د. تارا إبراهيم – باريس
يطلق على الإنترنت في بعض الأحيان مصطلح "الشبكة العنكبوتية " وفي أحيان أخرى "العالم الإفتراضي"، حيث يستطيع أي إنسان الدخول الى هذا العالم وقتما يشاء والبقاء فيه بكل حرية دون قيود أو رقابة من قبل السلطات مالية كانت أم قانونية ،
وأن يعطي رأيه بشأن الانباء والأحداث الجارية في بلده والعالم . هذه الظاهرة تثير إستياء بعض الصحفيين المحترفين ولا ويفوتون فرصة للتصريح علانية والتنديد بهذا النوع من الصحافة، وخصوصا من يملكون كارت الصحافة الذي يتيح لهم الدخول الى قصرالأليزيه والبحث في دياجيرظلام ماوراء الأبواب الموصدة عن الحقيقة. فهل صحافة المواطن هي صحافة هواة ؟ بينما يدعو ممارسو هذه الصحافة بل ويصرون أن يطلق عليها اسم السلطة الخامسة ، إلا أن هذه التسمية مثيرة للجدل كونها إما فرصة حقيقية للديمقراطية أو إرضاء للغرور وربما يتم الولوج منها الى عالم يتسم بجدل عقيم أو خلاق.
الصحافة مهنة ، وليس كل من هب ودب أصبح صحفيا ، فالصحفي هو الذي يكتب المقالات التي تتعلق بالأحداث الجارية ويرتزق منها ، وهوحاصل على شهادة جامعية بعد دراسة دامت لعدة سنوات. يدرك ان مهمة الصحفي أمامها الحياد وعليه أن يوصل معلوماته الى الناس بطريقة سهلة دون إعطاء رأيه ، فالقارئ يقرأ للحصول على الحقائق وليس لمعرفة وجهة نظر كتابها ، والإلتزام بهذا المبدأ بعيد المنال كون العالم الآن يشكو من فساد الصحافة بسبب إمتلاك الإعلام من قبل مجموعات مالية هي التي تحدد مساره وتوجهه وفقا لاهدافها وتقرر الموت أو الحياة له.
لقد إنتهى عصر الورق كما يقول البعض مع حلول القرن الحادي والعشرين، وبدأ زمن المعلومات ، والسرية منها لايمكن شراؤها من قبل المواطن العادي بل من حيتان المال ولاهداف خاصة، وتقرأ على الإنترنت التي هي وسيلة النشر الأسهل وتمتلك خاصية الوصول الاسرع إلى الغايات والاهداف المبرمجة .هذا العالم الأفتراضي ، واقع لايمكن نفيه او الإستغناء عنه بعد الآن ، فالقارئ لايقرأ فقط بل يكتب وينشرويؤثر ويتأثر ويواكب الحدث وله قراءه وبالتالي يحاول أن يأخذ مكان الصحافي المحترف الذي يعتبره الآن ندا لايستهان به .
مهما تعددت أشكال الصحافة مابين صحافة محترفة أوصحافة المواطن ، تبقى المشكلة الرئيسة هي أزمة الثقة بدقة المعلومات المسطرة في وسائل الاعلام الورقية والتشكيك بالمرئية والمسموعة منها وبالخصوص صحافة المواطن التي يزاول اصحابها عملهم اليومي الروتيني المتعب في النهار ليبدأو في الوقت المتبقي بكتابة ما شاهدوه او سمعوه أو ينقلوا من وسائل الاعلام الاخرى احداثا قد تكون بعيدا عن الواقع ايضاتشيرالاحصائيات الى ان 35% من الفرنسيين لا يثقون أو يصدقون ما تكتبه صحافة المواطن على الإنترنت وتزداد هذه النسبة فيما يخص الصحافة المحترفة التي يعتقد الفرنسيون أنها تخضع لضغوطات سياسية وإقتصادية مما يعمق أزمة الثقة بين المواطن والصحافة بكل اشكالها .
من هنا يأتي السؤال الذي يطرح نفسه : هل يستطيع القارىء والكاتب العادي أن يزاحم الصحفي ويقصيه من عالم الصحافة ؟ فهناك كثير من الصحافيين المحترفين والمتمرسين في هذا المجال ، وبالمقابل يمتلك مواطنون عاديون مدونات على الإنترنت أو blog أوصفحات خاصة بهم يكتبون فيها عن الأحداث كالصحفيين. فهل هذا النوع من الأشخاص يكتب فقط من أجل إرضاء الأنا وتحقيق حلم الطفولة الذي هرب منهم أم أنهم يفتحون منافذ لافكارهم، أم للظهور ونيل الشهرة ؟ بينما هناك صحافيون عاطلون عن العمل أوينتظرون آخر الشهر بفارغ الصبرلإستلام رواتبهم الشحيحة . أسئلة اجوبتها معقدة إذ لا يمكن البت والحسم بسهولة بامور تتعلق بالحرية المقدسة في هذا العصر .
2021 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع