كيف تم تصوير الثقوب السوداء وهي لا ترى؟

                                                   

                       بقلم د. حيدر الشمري*

     

كيف تم تصوير الثقوب السوداء وهي لا ترى؟

لنبدأ بالسؤال التقليدي الذي هو هل الثقوب السوداء حقا لا ترى؟ الجواب لا يمكن رؤية الثقب الاسود مباشرة. والسبب يعود الى انها لا تصدر ضوء بطبيعتها ولا تعكسه و وهنا نعود الى نفس السؤال كيف اذا تم تصويرها ناهيك عن المسافة و عن بعد آلاف السنوات الضوئية او بلايين الكيلومترات من كوكب الارض؟ يجيئ هذا السوال بالتزامن مع الكشف الذي تم الاعلان عنه في يوم 12 مايو/ايار لعام 2022 من قبل فريق من علماء الفلك عن أول صورة لثقب أسود يتم تصويره في القلب المظلم لمجرتنا "درب التبانة"، بأستخدام الأشعة الراديوية والذي يطلق عليه اسم القوس Sagittarius A* " *A " وهو عبارة عن تمكن ذلك الفريق من تصوير الثقب الاسود الرابض هناك، حيث نجح الفريق والمؤلف من 300 باحث في 80 دولة وعلى مدى عدة سنوات وثمانية مراصد راديوية حول العالم، التقاط تلك الصورة والتي تشبه الدونات (قرص لامع) وهي نتيجة تجميع عدد من الصور الكثيرة عن ذلك الثقب الهائل في مركز المجرة. تلك البيانات التي وصل حجمها ستة تيرابايت ، استغرق تحليلها عدة سنوات كذلك ليتم الاعلان عنها في شكلها النهائي و الذي يعود الفضل للمرصد الفلكي المسمى (Event Horizon Telescope) كما اكد العلماء بان كتلة هذا الثقب الاسود العملاق تقدر ب 4.3 ملايين ضعف كتلة الشمس وبقطر حوالي 25 مليون كيلومتر بينما يقع على مسافة تبعد عنا 25800 سنة ضوئية، اي حوالي 246 كوادريليون كيلو متر من الارض . لقد استمر العمل على هذا الانجاز الفلكي ما يقارب من 25 عاماً وبفضل تطور تقنيات التصوير الفلكي وبرمجيات مدعومة بأجهزة كومبيوتر عملاقة ودمج التلسكوبات حول العالم في تلسكوب عملاق واحد بحجم الأرض يمكنه تحقيق الدقة المطلوبة لتصوير الثقوب السوداء. ما نشاهده في الصورة من اللون البرتقالي المتوهج هو ان المادة التي تحيط بالثقب الاسود والتي تتألف من حزام او اقراص تراكمية ضخمة من الغاز والغبار الكوني الذي يمتد لما بين 5 إلى 30 سنة ضوئية ، هي المسؤولة عن انبعاثات الأشعة السينية والتي يمكن للمراصد الراديوية ان يلتقطها وهي ناتجة عن ارتفاع درجات حرارة الى 10 ملايين درجة مئوية تقريبا نتيجة الاحتكاك مما يؤدي الى تأين الغاز وتحوله الى بلازما في الاقرص المحيطة بالثقب الاسود لذلك تبدو هذه الأقراص التراكمية لامعة ومشرقة باللون البرتقالي. أما بالنسبة للبقعة المظلمة في منتصف الصورة فهي ظل الثقب الأسود.

وفقًا لوكالة الفضاء الأميركية ناسا حول موضوع الثقوب السوداء: انه لا تستطيع قوانين الفيزياء المعروفة حتى اليوم تفسير جميع التساؤلات حول ما يخفيه الثقب الاسود من عوالم اللامحدود خلف افق الحدث وهي نقطة اللاعودة النقطة التي ينهار بها الزمان نحو مركز ذلك الثقب ، ولكن هناك كثير من الفرضيات التي تعطينا تصورا رياضيا عن المتوقع اكتشافه من ظواهر تفوق التصور و تجتاز المعقول.

*استاذ جامعي

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

537 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع