عائشة سلطان
الإعلام وفكرة المجانية
بشكل عام نستطيع أن نقول ونحن على ثقة تامة إن الإعلام بجميع أشكاله وقنواته ونظرياته ومدارسه صناعة رأسمالية غربية صرفة، منذ كان مجرد نشرة إخبارية (Newsletter) وحتى أصبح إعلاماً تقنياً حديثاً يملأ الهواتف والشاشات وعقول كل البشر، وصار اسمه السوشيال ميديا أو الإعلام الاجتماعي، في محاولة لترويض الفكرة الرأسمالية المتوحشة فيه، وفي رواية أخرى لأنسنته وجعله شهياً ومتاحاً كالبيتزا المارغريتا والهامبورغر ذي الخلطة السرية تماماً!
وبينما يجني مُلاك هذا الإعلام المليارات بسبب اتساع إمبراطورياتهم، وبعد أن اصطادوا الناس بفخ الحرية التي لا تقاوم في كل مكان، كشّرت السوشيال ميديا (الحرة) عن وجهها البشع وصرخت في الجميع: انتبهوا لا مكان عندنا لمن يتجاوز حدوده، هذا يخالف تعليماتنا وهذا ضد مبادئنا، وبدأ الكثيرون يعانون من حجب حساباتهم، واختفى كثيرون لأن الفيسبوك -على سبيل المثال- منعهم من التعليق والتدوين لأنهم خالفوا التعليمات وهاجموا المثليين أو إسرائيل أو.. أو..
قال أحدهم: لا يهم طالما أننا نحظى بمنصات وصفحات مجانية لا ندفع فيها فلساً، إن هذا الاختراع العظيم -يقصد السوشيال ميديا- يستحق التضحية والصبر، لطالما عانينا من الإعلام العربي الحكومي والرسمي والتقليدي ومنزوع الحرية، فلماذا نحتج إذن؟ ماذا أنفقنا لنحظى بكل هذه الحرية على مواقع التواصل؟ وكيف كنا سنحظى بكل هذا الفضاء الحر المتوافر للجميع بضغطة زر لولا ثورة السوشيال ميديا، فلماذا هذا الهجوم عليها؟!
لا يستطيع منصف أن يدعي عدم وجود الكثير من الإيجابيات والإنجازات، لكن الذين يعتقدون أو يصدقون أننا نتلقى إعلاماً مجانياً، لنتذكر جميعاً المبدأ الذي تقوم عليه الفكرة الرأسمالية في الإعلام وترجمته كالتالي: «إذا لم تدفع ثمن السلعة، فاعلم أنما أنت السلعة التي تُباع وتُشترى»! ثم لنتذكر أيضاً أن كل هذه المواقع هي شكل من أشكال المتابعة والرقابة على الجميع لأغراض السوق والربح والأمن والقولبة وأمور كثيرة، ما يجعل فكرة المجانية مثار تساؤل!
928 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع