متي كلو
المستشار بولس اسكندر.. خرقا للفكر المتعصب... والنواب الخمسة !!
في مصر، ادى المستشار بولس اسكندر اليمين الدستورية امام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد تعيينه رئيسا للمحكمة الدستورية العليا في جمهورية مصر العربية والتي هي اعلى جهة قضائية في مصر، ويعتبر هذا الاختيار من قبل رئيس الجمهورية خطوة في اختيار قاض مسيحي في هذا المنصب الرفيع، وتم اختيار بولس اسكندر من اقدم خمسة نواب لرئيس المحكمة الدستورية العليا، ويعتبر هذا المنصب وفق ما قال متحدثا باسم رئاسة الجمهورية المصرية "التقدير العميق للدور المهم للمحكمة الدستورية العليا التي تمثل حلقة مهمة في التاريخ العريق للقضاء المصري الشامخ".
وبعد اعلان هذا الخبر، انتشرت تعليقات مشينة ومسيئة وضجة على منصات التواصل الاجتماعي من المتطرفين الاسلاميين، منهم ايتام سيد قطب ومحمد مرسي و حاملي افكار"داعش" بعد ان كان هذا المنصب واي من المناصب العليا في مصر حكرا للمسلمين وممنوع لغير المسلمين ، ولكن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تحدى هؤلاء المتطرفين والسلفيين بهذا القرار الجريء ، ولكن البعض اعتبره خرقا واضحا من قبل الرئيس المصري للتدين السلفي الاعمى، حيث لم يتم اختيار اي مسيحي لمنصب رفيع بدا من الرئيس الاسبق جمال عبدالناصر الذي كان يدعي"الاشتراكية" و"المواطنة" ولكنه اول من اوجد حقل الديانة في البطاقة الشخصية واول من كتب كلمة مسلم في بطاقته!! ونعتقد بان الدولة التي تطلب من المواطن تثبيت"ديانته" على متن الهوية الشخصية، ليست سوى تهميش للمواطنة كما هو في العراق ونحن في القرن الواحد والعشرين!!
اما في حقبة الرئيس"المؤمن" انور السادات، فقد بدا الصدام مبكرا بين"المؤمن" وبين البابا شنودة منذ عام 1972 واحداث الفتنة الطائفية في حزيران عام 1981، ثم تحديد السادات إقامة البابا فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون عقب اعتقالات ايلول الشهيرة.
اما في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك فساد الهدوء بينه وبين البابا شنودة ، حيث افرج عنه عام 1985 وتوطدت العلاقة بين مبارك والبابا وتطورت لصداقة وخاصة عندما ساند البابا شنودة لحسني مبارك في محاولة اغتياله في اديس ابابا ، كما رفض الخروج عليه في مظاهرات 25 يناير 2011 رغم تفجير كنيسة القديسين!! ولكن قانون بناء الكنائس لم يتغير!!
ان قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي، يعتبر خرقا لافكار المتشددين الاسلامين بكافة فصائلهم وانصارهم من المتطرفين الاسلاميين وبقايا تجمعات رابعة العدوية وانصار القرضاوي والشعراوي والفكر المتعصب الذي يسود المجتمعات المصرية لاكثر من 50 عاما، وبالرغم من ان عدد من شيوخ الاسلام من "الدعاة" في مصر اثار هذا التعين حفيضتهم واثار فيهم الجلية الاسلامية المتعصبة العنصرية في مواقفهم ولكن لم ينبس احد منهم ببنت شفة، لخوفهم على مستقبلهم من الاجراءات الحكومية التي تحارب التطرف الديني، ولكن انصارهم يطالبون هؤلاء الدعاة" لابداء ارائهم" علنا بشجب هذا القرار والتكفير واقصاء المختلف عنهم ، وبجدير بالذكر بان عدد الاقباط في مصر يشكلون اكثر من 15 في المائة من عدد سكان مصر"104 مليون نسمة" وتعرضوا لهجمات متواصلة من قبل"الجهاديين" والذين فجروا كنائسهم و جرت عدة محاولات لطردهم من شمال سيناء!!
لكن المؤيدين لهذا الاختيار مهما اختلفت ارائهم الفكرية ابدوا فرحهم وسعادتهم بهذا التغير الايجابي من اجل المواطنة والمساوات في التعين، ولكن هناك توجس وخوف بان لا تكون هذه المرة الاولى والاخيرة لاختيار مسيحي في منصب مهم في الدولة المصرية !!
هذا الخبر اثار في نفسنا الفرح والبهجة وكذلك الوجع مما جرى ويجري للمسيحيين في العراق منذ 2003 ولغاية الان من عمليات الخطف والتهجير والتهميش والترهيب وقلة الخدمات والفساد المستشري في مفاصل البلاد وبسبب ذلك تضاءل عدد المسيحيين بنسبة تقريبا 85 في المئة ومن حوالي 1.5 مليون الى 200 الف فقط، وان عدد المسيحيين في بغداد عام 2003 كان اكثر من 800 الف فرد، اما اليوم فلا يتجاوز عددهم 50 الف وبسبب ذلك اغلقت كثير من الكنائس في بغداد منها كنيسة الثالوث الاقدس في منطقة البلديات شرق بغداد وغيرها على مدى الخمس سنوات، فضلا عن كنيسة (قلب يسوع الاقدس) التي اغلقت منذ عام 2007 والتي تقع في منطقة الكرادة وسط العاصمة وهي كنيسة خاصة بالارمن الكاثوليك كما هدمت اغلبية الكنائس في الموصل اثناء احتلالها من قبل "الدواعش" في عهد حكومة نوري المالكي السيئ الصيت والذي ما زال يسرح ويمرح بدون اي محاكمة عن هذه الجريمة النكراء بوصفه قائدا للقوات المسلحة !! كما اغلقت الكثير من المحلات التجارية والمقاهي في كثير من المناطق التي كان يقطنها نسبة كبيرة من المسيحيين ، مثل كمب الارمن وكراج الامانة و منطقة الدورة التي كانت تعج بالمسيحيين.
سؤالنا الذي طرح على النواب الخمسة "سابقا" نعود اليوم لطرحه مجددا"للخمسة الجدد" في البرلمان العراقي الجديد، ما هو برنامجهم للمسيحيين في المستقبل!! لكي لا يفكر احد من المسحيين بالهجرة،ام سوف يلتحقون حالهم حال الالاف من المسيحيين الذين غادروا دورهم بحثا عن الخلاص والاستقرار ولضمان مستقبل افضل لاطفالهم في مدن الشتات!! والنواب الخمسة يستمتعون بالخدمات الخاصة والسيارات الفارهة والحمايات المدججة بالسلاح والجواز الدبلوماسي ..و.. و.. باسم الكوتة المسيحية!!
1194 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع