تعابير أكدية في الحياة اليومية لسكان بلاد الرافدين

                                                         

               بقلم الأستاذ الدكتور صلاح رشيد الصالحي
                            تخصص: تاريخ قديم
                              بغداد 2022

    

تعابير أكدية في الحياة اليومية لسكان بلاد الرافدين

ختم اسطواني يصور ملحمة ﮔلـﮔامش عندما التقى البطل ﮔلـﮔامش بصاحبة الحانة لان الغزال بالسومري اسم الحانة ، ولهذا يوضع صورة الغزال للدلالة على ان المكان حانة، والشخص الجالس هو ﮔلـﮔامش ويشاركه في الشرب حامي المنطقة الجبلية ويدعى (سيدوري) (Siduri) وصاحبة الحانة في الوسط تقوم بخدمة ضيوفها أما الشكل في اخر الختم فهي ثعابين ملتفة على بعضها، الختم يعود إلى الألف الثاني ق.م
1- العبد (وردو Wardu)، و(المؤنث امتو amtu): وتعني (العبد) و(الأمة)، وتعني ايضا (خادم) و(خادمة)، وهناك ثلاث أصناف للعبيد وهم عبيد القصر (Wardu Ekallim)، وأمة القصر (Amat Ekallim) ويذكرون نادرا في النصوص، وعبيد الملكية الخاصة (Wardu awilim)، وعبيد المعبد ولا توجد اشارة عن العبيد في المعابد ولكنهم ذكروا في القوانين العراقية القديمة، ولا نعرف إذا كان لديهم حركات تمرد وعصيان قاموا بها أم لا؟ ونستغرب عدم وجود حشود منهم في بلاطات الامراء! وكذلك ليس لدينا اشارة عن استلام العبد منصب قيادي، وايضا عدم تجنيدهم في الجيوش! ولكن يبدو أنهم كانوا يخضعون لقواعد وتعليمات صارمة في المعبد، فكانوا يعملون طوال العام ويستلمون مقابل عملهم شعير على شكل حبوب أو طحين، وتمر، وقطعة قماش من الصوف، وحذاء...الخ، وسكناهم اما داخل المعبد أو في بيوتهم الخاصة، أما الاعمال المناط بهم فهي الحراسة، والحرف، وصناعة الآجر، وحدادة النحاس، وصاغة..الخ، أما الأمة فتؤجر كمحضية، بينما الأمة الغير متزوجة تشغل في دعارة المعبد، كما استخدمت كلمة (الخادم) و(الخادمة) من قبل الاحرار والموظفين في وصف أنفسهم عند مخاطبتهم الأكبر شانا أو عند الصلوات إلى الآلهة، فلدينا اسماء ممالك (في بلاد الشام) في عصر العمارنة يحمل ملوكها كلمة عبد مثل (عبد-خيبا) (معناه عبد الإلهة خيبات وهي تقابل عشتار العراقية) والملك (عبدي-عشيرة) (Abdi-Aširta) (عبد الإلهة عشتار)، وفي العراق القديم عبدي- ايل (عبد الإله)...الخ، ونفس الحالة في العصر الاسلامي نطلق كلمة عبد تلحقها احدى اوصاف الله (عز وجل) مثل عبد الله، وعبد الملك، وعبد الرحمن ...الخ، وحتى الملوك يصفون أنفسهم بانهم (خادم الآلهة)، كما هو حاليا ملك المملكة العربية السعودية يطلق على نفسه (خادم الحرمين الشريفين)، وهناك نص مسماري هجائي ساخر نجد العبد يتحدث مع سيده وجها لوجه ويعرف (حوار بين السيد والعبد) ويعود النص إلى بداية الالف الأولى ق.م.
2- الحلاق گلابو=ﭼـلابو (gallabu): مهنة الحلاقة قديمة في بلاد الرافدين أطلق على الحلاق اسم الآلة التي تقلع الانسان التي وصفت في النصوص المسمارية بانها من قسمين تمسك السن (سنو sinnu كما في اللغة العربية) لغرض قلعه، وهو تستعمل لحد الان في امور شتى يطلق عليها (بالبغدادية ﭼـلابتين)، ومن مهام الحلاق حلاقة الشعر وكان شائعا إزالة شعر الرأس تخلصا من القمل، ماعدا العبد يتم حلاقة نصف شعر الرأس، كما يمارس الحلاق نقش الوشم على الجسم، وعمل الوشم للعبد في الجبهة لسهولة تميزه اذا ما حاول الهرب من سيده، و يعتبر الحلاق مساعدا للطبيب ويمارس العمليات الجراحية البسيطة، وبما ان الوشم علامة تبقى دائمة في جبهة العبد فإذا أزيلت من قبل الحلاق نفسه ففي هذه الحالة يعرض نفسه لطائلة القانون وعقوبتها الاعدام (قانون حمورابي المواد 226-227).
3- الغزال ايالوم (aialum بالسومري) وبالأكدي غُزالُ (ḫuzālu): وانثى الغزال بالسومرية مشلوليم (mashlulim)، ولهذا الحيوان عدة اسماء منها آيالُ (ayyālu) (بالعربي آيل)، واطلق اسم ايالوم على الحانة ايضا، ولهذا توضع صورة الغزال للدلالة على ان المكان حانة، ومن المحتمل اطلق على الحانة اسم الغزال من هيئة عاقر الخمر في بداية شربه للكحول كما في العبارة (قليل من الخمر ينعش قلب الانسان) فهو يشبه الغزال في تصرفاته وحركاته (هذا مجرد راي)، عموما هناك مشهد أسطوري نقش على ختم اسطواني سومري يحمل عدد من رموز الآلهة منها النجمة المثمنة تشير الى الإلهة إنانا / عشتار بمعنى كوكب الزهرة، والهلال يمثل رمز الإله سين إله القمر، وفوقه قرص الشمس يرمز الإله اوتو (شماش)، والسمكة ربما تعني إله المياه العذبة ايا/ انكي، والجرة فيها بيرة ويخرج منها قصبتان (ماصات) أو (قصبة) تصنع من القصب أو النحاس أو الفضة للشرب، وهذه الطريقة معروفة في بلاد الرافدين لشرب البيرة، ونقشت في الكثير من المنحوتات، ونشاهد في الختم صاحبة الحانة في الوسط تقوم بخدمة ضيوفها أما الشكل في اخر الختم فهي ثعابين ملتفة على بعضها ، الختم يعود الى الألف الثاني ق.م، وذكرت النصوص السومرية ان كو-باو (Ku-Bau) السومرية (2575-2475) ق.م كانت (صاحبة الحانة) أحدى الوظائف المفتوحة للنساء في بلاد الرافدين قديما، قبل ان تصبح ملكة كيش (Kish)، واشارت الوثائق السومرية خاصة قوائم الملوك التي تعود إلى حوالي (2100) ق.م إلى كو- باو بأنها أسست سلالة كيش، وجاء في النص (أنها حكمت كملك)، أَو(lugal)، وهي كلمة سومرية تعني (الملك)، ومن المدهش أن امرأة صاحبة الحانة يرتفع شأنها لتصبح ملكة، ويكون هذا الامر مقبولا من شعب كيش، ولكن ليس لدينا دليل كيف حصلت على منصب الملك؟ وهناك إلهة تدعى كوبابا (بمعنى عشتار) ولا نعرف هل تشابه بالاسماء أو تحولت الملكة كو-باو بمرو السنين إلى إلهة عبدها الشعب الحوري وقدسها الرومان باسم الإلهة كبيلي.
4- الخبز اكلو (akalum)، واكالو (ياكل): يعتبرالعراقيون أول من ابتكر وصنع الخبز في التاريخ، وكان رغيف الخبز العراقي يُخبز بالتنور بنفس الطريقة المتعارف عليها حاليا، بالإضافة إلى تسمية تنور (Tanuro) استخدمها السومريين والبابليين والاشوريين ، وكان الرمز المسماري للأكل في اللغة السومرية ، هو علامة (الفم) مع علامة (الخبز) في داخله وكلمة (أكالو) الأكدية تعني (يأكل)، وكلمة (أكلو) تعني الخبز، وجاء في ملحمة ﮔلـﮕامش: (ارسلت الغاوية شمخة (Šamḫat) (احدى مومسات المعبد اللواتي يطلق عليهن عشتاريات) من اجل اغراء والسيطرة على انكيدو وترويضه ونقله من الحياة البرية إلى التحضر فاظهرت شمخة انسانية إنكيدو أولا من خلال الجماع، وثانيا من خلال إضفاء الطابع الإنساني عليه فعلمته ان يأكل الخبز بدلا من الاعشاب وقالت له (كل الخبز يا إنكيدو بهجة الحياة)، والمعروف في الكتابة المسمارية فان كلمة (الأكل) وكلمة (الخبز) تكتب بنفس العلامات المسمارية (بمعنى كلمة الأكل ذاتها الخبز)، كما علمته شرب الماء، ولهذا هناك عبارة ترد في النصوص المسمارية لبابل وآشور: (يأكل الخبز ويشرب الماء) إي ان هذا الشخص حي وليس ميت، وحتى الان عند زيارتنا للمريض يقال (انه ياكل ويشرب) بمعنى صحته جيده، وعند المصريين يطلق على الخبز (عيش) بمعنى الحياة، اما الحثيون في بلاد الاناضول فهناك عبارة ترد في نصوصهم المسمارية (تأكل خبزا وتشرب ماء) (نوخبز إزاتيني واترما ايكوتيني) هذه العبارة تعني ان الإنسان على قيد الحياة، واستدل منها الباحث (Hroznŷ) بان الشعب الحثي هم قبائل هند-اوربين.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

2227 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع