ضحى عبد الرحمن
كاتبة عراقية
لبنان قبل وبعد الثورة الاسلامية
لابد من أخذ فكرة عن خارطة الناخبين اللبنانيين في الخارج والذين أدلوا بأصواتهم في الإنتخابات الأخيرة، وما الذي تعكسه هذا الخارطة من أبعاد سياسية واقتصادية على الداخل اللبناني، فقد أشارت المصادر الرسمية والإعلامية اللبنانية بأن عدد المصوتين في ايران (642) ناخب، وأن ثلثي هذا العدد هم من الساكنين في مدينة قم. وفي الكويت كان عدد الناخبين ( 5760)، وفي الإمارات ( 25000 معظمهم في دبي وابو ظبي)، وفي السعودية ( 16105). وفي قطر (7344) ناخب؟
لكن ما الذي تعكسه هذه الأعداد؟
بلا أدنى شك ان اللبنانيين في ايران يتركزون في مدينة قم، ولايزيد عدد جميع اللبنانين في ايران عن ألف شخص، ووجودهم في مدينة قم يعني انهم من الطلاب في المدارس الدينة والحوزات العلمية، فقم مدينة دينية ولا توجد فيها فرص عمل، بل إن أهل قم يعانوا من البطالة والفقر والجوع، ولو إفترضنا جدلا ان اللبنانيين في قم يدرسون على حساب الحكومة الايرانية، فإن رواتبهم بالكاد تسد تكاليف معيشتهم الرئيسة، ولا يمكنهم مثلا ان يحولوا جزءا مما يستلمونه من اموال الى ذويهم في لبنان، ومن المعروف انه لا قيمة أصلا للعملة الإيرانية في الخارج. كما ان التواجد اللبناني في قم يتم عبر ترشيح حزب الله اللبناني فهو من يرشح العناصر التي تدرس في قم، ضمن توجهات طائفية معروفة، الغرض منها تعزيز المد الشيعي في لبنان، اي عناوين مذهبية وليست إقتصادية وثقافية، فهم لا يدرسوا في مجالات التفنية والحاسبات والإتصالات، بل دراسات فقهية لا جدى منها إقتصاديا، بل تخريبيا.
علي العكس من ذلك يتواجد مئات الألوف من اللبنانيين في دول الخليج العربي، وغالبتهم أصحاب شركات وأساتذة في جامعات وعاملون في بنوك وأعمال وظيفية محترمة، وهم الذين يحولوا المليارات من الدولارات سنويا الى لبنان، ولا توجد حوزات ومعاهد دينية خليجية تصرف على الطلاب، كما عليه الحال في ايران، كما ان عملات دول الخليج رصينة ولها قيمة فعلية عندما تحول الى العملة الوطنية اللبنانية. بمعنى ان من يوفر فرص عمل للبنانيين وواردات مالية كبيرة وفررص عمل هي دول الخليج الخليج وليست ايران.
جاء في خطاب لحسن نصر الله مثير للغاية، وهو يفسر عنوان مقالنا " من العوامل المهمة لتعاظم هذه المقاومة، إنتصار الثورة الإسلامية في ايران، ووقوف الجمهورية الإسلامية الى جانب المقاومة، ودعمها لها بكل وسائل الدعم".
لنستمع الى نفس هذا العميل الايراني وهو يتحدث عن حصيلة لبنان بعد إنتصار الثورة الإسلامية في ايران، ولا حاجة الى تنوير القاريء بأحوال لبنان قبل الخميني وثورته البائسة، فقد كانت فردوس الله في أرضه، وجنة عدن الشرق الأوسط، بلا منازع. لبنان هي بلاد السحر والجمال والفن والإبداع.
يقول حسن نصر الله" اليوم عندنا أزمة إقتصادية ومالية ومعاشية، لنتحدث بصراحة، هون من يرفع الدعم، وهون من يزيد الضرائب، وهون بيزعبوا الموظفين، وهون يغلوا الأسعار، وهون نشحذ من صندوق النقد الدولي، وهون بدنا مساعدات، وهون بدنا قروض، كل المناطق اللبنانية باتت محرومة، نحن بلد منكوب، منكوب، منهوب، جائع فقير، مهمل، محتاج الى مئات المليارات من الدولارات".
الذي يتبادر الى ذهن العالم وليس اللبنانين بالطبع لأنهم أعرف من غيرهم موطن وجعهم، ومن سببه لهم، وكيفية معالجته؟ يسأل العالم حسن نصر الله: من كان يحكم لبنان خلال سنوات الخراب التي تتحدث عنها؟ ومن سبب الفساد؟ ومن أوصل لبنان الى قعر الهاوية؟
أليس هو محور المقاومة كما تسميه؟ محور المقاومة لم يقاتل، ولم يحرر، بل هو أس خراب لبنان ودول المنطقة. يا حسن نصر الله لا يوجد بلاء ووباء وعمالة وفساد وخراب إلا أنت وحزبك العميل ورائها. ولا يمكن أن يرجع لبنان الى سابق عهده إلا بزوالكم وزال نظام الولي الفقيه. هذه هي الحقيقة التي يجب أن تفهمها، ولا أظن انك تفهم.
مجرد رأي
من أبرز ما تمخضت عنه الإنتخابات اللبنانية ليس فقدان حزب الله وحلفائة الأغلبية البرلمانية فحسب، بل هناك أمرا مثير للإهتمام وهو ان إثنان من النواب الجدد فازا بمقعدين إنتخابيين في عقر دار حزب الله في الجنوب اللبناني، فقد تمكن الياس جودة (لائحة معا نحو التغيير) في دائرة الجنوب الثالثة أن يحل محل (الفخار أسعد حردان) حليف حزب الله، وتمكن المعارض (فراس حمدان) من أزاحة الدرزي (مروان خير الدين) حليف حزب الله. أما المهم في الأمر فهو ان من تسبب في فوز النائبين هم من شيعة الجنوب، وهذا يعكس تحولا مهما في بوصلة توجه شيعة الجنوب، نأمل أن تتطور مستقبلا.
ضحى عبد الرحمن
العراق المحتل
حزيران 2022
1025 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع