اشكال الأمشاط وتصفيف الشعر للسيدات في العراق القديم

                                                     

                     د.صلاح رشيد الصالحي

        

اشكال الأمشاط وتصفيف الشعر للسيدات في العراق القديم

 

شكل 1: اشكال مشط ومشبك الشعر سومري عثر عليهم في مقبرة أور من عصر فجر السلالات، وتعود زمنيا الى 2600 ق.م صنعت من الخشب والبعض الاخر من العاج.

    

شكل 2: الملكة بو-آبي (Pu-A-Bi-Nin) ملكة في مدينة أور السومرية (2600) ق.م (اليمين)، طبعة ختم أسطواني يعود للملكة بو-آبي (اليسار)
الملكة بو-آبي جالسة على مقعد، وتحيط بها خادمتان أو (بالأكدية آمتو) (بالعربي أمه) (عبده) تقومان برعايتها من حيث ترتيب الملابس الطويلة التي تنتهي بالأهداب (الشراشيب)، ويكون الكتف الأيمن عاري وتصفيف الشعر الذي يتدلى خلف الرقبة، ويلاحظ وجود مشبك في شعر الملكة، وتظهر الانوف كبيرة، والعيون واسعة، ويبدو ان الخادمة أمام الملكة أكبر سنا من تلك التي تقف خلف الملكة التي نقشها الفنان أصغر حجما (من مقتنيات المتحف البريطاني في لندن) (شكل 2 اليمين).
ورد ذكرها في قوائم ملوك سومر وتدعى الملكة بو-آبي (Pu-A-Bi-Nin) معنى الاسم (كلمة أبي) ويطلق عليها أيضا اسم (شوباد) أو شبعاد (Shubad)، حكمت في عصر فجر السلالات الأول (2600) ق.م، على الرغم من أن العديد من الأختام الأسطوانية الموجودة في قبرها تحددها بعنوان (إريش) (eresh) باللغة السومرية (ملكة أو السيدة)، وهي كلمة سومرية تدل على أنها ملكة أو كاهنة (اغلب ملوك العراق القديم إضافة إلى منصبهم كملك يمارسون دور الكاهن الأعظم خاصة في احتفالات رأس السنة الجديدة 1-12 نيسانو / نيسان)، على العموم لا تنسب بو-آبي لأي ملك أو زوج، مما يجعلنا نعتقد إنها حكمت لوحدها، وكانت شخصية قوية مهمة في المجتمع السومري، وتشير فترة حكمها إلى وجود تبادل ثقافي وتأثير بين قدماء السومريين وجيرانهم الساميين، وليس لدينا الكثير من المعلومات عنها لذا لا يُعرف سوى القليل عن حياة بو-آبي ومع هذا فأن قبرها كان من بين (1800) قبر اكتشفها الاثاري (Woolley) عام (1922) و (1934)، وكان قبرها زاخرا بالأثار والهياكل العظمية، فقد وجدت فيه (حفرة الموت) وتضم هياكل (68) امرأة و (6) رجال دفنوا معها بعد تخديرهم وقتلهم بالسم، أو يعتقد بآلة حادة وجدت آثارها على بعض الجماجم، كما وعثر الآثاري (Woolley)على مطرقة يتناسب حجمها ووزنها مع الاضرار التي لحقت بجماجم بعض الضحايا البشرية في القبر، وكان جميعهم يرتدون حلي من الذهب والفضة وحتما يرتدون اللباس الجيد، والهدف من قتلهم من أجل مرافقتها وخدمتها في العالم الاسفل، كما دفن معها ثلاث أشخاص لعلهم موظفين مخلصين كانوا يعملون في فترة حكمها، وعثر في قبرها أيضا على قيثارة رائعة كاملة مع رأس الثور الذهبي الملتحي بحجر اللازورد، وعدد من أدوات المائدة الذهبية، وحبات أسطوانية ذهبية، وقلائد من العقيق واللازورد، وعربة مزينة برؤوس لبؤة من الفضة، وصندوق يضم أدوات النظافة الشخصية، ومن بين اللقى الاثرية في قبرها غطاء الرأس من الذهب وتتدلى منه أوراق ذهبية فهو رائع وثقيل في نفس الوقت، وأيضا خواتم وأقراط مختلفة مع كميات من الفضة واحجار اللازورد.
أما ختم بو-آبي (شكل 2 اليسار) فهو من حجر اللازورد نقش عليه مشهد وليمة من قسمين، المشهد الأعلى الملكة تجلس على مقعد بدون مسند الظهر ويحيط بها خادمات يقدمن الطعام وأمامها جلس الكاهن الأعظم (شيشكالو šešgallu) يحيط به الخدم، والكتابة على الختم يذكر اسمها (بو-آبي نن ) (Pu-A-Bi-Nin) (ومعنى نن Nin السيدة أو الملكة)، ويبدو كلاهما الملكة أو الكاهنة بو-آبي والكاهن الأعظم بمستوى واحد، أما المشهد في الأسفل فتظهر الملكة على اليسار تجلس على مقعد، وعلى اليمين جلس الكاهن الاعظم على مقعد بدون مسند للظهر ويحيط بهما كهنة يؤدون مراسيم المأدبة ربما من ضمن طقوس الزواج المقدس، ويلاحظ ان شكل الملكة اصغر حجما من الكاهن الأعظم للدلالة على البعد المكاني وان مكانتها يأتي بعد الكاهن الاعظم، وظهر خلف الكاهن شكل باب ربما مدخل المعبد، عثر على الختم في مقبرة الملكة في أور، وهو من محفوظات المتحف البريطاني.

                                         

شكل 3: الملكة كو-باو Ku-Bau (وتسمى أيضا Kug-Bau أو Ku-Baba) السومرية (2575-2475) ق.م، وكانت ملكة في مدينة كيش ورد اسمها في قائمة ملوك سومر، كانت صاحبة حانة أو حارسة حانة، وهي واحدة من العديد من المهن التي كانت مفتوحة للنساء في مجتمع بلاد الرافدين القديم، اما الشكل أعلاه فتمثل إله جالسة ترتدي قبعة مقرنة، وشعرها يتدلى بشكل ضفيرتان على جهة اليمين واليسار، والثوب طويل وهناك في الوسط ونهاية الثوب اهداب (شراشيب)، والانف كبير، وهي تمسك بيديها أقرب إلى النباتات، الشكل من الفن السومري.
انتقلت الملكية إلى مدينة كيش، وحكمت فيها ملكة واحدة هي (كو-باو) (Kug-Bau) أو(كوبابا) (Kubaba)، وتعني (صاحبة الحانة) أحدى الوظائف المفتوحة للنساء في بلاد الرافدين قديما، والوثائق السومرية خاصة قوائم الملوك السومرية إلتي تعود إلى حوالي (2100) ق.م ، اشارت إلى كو- باو بأنها أسست سلالة كيش، وجاء في النص أنها حكمت كملك أَو(lugal) وهي كلمة سومرية تعني (الملك)، ومن المدهش أن امرأة صاحبة الحانة يرتفع شأنها لتصبح ملكة، ويكون هذا الامر مقبولا من شعب كيش، ولكن ليس لدينا دليل كيف حصلت على منصب الملك؟ ربما حصلت على الملكية من قبل بوزور نيراخ ( Puzur Niraḫ) ملك اكشاك (Akshak) (مدينة في سومر القديمة تقع شمال حدود أكد، ربما هي مدينة أوب (Upi) البابلية (باليوناني اوبس)، وأشار اليها الكتاب الكلاسيك بانها تقع في منطقة اقتراب الفرات من دجلة، ودائما تذكر في الوثائق مع مدينة كيش، ويعتقد بان كو- باو أصبحت مرتبطة بالإلهة كوبابا (Kubaba) التي اعتبرت حامية مدينة كركميش (جرابلس الحالية)، وإلهة مملكة فريجيا (شمال غرب بلاد الاناضول) ويشار اليها باسم كوبيلا أو كبيلي أو كبيبي، وتنطق عند الرومان باسم كبيلي، ربما تشابه بالأسماء فقط ، حكمت مدة (100) عاماً.

                

شكل 4: تمثال من الحجر يمثل امرأة سومرية يعود زمنيا إلى (2600) ق.م عثر عليه في أور (محافظة الناصرية) محفوظ في كاليفورنيا، الوجه عريض، والعيون واسعة من أجل ابراز جمال الوجه، والانف تعرض للكسر وما بقي منه يدل على انه عريض في الاسفل ، بينما الشفتين متوسطة وليست رقيقة حتى تناسب مع الوجه العريض، أما الشعر فهناك (فرك) في وسط الرأس وينزل على الكتفين، وهذه التسريحة لا زالت شائعة في الريف في جنوب العراق، وجعل الحاجبين كثيفين ويلتقيان من مبدأ (يا عاقد الحاجبين) ولا زالت في الجنوب تعتبر من جمالية المرأة التقاء الحاجبين، اما الرقبة فقد اختفت بحلقات عقد زينة الرقبة على الأكثر، أما الملابس فهي من قطعتين الأعلى دائرية على شكل شراشيب وارتبطت بالثوب الطويل الذي يغطي اليدين حتى الرسغ، والكفين متشابكتين اليد اليمنى فوق اليسرى لان دخول المتعبدة إلى المعبد يتطلب بان تكون اليد اليمنى فوق اليسرى دليل الاحترام والخضوع والخوف من الآلهة، التمثال سومري الثقافة.

                                        

شكل 5: تمثال نصفي من الطين يمثل امرأة بابلية يعود إلى العهد البابلي القديم (1800) ق.م محفوظ في المتحف البريطاني ، تقاسيم الوجه تدل على الصرامة والجدية، فالشعر فيه (فرك) من الأعلى ويتدلى على الكتفين على شكل ضفيرتين ويغطي الاذن، وزينت الجبهة بشريط او طوق غالبا من الذهب، اما الحاجبين فهما كثيفين ويلتقيان فوق الانف وهي احدى سمات الجمال في جنوب العراق لحد الان، وبخصوص الشفتين رقيقتين والفم صغير جدا وهذا الطراز مميز ومفضل لدى العراقيين، وتزين الرقبة عقد على شكل حلقات وترتدي ثوب يلتصق بالجسم مبرزا الصدر الصغير، وتزين اليدين اثنان من الاساور غليظان حتما من الذهب، واليد اليمنى فوق اليسرى دليل الاحترام والخضوع لعل التمثال يمثل متعبدة بابلية، عموما التمثال بابلي الثقافة.

                                            

شكل 6: تمثال امرأة بابلية مصنوع من المرمر ارتفاعه (46) سم ويعود زمنيا إلى القرنين الثالث والثاني ق.م محفوظ حاليا في المتحف البريطاني، يلاحظ في شكل التمثال انسيابية الجسم والتفاف الملابس على شكل كسرات حولها يعطي جمالية ويبرز تقاسيم الجسم ولا يخفيه، واليد اليمنى رقيقة تستقر على القلب، توحي بالطمأنينة والهدوء، واليسرى تمسك بطرف الثوب الملتف حول الجسم، والرقبة طويلة والعيون واسعة وينطبق عليها المثل العراقي في الجمال (الطول نصه رقبه والوجه نصه عيون)، والفم صغير جدا كذلك الانف والحواجب رقيقة، مما يجعلنا ننسب التمثال لسيدة من اسرة نبيلة أو إلهة، وعلى الصدر حلية على هيئة حدوة حصان وكأنها مشبك للملابس، هذا الطراز من الملابس وتقاسيم الجسم الرشيقة والوجه وطراز النحت يوناني الثقافة لان العراق خضع للحكم اليوناني من عام 330 ق.م وحتى عام 162 ق.م وقد اتخذ السلوقيين اليونانيين بابل عاصمة لهم، فيما بعد اسسوا عاصمة لهم دعيت سلوقيا (تل عمر حاليا) في المدائن، وبذلك هذا التمثال متأثر بالثقافة اليونانية.

     

شكل 7: (جزء من لوحة الوليمة للملك آشوربانيبال، وقد اجري عليها بعض الإضافات في شكل الملابس)(اليمين)، لوحة الوليمة كما هي في الأصل (من مقتنيات المتحف البريطاني في لندن) (اليسار)
مجلس الملك الاشوري يحتسي شراب مع زوجته الملكة أو احدى محظياته بعد عودته من ساحة القتال وفوقهما عناقيد العنب، وقد علق رؤوس اعدائه على الاشجار وكما يلاحظ الملكة شعرها يتدلى على الكتف كما زينت رقبتها بشريط ووضعت طوق ذهبي حول راسها، والملابس طويلة وهناك اهداب (شراشيب) عند الرقبة والاكمام وفي نهاية الثوب الطويل، وتدل الملابس على الفخامة والغنى فهي ملكة وخلفها يقف خصي حامل مروحة لإبعاد الذباب وجلب نسائم للملكة، هذه اللوحة جزء من لوحة كبيرة من النحت البارز على حجر عثر عليه في قصر اشوربانيبال في نينوى وعرفت اللوحة باسم الوليمة للملك اشوربانيبال (669-627 (ق.م (شكل 7 اليسار).

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1727 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع