د احمد الاسدي
ناشط مجتمعي عراقي
أرقام صفرية خارج منظومة حواسيب الـزمن ... المراهنون على الفوضى
صهيل الخيل ... لا يحجبه صرير الفئران
وقفات الحق ... لا يثنيها نعيق الغـربان
عندما نكتب ونؤشر بعلامات الاستفهام أحياننا والتعجب والتندر والتقزيم في مواضع أخرى , فهذا ليس لأننا نقف في هذا الخندق السياسي أو مكلفين بالوقوف بالضد من الخنادق المضادة الأخرى , بقدر ما إن الأمر يتعلق أولا وأخرا بثابت أخلاقي ومبدئي ألزمنا أنفسنا فيه بالوقوف في الخندق الوطني الملتزم الذي يضع نصب عينيه إن الحقيقة ( كالكعبة يمكن أن تأتيها حيثما تكون ) , وهذا الالتزام إنما هو جزء من تربيتنا وشخصيتنا ,وإن كنا للأسف في زمن أصبحت فيه الأخلاقيات والتزاماتها مجرد شعارات يعلو سقفها ويهبط حسب ما تفرضه لعبة العرض والطلب , ولعل الشخصية العراقية الأيقونة التي لا تنافسها أي ماركة تجارية في هذا السوق .
التيارات والأحزاب السياسية في الشارع العراقي بكل مسمياتها ومنابعها الفكرية والدينية والمذهبية , وسواء كان شخوصها ممن يدعون المعارضة في الخارج أو أَفرِقاء العملية السياسية في الداخل , حالهم حال أغلبية الطبقات السياسية في عالمنا العربي , لا يعني لهم أمر الشارع بشيء إلا بمقدار ما يتعلق بضمان وجودهم واستمرارية حفاظهم على مصالحهم , بغض النظر إن كانت هذه المصالح مشروعة أم غير مشروعه , فالدعوات التحريضية التي يدأب البعض على إطلاق بالوناتها في الفضاء المجتمعي العراقي بين الحين والآخر أو كلما اقترب الشارع من تنفيذ التزام وطني كالتصدي لجهد تخريبي داخلي وخارجي أو المشاركة في استحقاق انتخابي أو التعبير عن حالة رفض لنهج سلوكي سياسي أو مجتمعي لا علاقة لها بمشروع تغيير وصراع سياسي تنافسي , أو كونها جزء من مشروع معارض وطني , بقدر ما إنها تعبر عن حالة فوضى يعيشها الذين وجدوا أنفسهم على هامش الحياة السياسية والمجتمعية , وفي غاية خلط الحابل بالنابل مثلما يقال نراهم يراهنون على بالونات مظلومية (ديموغرافيا ) الطائفة والمذهب تارة ,وتارة أخرى على بالونات يافطة استجدائية ( نريد وطن ) , و ( عنجوقية ) التدخلات الإيرانية الميلشياوية وما إليه من الطرهات التي اصبحت محط استهزاء في الشارع , و المضحك في هـؤلاء إنهم مختلفين على كل أمر إن لم نقل (متعايرين ) بكل شيء , لكنهم متوحدين على مبتغاهم الفوضوي فيما يخص تدمير وتأزيم وتزوير شأن الشارع العراقي , وهذا ما يؤكد وبما لا جدال عليه أنهم أدوات وبيادق في لعبه يديرها آخرين .
الرهان على منطق الفوضى من خلال إثارة نزاعات الطائفة والمذهب وتفعيل استحقاقات العامل الخارجي واحتضان مشاريعه في غاية الانهيار والتدمير المقصود و المبرمج لكل جهد وطني يمكن أن يغير الخارطة السياسية العراقية التي رسمتها دوائر اتخاذ قرار غزو واحتلال العراق ونفذته أدواتها على ارض الواقع , وإن كان فيه تحدي حقيقي لا يمكن القفز فوقه وتجاوزه , لكنه يبقى رهان صفري لا قيمة حقيقية له عندما تتوفر إرادة مبدئية للتغير في الشارع تلتقي مع هوية انتماء وطني متحرر من عقدة أصحاب الخنادق وغاياتهم المريضة بمتلازمة الأحقاد والضغائن وأحلام الماضي السلطوي , فلعراقيين قادرين على الخروج من عنق الزجاجة التي وضعهم فيها المتباكين اليوم عليهم من أهل الدار قبل الأعداء والباغضين من عرب وأعاجم وصهاينة وأمريكان , مهما تكالبت عليهم قوى الظلام والتآمر الذليلة للخارج والحاقدة في الداخل, والذي يدعي الوطنية ولديه شيء من الثابت الأخلاقي ويهمه فعلا أمر العراق كدولة وشعب , عليه تجسيد الأقوال بالأفعال ووضع حصانه أمام عربة التغيير والتصويب بدلا من أن يضعه خلفها , ويبحث عن المبررات والحجج للتشكيك بكل جهد وطني صغير كان أم كبير , ويصور العراقيين وكأنهم يعيشون في المقابر, ويلتحفون بمزابل النفايات ويأكلون منها , ويستقتل على تقزيم الكرامة العراقية وكبرياء شعبها في الحضيض , من خلال اجترار ببغاوية إن الإيرانيين يهيمنون على كل نواحي الحياة السياسية والعسكرية والاقتصادية ويحركون الشارع حيثما وكيفما ومتى أرادوا , وحيث لا ينكر أحدا إن هناك تدخلات إيرانية يرتفع منسوب خطها البياني وينخفض حسب ما تمليه لحظات بعينها تفرضها انسيابية الأحداث في المنطقة وحجم تداعياتها على الواقع العراقي حالها حال التدخلات الأمريكية والتركية السياسية والعسكرية وقوة تأثير المال السعودي والإماراتي والقطري ( حيث السعودية وقطر والإمارات من المجحف القول إنها صاحبة مشروع لأنها مجرد أدوات ومال رخيص في خدمة كل من له قدرة على إيذاء العراق والعراقيين حسب طريقته ) , ولكن سؤال المنطق والعقل والمعطى المُسجل والملموس الذي يحرج البعض الذي لم يتوانى بمناسبة أو دونها برمي تبعات ما حصل في العراق بعد وقبل 2003 على إيران وتدخلاتها !!
هل إيران هي من حاصرت العراق من 1991 حتى 2003 ودفعت الأموال من أجل إدامة هذا الحصار الذي لم يستثني حتى حليب الأطفال وقلم الرصاص وأدوية علاج الحيوانات قبل البشر وجعله سيفا على رقاب العراقيين في غاية إذلالهم وجعلهم في النهاية يقبلون بالمحتل الأمريكي والبريطاني ؟
هل إيران هـي التي فتحت أراضيها وأجواءها والقواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية الموجودة فيها للقوات الأمريكية البريطانية والآخرين من حلفاءها وذيولها وجعلت من دولتها منطلقا لغزو واحتلال العراق ؟
هل إيران هـي التي دفعت فواتير حربين على العراق عام 1991 و2003 وتحملت كل المصاريف والتبعات المالية والاقتصادية لحصار وغزو واحتلال العراق ؟
هل إيران هـي التي أسست ورعت ودرست في مدارسها وجامعاتها ومؤسساتها الدينية الفكر الوهابي التفكيري ألإقصائي الراديكالي وصدرته إلى الخارج تحت مسميات المجاهدين العرب والقاعدة واسود التوحيد وأنصار السنة وجيش المجاهدين وجيش الراشدين والجيش الإسلامي والقاعدة في بلاد الرافدين والنصرة وداعش والقائمة تطول ؟
هل إيران هـي التي أصدر علماءها وشيوخها والمعممين فيها فتاوي التكفير والدعوات للجهاد ضد الشيعة الروافض والمرتدين من السنه حسب المسميات التي سمعناها وشاهدنا على شاشات الفضائيات ومن الحرم المكي والمسجد النبوي في صلاوات الجماعة والمجالس الخاصة والعامة ؟
هل إيران هي التي فتحت فضاءها الإعلامي وقنواتها الفضائية ومواقعها الإعلامية وذبابها الالكتروني لتصوير ( داعش ) بأنها ثورة أهل السنة في الموصل والانبار وصلاح الدين وبعضا من ديالى وبغداد للتخلص من الحكم الرافضي الشيعي ؟
هل إيران هـي التي تخلت عن العراقيين بعد أن غدرت بهم دسائس وطعنات تآمر وحقد أبناء عمومتهم والذين يدعون العروبة والإسلام والإخوة الذين ادخلوا عليهم كل زناة العالم واستقدمت اموالهم كل شواذ ومرتزقة الأرض من أجل تدمير وطنهم وتشريد شعبهم وإذلاله ؟
هل إيران هـي التي توسلت أمريكا بإسقاط نظام الراحل صدام حسين وتدمير الدولة العراقية تحت أي ثمن كان وتعهدت بدفع الأموال مضاعفة من أجل إرضاء عقدة دونيتها أمام العراق دولة وقيادة ؟
هل إيران هي التي تناور في علاقاتها مع العراق وفق ما تمليه عليها الأوامر الأمريكية وتتخذ من توطيد علاقاتها مع رئيس وزراء بعينه بالضد من آخرين من باب تأزيم الشأن السياسي العراقي وتعطيل أي مشروع وطني حقيقي يمكن أن يصحح شيء من المأزق الذي جاء به الاحتلال ؟
هل إيران هي التي تراهن على أي حراك فوضوي في الشارع العراقي على غرار ما يسمى ( فورة تشرين ) وقبلها ( اعتصامات ساحات الذل والمهانة ) لتصفية حساباتها مع جهات عراقية أخرى ومن أجل ترسيخ حالة التخبط والاقتتال المذهبي والسياسي في الشارع العراق وتستحضر أصوات الفتنه وغربانها الناعقة على قنواتها الفضائية القابعين في لندن وبيروت وكوبنهاجن والنمسا وتدفع لهم من أجل تحقيق ما تعتقد إنه يصب في مصلحة صراعها الإقليمي ؟
نعيدها ونكررها حتى لا يظن المدبرين إنهم قادرين على طمس الحقيقة و التغطية على عار تآمرهم وغدرهم من أجل تجميل قبح وجوه أسيادهم الذين كانوا ولازالوا خنجر في ظهارين العراقيين , إن إيران وتدخلاتها في الشأن العراقي لا جدال عليها و لا يمكن نكرانها لكنها تبقى نتيجة وليس سبب, والذي يتحمل مسؤولية السبب أولا وآخرا هم الذين استقدموا الغازي والمحتل ودفعوا له وتراقصوا على وقع صواريخه وأجرام جنوده عندما دخلوا العراق , وليس الذي ملأ فراغ وأستغل واقع شاذ وحالة فوضى تصب في صالح مشروعة , حيث الأمم مشاريع والسياسية لحظات تاريخية ومن الغباء تركها لعدوك أو خصمك والوقوف متفرجا عليه ليكون على عتبة دارك .
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1092 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع