عائلة شيت خطّاب - الجزء الرابع

                                                           


                  الأستاذ الدكتور باسل يونس ذنون الخياط

                      


عائلة شيت خطّاب - الجزء الرابع

هناك شخصيات عراقية كبيرة ترك بصماتها على المشهد العراقي وساهمت في نهضة العراق وتقدمه. ومن هذه الشخصيات مُعلم الأجيال وأيقونة القضاء القاضي ضياء شيت خطّاب (1920–2012) الذي يُعد أحد أعلام المجتمع العراقي.

ولـد ضياء شيت خطّاب في محلة (باب البيض) في الموصل عام 1920م، وقد سماه أبوه (ضياء) تيمننا باسم صديقه (ضياء يونس) سكرتير مجلس الوزراء الذي اغتيل سنة 1936 في حركة بكر صدقي. وقد شاءت الأقدار أن يقترن ضياء شيت خطّاب بكريمة ضياء يونس الفاضلة (علياء) بعد إنهاء دراسته الجامعية الأولية ويرزق منها بثمانية أولاد.

دخل ضياء الكتاتيب التي كانت منتشرة في الموصل، وحفظ فيها الكثير من آيات القرآن الكريم. ثم درس الابتدائية في مدرسة (باب البيض)، وأكمل تعليمه الثانوي عام 1938م في الموصل. ثم اتجه بعدها إلى كلية الحقوق في بغداد ليدرس فيها القانون، وقد تخرج منها عام 1942م.

    

مارس ضياء خطّاب المحاماة لفترة قصيرة بعد تخرجه ليُعين بعدها معاوننا قضائيا منذ العام 1943 ولغاية 1945. وفي العام 1945 أصبح قاضيا، وكانت البداية في محكمة بداءة هيت، ثم قاضيا في محكمة عانة في الفترة 1946-1948، ثم قاضيا في محكمة الموصل في الفترة 1948-1952، ثم قاضيا في محكمة استئناف بغداد عام 1954.

وأصبح ضياء خطّاب قاضيا في محكمة التمييز، ثم سافر ببعثة دراسية عليا إلى الولايات المتحدة ونال شهادة الماجستير في (القانون المُقارن) من جامعة جورج واشنطن الأمريكية عام 1963.

لقد كان ضياء خطّاب في جامعة جورج واشنطن طالبا متميزا وترك سمعة طيبة، وقد خاطبه عميد كلية الحقوق الأمريكي قائلا: (قد كسبت العلم لأنك قاضٍ). كما ترك ضياء خطّاب بصمة دستورية هناك حتى وصلت أخباره إلى الرئيس الأمريكي جون كينيدي (1917-1963).

وبعد عودته إلى العراق، عُين ضياء خطّاب في العام 1964 عضوا في محكمة تمييز العراق. وفي العام 1970 أصبح رئيسا لديوان التدوين القانوني والذي يُعرف باسم (مجلس شورى الدولة). ثم أصبح نائبا لرئيس محكمة التمييز سنة 1970.

وبتأريخ 1979/4/10 أصبح ضياء شيت خطّاب رئيسا لمحكمة التمييز في العراق وبقي في هذا المنصب حتى إحالته على التقاعد في 1983/6/30 لبلوغه السن القانونية. كما تم انتدابه لديوان التدوين القانوني (مجلس شورى الدولة) سنة 1980.

لقد شغل ضياء شيت خطّاب عدد من اللجان القانونية:
- رئيسا للجنة وضع قانون التنظيم القضائي رقم 60 لسنة 1979.
- رئيسا للجنة وضع قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980.
- رئيسا للجنة وضع قانون الرسوم العدلية رقم 14 لسنة 1981.
- رئيسا للجنة وضع مشروع قانون الإجراءات المدنية.

وكان ضياء شيت خطّاب عضوا عاملا في المجمع العلمي العراقي للفترة (1975-1995)، كما كان عضوا في محكمة التحكيم الدولية في لاهاي خلال الفترة (1970-1990).

لقد أسهم ضياء شيت خطّاب في التدريس بكلية الحقوق في جامعة بغداد للفترة (1959-1969)، كما أسهم في التدريس بكلية الحقوق في الجامعة المستنصرية منذ تأسيسها حتى العام 1975، وكذلك في المعهد القضائي منذ تأسيسه.

كما ألقى ضياء شيت خطّاب محاضرات قانونية في جامعات ومعاهد عربية. وشارك بالعديد من الدورات والنشاطات القانونية التي كانت تقام في بغداد والدول العربية والأجنبية.

لقد كان ضياء شيت خطّاب عضوا في ثلاث مجاميع عربية في العراق والأردن ومصر، وقد مثَّل العراق في ندوات ومؤتمرات عربية ودولية؛ منها المؤتمر الأول للمحامين العرب في القاهرة والذي حضره الرئيس المصري جمال عبد الناصر. ويومها أطلق الباحثون والقانونيون لقب (سنهوري العراق) على ضياء شيت خطّاب نسبة إلى شيخ قُضاة العرب المصري الشهير عبد الرزاق السنهوري (1895-1971م)، وهو أحد أعلام الفقه والقانون في الوطن العربي، وذلك نظرا لما قدمه خطّاب من خدمات كبيرة للقانون.

لقد امتلك ضياء شيت خطّاب مكتبة خاصة عامرة في بيته تحتوي على العديد من الكتب والمؤلفات القانونية والأدبية. وترك العديد من المؤلفات والبحوث والتي تُعد ثروة قانونية أغنت الفكر القانوني في داخل العراق وخارجه؛ منها:

• شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية - بغداد 1967.
• بحوث ودراسات في قانون المرافعات الجديدة - القاهرة 1970.
• التنظيم القضائي في العراق - القاهرة 1968.
• الوجيز في قانون المرافعات العراقي - بغداد 1973.
• فن القضاء - الكويت 1984.
• أدب القضاء 1999.

يضاف إلى ذلك أكثر من خمسين بحثا منشورا في الدوريات الأكاديمية داخل العراق وخارجه، فضلا عن ثلاثين مقالة تم نشرها في صحف ومجلات عراقية وعربية.

روايات عنه:

• يقول أحد الأصدقاء: قبل سنوات سألت القاضي ضياء شيت خطّاب عن سبب عدم توقيع المتهم علي افادته في محكمة الجنايات والتي قد تتضمن الاعتراف على جريمة عقوبتها الإعدام في حين يتطلب توقيع المدعي عليه علي اقراره؟ فتبسم القاضي خطّاب وذكر أن القُضاة في العراق كانوا في العهد الملكي من الإنكليز، وكانت العادة أن يوقع المتهم أمام القاضي، وقد حصل أن اقترب أحدهم من القاضي الإنكليزي لغرض التوقيع فضربه علي رأسه فأدماه، فاتخذ قرارا بمنع ذلك فجرى عرفا ورثناه!.

• يروي بعض تلاميذ القاضي خطّاب أنه بينما كان يلقي محاضرة لطلبة المعهد القضائي، وكان الجو حار جدا والقاعة واسعة غير مبردة بشكل تام، طلب خطّاب من الطلبة غلق النوافذ وجميع اجهزة التبريد والمراوح . و ما هي إلا لحظات حتى أخذ العرق يسيل ولم يتحمل الطلبة ذلك، خاصة وأن الزي الرسمي هو البدلة والرباط.

بقي الوضع هكذا لمدة نصف ساعة، ورغم طلب الطلبة من القاضي بفتح متنفس للهواء حتى لو كانت فقط المراوح، إلا أنه رفض ذلك .

بعد انتهاء مدة النصف ساعة قرر القاضي فتح أجهزة التبريد وسأل طلابه: هل تريدون معرفة سبب تصرفي هذا !! فأجابوا بالإجماع: نعم أستاذ. عندها قال لهم قولا حكيما: "أنتم بحكم القضاة ستستلمون المسؤولية، وأغلبكم سيكون قاضي تحقيق. أردتُ من خلال تصرفي هذا أن تعلموا أن حرية الإنسان وكرامته فوق كل الاعتبارات، وأن يوما واحدا مسلوب الحرية لا يمكن معادلته بأي شيء. فأنصحكم عندما تقررون توقيف متهم أن تتذكروا أنه إنسان قبل كل شيء وربما قد يكون مظلوما ".

ثم خاطب خطّاب طلبته قائلا: " فلا تكونوا يا قُضاة أداة للظلم".. ثم قال باللهجة العامية : "شفتوا شلون حرية الإنسان وكرامته لا تُقاس بشيء.. هو انتوا نصف ساعه ما تحملتوا الحر والموقف، فكيف بمن يدخل السجن ويكون بيه مدة طويلة"؟!

https://www.youtube.com/watch?v=BwmtnkDwtag

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

730 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع