الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي
طريقنا الى الله
تابعت حديث تلفزيوني لصحفية تونسية اشارت فيه الى وضاعة وكذب ونفاق بعض من مسؤولي الاحزاب المتأسلمة في بلدها وان وصلوا الى السلطة بدعم ومسانده من كل القوى الوطنيه التي تنشد التغيير والاصلاح في تونس الا انها فوجئت عن انقلاب السياسين المتأسلمين عن كل ما سبق ،وتعهدوا به لمن ساندهم ومكنهم من الوصول الى سدة السلطة ،هذا اللقاء ذكرني بما كان يتشدق به دعاة الاسلام السياسي قبل سيطرتهم المطلقة على البلاد والعباد في العراق المكلوم لاسيما ادعاءاتهم بكونهم ضد الطائفية وضد الانتقام ووو ، الا ان من ما ظهر من سلوك شائن لهم بعد الاحتلال أظهر ان كل تعهداتهم لم تكن سوى نوع من التقيه السياسية التي طالما اتبعوها!!!
ان أحد دعاة هذا المنهج سبق وان صرح بداية ولايته الاولى وفقا لما كتبه القانوني المخضرم اللواء عبدالخالق الشاهر (( "على البعثيين ان يعودوا ويطووا الايام السوداء." " لكم دينكم ولي دين" وان الانسان ، هو خليفة الله في الارض " اني جاعل في الارض خليفة" والمطلق هنا يؤخذ على اطلاقه فلم يقل ربك اني جاعل في الارض خليفة عدا البعثيين او الشيوعيين او غيرهم ، ولا يجوز للسيد المالكي رئيس وزراء كل العراقيين لدورتين ان يقول .. اذا عاد البعثيين سأرمي جثثهم للكلاب ..او شيئا يشبه ذلك .. تعبير مؤذ للذوق العام الذي سأم العودة الى خطاب القرون الوسطى ، والشعب كله عرف ان اعداد محدودة من الدواعش لم تأكل الكلاب جثثهم حتى وصولهم مشارف العاصمة بغداد ، بينما تمكنا وباقتدار عالي ان نقتل الف متظاهر سلمي ونصيب عشرات الآلاف منهم ... فضلا عن ان السب والقذف مخالف لشرع الله ، ويحاسب عليه قانون العقوبات النافذ ، وترفضه روح العصر ..)).
قال المرحوم العلامة احمد الوائلي( اوصاني احد زملائي عندما كنا في احدى الدورات الدراسية في بلد مسلم قائلا لاتشتري من الدكان الذي ترى صاحبه يملأ المكان بأسم الله وأدعية وآيات قرآنية لانه سينهبك كليا لانه من المتاجرين بالخلق وبكل ماجاءت به تعاليم الدين الحنيف). ويقول المفكر الاسلامي علي شريعتي( اصبح الاسلام وسيلة ومبررا لكل اعمال السلطة وعلى يد رجال الدين انفسهم).
أما هنري كيسنجر ،فيقول اذا اردت ان تعطل عجلة التطور في اي بلد سلم السلطة لرجال الدين ،ويشير احد الباحثين الذي حاول ان يعرف اي الشعوب هي التي تلتزم باخلاقيات الحياة الانسانية والمفاجئة كانت جميعها خارج الدول التي يحكمها دعاة الدين مثل (ايرلندا والدانمارك والسويد ووو).
ان الذين تاجروا بالدين وتحديدا في العراق المحتل طوال العقدين الماضيين، عليهم أن يسألوا أنفسهم سؤالا بسيطا وهو ما هى حصيلة هذه التجارة، وهل كانت حلالا أم حراما، وهل كسب العراقيون منها أو خسروا؟، قتلتم الإنسان وأحرقتم الزرع وجفّفتم الضرع، ودمّرتم المنازل والمستشفيات والجامعات والمدارس، وشرّدتم الملايين، ومعظمهم من أصحاب الكفاءات العلمية العالية، وجعلتم لإيران النصيب الأكبر في كعكة العراق ،يحدث ذلك كله وقادة الفساد في غيّهم يعمهون ،رغم انهم اكتشفوا حجم اخطائهم الا أنهم لم يتحلوا بالشجاعة ويعتذروا او يتوقفوا عن السير فى طريق التهلكة التى يقودونا اليها من خلال التجارة بالدين ،لأن مكاسبها أكثر من مضمونة ، وللأسف فإن وقودها هم البسطاء والجهلاء والمغرر بهم والذين يعتقدون أنهم يخدمون الدين.
فى العراق المحتل انخدع كثيرين بصورة أو بأخرى من المنتمين الى التيارات الدينية ظنا أنها تسعى فعلا لخدمة المسلمين، ولم يتصوروا أن الثمن سيكون هذا التناسل الجهنمى للتنظيمات المليشياوية العنيفة، وكان بعض المتوهمين يعتقد أن هؤلاء يقاتلون الحاكم الظالم كما كانوا يدعون ويقدمون مشروعا اجتماعيا جديدا للإسلام ينحاز للمستضعفين ، وانهم البديل المناسب المنحاز للشعب، ثم اكتشف الجميع انهم نسخة قاتله من المفسدين باللحية والشارب.
نعم لقد تعاطف البعض مع بعض الحركات والمنظمات والأحزاب التى قاتلت الصهاينة فى لبنان أو الاحتلال الأمريكى فى العراق ظنا أنها فعلا تعبر عن المظلومين وضد الشيطان الأكبر ثم تبين للاسف أنها تنظيمات طائفية مليشياوية تتلقى تعليماتها من خارج الحدود ، وهى مع أمريكا طالما أنها تساعد المخطط الإيرانى فى العراق!.
لم تمر حقبة من الزمان على الشعب العراقي في تاريخه السياسي والاجتماعي اسوأ من العقدين الماضيين التي تولى فيهما لأول مرة السلطة بصورة مطلقة من ادعوا انهم يعانون من المظلومية منذ اكثر من الف وأربعمائة سنة ،وبدل من تقديم مشروع لاعادة بناء العراق الذي اسهموا هم في احتلاله وتخريبه وسرقته ....نجحوا في الهاء البسطاء من العراقيين بالبكائيات والطقوس المعروفة التي لاتمت لمجتمعنا بصله.
خلال ثمانية عشر سنة من عمر الاحتلال فشلت قيادات الاحزاب التي تدعي الاسلام في تقديم اي بادرة امل للشعب العراقي رغم ان الميزانية التي وضعت تحت تصرفهم كانت فلكية بأمتياز قدرت بحوالي بألفي مليار دولار وهي تعادل أضعاف ميزانيات دولة العراق منذ عام ١٩١٨م وحتى ٢٠٠٣ ولم يستطع حكام مابعد الاحتلال من بناء جامعة او تبليط شارع أو تشييد مستشفى، رغم الامكانيات التي وضعت بين أيديهم والدعم المطلق من المحتل الامريكي والاوربي بل والعالم باجمعه.
اعترف الجميع ان الدولة العراقية كانت قبل الاحتلال دولة قوية مهابة بهويتها العربية قد نجحت في تحقيق التنمية الانفجارية وظهرت نتائجها في تشييد المستشفيات والمدارس والجامعات والمصانع المتطورة التي انتشرت من شمال العراق الى جنوبه وافضل الطرقات والخطوط السريعة والجسور والبنية التحتية المتميزة من كهرباء وسدود وافضل مشاريع المياه النقية للشرب ومطارات الى كثير من المشاريع...
هذه الأيام حيث تتصاعد حمى الانتخابات البرلمانية في العراق تزداد حمى المتاجرة في الدين كونها ما تزال تجارة رابحة جدا وخاصة من أجل كسب أصوات البسطاء من الشعب والضحك على ذقونهم، كما سبق وان تم ذلك خلال الانتخابات السابقة وها نحن اليوم نعيش في نفس الاجواء، التجارة بمالنا والضحية نحن لا غيرنا ، لقد ربحوا ربحا كبيرا ماديا و معنويا على حساب الفقراء والمحتاجين والأرامل خاصة في الأحياء الشعبية الذين يفتشون عن مستقبلهم المغيب ويطئطئون رؤوسهم امام تجار الدين كونهم يثقون ثقة عمياء بهم وبكلامهم المفبرك دون نقاش حتى وصل الأمر بالبعض الى تقديم أخواتهم وبناتهم وحتى أقرب المقربات لهم كهدية للبعض من رجال الدين كي ينزل بركاته المزعومة على اهل الدار ونسلهم، فكيف ان طلب منهم ان يمنحوا مرشحيهم الاصوات في الانتخابات.
في رمضان المبارك ومن خلال شاشات القنوات المحسوبة على العراق ، بدأ تجار السياسة يفضحون بعضهم البعض متجاوزين كل الخطوط الحمراء والخبايا السرية لحركة الاموال التي كانت من الأسباب الصراع والتنافس على لقب المرجعيات ، وأن الأموال كانت السبب الرئيسي لاختلاق الروايات والبدع وذلك لتتمكن بعض مايسمى بالمرجعيات السياسية من الاستمرار في الهيمنه على اتباعهم بأسم الدين والطائفة.
ولو تأملنا في كتاب الله العزيز، فإنَّنا لا نجد فيه ذكر لأناسٍ خانوا بلدهم، ومهَّدوا لاحتلالها، فلم ينبئنا القرآن أنَّ هناك قرية من القرى كما جرى وصف البلدة في القرآن، قد خانها مَن يدَّعون أنَّهم أبناؤها، واستقدموا مَن يغزونها ويدمرونها. لم يطلعنا القرآن في قصص الأقوام الماضية، عن فئة بلغت من الخسَّة والدناءة كما بلغته الفئة الباغية التي تتحكم في مصير العراقيين اليوم، التي توَّسلت بالأجنبي، وقبَّلت يديه ورجليه لتستقدمه لاحتلال بلدها، وسحق تاريخه، وتدمير حاضره، واذلال أهله، واستباحة كل شيء فيه.
عندما نضرب مثلاً بالعراق اليوم، واستعانة خونة الدار والديار بالغرب، من أمريكان وبريطانيين وفرنسيين،اضافة الى النظام في ايران لغزو بلاد الرافدين واحتلالها، وتدمير بناها التحتية، وتصفية قيادتها الوطنية وتشريد الملايين من شعبها في شتات الأرض، فهل هذه الدول حامية لحقوق الانسان، وهل لها تاريخ في اقامة الحق والعدل في بلدانها قبل غيرها، وهل دافعت عن المظلومين والمقهورين والمهمَّشين، فأزالت عنهم الظلم والقهر وهضم الحقوق؟!. ألَم تستعبد شعوب الأرض، واستنزفت ثرواتهم، وتحولت بهم من السِعة الى الضيق، ومن النعيم الى الجحيم المُهلك؟
لفت انتباهي اليوم خبر حصول ابنة العراق البارة الدكتورة مها ابنة الفنانة العراقية الاصيلة (ملايين) التي نالت اخيرا شهادة الدكتوراه في الخلايا الجذعية من جامعة شيفيلد البريطانية، حيث ينظر سياسي الصدفه من المتأسلمين الى والدتها بأنها راقصة وربما بنعوت كثيرة معيبة ، لكن هذه الفنانة الانسانة الجليلة اوصلت ابنتها لمكانة علمية راقية سيذهب بعضكم غدا لتلقي العلاج من تحت يدها اذا ألم بكم مرض وستنقذ حياتكم ، واخيرا اسأل العراقيين الذي مازال بعض منهم يراهن على الحصان المعوق الذي ساقه الاحتلال الى بلدنا .. مالذي حصلتموه من المتاجرين بالعراق وقد اصبحتم حفاة عراة وهم يتنعمون بكل خيرات العراق الوفيرة ،وانتم لم تحصدوا غير الفقر والجهل والتخلف والموت والامراض ،لاحظوا راقصة لم تدعي انها منزله من السماء وانها محصنة ضد نقد ومحاسبة الشعب المظلوم ،الا انها بذلت واوصلت ابنتها لمكانة علمية راقية وبعض تجار الدين مازالوا يمررون عليكم الهرطقات والجهل والتخلف حتى ازدادت حياتكم وبلدكم خرابا فهل ما زلتم تحتاجون الى دليل آخرلتعرفوا من اسهم في خراب عقولكم وابعدكم عن تلمس الطريق الصواب الى الله سبحانه وتعالى.
قال الفليسوف المسلم ابن رشد (ليس من المنطق ان يعطينا الله العقل ولا نستخدمه).
1544 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع