عادل عبد الكريم العطار
( القفز الى الحرية ) - قصة حقيقية ،،
عام ( 1945 )انتهت الحرب العالمية الثانية ،، وتم تقسيم المانيا و برلين الى نصفين ،،
نصف شرقي تابع الى الاتحاد السوفييتي والنصف الأيمن الى الغرب .
من عام ( 1949 والى 1961 ) وبالرغم من الطوق الأمني الحديدي في الجانب الشرقي هرب ثلاثة ملايين ألماني بأتجاه برلين الغربية هربا من التعسف والجو العسكري والتقشف في حين وجود كل الحرية في الجانب الغربي .
فقررت المانيا الشرقية إقامة جدار يفصل برلين منعا لهروب الألمان ،، ومع ذلك فقد جازف الكثير لعبور الجدار قبل إنهاءه وتعرض الكثير منهم للقتل رميا بالرصاص .
في صباح يوم 15 آب/أغسطس 1961 ،، واثناء عملية بناء الجدار .
كان الجندي كونراد شومان (Conrad Schumann) يقوم بحراسة احدى نقاط الحراسة ما بين شارعي روبينير (Ruppiner) وبرناور (Bernauer). بالقرب من الجدار الذي لم يكتمل بعد وإنما يوجد أسلاك شائكة فاصلة .
كان الجندي شابا بعمر ( 19 ) عام واقفا وينظرالى الجانب الغربي ،، وهناك جمع من الألمان يحيونه ويشجعونه على اتخاذ قرار الهرب والقدوم اليهم مرحبين به ،،
استذكر كونراد كيف ولد وسط الحرب ومأسيها والان هو يقوم بحراسة موقع اشبه بسجن كبير يحكمه سجان ظالم ،، ويرى النور في البشر في الجانب الاخر ،،
فأصبح في صراع ،،
بين الهروب الى الحرية او البقاء في المعسكر ،،
اخذ يلتفت يمينا ويسار ،،
فجأة ألقى سلاحه على الارض ،، وركض مسرعا ليقفز فوق الأسلاك الشائكة ،،
ليكون بين الناس في الجانب الغربي الذين استقبلوه ورحبوا به واحتظنوه ،،
صدف وجود الصحفي والمصور الألماني، الذي كان متواجدا ببرلين الغربية، بيتر ليبينغ (Peter Leibing) من وكالة اسوشيتد برس الدولية مع الناس وكان يروم اعداد حينها تقرير صحفي عن الوضع ،، فقام بتصوير لحظات هروب كونراد ابتداءا من وقوف وحتى قفزته نحو الجانب الاخر ،،
فقام هذا الصحفي بنشر صور الحدث في كل أنحاء العالم ،، فقامت امريكا والغرب بحملة إعلامية كبيرة جدا من ضمن الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي استغلالا لهذا الحدث الذي سمته ،،( القفز نحو الحرية ) ،
فكان له التأثير الغاضب من جانب الاتحاد السوفييتي .
اما الجندي كونراد ،، فقد بقي مهموما وحزينا ،،
وتزوج عام ( 1962 ) في بافاريا ،،
لم يتركه أصدقاءه القدامى ،، وظلوا ينعتونه بالخيانة لصداقتهم ،، وخيانته واجبه العسكري والبدلة العسكرية التي كان يلبسها والاهم الإهانة برمي سلاحه على الارض ،،
في عام ( 1968 ) أنهى كونراد معاناته وشنق نفسه معلقا بإحدى أشجار مزرعته ،
العبرة
كونراد انتحر ليس حبا بالاتحاد السوفيتي ولا في امريكا الغرب فالاثنين هم من دمروا بلده ،، ولم يخن وطنه ولم يكون بلده لصالح اي منهم ،، فقد هرب من اهله وشعبه في الجانب الشرقي الى اهله وشعبه في الجانب الغربي ،، وجميعهم اهل وأولاد عم وخال وانساب .
وإنما انتحر لانه خان أصدقاءه وخان المبادئ ،،
اما ما نعيشه اليوم ،، فان خيانة الاصدقاء والمبادئ اقل همومنا ،، فلدينا انواع الخيانات التي يستحي منها حتى الذباب ،،
………
عدة مصادر
849 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع