مصطفى محمد غريب
محادثات فينا حول البرنامج النووي الإيراني وجدية إيران!
المحادثات الجارية لأحياء الاتفاق النووي الإيراني في فينا بين ايران ودول اوربا زائداً الولايات المتحدة الأمريكية عبارة عن جولة من الجولات تهدف الى ثني سعي ايران في الحصول على السلاح النووي والالتزام بعدم تطويرها لهذا البرنامج الذي لا يهدد المنطقة فحسب بل العالم، وهو امر خطير من الضروري التخلص من اخطاره وكبح توجهات ايران لمنع التدخل في شؤون الدول الأخرى وبخاصة منطقة الشرق الأوسط ، هذه المساعي اذا ما نجحت واثمرت على احياء الاتفاق النووي والزام ايران بعدم التدخل في شؤون الدول وإيقاف توريد السلاح بما فيها الصواريخ والطائرات المسيرة لإثارة الحروب والنزاعات عندئذ ستكون مرحلة جديدة تخدم الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتخرج الشعب الإيراني من وضعه المأساوي المكتوي بالإرهاب وفقدان الحريات والحصار الاقتصادي وتفتح طريقاً جديداً لتطوير الأوضاع وقيام علاقات طبيعية مبنية على أسس القانون الدولي واتفاقيات حسن الجوار مع دول المنطقة، والكف عن ارسال السلاح وتأجيج الخلافات مما يساعد على لجم التطرف والعدوانية والحروب وحل النزاعات عن طريق الحوار الهادف بالأساس لتحسين أوضاع الشعب الإيراني ولخدمة السلام والامن في المنطقة، والتوجه الحقيقي للخلاص من المليشيات الطائفية المسلحة المؤتمرة والتابعة ومن الإرهاب والتنظيمات الإرهابية التي تستغل التعقيدات داخل ايران وخارجها وبخاصة العراق وسوريا واليمن ولبنان وغيرهم من البلدان.
منذ ان نشب الخلاف بخصوص البرنامج النووي الإيراني وتوجه إيران لزيادة تخصيب الأورانيوم بهدف الحصول على القنبلة النووية وبخاصة بعد الغاء الاتفاق من قبل الولايات المتحدة الأمريكي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، ذلك الاتفاق الذي كان من الممكن ان يكون نهاية للصراع بالتزام حكام ايران ويلزم إيران بإيقاف توجهاتها وتدخلاتها في شؤون الدول الأخرى، الا ان إيران استغلت الاتفاقية ونحت منحى اخر لتمنح الولايات المتحدة الامريكية الفرصة للتدخل وفرض العقوبات القاسية غير الإنسانية على الشعب الايراني الذي يعيش حالة من العوز والفقر ودونه والبطالة وتضخم العملة وارتفاع الأسعار وغيرها من الكوارث التي تضرب حياة الملايين من الإيرانيين وبخاصة أصحاب الدخل الضعيف والكادحين.
في الظروف المستجدة نجد ان الفرصة مواتية للانتقال الى نوع من العلاقات الدولية ومن أجل تحسن العلاقات مع دول الجوار وانتهاج سياسة معتدلة بما فيها الحريات والديمقراطية سوف يصب بلا شك في مصلحة
اولاً: الشعب الإيراني المغلوب على امره الذي يعاني من الاضطهاد والارهاب وحجب الحريات ومن الحصار الاقتصادي والأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة
وثانياً: في مصلحة الدول في المنطقة والعالم هذه الدول التي تتحمل الشيء الكثير من مواقف إيران العدوانية اتجاهها واتجاه امنها الداخلي
ثالثاً: لمصلحة الامن والسلام والتخلص من شبح الحروب والنزاعات المسلحة داخل البعض من بلدان المنطقة
رابعاً: إنهاء وجود المليشيات الطائفية المسلحة التي تتبع ايران وتتحرك بأوامرها لإثارة النزاعات والقلاقل
انها فرصة جديدة قد تنتج من خلال محادثات الجولة الثامنة في العاصمة فينا عاصمة النمسا النجاح والوصول الى اتفاق مثمر يكون بمثابة حل للعديد من الخلافات وتذليل الصعوبات امام إيران للتخلص من العقوبات والحصار الاقتصادي الذي ينهك ملايين الكادحين الإيرانية وليس حكام إيران الذين لا يهمهم الحصار!
في الجانب الاخر على حكام طهران يدركوا مخاطر فشل الوصول الى اتفاق بسبب تعنتهم الذي جاء اثناء المباحثات واستنتاجات البعض حول توسع المطالب الإيرانية ومحولاتها الالتفاف والضغط للحصول على اتفاق يخدم مصالحها وعدم المساس بتوجهاتهم المريبة في قضية البرنامج النووي او تدخلاتهم في شؤون دول الجوار، وصرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده "بأن تقدما حدث في المفاوضات على مستوى الالتزامات النووية، ورفع العقوبات والتحقق منه، والضمانات المتبادلة" الا ان المتحدث الإيراني أضاف مشدداً" على أن الطرف الآخر لا يمكنه أن يطالب طهران بتعهدات نووية أكثر مما ورد في الاتفاق النووي، ولا يمكنه تنفيذ تعهدات أقل مما تم الاتفاق عليه، لافتا إلى أنه في حال وصل الطرف الآخر إلى هذه القناعة، يمكن الحديث وقتها عن اتفاق جيد في فيينا" هذا الخلط في المواقف دفع البعض التشكك بنوايا ايران واشار نيد برايس المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية مؤكداً " إن محادثات فيينا لم تحرز سوى تقدم متواضع، مضيفا أن الولايات المتحدة تأمل البناء على هذا التقدم في الأسبوع الجاري"، الوفد الإيراني لم تكن نبرته متفائلة حيث ذكر عن العقبات التي سوف تعرقل التوصل الى اتفاق وفق المصالح الإيرانية والمصالح الإيرانية تخص
1 ــ رفع العقوبات الامريكية فوراً وقبل أي اتفاق وهو مطلب مهم حسب رأي الوفد والحكومة الإيرانية للاطمئنان على مصالحة إيران اولاً
2 ـــ عدم رغبة الحكومة الإيرانية في مناقشة " المقترحات السياسية او القانونية أو العملية" بخلاف رغبة الأطراف الاوربية التي تؤكد على هذه المسارات
3 ـــ شرط إيراني لضمان عدم انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من الاتفاق النووي مثلما فعلت في السابق .
من هنا يبدو ان الوصول اتفاق سريع يخدم المصالح العامة لجميع الأطراف يواجه فعلاً عقبات في مقدمتها التعنت الإيراني حول رفع العقوبات وضرورة مناقشتها قبل أي شيء، اما إصرار إيران عدم مطالبتها بأكثر مما في الاتفاق النووي السابق فهو يعني ان أي مطالبة بتعهدات نووية سوف يكون مصيره الفشل وهو الخط الواضح ، ثم هناك مشكلة استجدت في هذه الظروف لم تكن في المباحثات السابقة او معاهدة الاتفاق النووي الأول، وهي " مخزون اليورانيوم" الذي تجاوز الحد المسموح او المتفق عليه، ومع ذلك فان الوقت والحوار والتباحث المستمر قد يقلب الطاولة ويرضخ المطالب الإيرانية التي تُعَقد الوصول الاتفاق ونرى ان التصريحات الجديدة لحسين أمير عبد اللهبان وزير خارجية ايران حيث قال "المبادرات من قبل الجانب الإيراني والمفاوضات التي جرت وضعتنا على المسار الجيد" أي ان إيران ترى أن المباحثات النووية تقترب من "اتفاق جيد" لكن في الجانب الاخر مازال حكامها ينتهجون سياسة المراوغة وعدم الجدية في الوصول الى اتفاق تلتزم بتنفيذ حتى بنود الاتفاقية بالرغم من ما ينشر في وسائل الاعلام عن تقدم طفيف وقد صرح الكثير من المشاركين في المفاوضات آملين من ايران احترام التزاماتها بالاتفاق الذي تراجعت عنه بعد اعلان الانسحاب من قبل الولايات المتحدة الامريكية لقد اكد جو بايدن الرئيس الأمريكي الاستعداد لإعادة " الولايات المتحدة الى الاتفاق النووي " لكن شرط امتثال طهران مجددا لبنوده "، الرئيس الأمريكي لا بل الإدارة الامريكية وعلى امتداد سنين طويلة تتحين الفرص لكبح جماح الشعوب تحت طائلة العديد من الادعاءات الكاذبة وفي هذه القضية التي تتشابه تقريبا مع الفارق قضية احتلال العراق في مقدمتها أسلحة الدمار الشامل، لكن البرنامج النووي الإيراني ومخاطر الحصول على القنبلة النووية يبدو اكثر تهديداً ولهذا فهي تولج طرق لاختيارات عديدة الى جانب محاولات إسرائيل وقلقها من السلاح النووي الإيراني الذي تعتبره موجهاً ضدها بالأساس وهي تقف على اتم الاستعداد لإشعال حرب وهي حرب قذرة ستكون وبالاً ليس على الشعب الإيراني فحسب بل على شعوب المنطقة، تهديدات الولايات المتحدة ليس إعلامية فقط فنحن وشعوب العالم خَبرنا عدوانيتها المعروفة ولنا اسوة حسنة في هذه التهديدات وسيرها حيث أشار مسؤول كبير" إن المحادثات بين إيران والقوى العالمية في فيينا، لإحياء الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، أحرزت "بعض التقدم" خلال الأسابيع الأخيرة، لكن هذا ليس كافياً لتبرير مفاوضات غير محددة المدة، الا ان هذا المسؤول يعقب "إذا استمرت المحادثات خلال الأسابيع المقبلة بالوتيرة المتباطئة الحالية، فربما يتعين على واشنطن إعادة النظر في أهمية الاتفاق النووي تماماً، واتخاذ قرار بشأن تصحيح المسار وعقبات حيازة السلاح النووي "
ان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق حكام ايران لإنقاذ الشعب الايراني من المأساة الحالية والكارثة القادمة وتجنيب المنطقة ويلات حرب قد تكون شاملة ليس لها حدود جغرافية ولهذا من الضروري ان يستوعب حكام ايران مخاطر المرحلة الراهنة ويقدروا مسؤوليتهم اتجاه الشعب الإيراني وامن وسلامة المنطقة فهذه القضية محط قلق الكثير من إمكانية نشوب حرب تتدخل فيها إسرائيل وحزب الله وعند ذلك سيعم الدمار ولا يمكن انقاذ المنطقة منه وعبر عنها الكثير من دول الجوار مؤكدين ضرورة إيقاف محاولات ايران لزعزعة المنطقة ودعمها للمليشيات الإرهابية وتأجيج الصراع الطائفي " لان المنطقة تدخل مرحلة خطيرة مع تسريع إيران أنشطتها النووية"
كلنا امل ان تسفر المباحثات مع إيران في فينا عن مواقف إيجابية والوصول الى حل مناسب يبعد الشعب الإيراني وشعوب المنطقة من الصراع المسلح وعند ذلك سوف يربح الجميع الأمان والسلام والطمأنينة .
2151 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع