بسام شكري
الصدفة التي خدمت ترامب اللندني
لقد خدمت ظروف الانشقاق الكبير الذي أصاب المجتمع البريطاني حول موضوع البقاء او الخروج من الاتحاد الأوروبي السيد بوريس جونسون لكي يستغل تلك الظروف ويصبح رئيس وزراء بريطانيا ويلعب على عواطف الناس ونقاط ضعفهم منذ توليه رئاسة الوزراء لغاية اليوم مستغلا رفض رئيسة الوزراء السابقة تيريزا مي الخروج من الاتحاد الأوروبي ونتذكر جميعا الاستفتاء الذي جرى وكيف صوتت اسكتلندا مع البقاء في الاتحاد الأوروبي والتناقضات التي صاحبت الموقف سواء من مطالبة اسكتلندا بالانفصال عن بريطانيا ومطالبة اسبانيا بريطانيا بالخروج من مستعمرة جبل طارق ومطالبة ايرلندا بالتحرر من الاستعمار البريطاني.
فمن هو جونسن - اليوم يعتبر بوريس جونسون، أحد أكثر رؤساء الوزراء البريطانيين إثارة للجدل وأحد أكثر السياسيين الذين ارتبط اسمهم بفضائح أخلاقية حتى بات يعرف في الأوساط الشعبية البريطانية يلقب بـ ترامب اللندني، فجونسون هو أب لستة أطفال اعترف بهم بعد ان فضحته وسائل الإعلام البريطانية وبقى يماطل ويشكك بشأن الاعتراف بهم وحتى بعددهم الفعلي , واختصارا لتاريخه الذي نشر في تفاصيل كثيرة فانه من أصل تركي مسلم من جهة جده لوالده ويعتبره المسلمين مسلم لان النسب للاب عند المسلمين ويهودي لجده لوالدته وبذلك يعتبره اليهود يهودي لان النسب للام في الديانة اليهودية وبذلك لعب على الديانات الثلاثة حيث تزاوج اجداده ووالداه مع نساء ورجال مسيحيين , سلسلة فضائح "بوريس جونسون" بدأت منذ بداية حياته الوظيفية، فبعد تخرجه من جامعة أكسفورد سنة 1987 حصل على وظيفة مراسل متدرب في صحيفة التايمز اللندنية وفي اقل من سنة طرد من العمل وذلك لتلفيقه تصريحات كاذبة في مقال كتبه عن الملك إدوارد الثاني وعشيقة الملك. وقد اعترف سنة 2013 عن تلك الحادثة في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" عن الحادث حيث قال " كان أمرا مروعا، أتذكر شعوري العميق بالعار والذنب" واستمرت فضائحه المختلفة بين التحرش الجنسي بالنساء الى تضارب مصالح لمنحه قروض غير مستحقة لنساء وغيرها الكثير الذي لا مجال لذكرها هنا.
مسيرة بوريس جونسن كانت متناقضة ويتصرف بانتهازية وبدون أي مبادئ وهو يريد ان يعطي للآخرين انطباعا بانه تلقائي وبسيط وعفوي وتسريحه شعره قد اضافت على تلك الصورة المخادعة الشيء الكثير، في بداية توليه المسؤولية ركض وراء الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب ورفض أي إجراءات وقائية ضد وباء كورونا واصدر جملة تصريحات نارية غير مسؤولة كان أهمها عدم تلقيح البريطانيين ضد كورونا وهو اول من اطلق مفهوم مناعة القطيع وعندما زادت الإصابات والوفيات في بريطانيا تدارك خطائه الجسيم وكان اول من اشترى من المانيا 300 مليون جرعة من لقاح بفايزر وحجز الكمية بدفع ثمنها فورا وحرم الكثير من الدول من الاستفادة من اللقاحات علما بان اللقاح في ذلك الوقت كان غير مرخص من قبل هيئة الدواء ومنظمة الصحة العالمية, استمر في مسيرته المماثلة والمؤيدة للرئيس الأمريكي ترامب وانحدرت شعبيته بشكل كبير الى ان انتهت فترة رئاسة الرئيس الأمريكي ترامب فبقي بوريس جونسن يغرد لوحده الى ان اسكتته المعارضة الشعبية الواسعة لأسلوبه الغير مسؤول ولعدم قدرته على تحمل المسؤولية .
في خضم الفوضى العارمة التي سادت العالم خلال السنتين الماضيتين من وصول حركة طالبان للسلطة في أفغانستان ومحاولات الغزو الروسي لأوكرانيا ومفاوضات الملف النووي الإيراني والاصابات الهائلة لوباء كورونا في العالم والتشدد والاغلاقات استمر في عبثه فاختلق ازمة كبيرة من فرنسا والدنمارك والنرويج حول حقوق الصيد في مياه بحر الشمال الى وصلت الى حد تهديد فرنسا برد عسكري , لم يتعظ بوريس جونسن بما يجري و قبل أسبوعين تناقلت محطة البي بي سي البريطانية فضيحة بارتي جيت التي هزت بريطانيا عندما تم تسريب عشرات الفيديوهات لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسن في حفلات شراب أسبوعين وعلى مدى سنتين كان يقيمها في مقر رئاسة الوزراء خلافا لقوانين الاغلاق بسبب كورونا وكان ابرزها يوم عيد ميلاده ويوم خطوبته من السيدة البريطانية كاري جونسن والتي يكبرها بسبعة وعشرين عاما , كل ذلك كان يحدث عندما كان البريطانيين يعيشون ظروف الاغلاق كان بوريس جونسن يقيم أسبوعيا الحفلات الصاخبة وبدون ارتداء المدعوين للكمامات وعلى اثر تلك الفضيحة استقال اقرب خمسة مساعديه له خلال الأسبوع الاول للفضيحة وامتدت الاستقالات لتصل الى خمسة عشر من كبار موظفي مكتبه في اليومين الأخيرين , وفي الأسبوع الماضي وقف في البرلمان البريطاني يقول بانه كان لا يعلم كثيرا عن إجراءات الاغلاق عندها قامت نائبة من نفس حزبه لترد عليه وتقول له تريد ان تظهر بمظهر الغبي امام البريطانيين ولا تريد ان تعترف بانك كذاب وقد تم عرض ذلك على شاشات التلفزيون مما زاد من كراهية الشارع البريطاني له.
واليوم تلاحق جونسن سلسلة من الفضائح حول خرقة قواعد الحجر العام، وهو يحاول دائما الظهور بمظهر البريء فقد اعتذر جونسن في نوفمبر الماضي عن عدم ارتدائه الكمامة اثناء زيارته لمستشفى هيكسهام بعد تقارير صحفية موثقة بالصور تم تحذيره على اثرها ثلاث مرات لعدم ارتدائه الكمامة, وفي ديسمبر 2021 كشفت صحيفة الجارديان البريطانية صورة له وعدد كبير من الأشخاص يشربون الخمر في حفلة أقامها في حديقة منزله في داوننج ستريت خلال فترة جنازة الأمير فيليب زوج الملكة اليزابيث الثانية في الوقت الذي كانت بريطانيا في فترة الحداد العام وقد ظهر جونسن الى الإعلام بوجهه المخادع وبكل وقاحة بعد تسريب تلك الفضيحة الى الاعلام ليعتذر عن تلك الحفلة واخريا وليس اخرا فانه اتهم محطة البي بي سي البريطانية العريقة بالتدخل في شؤونه الشخصية والكذب وبذلك بدأ مرحلة جديدة من مراحل خرق القانون والدستور وخرق قواعد الاخلاق العامة وبدأ في مواجهة غير متكافئة وذلك لان في جعبة البي بي سي الكثير من فضائحه سوف تخرج تباعا للنشر كلما زاد من هجومه عليها .
الجديد في اخر فضيحة له تصريح السيدة كريسيدا ديك مفوضة شرطة العاصمة لندن الأسبوع الماضي ان الشرطة تحقق في تقارير خرق قواعد الاغلاق العام من قبل رئيس الوزراء بوريس جونسن خلال السنتين الماضيتين وإقامة الحفلات في داوننج ستريت وفي القاعة البيضاء، فهل يحتاج بوريس جونسن الى شرطة الاسكتلنديار ومحققها الشهير المذكور في سلسلة القصص البوليسية البريطانية ارسين لوبين للتحقيق معه في تلك القضية؟ ام انه كعادته سيخرج الى الاعلام بشعره القنفذي وليعطي الانطباع بانه ساذج ويعتذر للشعب البريطاني؟ لقد طالبه عدد كبير من أعضاء البرلمان ومن ضمنهم أعضاء في حزبه بالاستقالة لكنه لم يهتم بتلك المطالبات وبقي يتمسك بكرسي رئاسة الوزراء تقليدا لسلوك صديقه الحميم الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب الذي تم إخراجه من البيت الأبيض بالقوة والذي قاد مظاهرة من البلطجية والزعران بالهجوم على الكونغرس الأمريكي في جلسة إقرار الكونغرس فوز الرئيس جو بايدن.
لماذا يستغرب شعوب العالم الثالث من تمسك بعض رؤسائها بالكرسي وتلصق صفة الدكتاتورية بهم؟ اليس جونسن رئيس لوزراء بريطاني العظمى العضو دائم العضوية في مجلس الامن والتي تتحكم بمصائر شعوب الأرض؟
فلولا الصدفة وظروف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لما تمكن ترامب اللندني من انتهاز تلك الفرصة والتسلق الى رئاسة الوزراء والعبث والتسبب في الاعداد الهائلة من البريطانيين الذي قضوا او أصيبوا بفايروس كورونا والعبثية في القرارات التي أدت الى الازمة الحادة في وقود السيارات في بريطانيا قبل أشهر والمشكلة التي خلقها مع الاتحاد الأوروبي حول حقوق الصيد وغيرها من الأخطاء الجسيمة.
بعد ان وصل عدد الموظفين الذين قدموا استقالاتهم من مكتب بوريس جونسن لهذا العدد الكبير مازال يتمسك بالكرسي حتى لو استقال جميع الموظفين والوزراء وبقي لوحده مع موظفي النظافة في المكتب.
الباحث
بسام شكري
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
811 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع