فارس حامد عبد الكريم
قادسية حجي مفتن
في مطلع سبعينيات القرن الماضي نقل الوالد رحمه الله الى محكمة مدينة العمارة وباشر عمله هناك كحاكم في محكمة والبداءة ثم الجنايات لعدة سنوات وطبعاً الحاكم (تم تغيير الاسم الى قاض لاحقاً) ترافقه عائلته اينما حل وارتحل وتم نقلنا من مدارسنا في مدينة الحلة الى مدارس مدينة العمارة، وأصبح اسمي الرسمي فارس ابن الحاكم ...
والعمارة مدينة جميلة للغاية تعانق نهر دجلة بشكل سحري، واهلها طيبون وكرماء كما هو الحال في العشائر العربية الأصيلة، واغلب شبابها كان مثقف بشكل ملفت للنظر، وكانت مقاهيها لاتسكت عن نقاشات في الادب والفن والسياسة ....
ومما يلفت النظر فيها اياً انها كانت مدينة مزدحمة للغاية وخاصة عنصر الشباب فقد لاتجد محط قدم في شارع التربية وقد لاتجد مكاناً للجلوس في كازينو دجلة.
غرق احد اصدقائنا اثناء محاولته تعلم السباحة في نهر دجلة فحلت الكأبة ضيفاً على نفسية اهل العمارة لشهور ....
ولكن مع دخولنا لثمانينيات القرن الماضي شاهدت تدريجياً انخفاظا ملحوظاً في اعداد السكان ما أن تسأل اين فلان من المعارف وزملاء الدراسة لم اره منذ فترة؟ حتى يأتيك الجواب؛
- استشهد
- اسير
- مفقود
- تم اعدامه بحجة انتمائه لحزب الدعوة
- شيوعي محكوم أو معدوم
- شيوعي وفلت للإتحاد السوفيتي عن طريق الشمال
- بالجبهة وانذار وماكو اجازات
- تم تسفيره هو وعائلته الى ايران
- قاطع جيش شعبي
- جابوا ابنه شهيد ومات من القهر.
- هاجر هو وأهله لبغداد لأن الرفاق شدوا ويا كل فترة ومسجلي قاطع جيش شعبي
-وقسم يگول توفى ويسكت ميوضح ... فيساءل السائل من جديد بصوت منخفض ؛ موت الله لو !!!!؟؟؟
- حجي مفتن الله يرحمه اولاده كلهم خلصوا كليات ولبسوا عسكرية وأحد ابنائه أكمل كلية الزراعة والتحق ايام فقط وانفقد وانقطعت اخباره
- حجي مفتن بقى فقط هو والحجية في البيت، طرقوا عليه الباب ليلاً وقالوا حجي انت مشمول بقاطع الجيش الشعبي هذه الوجبة، طبعا هو رجل كبير في السن والرفاق يعرفون لكن مطلوب منهم عدد، قال لهم عمي اوكي أجي وياكم لكن بلازحمة فد سؤال؟
- قالوا تفضل حجي
- قال لهم عمي هيه قادسية حجي مفتن لو قادسية صدام؟
- الرفاق كام يطكطكون وامر المجموعة قال حجي هاي شنو هل الكلام هسه المنظمة اذا سمعوا يعدموك ويعدمونا اذا مابلغنا
- عمي واذ ما عدمتوني اشو ستة من اولاد بالجبهة واحد منهم مفقود وهسه تردوني جيش شعبي؟؟؟ ف بدلوا اسمه من قادسية صدام الى قادسية حجي مفتن وهسه حتى اجيب الحجية ام فيصل وياي وتكمل السبحة ونروح للجبهة .....
- الرفاق ظلوا يهزون بيدهم ورجعوا للمقر
ومن المضحك المبكي ان احد اصدقائنا كان لديه معاملة في مقر احد الوزارات في بغداد ؛ فابلغه احد اصدقائنا قائلاً ؛
- تذكر فلان كان ويانه بالاعدادية، سمعت انه تعين بهذه الوزارة مر عليه حتى يساعدك.
- قال له لا والله ما أتذكره لكن انطيني اسمه اول ما أوصل الوزارة اسأل علي حتى يسهل امري
- راح لبغداد اشو يوم ورجع
- ها!!!؟؟؟
- والله دخلت للوزارة وتوجهت للإستعلامات وفتاة شابة جالسة ويحيط بيها ذولة جماعة شوارب 8 شباط
- الفتاة قالت تفضل عيني
- اني والله جاي من العمارة على ولد صديق اسمه كذا
- صديقك!!!
- نعم صديقي وزميلي بالدراسة
- اجابتني الفتاة بصوت منخفض قائلة
- دتشوف هذا الباب
- نعم
- افلت هذا طلع حزب دعوة اخذوا وبعد فترة جابوا انعدم بكراج الوزارة ....
- هذا ابو شوارب 8 شباط فتح السجل ومسك بالقلم وسألها عليمن چاي الأخ؟؟؟
وتكسي من باب الوزارة لكراج النهضة واني اتلفت يمنه يسوره اخاف لحكوني....
-----
فارس حامد عبد الكريم - استاذ جامعي - النائب الاسبق لرئيس هيئة النزاهة الإتحادية.
17 / 7 / 2022
1081 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع