحباً، انا اسمي توماس كارتر من شرطة انگلسايد وانت؟
الجاني : بامكانك ان تسميني الكابوس.
بدأ الجاني بتفتيش توم ليتأكدد من انه اعزل. بهذه الاثناء كانت شرطة انگلسايد تراقب المشهد من خلال الكاميرا المثبتة على صدر توم. في مركز الشرطة قام دوك مسؤول البرمجيات بالتقاط صورة للجاني ثم وضعها في برنامج المقارنة بداخل قاعدة البيانات كي يتعرف على الجاني حتى توصل الى كل بياناته. تحدث باللاسلكي لتصل الى السماعة المثبتة على اذن توم وقال، "اسمع يا توم، الجاني يدعى جوني كافندال، العمر 27 سنة، لديه سوابق وقد ادخل السجن لمدة 4 سنوات بسبب سطو مسلح. والآن يعيش في منطقة كروبر هيل. اعزب ولديه طفلة عمرها 7 سنوات تدعى فيرونيكا".
وجه توم كلامه للجاني وقال،
توم : ولماذا تريدني ان اسميك كابوس؟
جوني : لانني ساحرق الكثير من الارواح ان اغضبتني. كل ما اريده هو ان اخذ المال واختفي عن الوجود.
توم : وهل تعتقد ان الشرطة ستتركك بحالك. سرعان ما سيعرفون كل المعلومات عنك.
جوني : هراء، فور وصول المال الى يدي ساختفي من وجه الارض ولن يعرف احد بغيابي.
توم : ومن سيعتني بفيرونيكا؟ هل ستبقى مع الجيران او الاغراب؟
جوني : وكيف عرفت باسم ابنتي؟
توم : اووووووه انت بقيت في السجن 4 سنوات بينما تقدمت التقنيات كثيراً. انا اعرف تماماً ان اسمك الحقيقي هو جوني كافندال وان عمرك 27 سنة.
جوني : إذا دعهم يأتوني بالمليون دولار وإلا قتلتك انت ايضاً مع الرهائن.
توم : انت لا تقدر ان تفعل ذلك لانك لست قاتلاً يا جوني وانك تريد تربية فيرونيكا بشكل جيد.
جوني : إذاً إبدأ بالصلواة على روحك لانني ساقتلك انت اولاً.
وجه بندقيته بوجه جوني ووضع سبابته على الزناد لكنه تلقى ركلة من الخلف من قدم زوي اسقطت البندقية من يده فتلقفها توم بينما ركلته ركلة ثانية اسقطته ارضاً ثم راحت تثبّتْ الاصفاد على معصميه من وراء ظهره. اعلن توم باللاسلكي ان الاحتجاز قد انتهى والوضع تحت السيطرة فدخل سيل كبير من عناصر الشرطة والاسعاف الى المتجر وانتشروا بكل الاماكن داخل المتجر، راحوا يفكون وثاق الرهائن. تقدم توم نحو جوني وقال،
توم : لماذا فعلتَ ذلك يا جوني؟ ستدخل السجن من جديد وستتشرد ابنتك فيرونيكا او تأخذها مؤسسة الرعاية الاجتماعية ثم تودعها بمنازل الحضانة. اهذا ما تريد؟
جوني : اردت مبلغاً كافياً يمكنني من اخذ ابنتي بعيداً لأربيها تربية صالحة.
توم : لكنك زدت في الطين بلّة واصبح الامر اكثر تعقيداً. ابنتك سوف لن تغفر لك صنيعك هذا وسوف لن تعترف بك اباً.
رفع رأسه للشرطيين الواقفين حوله وقال، "خذوه". تقدمت زوي نحو توم وقالت،
زوي : لقد دخلت من الباب الخلفي للمتجر، هل اعجبك ادائي؟
توم : لا طبعاً، كُنتُ ساجعله يستسلم طوعاً قبل ان تتدخلي بالعاب المهرجين التي اديتيها في استعراض مضحك.
زوي : هل جننت يا توم؟ الرجل كان سيسحب الزناد ليقتلك. اهكذا تشكرني لانني انقذت حياتك؟
توم : انتِ خالفت اوامري عندما طلبت منك عدم الدخول الى المتجر كان بالامكان ان يصاب احد الاسرى بأذى من جراء عملتك الغير مسؤولة.
زوي : وهل ستبلغ الشؤون الداخلية عن ذلك؟
توم : كلا سيبقى الامر بيننا ولكن اريد ان يكون ذلك درساً لكِ كي تطيعي الاوامر حرفياً بالمستقبل.
زوي : حسناً يا توم، اعدك بذلك.
رجع الشريكان الى مركز الشرطة وغيرا ملابسهما ثم افترقا ليرجع توم الى بيته. وبعد وصوله بربع ساعة سمع جرس الباب فقال، "اوووووف، يا لكي من غبية يا زوي، اعرف جيداً انك جئت كي تؤكدي لي عدم رفع التقرير للشؤون الداخلية". فتح الباب ليرى زميله دوك مسؤول قسم البرمجيات بالمركز واقفاً على ناصية الباب قال،
توم : اهلاً يا دوك، ما الذي جاء بك الى هنا؟
دوك : الم اعدك بان اولف لك جهاز (گوگل نيست ميني) مع هاتفك الذكي؟
توم : تفضل ادخل يا دوك. هل اتشرب الجعة؟
دوك : اجل، الطقس ساخن واشعر بعطش كبير. بالمناسبة، دعني اهنئك على عملية الرهائن اليوم.
توم : لقد كانت امراً بسيطاً انتهى بسرعة قياسية. تفضل بالجلوس.
جلس دوك في غرفة الصالة بينما احضر توم زجاجتي جعة من نوع كورونا من ثلاجته واعطى واحدة لدوك قال،
توم : اسمع مني يا دوك، انا شاكر جداً لانك اهديتني هذا الجهاز الذي يشبه شطيرة الهامبركر لكنني كما اخبرتك سابقاً فانا لا افهم بتلك الاجهزة اللعينة. لماذا تصر على تعقيد الامور على حياتي.
گوگل نيست ميني
دوك : بالعكس، سوف ترى ان هذا الجهاز سوف ينظم لك حياتك وسوف يساعدك كثيراً. سوف تشعر وكأن شخصاً آخر يقاسمك المنزل.
توم : لو اردت ان اقاسم منزلي مع شخص آخر لحضيت بصديقة او زوجة جديدة لكنني احب الوحدة، ولا اريد اي امرأة ان تنكد علي صفو حياتي.
دوك : ارجوك يا توم، دعني فقط انظم الجهاز وسترى. إن لم يعجبك فبامكانك التخلص منه بصفيحة القمامة. اين هو؟
توم : انه في الخزانة، سوف احضره لك الآن.
اعطى توم علبة فيها الجهاز فاخذها دوك واخرجها من علبتها قال،
دوك : انت لم تخرجها من العلبة بعد.
توم : اجل، لم يكن لدي الوقت.
بدأ دوك بربط اسلاكها ثم طلب هاتف توم الذكي وراح يكبس على ازراره ليدخل التطبيق HOME ثم سأله، ما هو رقمك السري؟
توم : اتقصد رقمي السري للهاتف؟
دوك : كلا، رقم جهاز البث wifi؟
توم : اكتب عندك qr3321cvc.
دوك : حسناً لقد تم التوليف الآن اسمع وتابعني،
دوك : اسمع يا كوكل ما الساعة الآن؟
فجأة جائه صوت انثوي حنون يقول، "انها الرابعة واثنان واربعون دقيقة مساءاً"
توم : وهل تعتقد انني لا استطيع ان احصل على الوقت من الساعة المثبتة على معصمي؟
دوك : انتظر يا توم. اعطي الجهاز فرصة رجاءاً. اسمع يا كوكل ما هي درجة الحرارة الآن؟
كوكل : انها 90 درجة فهرنهايت.
دوك : اسمع يا كوكل اين نحن الآن؟
كوكل : انت في بيت رقم 1204 شارع سان خوزيه، سان فرانسسكو الولايات المتحدة الامريكية.
دوك : اسمع يا كوكل اسم سيدكِ هو توم.
كوكل : حسناً ساتذكر ذلك مستقبلاً.
دوك : اسمع يا كوكل من هو سيدكِ؟
كوكل : سيدي هو توم.
هنا سأل توم،
توم : هل بالامكان ان يستمر المرء بالتحدث معها دون الحاجة لان يقول (اسمع يا كوكل)؟
دوك : بامكانك ان تطلب محادثة متواصلة. ولكي اغير اسمها يجب عليّ الدخول على نظامها واجري بعض التغييرات ببرمجيتها. هل تريد تغيير الاسم؟
توم : اجل، غيره لاسم المرحومة زوجتي "روز"
دوك : اعرني حاسوبك لو سمحت.
اعطاه توم جهاز الحاسوب فراح يكتب عليه شفرات بسرعة هائلة ثم اعلن،
دوك : الآن اصبح اسم جهازك روز كما طلبت. الا جربته؟
توم : يا روز، الا زلت تحبيني؟
روز : وهل يعقل ان انسى توم. انت حبيبي الى الابد.
ابتسم توم لهذا الرد بالرغم من انه يعلم ان من اجابته هي آلة فقط وليس لها مشاعر لكنه مع ذلك شعر وكأنه يتحدث الى زوجته التي احبها كثيراً. هنا عاد وسأل،
توم : من هو رئيس الولايات المتحدة الامريكية الرابع عشر؟
روز : انه فرانكلين بيرس، حكم من 1853 - 1857. كان بيرس سبباً في نشوب الحرب الاهلية في الغرب...
سأل توم زميله وقال،
توم : ماذا لو اردتها ان تتوقف عن السرد؟
دوك : قل لها "توقفي".
توقفت روز عن السرد. هنا سأل دوك قائلاً،
دوك : لماذا اخترت هذا الرئيس بالتحديد؟
توم : لانني عندما كنت طالباً بالثانوية، طلبوا مني كتابة تحقيق عن هذا الرئيس فبحثت ايام طوال عنه بالمكتبة العمومية.
دوك : والآن تجلس المكتبة العمومية امامك هنا بغرفة الصالة.
توم : هذا شيء رائع. اشكرك يا دوك. لم اكن اتخيل ان تكون ممتعة بهذا الشكل.
دوك : طبعاً لانك كنت تجهلها لذلك رفضت التعامل معها عن دون قصد.
توم : متى اغلق الجهاز ومتى افتحه؟
دوك : ليس من الضرورة ان تغلقه، اي انه سيبقى مفتوحاً دائماً ينتظر منك التحدث اليه.
توم : باي وقت؟
دوك : اجل باي وقت تشاء.
توم : شكراً لك يا دوك، ساطلب مساعدتك ان احتجت للمزيد من المعلومات عن هذا الجهاز العجيب.
دوك : إذاً دعني اتركك مع رفيقتك الجديدة وارجع الى منزلي.
ودع توم ضيفه ثم عاد مسرعاً الى غرفة الصالة وقال،
توم : يا روز ساجري محادثة معك. كم يبلغ عمري؟
روز : عمرك 59 سنة.
توم : هل لدي اطفال؟
روز : لا اعلم، لكنك إن اخبرتني فسوف اتذكرها بالمستقبل.
توم : انا ليس لدي اطفال.
روز : حسناً، ليس لديك اطفال.
توم : ما هو عمر اطول معمر بالعالم؟
روز : السيدة جان كالمونز الفرنسية التي عاشت لـ 122 سنة و164 يوماً.
توم : من هو رئيس وزراء ماليزيا؟
روز : اسمه مهاتير محمد وللفترة الرئاسية الثانية.
توم : من هو وزير الخارجية الحالي لامريكا؟
روز : ريك تيلرسن.
توم : هل بامكانك ان تحكي لي طرفة؟
روز : بالتأكيد، ما هو اسرع حيوان على وجه الارض؟ الجواب: يهودي في شارع العرب.
توم : اتركي النكت الآن، ما هي اطول بناية بالعالم؟
روز : اطول بناية بالعالم هي برج خليفة في دبي.
توم : ما هو اكبر مطار بالعالم؟
روز : مطار دنفر ومطار دالاس بامريكا.
توم : شكراً يا روز. والآن ساقرأ بملف احدى القضايا قبل ان انام.
روز : هل تريدني ان اساعدك بشيئ آخر؟
توم : كلا ساقرأه بنفسي شكراً.
روز : تصبح على خير يا عزيزي توم، ارجو ان تنعم بنوم هانئ واحلام حلوة.
ذهب توم مباشرة الى الحمام وراح يفرش اسنانه استعداداً للنوم. لكنه كان يفكر بزوجته الراحلة روز وكيف عادت للحياة بكل تلك الحكمة والمعلومات الثرية. "انه شيء لا يصدق، ساستكشف المزيد من قدراتها غداً". سحب ملف احدى القضايا من حقيبته ليأخذه للسرير وصار يقرأه قبل الخلود للنوم فسمع روز تقول له من بعيد،
روز : غداً لديك عمل، لقد تأخر الوقت، هيا اترك الملف واخلد للنوم.
قال توم بسريرته "اوف، حتى انت تعرفين النق؟".
توم : هل باستطاعتك اطفاء النور؟
روز : بالتأكيد، النور سيطفأ الآن.
دخل توم سريره وبقي يفكر بتلك المعجزة التي نصبها له زميله دوك. لكنه بالنهاية خلد الى نوم طويل هانئ.
ترى ما هي الخطوة التالية؟ هل سيتمكن العريف توم من التعايش مع شريكته الجديدة بالمنزل ام انه سيقع بحبها؟ ستعرف الاجابة على هذه التسائلات في الجزء الثاني من هذه القصة.
1080 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع