أحمد العبدالله
(خان النُص):٤٥ عاما والأكاذيب تترى
(خان النُص)؛ موقع في منتصف طريق النجف-كربلاء, حيث قامت مجموعة من المشاغبين المخربين, استغلّت زيارة 20 صفر الشيعية, في شباط 1977, برفع شعارات وأهازيج ضد الحكومة من قبيل؛(يا جاسم قل للبكر ذكر حسين ما يندثر)!!, ولم يكتفوا بذلك, بل هجموا على عدد من مراكز الشرطة, وحصلت مجابهة وقتلى من الجانبين, القاتل والمقتول كانوا من الشيعة. في مثل هكذا حالات لابد لأيِّ حكومة تحترم نفسها وشعبها, أن تتدخل لفرض الأمن والنظام, كي لا تنفلت الأمور من عقالها وتتوسع وتعم الفوضى ويكثر الضحايا. فاستعانت بقوات عسكرية نظامية ومنضبطة, وحرصت أن يكون جلّ قادتها وأفرادها من الشيعة, كي لا تؤوّل الأمور تأويلاً طائفياً مغرضاً. وتمكنت خلال وقت قصير من فرض القانون وضبط الأمن.
مديرية أمن النجف والتنظيم الحزبي في المحافظة, وجميعهم شيعة ومن أبناء المدينة نفسها أو المناطق القريبة منها, قاموا بحملة للقبض على أولئك المخرّبين والمحرّضين, وتم اعتقال أعداد منهم, وكان أن يمكن أن ينتهي الموضوع بإحالة المتهمين لمحاكم عادية في النجف, وحتى دون الحاجة لنقلهم إلى بغداد, لمحاسبة القتلة وإنزال العقاب المناسب بهم وفق القانون, أو إحالتهم الى محكمة الثورة في أقصى الحالات. ولكن الحكومة, حينذاك, اعتبرت الموضوع سياسيا تقف وراءه أصابع خارجية. ومما عزّز ذلك الاعتقاد, إنه في الفترة نفسها, ألقت أجهزة الأمن العراقية القبض على عنصر للمخابرات السورية اسمه؛(محمد علي نعناع ), وكان مكلّفاً بمهمة خاصة وخطيرة, وهي إنه فور وصوله بغداد, عليه أن يذهب الى مكان محدّد؛(قرب الجامعة المستنصرية), وفي توقيت معيّن, وهناك سيجد ضابطاً من المخابرات السورية يعمل في السفارة السورية في بغداد بغطاء دبلوماسي, وسيتعرّف عليه الضابط من خلال صورة يحملها معه مع كلمة سر متفق عليها, وسيسلّمه الضابط المذكور حقيبة مليئة بالمتفجرات بهدف تفجير قبر الحسين (رض) في كربلاء, في يوم (زيارة الأربعينية), وحيث الازدحام البشري في أقصى حالاته, لإحداث مجزرة كبرى, تتبعها فتنة داخلية, وحرب أهلية لا تبقي ولاتذر.
وهذا السيناريو, الذي أفشل عام 1977, نُفّذ بحذافيره سنة 2006 في سامراء, والذي خطّط له ونفذه هو؛ إيران, حسب إقرار الجنرال (جورج كيسي), قائد قوات الاحتلال الامريكي في العراق آنذاك, إذ صرّح قائلاً: (إن ايران هي المسؤولة عن تفجير المرقدين في سامراء وعن قتل آلاف العراقيين, وان المالكي على علم بذلك)!!. وليس فقط (كيسي), من وجّه هذا الاتهام الخطير لإيران, والذي مرّ مرور الكرام, بل إن مسؤولين؛ شيعة تحديداً, أكّدوا القول ذاته, ومنهم؛ النائب عن التيار الصدري عواد العوادي, إذ قال: إن إيران هي من فجرّت المرقدين بحسب المعلومات التي رشحت عن التحقيقات التي أجريت للتوصل إلى خيوط الجريمة.
وقد تم إلقاء القبض على (نعناع),متلبساً وهو يحمل الحقيبة المليئة بالمتفجرات داخل الصحن الحسيني, وتم تفكيكها قبل ربع ساعة من الوقت المحدد لانفجارها. وأتذكر جيداً, إنَّ مجلة؛(ألف باء), يوم كان رئيس تحريرها؛حسن علوي, قد غطّت هذا الموضوع بشكل مفصّل, كموضوع غلاف, في أحد أعدادها الصادرة في شباط 1977, وأجرت مقابلات مع الشرطي الذي قبض على (نعناع), ومع الشخص الذي فكّك العبوة الناسفة, وكذلك مع (نعناع) نفسه. كما ان تلفزيون بغداد قد بثّ, حينها, مقابلة مع (نعناع), أجراها معه المذيع الشهير؛(رشدي عبد الصاحب), وفيها ذكر التفاصيل الكاملة لعمله الإجرامي. ولا زلت أذكر تماماً؛( وقد أسبغ الله سبحانه,عليَّ, بذاكرة جيدة في حفظ التواريخ والأسماء والأحداث, فله الفضل والمنّة), ذلك السؤال الذي وجهّه؛(رشدي عبد الصاحب), لنعناع, ومؤداه: هل هكذا تجازون الجار الشقيق الذي وقف معكم في المحن, وساندكم بجيشه وماله في حرب تشرين, وأنقذ دمشق من احتلال اسرائيليّ وشيك ؟. فكان جواب (نعناع), هو؛( الصمت المطبق )!!.
هكذا هي كانت الخلفية التاريخية لحادثة؛(خان النص), والتي نفخت فيها الأحزاب الشيعية الطائفية الموالية لإيران, وأحاطتها بكمٍّ هائل من الأكاذيب, وأسمتها؛(واقعة)!!, تشبّها بـ(واقعة الطف), واستُحضر التاريخ المزوّر والملفق, وألبست القضية كلها, لبوساً طائفياً مقيتاً, لا أصل له, إلاّ في خيالاتهم المريضة, وعقولهم الصدئة المتعفنة التي أكلها الحقد. وتغاضوا عمداً عن (واقعة فعلية),هذه المرّة, وأكبر منها بكثير, وقد حصلت بعد 30 سنة تماماً, وفي الزمان والمكان نفسهما تقريباً, عُرفت بـ(مجزرة الزركه), والتي قُتل فيها المئات من الزوار الشيعة المساكين, بأيدي قوات شيعية, وتحت حكم شيعي خالص هذه المرّة!!, واستعانوا بـ(أصدقائهم) الأمريكان؛(المحرّرين)!!, يوم كان الطرفان في شهر عسل, وفي سكرتهم يعمهون, والذين أرسلوا طائراتهم الحربية ,التي أبادت أعداداً كبيرة من الزوّار(الموالين)!!.
كلّ ذلك يجري التعتيم عليه تماماً, ومحاولة مسحه من الذاكرة الشيعية, لأنه يفضحهم ويخزيهم ويعرّيهم. فأين مجزرة (الزركة)البشعة, من حادث عارض, كان (ضحاياه)!!, سبعة أشخاص تم اعدامهم, وأعدم معهم أيضا؛ عنصر المخابرات السورية؛(نعناع). وتم العفو عن آخرين, منهم الهالك؛(باقر الحكيم), مؤسّس فيلق؛(غدر), والذي قاتل جيش العراق, وخان البلد الذي آواه, لصالح أسياده الإيرانيين, إبّان حربنا الدفاعية العادلة مع الفرس المجوس, كما كان له دور كبير في تعذيب الأسرى العراقيين داخل ايران. فإذا كان المعفو عنهم هم من هذه الشاكلة, فكيف هم يا تُرى من نُفّذ فيهم حكم الإعدام ؟!!.
والمفارقة؛ إن رئيس المحكمة الخاصة التي شُكّلت؛عزت مصطفى؛(السُنيّ), رفض التوقيع على قرارات الإعدام, واعتبرها قاسية, فتم طرده من الحزب والدولة, وهو رجل فاضل ووزير نزيه ومشهود له بالكفاءة, ولكن العضو الشيعي؛(حسن العامري), وقّع على قرارات الإعدام بلا تردد!!.
ولازالت أكاذيب الأحزاب الشيعية تترى, لاستغفال جمهورهم وتخديره بتلفيق حوادث, وتضخيم أخرى, لصرف انتباهه عن فشلهم الذريع خلال 19 سنة عجاف من حكمهم المليء بالفساد والقتل والطائفية, وكل موبقات التاريخ. ففي سنة 2020, عرضت قناة؛(آي نيوز),الشيعية, برنامجاً عن سيرة الرئيس أحمد حسن البكر, وفيه تجترّ الأكاذيب ذاتها عن (واقعة)!!خان النص, وعن تعامل (أجهزة البكر الأمنيّة)!!, بـ(الحديد والنار)!!, مع(المنتفضين)!!, واستخدام الطائرات السمتية في قمعهم!!.
ومقارنة بسيطة ما بين تصرّف الحكم؛(السنيّ الدكتاتوري)!!, في حادثة خان النص, وبين فعل الحثالات التي تسلّطت بمؤازرة المحتليّن,على مقدرات العراق, في مجزرة الزركة, وعشرات المجازر الأخرى ضد أهل السُنّة؛ كالحويجة وغيرها, وجرائم حشدهم(المدنّس), بعد 2014,في المحافظات الغربية, ترينا الفارق الهائل, وبـ(السنوات الضوئية), بين الأولين والآخِرين.
فللقيادة والحكم أهله ورجاله, وقد قال أكثر من مسؤول شيعي بعظمة لسانه: نحن لا نصلح إلاّ للّطم !!. كما قيل قديما: (ألف ثعلب يقودها أسد، خير من ألف أسد يقودها ثعلب).
..................................
اعتراف قائد القوات الامريكية في العراق (جورج كيسي )؛ إيران هي من فجرت مرقد العسكريين في سامراء:
https://www.youtube.com/watch?v=OzJGQJBx7ps
2172 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع