د احمد ألأسدي
ناشط مجتمعي عراقي
فلتخرس كل أقـزام الرذيلة والتطبيـع ..عروبتنا ليس قدرا مفروضا علينا بل وجودا آمنا به ونموت على قبلته
بالرغم من إنَ جرعات استهداف قتل العروبة وفكرها وانتماءها ومشروعها القومي , ليست بوليد مرحلة بعينها بقدر ما إنه مسار رافقها منذ أن ولد الإسلام من رحمها , حيث دفعت العروبة ضريبة احتضانها لهذا الوليد ولا تزال تدفع ثمن إبقاءه حيا , حتى وإن هذا الاستهداف يأتي أحياننا من داخل منظومة الإسلام نفسه بأدوات لبست رداءه ونطقت بشهادة ( أشهد أن لا الله إلا الله , محمدا رسول الله ) ورتلت آيات قرآنه .
ما تعج فيه الفضاءات الإعلامية التي تدور في فلك الصهيونية والماكينات الأمريكية والغربية المخابراتيه , وتردده وراءها بشكل ممنهج وسائل إعلام مرئي ومقروء ومواقع تواصل اجتماعي ناطقه بلسان عربي من اتهامات للعروبة كمفهوم وانتماء , سواء بتوصيف عنصري وأخر عرقي شوفيني أو عبر بوابة تجريدها من حاضنة وجودها , و تسويق نظريات فشلها واضمحلالها وموتها , إنما هو استمرار طبيعي لمنهج تدمير حواضن الفكر القومي العربي الذي بدأ قطاره باستهداف وحدة الأمة وتقسيمها على أسس قطرية ضيقه , ودويلات وممالك ومشايخ تابعه , وتعزيز هذا النهج التفكيكي من خلال زرع أدوات تآمر , و تثوير بؤر تنازع في غاية إضعاف الإنسان العربي وتفريغه من فكره , واستئصاله من جذور انتماءه , حيث لا قيمة لتجزئة خرائط جغرافية الأرض من دون استهداف إنسانها نفسه , لإفراغه من هويته , و تعويم وجوده , وانتزاع ثوابته التي بدونها يعيش على هوامش ضيقه من المتغيرات , التي تفقد الإنسان اتزانه وتطمس قيمه وأخلاقياته , وهذا هو جوهر المشروع الصهيو أمريكي وأدوات تنفيذه من رجعية عربانية وأدعياء عروبة .
مفهوم عنصرية العروبة الذي أصبح خطابه رائجا هذه الأيام على لسان بعضا يردد ببغاوية ما يدخل مسامعه ويركض بإمعيه وراء القطعان , وبعضا آخر توقفت عندهم عقارب ساعات الزمن عند أحقادهم المريضة بغايات مشغليهم الشيطانيين , بالرغم من وقعه المحسوس في الشارع والذي لا يمكن إنكاره , ليس لمصداقيته وإنما لحجم الدعاية الإعلامية التي تدفع لها الملايين من الدولارات من أجل ترويجه , ودربت له فيالق إعلامية في غاية تسويقه , لكن هذا المفهوم الإتهامي يبقى مدحوضا وفاقد لمصداقية تمريره , حيث جغرافيا التنوع العربي تدحض عنصريته المزعومة , وتؤكد حقيقية إن مفهوم الأمة عند العرب هو مفهوم حضاري متجدد , ووعاء ثقافي تعددي , وخيار لانتماء وجودي اختياري وليس عنصري عرقي مفروض مثلما يراد أن يروج له .
لسنا من المتقوقعين في مقاربتنا الفكرية والسياسية , ومن باب استقامة التشخيص وحياديته , فما تعرض له الفكر القومي العربي من حملات زرع ألغام تشويهيه في طريقه ليس من الإنصاف حصرها بدوائر الغرب الصهيو امريكي وأدواته ألذيليه من رجعية عربانية وأخرى اسلامويه وليبرالية متطرفة , بل كان لعشاق السلطة من معتنقي هذا الفكر والرافعين لرايته والمرددين لشعاراته البُعد الأكثر إيلاما في جسده ,والسبب يكمن في ابتعادهم عن منبعه الأخلاقي والمبدئي ,وتمسكهم بأدبياته الخطابية السياسية في غاية الحفاظ على السلطة ليس إلا , ولنا في تجربة البعث في العراق وسورية المثال الذي لا يحتاج إلى تبرير , والتي للأسف يستخدمها أعداء الفكر والمشروع القومي العربي قميصا لعدائهم , مثلما استخدم معاوية وذيوله قميص عثمان بالضد من علي وخلافته .
ضراوة حملات تقزيم العروبة فكرا ومشروعا , وحالة الهوس المذهبي والطائفي التي تتقدم صفوف سياسات دويلات وممالك نفط الخليج ومشايخه , مرتبطة بشكل جوهري اليوم بمشروع التطبيع الخبيث الذليل , واتفاقات العار الإبراهيمية التي يرى فيها البعض إنها المسمار الأخير في نعش العروبة وفكرها , والتي آخرها مؤتمر حثالة شيوخ سنة العراق الذي انعقد في منتجع التصهين الكردي ( أربيل ) , واستكمال لإستراتيجية ما بعد غزو واحتلال العراق وإسقاط النظام الوطني العراقي التي جوهرها أنتجت شرق أوسط جديد نواته ( اسرائيل ) وقوة ردعها في المنطقة , الذي بشر به المسؤولين الأمريكان في إدارة بوش الابن وعبرت عنه بصراحة ( كوندليزا رايس ) , بينما نـرى نحـن فيها العكس تماما , لأنها فصلت الغث عن السمين , وأفرزت النطائح والمترديات عن الصحاح والعافيات, وفضحت الأدعياء والإمعات وأعـزت أهل الثوابت والثبات , وأبانت طريق الحق عن دهاليز الباطل المِحق , ووشحت بثوب العزة المرابطين , وعرت بهوان عورات المهادنيين .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
877 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع