أحمد الكناني
قصة قصيرة (أمومة باهتة)
مديرة مدرسة قالت: تأخرت أحدى التلميذات ذات يوم في المدرسة و لم يحضر اهلها او السائق لاستلامها ..
فكلفت المشرفة بالبقاء معها حتى قدوم احداً من اهلها لاستلامها ثم انتظرت المشرفة حتى صلاة العصر ولم يحضر أحد فتأصلت بي مخبرة إياي بالامر فأشرت عليها ان تأخذ التلميذة معها الى بيتها و تترك للحارس رقم هاتفها فلعل حصل لأهلها امراً طارئ اضطروا بسببه لهذا التأخير و غادرت المعلمة المدرسة مصطحبة معها تلك التلميذة الى بيتها و أطعمتها و آوتها و جلست تنتظر ان يتصل بها احد لكن. دون جدوى فسلمت أمرها لله وتركت الطفلة تبيت مع أطفالها..
ثم اخذتها معها في اليوم التالي الى المدرسة و جاءت بها مباشرة الى المديرة واخبرتها بخبرها المديرة رفعت سماعة الهاتف و اتصلت فوراً بأم التلميذة لترى ما الامر فردت احدى الخادمات عليها و اخبرتها انها نائمة.. قلت: الحمد لله لم يحصل لها مكروه ثم كررت الاتصال الساعة عشرة قبل الظهر و اخبرتني الخادمة انها لن تصحو من نومها قبل الواحدة بعد الظهر فسلمت أمري لله و اتصلت بها بعد الواحدة بقليل و لم اخبرها لماذا طلبت منها الحضور الى المدرسة فوراً لأمر مهم يخص أبنتها...
فأجابتني قائلة:- لدي موعد مع الخياطة بعد قليل انه مهم جداً لابد ان اقضيه لأنني الليلة مدعوة الى حفلة عرس و قد اتأخر عند الخياطة لهذا فأنا اعتذر اليوم عن الحضور الى المدرسة سآتيكم غداً..
قالت لها المديرة:- سأنتظركِ اليوم في المدرسة مهما كلف الامر حتى لو بقيت للعشاء..
فذهبت الام الى الخياطة ثم عرجت بفضلة وقتها الى المدرسة لترى ماذا حل بأبنتها وجدت المديرة بانتظارها فبادرتها قائلة:- أين كانت أبنتك ِ البارحة؟
قالت الام كانت في البيت، اين ستكون؟!!
المديرة:- هل تناولتِ معها الغداء، ثم هل اشرفتِ على دروسها و مذاكراتها، وهل لاحظتِ ساعة نومها؟!!
قالت الام:- لا
قالت المديرة:- ولم لا؟
قالت الام:- لأن الاولاد لهم جناح خاص تشرف عليهم احدى الخادمات تحضر لهم الطعام و الشراب وهي التي تقوم بالإشراف على دروسهم الا يكفي أننا تعبنا في حملهم و انجابهم...
قالت لها المديرة:- أتعرفين أيها السيدة المحترمة ان أبنتكِ لم تبت في جنتها الحالمة و برجها العاجي انما باتت في بيت احدى المعلمات جزاها الله خيراً..
قالت الام و قد فوجئت و اندهشت مما تسمع:- ماذا؟!! انا لا اسمح بمثل هذا الكلام و هذا التطاول نحن عائلة معروفة كما تعلمين و قد يؤثر هذا الكلام على سمعتنا..
قالت المديرة:- أيتها السيدة انه ليس كلاماً كما تتصورين أنه امر واقع مر و انتِ أداته الفاعلة ونحن نتجرع غصته، انتِ أم و الامومة لفظة تلقي بظلالها على أركان النفس الانسانية السوية فتدفعها دفعاً لا شعورياً الى التضحية و العطاء واسباغ الحنان و الشعور بالرحمة أين انتِ من كل هذا؟
ألستِ أماً؟؟
ما هو شعورك نحو ابنتكِ؟
أين انتِ منها؟
انها كنزك المخبوء عند كبركِ و بعد موتك انكِ أن لم ترحميها في صغرها حرمتِ من رحمتها عند كبركِ و بعد موتكِ، انتِ لو كانت معكِ كنوز قارون فإنها ستفنى و لكن الرحمة و الحنان و التضحية و الصبر كلها نودعها في خزائن الله الذي لا تضيع عنده لا صغيرة و لا كبيرة إلا احصاها لنا ثم يبارك لنا فيها في أي عالم ايتها ألام تعيشين!!
طأطأت ألام رأسها ثم التفتت الى البريئة أبنتها وقالت لها:- أين كنتِ البارحة؟
فأجابت الطفلة بكل براءة وكأنها تعبر عن مشكلتها بكل صدق:- ماما.. تناولت البارحة طعام العشاء مع المعلمة و أولادها ثم نمت معهم و رأيت المعلمة في الليل تمر علينا واحداً و احداً و تغطينا أنها يا ماما تخاف على أولادها من البرد ثم تناولنا وجبة الفطور كلنا مع بعض الفطور جميل يا ماما و لذيذ وقد عملت لي المعلمة شطيرة من الجبن أكلتها في الفسحة المدرسية كم سعدت يا أمي في بيت المعلمة افطري معي كل يوم يا أمي و تعشي معي أرجوكِ يا أمي..
نهضت الام من مكانها ممتعضة وغادرت تجر أبنتها وهي تتمتم قائلة: ويل لكما اليوم مني أيها السائق و انتِ أيتها الخادمة.. هذا كل ما قدرت عليه هذه ألام!!
662 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع