قصة قصيرة (سوء فهم)

                                                    

                             أحمد الكناني

قصة قصيرة (سوء فهم)

قلت له بغضب و عيناي تتطاير شرراً :
أنا أتكلم معك بصفتك صديق الراحل و انت بمقام العم ، قبل أن تكون طبيب جراح ، من المسؤول عن ذلك الجرم ؟ أليس جرماً أن يموت الناس خطأً ، سوء فهم ؟؟
اجابني ببرودة الأطباء الجراحين المعهودة : في النهاية الأعمار بيد الله ، رحم الله أباك و أبي و حشرهما مع الأنبياء والقديسين ، و غفر للراحل كل ذنوبه و اسكنه فسيح جنانه ... عفواً نسيت السؤال !!!
إنه كثير النسيان ، يقول بعضهم أن ذلك بسبب ضغط العمل في عيادته و البعض الاخر يقول إنه العمر و بعض الخبثاء يقول إنه الزهايمر المتأخر ، لكنه تذكر لوحده ما سألت فأجاب :
بلا ، بلى إنها جريمة ، بل أقذر جريمة ، أن يموت المرء بدواء ، ذلك كالموت شنقاً بحزام أمان السيارة ، غرقاً ، اختناقاً من كوب ماء الشرب و فيه ، لن أدافع عن الطبيب و سوء خطه ، لا عن الصيدلاني و سوء فهمه ، و لا عن المريض و سوء حظه ، صدقني يا عمي إنها سلسلة من الاسواء ، لا يمكنك أن تلوم أحداً ...
أحسست أنه و هو الطبيب يدافع عن أبناء مهنته على حساب المريض ، فلا يجوز جمع الجاني و الضحية على اي صعيد ، و خاصةً أن المرحوم أبي كان صديقه و قريبه و لو من بعيد ، فقلت :
حكيم ، ماذا كنت لتفعل لو كان أبوك ؟؟
أجاب بهدوء مزعج : أولاً ادفنه ، فهو الاكرام الوحيد في بلادنا ... قاطعته مزمجراً فقلت : بعد الأسبوع سأنصّب نفسي مدعياً شخصياً بحق زملائك ، الدكتور و الصيدلاني بجرم القتل الخطأ ...
ابتسم ، هز برأسه و قال : أنت الكبير و يجب أن تهدأ من روع و تشنج باقي إخوتك ، ابتسمت و قلت : أنا كفيل بالكل عدا اخي حمزة ، الذي لن يتأخر سوى يوم او يومين ، فهو كما تعلم عسكري و الحال حرب ، لا أتمنى أن يتعدى عليهما بالضرب ، عندما يعلم كيف مات الوالد ...
ابتسم عمي و قال : اسم على مسمى ، رحم الله أبيك لمّا سماه كذلك ، فهو اسدٌ غضوب ...
بعد يومين من الدفن انقطع الاتصال بحمزة ، دون علم أو خبر ، مساء ذلك اليوم الأسود ، علمت أن أخي حمزة قد ذُبِح على يد بعض الإرهابيين ، لم أستطيع أن أشاهد فيديو الذبح ، ذي الجودة العالية ، و الذابح يتكلم بلغة عربية لا سوء فيها فيعد اسماء المذبوحين و أعمالهم حتى قال : الكافر حمزة عباس ، و هو عسكري احتياط في الجيش العميل للشرق و الغرب ...
في نشرة الأخبار الرئيسية مساءاً ، ذكر المذيع أسماء الشهداء ، كان تعليق عمي الحكيم مساء ذلك اليوم : من يُقتَل بسوء فهم كتاب الله يسمى شهيد ، فما حال من يُقتَل بسوء فهم كتابة الأطباء !!!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1007 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع