سيف شمس
مسعود بارزاني رجل دولة أم رجل قومي
قبل البدء بالحديث عن هذه الشخصية التي طالما أثارت وتثير جدلاً في الأوساط السياسية والاجتماعية سواء داخل العراق أو خارجه، لنتخيل جميعاً وبشكل بسيط أن هذه الشخصية لم تكن موجودة.
- هل سنشاهد الآن أكثر من مليون عربي لاجئ قد فروا من أغلب مناطق العراق، يعيشون في كوردسان؟
- وهل سنشاهد كل هذا التنوع الثقافي والعرقي والعلمي يعيشون مع بعض؟
- وهل سيشهد إقليم كوردستان كل هذا التطور والأمان والعيش داخل حدوده باستقرار؟
أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والذي هو الآن تحت زعامة السيد مسعود بارزاني قد قطع شوطاً كبيراً في النضال القومي والديمقراطي منذ تأسيسه عام 1946 على يد أبيه الراحل مصطفى بارزاني.
وقد سعى في ترسيخ التقارب بين أبناء الشعب الكردي بهدف تحقيق الأهداف القومية بالطرق السلمية، فمن المعروف أنه لم يمارس الإرهاب ولم يتم ايواء مجاميع متطرفة تمارس الاعتداء على بقية المكونات منطلقة من ملاذها كما تفعل الكثير من الأحزاب، بل نظرته تتوجه نحو النضال السلمي.
وقد عكس ذلك ديمقراطياً من تحقيق تلك الأهداف بتطوير التجربة الديمقراطية على أرض البرلمان الفيدرالي في بغداد، فاغلب الاجتماعات والاتفاقات تكون في كردستان لتوفير الجو الآمن والديمقراطي للتشاور بين الكتل السياسية الأخرى. وقد تم تحقيق ذلك من خلال احترام مبادئ واهداف الأمم المتحدة. فأن هذا الاحترام وإقامة العلاقات الوطيدة مع كل الأطراف قد زرع الثقة بالمنظمات الدولية بأن تقيم على أرض كردستان لعلمها مسبقاً أن سياسته موثوق بها وهناك احترام لبنود ومواثيق أممية. كل ذلك قد شجع دول العالم بأن ترسل بعثاتها إلى إقليم كوردستان، فنشاهد الآن أغلب المنظمات تقيم على أرضه.
ولكيلا ننسى بأن مسعود بارزاني قد نقل الكورد من التموضع الثوري التقليدي إلى الاستراتيجيات العميقة ومن الثورة المسلحة الى نهج الدولة، ومن الفعل إلى النجاح. وهو القائد الثوري الذي لم يسمح بأن تأكل الثورة الحقوق القومية عنده ولا الحقوق الإنسانية، ولم يتجاوز على التاريخ والقيم والمبادئ فأحبه وأخلص له مريديه ووثق به محيطه ومنهم من أساء إلى العقل والحقوق الكوردستانية.
ومسعود بارزاني مدرسة كبيرة قد احتوت كبوات وأخطاء موروث شوفيني عراقي وسوري وايراني وتركي ولم يتعلم الجدد منه، بل تاجر البعض وأوشك العراق أن يقع في متاهات حرب قومية عربية كوردية أرادتها بعض النفوس الحائرة.
منذ فترة وأنا أتطلع لهذه الشخصية محللها من بعيد، بصفة اقامتي خارج العراق مما يسهل عليّ النظر والتحليل ما يجري في الساحة العراقية والبحث عن المنظمات والمؤسسات الدولية وأين توجهاتها وفي أي منطقة تشعر بالطمأنينة، فالخيار الأنسب سواء كان للعراقي أو غيره هو إقليم كوردستان، ولم يأت هذا صدفة، بل من عقل حكيم قد أستطاع استيعاب أخطاء وهفوات ونزاعات ما يدار حوله وأخذها بعين الاعتبار بعدم زج الكوردي بحرب، فهو يعرف ماذا تعني الحرب فهو رجل دولة يريد بناء وطناً يفخر به كل من يحب وكل من يتطلع إلى السلام.
1078 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع