طارق احمد السلطاني - بغداد
الكتابة لغة الصدق والحقيقة والواقع الإنساني
ونحن . وان كنا نعيش في عالم مملوء بالصراع ، وما زال فيه لمنطق القوة صوت مسموع ، بغض النظر عن مبادئ العدالة والحق فأن ذلك ينبغي ان لا يجعلنا ان نقلل من أهمية رأي الإنسان ، او رأي المواطن العالمي في المجالات الدولية ، فالرأي العام العالمي برهن في كثير من المواقف – برغم من محاولات تشويه الحقائق وطمسها انه احيانا اقوى وابعد اثرا من غطرسة القوة ومنطقها .
وان أي كتابة ذات قيمة عالمية هي تلك الكتابة التي تحمل آراء واحكام صادرة عن قلب تملؤه الشفقة ، وعن فكر انساني مثقف تحدوه الحكمة .
وهذه النزعة الإنسانية هي التي تجعل الأدب او البحث او التحقيق سائغا لقراء الارض جميعا .
فأن الشعور الانساني لا يعرف حدودا ولا قيودا . كما جاء ذلك في نص المادة التاسعة عشرة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان والتي تنص بما يلي : ( لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير ويشمل هذا الرأي حق اعتناق الاراء دون أي تدخل واستقاء الانباء والافكار وتلقيها واذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية ) .
وهناك قول اخر بخصوص نفس هذا الموضوع ورد بكتاب حقوق الشعب لمؤلفه السيد وليم دوجلاس والذي جاء فيه : ( اذا كانت البشرية بأجمعها الا واحدا من رأي واحد ، وكان هذا الرأي بمفرده ، صاحب رأي مضاد فانها لن تجد حجة تبرر اسكاته ، وتكون اقوى مما لديه من حجة يبرر بها اسكات البشرية بأجمعها ، اذا كانت لديه قدرة على ذلك . ولو كان الرأي ملكا خاصاً غير ذي قيمة ، الا لصاحبه وكان منع الاستمتاع به لا يوقع الاذى الا بصاحبه لكان هناك فرق بين انزال الاذى بعدد قليل من الاشخاص او بعدد كبير . ولكن كبت التعبير عن رأي ما شر من نوع خاص ، فهو حرمان للجنس البشري بكامله ، للاجيال القادمة فيه كما للحاضرة ، وهو حرمان لاولئك الذين يخالفون هذا الرأي اكثر مما هو حرمان لاولئك الذين يعتقدون به . فأذا كان هذا الرأي صوابا فقد حرموا من الفرصة لاحلال الصواب محل الخطأ واذا كان الخطأ حرموا من التحسس الاوضح والانطباع الاكثر حيوية بالحقيقة مما ينجم عن اصطدامها بالخطأ ، وهــــــــذا يــــوازي تقريبا النفع الاول ) .
ان قوانين العدالة في العالم اليوم ، ما وجدت الا من اجل حماية الانسان ... بعد تطور العقل البشري وخلاصه من شرائع الغاب ، التي كانت سائدة في الماضي السحيق ، تلك الشرائع التي تعتبر قتل الانسان بوحشية ، وتمزيقه وتشويهه من اعمال البطولة والانتصار .
وهذا ما يتطلب من كل كاتب او باحث او محقق في الشؤون الانسانية ، ان يستفاد الخبرة من وقائع الماضي وان يتوصل إلى الحقيقة ... من ان العالم اليوم يحتاج للوقائع الصلبة التي يقف عليها مطمئنا ولا يريد الاساطير والخيالات والاحلام . الناس – الرأي العام – يريدون واقع ماديا ملموسا ، لا كلاما مثيرا ، وعلى الاديب او الباحث او المحقق ان يفهم هذه الحقيقة ... ويصنع للناس ادبا او بحثا او تحقيقا حقيقيا ، ملتزما ، لا يقوم على خيال ووهم .
وعلى كل انسان ، هاويا كان او محترفا للكتابة او البحث او التحقيق ... ان يكون في حياته صادقا مع نفسه ، متبعا لسُنة الواقع ، واحترام الحياة ، ومحبة الانسان لاخيه الانسان ذلك اعظم بكثير من المال والشهرة .
ففي هذه الشخصية تتجمع مواهب وقدرات تتيح لصاحبها ان يكون الشاعر ، والكاتب المسرحي ، والقاص ، والناقد الادبي ، والفتى الضارب بقلمه في مختلف شؤون الفلسفة والاجتماع ، وان يخوض المعارك الادبية الى جانب المنازعات الاخرى .
في مثل باقة مختلفة الالوان – الابيض والاسود والاحمر والاصفر – من حديقة جمعت انواعا متباينة من الورود والازهار والاثمار ... تزدهر وتفوح بروح التجدد والتطور لحضارة الانسان ... فوق هذه القرية الصغيرة ... الارض .
قد يستمتع الانسان ، بأي موضوع اجتماعي او اقتصادي او انساني او أي موقف دولي ، من خلال قراءة صحيفة او كتاب او مجلة ، او الاستماع الى الراديو ، او مشاهدة التلفزيون ، او أي وسيلة اعلامية اخرى كالسينما والمسرح ، وقد يجني الفائدة من بعض امور الحياة التي كان يجهلها في الماضي ، او قد تكون خافية عليه ... .
هل يعرف العالم كيف تتم عملية الخلق بالنسبة لمؤلف ما ؟ وما يعنيه عندما يجلس امام مكتبه وأوراق كتاباته ؟ فمن الملامح الهامة التي تنفرد بها حياة المؤلف هي الوحدة والتأثير .
وكيف يغوص المؤلف اعماق البحر ؟ يستخرج الجواهر القيمة من المصادر ، المقالات البحوث الخواطر الاستماع الاحداث الحياة الانسان يستخدم كل ذلك دون تباطئ ... ليخلق – ليصنع – جوهرة نقية من الشوائب ... تسلط ضوء القيم الانسانية في النبل والشرف ، لتكون من القواعد الاساسية الانسانية في العلاقات البشرية في العالم ، لكل لغات العالم ، حتى النزوح الى العالم الاخر .
921 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع