الذي يدمر لا يعمر: ثلاث حملات لإعادة إعمار العراق في ثلاث عقود

                                                   

د. سعاد ناجي العزاوي/ مديرة مركز دراسات إعادة الاعمار في العراق
١٩٩٧-٢٠٠١

الذي يدمر لا يعمر: ثلاث حملات لإعادة إعمار العراق في ثلاث عقود

شن التحالف الثلاثيني الأمريكي/البريطاني الغاشم في 17 كانون الثاني 1991عدوانا استهدف تدمير الكثير من البنى الارتكازية للاقتصاد العراقي وكذلك الخدمات من شبكات الاتصالات، والمستشفيات، والمدارس، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، الجسور، ومحطات تنقية المياه والصرف الصحي، مصافي النفط وغيرها من المنشآت والمشاريع العملاقة؛ اذ بلغ مجموع الاضرار في المنشآت والخدمات المدنية المتضررة ما يقارب العشرة الآف مشروع يضاف اليها حوالي ست وعشرون ألف وحدة سكنية وتجارية محلية. ومن خلال الاطلاع على اضرار العدوان في (الجدول 1 ) نستطيع الاستنتاج ان اهم اهداف العدوان كانت موجهة لتدمير مستلزمات ادامة حياة المواطنين الاساسية في العراق وبوجود الحصار الاقتصادي الشامل يتسبب تدمير هذه الخدمات بإبادة اكبر عدد ممكن من السكان المدنيين خلافا لأحكام للقانون الدولي واتفاقيات جنيف الرابعة وملاحقها التي تحرم استهداف السكان المدنيين ومستلزمات ادامة الحياة الخاصة بهم وكذلك لإرجاع العراق الناهض (لعهود التخلف والظلام) .

     

ولغرض افشال اهداف العدوان الاساسية، تم اعادة اعمار أكثر من 80% من المشاريع المتضررة خلال السنتين الأوليتين بعد العدوان. وعلى الرغم من فرض الحصار الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي الشامل على العراق، هب العراقيون في أعظم رد حضاري وذلك بإرجاع مستلزمات حياة المواطنين الاساسية الى ما كانت عليه قبل العدوان ووضع الاسس الرصينة لإنجاح عملية الصمود ضد الحصار الاقتصادي الشامل وخلال فترة قياسية اذهلت الاعداء قبل الاصدقاء في جميع انحاء العالم.

ان حملة اعادة الأعمار من الناحية العملية ابتدأت متداخلة مع استمرار القصف المعادي. اذ كان فنيوآ السكك الحديد يباشرون الإصلاح والتعمير فور توقف الغارات وبالرغم من عودة التدمير، يقومون بالإصلاح لإدامة حركة القوات والمواطنين وخاصة في الجنوب. وكذلك بالنسبة للجسور. وفور وقف إطلاق النار في 28 /2 /1991 ابتدأت حملة اعادة أعمار كل ما دمره العدوان الآثم، وحيث ان هذا التدمير كان قد شمل كل مرفق من مرافق الحياة والمستلزمات التي تعتبر من حقوق الانسان فانه كان لابد من وضع الأولويات وفق الحسابات المتعلقة بإدامة مستلزمات الحياة الاعتيادية للمواطنين من مياه الشرب، وتوفير الوقود، والطاقة الكهربائية، والاتصالات، وغيرها.
لقد كان للحكم الوطني قبل الاحتلال الامريكي للعراق دور كبير في وضع خطة حكيمة وكفؤة في التخطيط والاشراف المباشر على تنفيذ حملة إعادة الاعمار واستنهاض الروح الوطنية العالية لكافة القطاعات الهندسية والعمال ومقاولي القطاع الخاص والتي كانت من اهم العوامل التي ادت الى حسن تنفيذ كافة تفاصيل حملة اعادة الاعمار الكبرى في العراق للفترة من (1991-1993). ونستطيع ان نقولها بفخر ان العراقيين وحدهم وبدون اي مساعدة خارجية قد حققوا معجزة هندسية وطنية ورفعوا شعار (يعمر الأخيار ما دمره الأشرار) خاصة بعد أن نستعرض كيف فشلت حملات إعادة اعمار ما دمرته العمليات العسكرية لغزو واحتلال العراق عام 2003 وكذلك ما يسمى بحملة إعادة المدن التي دمرتها الحرب مع داعش للفترة (2014-2017) كما سيتم الإشارة اليهما لاحقا.
حملة إعادة الاعمار الكبرى 1991-1993:
قبل توقف العمليات الحربية والقصف الجوي المكثف لقوات التحالف الامريكي البريطاني الذي استمر من 17 كانون ثاني لغاية 28 شباط بواقع 2700 غارة في اليوم،تم تشكيل اللجنة العليا لجهد الدولة الهندسي بموجب قرار ديوان رئاسة الجمهورية في 31 / 1 / 1991 [2] ، أي بعد مرور اقل من اسبوعين على بدء العمليات الحربية. لقد كانت تشكيلة هذه اللجنة برئاسة وزير ، وتضم في عضويتها ممثلين من قطاعات الدولة المختلفة والمعنية بتعبئة جهد الدولة في مجالات التشييد وعمليات اعادة الاعمار. وأعضاء اللجنة التي أعطيت صلاحيات مالية وإدارية وقانونية خاصة كحكومة إعادة اعمار هم:
    

لقد كان الهدف الاساسي من تشكيل هذه اللجنة آنذاك هو اتخاذ الاجراءات الاستثنائية لتجاوز الاختناقات ذات الطابع الإستراتيجي وحشد الطاقات وكل موارد الدولة المتاحة بشكل استثنائي، وعليه تم تفويض هذه اللجنة كافة الصلاحيات التي تؤهلها لاستخدام الامكانيات والموارد المتوفرة في المواقع المختلفة وحسب الاهمية.
بعد ذلك قامت اللجنة العليا لجهد الدولة الهندسي بتشكيل لجان فنية فرعية تضم خبراء واستشاريين في المجالات المطلوبة في عمليات اعادة الاعمار والخاصة بعمليات التشييد والتركيب كالتربة، والاسس، والمواد، والانشاءات، وغيرها. وكانت اللجان الفنية في الوزارات تقوم بوضع تقارير حول الاضرار وتركز على الإستراتيجية منها لتحديد نسب ونوعية الاضرار المتحققة والتدابير المطلوبة لإعادة اعمارها مع استعراض الأساليب المقترحة لإعادة الاعمار ومدى ملائمتها وفق الموارد الموجودة في القطر فقط لعدم إمكانية استيراد المواد الاصلية للمشروع من خارج القطر وبالتعاون مع الاستشاريين والاختصاصيين في المكاتب الاستشارية وفي الجامعات. بعدها يتم رفع هذه التقارير لجهد الدولة الهندسي والتي تقوم بدورها باتخاذ القرار النهائي فيما يخص العمل المطلوب، مع تحديد جهة التنفيذ. واجتمعت اللجنة 203 اجتماع وزيارات موقعيه وانتهى عملها في 14/ 8/ 1995[3].
ان حملة اعادة الاعمار في العراق تمت من خلال جهات مختلفة ومن الممكن تصنيفها من حيث أهمية وحجم المشاريع الى: 1
1.حملة اعادة اعمار المشاريع العملاقة والكبرى 2. حملة اعادة اعمار المشاريع الأخرى
حملة اعادة اعمار المشاريع العملاقة والكبرى
وهي المشاريع ذات الطابع الخدمي او الانتاجي الحيوي المتعلق بتلبية احتياجات المواطنين الاساسية كالجسور، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، والمصانع الكبرى، ومصافي النفط ، ومحطات معالجة وتنقية المياه ، وغيرها من المشاريع العملاقة والتي تم انجازها خلال العقود الثلاثة قبل حرب الخليج الأولى من قبل شركات اجنبية . لقد بلغ مجموع هذه المشاريع 704 مشروع أنجزت خلال عامين، موزعة حسب طبيعتها في الجدول 2ا في ادناه [4]. ثم أصبحت 918 في عام 1995.
جدول 2: طبيعة المشاريع التي تم تدميرها وتم إعادة اعمارها بإشراف اللجنة العليا لجهد الدولة الهندسي[4]
   

علما ان تنفيذ اعادة اعمار هذه المشاريع قد تم من قبل ستة جهات اساسية تم جحفلتها للتنفيذ، وهذه الجهات: وزارة الاسكان والتعمير، وزارة النقل والمواصلات، وزارة الصناعة والمعادن، هيئة التصنيع العسكري، وزارة النفط , وزارة الري .
الاسبقيات في اعادة اعمار المشاريع المتضررة نتيجة العدوان على العراق عام 1991:
تم توجيه اللجنة العليا لجهد الدولة الهندسي من قبل رئاسة الجمهورية باعتبار الأولويات التالية في تنفيذ المشاريع التي تم تدميرها:
اعادة اعمار قطاع الكهرباء والوقود، اعادة اعمار قطاع اسالة الماء وتنقيتها، إعادة اعمار المستشفيات والدوائر الصحية عادة اعمار الجسور والطرق، اعادة اعمار الاتصالات السلكية واللاسلكية، اعادة اعمار دوائر الخدمة المدنية، إعادة اعمار القطاع الصناعي، إعادة اعمار قطاع الثقافة والاعلام، واعادة اعمار قطاع الاسكان والتعمير .
وفعلا قامت الشركات والكوادر الهندسية والفنية والإدارية للوزارات الستة التي انيط بها تنفيذ المشاريع الكبرى بسباق مع الزمن وبإرادة وطنية مذهلة وتحدي وابداع في التنفيذ لا مثيل له والعراق تحت الحصار الشامل لا مواد ولا تكنولوجيا ولا عملة صعبة تدخل للبلد وحتى الغذاء والدواء منعته دول العدوان اول سنتين عن المواطنين الأبرياء.

    

شكل 1 : صور إعادة إعمار شبكة انابيب التكرير في مصفى الدورة عام 1991من قبل وزارة النفط [ *]
فكانت النتيجة ان 60% من مجمل الطاقة الكهربائية البالغة (9295 ميغاواط) ميغاوات[5] التي تم تدميرها بالكامل من خلال اليومين السادس والسابع للعدوان على العراق [6]. لقد تم إعادة إعمار حوالي 60% من الطاقة الكهربائية التي تم تدميرها وبحدود (5300) ميغاواط خلال الستة اشهر الأولى من الحملة. فقد تم اصلاح منظومة توليد الكهرباء في محطات الدورة والهارثة والدبس والموصل وغيرها بأوقات قياسية بمهندسين وفنيين وعمال عراقيين وأجهزة ومعدات موجودة في المخازن او تصليح الذي تم تدميره وتركيبه مرة أخرى. وهكذا في كافة المشاريع الكبرى، لقد شهدنا حالات ابداع هندسي يفوق التصور وبكلفة لا تزيد عن 10% من ما طلبته الشركات الأجنبية فيما لو وافقت لجنة فرض الحصار في الأمم المتحدة. لقد بلغت نسبة تنفيذ مشاريع الحملة الكبرى من قبل الجهات الستة التي كلفت بتنفيذها كما يلي:
وزارةالاسكان والتعمير أنجزت 26% من المشاريع الكبرى، وزارة الصناعة والمعادن 25% , وزارة النقل والمواصلات 17%, هيئة التصنيع العسكري 15% , وزارة النفط 16%, وزارة الري 1% [4].
اعادة اعمار المشاريع الاخرى:
وهي المشاريع المتوسطة والصغيرة والتي قامت بإعادة اعمارها الوزارات والجهات الاخرى غير الستة المذكورة في أعلاه ومن هذه المشاريع اعادة اعمار المدارس والابنية المتضررة لوزارة التربية، بعض مؤسسات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ، مراكز البلديات والنفوس والجنسية وغيرها من الابنية الخدمية.

    

شكل 2: إعادة إعمار جسر الفيحاء في البصرة من قبل وزارة النقل والمواصلات [ *]
التابعة لوزارة الداخلية والتي تم حرقها وتخريبها من قبل المرتزقة اللذين دخلوا العراق من الدول المجاورة او الغوغاء ، والمستشفيات والمراكز الصحية ، وغيرها من المشاريع التي قامت الملاكات الفنية في هذه الوزارات بإعادة اعمارها مع المقاولين المحليين في كافة المناطق والمحافظات . والجدول الاتي يوضح اعداد وطبيعة هذه المشاريع.

   

جدول 3: المشاريع التي تم إعمارها خارج اشراف اللجنة العليا لجهد الدولة الهندسي [4].

   

شكل3: محطة توليد كهرباء الهارثة في البصرة قبل إعادة اعمارها عام 1992.[ *]


احصائيات عن إعادة إعمار المشاريع الكبرى خلال السنتين الاولى والثانية من الحملة:
ولعل الجميع يتساءل عن الإمكانيات البشرية والمادية في العراق التي قامت بما لم تستطع الدول الكبرى في تحقيقه في حملات إعادة الاعمار اللاحقة عام 2004 بعد التدمير الذي نتج عن العمليات العسكرية لغزو العراق, ثم بعد تدمير اربع محافظات بحجة الحرب مع داعش. الجدول ( 4 ) يوضح اعداد المهندسين والفنيين والاداريين العراقيين اللذين نفذوا حملة اعادة الاعمار الكبرى للفترة ( 1991-1993) وكذلك الكلفة التقريبية للحملة.

   

جدول 4: إحصائيات الإمكانيات المادية والبشرية وكلفة إعادة إعمار المشاريع الكبرى [ 4].

حملة إعادة الإعمار بعد الغزو الأمريكي للعراق (2004-2008):

هنالك تفاصيل كثيرة عن هذه الحملة التي تم التخطيط لها نهاية عام 2002 مع مجموعة من اللذين كانت اميركا تعتبرهم معارضة عراقية حيث تم التخطيط معهم كيفية تنمية الاقتصاد العراقي وتحويله من اقتصاد اشتراكي الى رأسمالي وإعادة اعمار الخدمات ونظام الحكم والعملية السياسية في العراق. ان المعلومات الواردة حول هذه الحملة معظمها مستقاة من تقرير المفتش العام الأمريكي ستيوارت بوين (دروس قاسية من حملة إعادة اعمار العراق) الذي نشره, عام2013[7]. لقد مرت تقديرات كلفة هذه الحملة الوهمية بثلاث مراحل: قبل الاحتلال تم تشكيل مكتب إعادة الاعمار والمساعدات الإنسانية في كانون ثاني 2003 ليقوده حاكم الاحتلال المدني غارد نر وتم خلال 14 شهر صرف 20 مليار من هذه التخصيصات [7] بدون أي اعمار لان المبالغ كانت بعهدة وزارة الدفاع الأمريكية وكانت تستخدمه في تشييد معسكرات التدريب والسجون وإجراءات امن القوات. في المرحلة الثانية قام وولفوفيتز بقيادة هذه المرحلة وتم صرف مبلغ 680 مليون دولار لإعداد دراسات تقديرات إعادة اعمار العراق وكما يلي: قطاع الكهرباء (5.56) مليار دولار امريكي, موارد مائية وصرف صحي (4.33)مليار دولار, البنية التحتية للنفط (1.89) مليار دولار , الخدمات الصحية ( 0.79) مليار دولار امريكي, نقل واتصالات (0.50) مليار دولار امريكي, الطرق والجسور (0.28)مليار دولار امريكي, تعليم ولاجئين وحقوق الانسان (0.28) مليار دولار, تنمية قطاع خاص ( 0.15) , وجموعها ( 18.44) مليار دولار. بعدها تغيرت هذه التقديرات الى (60) مليار دولار من قبل الفيلق الهندسي الأمريكي US Corps) of Engineers) [7].
لقد فشلت حملة إعادة الاعمار التي قادتها كل من اميركا وبريطانيا للفترة من (2004-2008) والتي خسر العراق خلالها مبلغ ( 213 ) مليار دولار امريكي استلمتها الشركات العالمية التي دخلت العراق مع قوات الاحتلال مثل هاليبرتون وباكتيل وفيلق الهندسة العسكري الأمريكي و كيلوغ براون وروث وائتلاف واشنطن غروب إنترناشونال وبارسونز وغيرها من الشركات التي قامت باستلام معظم مبالغ المقاولات وتركت العمل غير منجز بحجة انعدام الامن. انعدام الامن الذي تعمد الاحتلال خلقه بعد حل الجيش العراقي والقوات الأمنية. وأكبر دليل على الفشل الذريع لهذه الحملة هو عدم قدرتهم على إعادة إعمار تأهيل القدرة الكهربائية وشبكاتها في العراق لغاية اليوم. لقد تم سرقة معظم تخصيصات حملة إعادة الاعمار تحت الاحتلال الأمريكي بشهادة المفتش العام الأمريكي ستيوارت بوين الذي اصدر كتاب (دروس قاسية من إعادة اعمار العراق 418 صفحة) [7] والذي ذكر فيه ما يلي: " خلال تولي سلطة الائتلاف المؤقتة لمهامها عندما لم يكن هنالك سوى القليل من الاشراف على جهود إعادة الاعمار وغابت وسائل مكافحة الاحتيال في العراق, استغل بعض عديمي الاخلاق الظروف الفوضوية لإثراء انفسهم" [7]. وأضاف "ان برنامج الاعمار حمل عبئا ثقيلا في الهدر والاستخدام المفرط لعقود الكلفة زائد الربح او ما يسمى Cost Plus))." وخلاصة تقرير المفتش العام الأمريكي للحملة بما يلي:" لقد اتسمت حملة إعادة الاعمار في العراق بالتزييف والتجاوز والهدر وضعف التوثيق والنقص وترك المشاريع غير منجزة" ويناء على هذا التقرير تم إحالة الكثير من العسكريين الاميركان للمحاكم بتهم الفساد والسرقة وغيرها لكن المسؤولين عن الحملة في الحكومة العراقية لم يتم محاسبة أي واحد منهم.
وسيتم استعراض جوانب الحملة الامريكية لإعادة اعمار العراق في دراسة قادمة لوجود كثير من التفاصيل التي لا مجال لذكرها في هذه الدراسة.
حملة إعادة اعمار المدن التي تم تدميرها في حرب تحريرها من داعش:
نلاحظ من الشكلين ( ) انه ونتيجة القصف الجوي والارضي المكثف لقوات التحالف الامريكي والجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي للمناطق المدنية خلافا لاتفاقيات جنيف بعدم استهداف المناطق السكنية وحياة المدنيين العزل حجم الاضرار الهائل والضحايا اللذين سقطوا في الحرب التي دارت لتحرير المدن التي تم احتلالها من قبل داعش بعد انسحاب الجيش العراقي منها منتصف عام 2014 ولغاية تموز 2017. علما ان حجم الاضرار المذكورة في هاذين الشكلين حسب المحافظات من تقرير التنمية الوطنية الشامل في العراق للأعوام (2018-2022) [8]. ويمكن تلخيص هذه الاضرار بما يلي:
• بلـــغ عـــدد الوحـــدات الاقتصادية المتضـــررة (8,373 )وحدة اقتصاديـــة مختلفة الأنـــواع كان العدد الأكبـــر منها في قطـــاع الأبنيـــة الحكوميـــة( 2,142 ) وحدة اقتصادية يليـــه قطاع النقل إذ بلـــغ عدد الوحدات المتضـــررة (2,679) وحـــدة، وبنســـبة 5.25% ، 3.24% ، 20 % مـــن الاجمالي وعلى التوالي.
أما اعداد الاضرار للوحدات السكنية في المحافظات التي شملتها العمليات العسكرية فهي: [ 8]
• عـــدد المبانـــي المتضـــررة فـــي البيئة الريفية بلـــغ 97,792 مبنى وبنســـبة 7.62 % من المجمـــوع وهي أعلى مـــن عـــدد المبانـــي المتضـــررة من البيئـــة الحضرية والتـــي بلغـــت (58,167) مبنى وبنســـبة 37.3 % مـــن المجموع.
• ان عـــدد المبانـــي الســـكنية فـــي حضـــر محافظـــة نينـــوى كانـــت هـــي الأعلى من حيـــث الضـــرر وقد بلـــغ العدد المتضـــرر 36,450 مبنـــى وبنســـبة7.62 % مـــن الاجمالي، تليها محافظـــة الأنبار وبواقـــع 11,843 مبنى متضرر وبنســـبة 4.20 % مـــن الاجمالي .
• أن عـــدد المبانـــي الســـكنية المتضـــررة في ريف محافظـــة صلاح الدين كانـــت هي الأعلى من بيـــن المحافظات الســـبع وقـــد بلغـــت 27,132 مبنى وبنســـبة 7.27 % مـــن الاجمالي يليهـــا محافظة نينوى وقـــد بلغت 24,845 مبنى وبنســـبة 4.25 % مـــن الإجمالي.
• أن مجمـــوع المســـاحة الكليـــة للمباني المتضررة قـــد بلغت4.76 مليـــون م2 توزعت على المحافظات الســـبع وكانـــت النســـبة الأعلى منها في الحضر وبواقع 1.54% شـــكلت مســـاحات المباني المتضـــررة في محافظة نينـــوى النســـبة الأعلـــى منها وقد بلغـــت 9.26 مليون م2 وبواقـــع 2.64 % تليها محافظة الأنبـــار وبواقع 8.3 مليون م2 وبنســـبة3.20%. [ 8]

    

شكل 4: عدد الوحدات والخدمات الاقتصادية العامة التي تضررت من القصف في الحرب مع داعش [8].

       

شكل 5: أعداد الوحدات السكنية المتضررة نتيجة القصف في الحرب لتحريرها من داعش ( 2014-2017) [8].

    

وبدلا من التركيز على اعمار المدن التي تم تمديرها وهجرة ونزوح بحدود 5.8 مليون من سكانها [9 ] وأكثر من 150000 من الضحايا المدنيين [ 10] بإمكانيات العراقيين الفنية الذاتية ومن خبرتهم في إعادة اعمار العراق عام 1991, دعت الحكومة العراقية لعقد مؤتمر مانحين في الكويت للمساهمة في تحمل كلفة اعمار المدن التي تم تدميرها في الحرب مع داعش بمبلغ مقداره 88 مليار دولار امريكي.

      

وفي المؤتمر طرحت الهيئة الوطنية للاستثمار في العراق ستة مشاريع في قطاع السكك كلفتها (29.6) مليار دولار ومشروع مترو للأنفاق في بغداد بكلفة ( 8) مليار دولار ومشاريع أخرى لا علاقة لها بالمدن التي تم تدميرها[11]. وبسبب الفساد المستشري في كافة مؤسسات الدولة حيث اظهر مؤشر الفساد العالمي لعام 2017 والصادر عن مؤسسة الشفافية الدولية ان اكثر دول فسادا في العالم هي العراق وسورية والصومال واليمن والسودان [ 12] . حيث جاء تسلسل العراق من مجموع 180 دولة بالتسلسل 169 علما ان التسلسل 1 هو اكثر الدول نزاهة. وكل ما حصلت عليه الحكومة العراقية من تبرعات قيمتها 4 مليارات فقط مع قروض بضمانات سيادية من ضمنها الحقول النفطية مقدارها 30 مليار دولار.
ورغم مرور 4 سنوات على انتهاء الحرب مع داعش في الموصل والمدن الاخرى، لا تزال آثار الدمار واضحة ومئات الألاف من الأطنان من الانقاض في شوارعها وأزقتها واقتصرت حملات رفع بعض الأنقاض على نشاط منظمات المجتمع المدني ومتطوعون تساعدهم بعض المنظمات الدولية.
والواضح في هذه الدراسة ومن خلال هذه البيانات ان من يدمر لا يستطيع ان يعمر البلد الذي قام بتدميره وان العراقيين أولى ببناء بلدهم بإمكانياتهم الذاتية كما قاموا بذلك في حملة إعادة الاعمار الكبرى اثناء الحصار الاقتصادي للفترة من (1991-1993). هذه الحملة المعجزة التي لم يطلع عليها العالم بسبب التعتيم الإعلامي المتعمد اثناء الحصار لاقتصادي الشامل الذي فرضته أميركا وبريطانيا على العراق باسم الأمم المتحدة والذي تبين لاحقا انه كان الطريق لاحتلال العراق والاستيلاء على ثرواته النفطية.

مصادر المعلومات
[1] العزاوي، سعاد ناجي وذياب، فرح عصام 1998. "حملة إعادة الاعمار في العراق... بيانات، أرقام , ووثائق". مجلة إعادة الاعمار. العدد الرابع. أيلول(سبتمبر) 1998.مركز دراسات إعادة الاعمار في العراق, كلية الهندسة, جامعة بغداد. بغداد العراق.
[2] الزبيدي، سعد عبد الرحمن ,1997. " إدارة مشاريع إعادة الاعمار – التجربة العراقية". مجلة إعادة الاعمار. العددالاول. تشرين ثاني (نوفمبر)1997.مركز دراسات إعادة الاعمار في العراق، كلية الهندسة, جامعة بغداد. بغداد العراق
[3] مظلوم، عدنان وآخرون, 1995. "الرد الحضاري المقابل". بيت الحكمة. بغداد، العراق.

[4] العزاوي، سعاد ناجي ,1998. "حملة إعادة الاعمار في العراق, التجربة الرائدة". مجلة إعادة الاعمار. مجلة إعادة الاعمار. العدد الخامس. كانون اول، 1998.مركز دراسات إعادة الاعمار في العراق, كلية الهندسة, جامعة بغداد. بغداد العراق.
[5] UNDP report 2008: Overview of Iraq’s Electricity. http://iraqslogger.powweb.com/index.php/post/6526/UNDP_Overview_of_Iraqs_Electricity?PHPSESSID=1d0997c112323e42a279e5b1a99a65f4.

[6]Barton Gelman. Washington Post, jan23, 1991.” Allied Air War Struck Broadly in Iraq”.

[7] ستيوارت بوين ,2013. " الدروس القاسية. تجربة إعادة الاعمار في العراق." تقرير المفتش العام الأمريكي عن تجربة إعادة الاعمار في العراق. واشنطن, الولايات المتحدة الامريكية. منشور اون لاين على : https://fliphtml5.com/crfa/xmlo/basic..

[8] تقرير التنمية الوطنية الشامل (2018-2022). وزارة التخطيط. جمهورية العراق. حزيران 2018.

[9] ليلى بن هدنة 2018. "استطـلاع « البيان »:عـودة النازحين مدخـل لتحصين العراق من «داعش”. موقع البيان, 21 فبراير / 2018.
https://www.albayan.ae/one-world/arabs/2018-02-21-1.3192246

[10] موقع صوت العراق, 201714/10/ . "تقرير حكومي مسرب: خسائر مرحلة داعش تعادل عشرة أضعافها أثناء الغزو الأمريكي ".
https://www.sotaliraq.com/2017/10/14/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D9%8A-%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%A8-%D8%AE%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D8%B1-%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%AF/.

[11] محمد علي وسلام الجاف31) يناير) .2018."الفساد في العراق يقلق الدول المانحة ويُعطل الإعمار" . العربي الجديد. بغداد.

[*] كافة صور التدمير وإعادة الاعمار لحملة ( 1991-1993 ) من أرشيف مركز إعادة الاعمار.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

438 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع