مصطفى محمد غريب
المخدرات جزء لا يتجزأ من خراب البلاد
ان العالم أجمعه يعيش على فوهة بركان تفشي المخدرات بمختلف اصنافها، وإذا كان الأمر مختصر على البعض من الدول والمناطق لتهريبها وزراعتها وتصنيعها وتوزيعها فقد صارت هذه الظاهرة منتشرة أكثر من السابق بكثير وإذا كان اختصارها على نوع من المافيات المختصة في التهريب والترغيب فاليوم هناك حركات دينية سياسية تتاجر فيها تحت مفهوم ديني " الضرورات تبيح المحظورات " ويستغل في تهيئة الاذهان على أن تجارة المخدرات وبيعها والحصول على الأموال الطائلة " حلال!!" تبيح لهذه الحركات شراء السلاح وتوفير المستلزمات الضرورية من النقود لدفع الأجور والرشاوى وتحقيق ما يمكن تحقيقه من أجل فائدة الحركات التي تدعوا لحمل السلاح واستعمال العنف، واذا كانت الدوائر والمؤسسات المختصة تشير سابقاً على ان البعض من دول أمريكا اللاتينية وفي مقدمتها كولومبيا تقوم بتصنيع وتهريب المخدرات الى أكثرية الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية فاليوم تعتبر أفغانستان في المقدمة تشتهر في زراعة الخشخاش وتهريب المخدرات وتشير هذه المصادر إلى أن إيران وجنوب لبنان وبعض المناطق في جنوب العراق وغيرها أصبحت بؤر للزراعة والتهريب، كما أن هناك البعض من المافيات المختصة بتهريب المخدرات إضافة الى تهريب السلاح في هذه الدول وغيرها، لقد جرى في السابق وفي كثير من الأحيان تفشي هذه الظاهرة في العراق وبخاصة بعد الاحتلال والسقوط وهيمنة احزاب الإسلام السياسي على السلطة، وخلال هذه الحقب ازداد التهريب وتجارة المخدرات واستخدامها من قبل قطاعات واسعة من الشباب بسبب الأوضاع السياسية والأمنية السيئة وانتشار البطالة وفقدان فرص العمل واتساع نسبة الفقر ودون الفقر، وعلى امتداد تعاقب الحكومات العراقية منذ مجلس الحكم والحاكم بريمر لم نلمس توجهاً جاداً لمحاصرة هذه الظاهرة ولم نشاهد أي برامج وخطط للدراسة والمعالجة، وبقى كل ما تقوم به الحكومات المتعاقبة عمليات عشوائية تعتمد فقط على إلقاء القبض ثم اطلاق السراح تحت طائلة من الأموال التي تدفع لأطلاق سراحهم وحتى تدخلات من قبل الميليشيات المسلحة التي أصبحت ظهيراً بسبب الأموال الطائلة التي تَدرُ عليها، إن ظاهرة الانتشار الواسع للمخدرات مثل الكريستال وزراعة " الخشخاش والقات والشوفان وصبار المسكال والقنب الهندي، فضلاً عن شجيرة الكوكا التي تُستخلص من أوراقها مادة الكوكايين" تؤكد رأينا حول هذا التوسع، وبسبب هذا الانتشار الذي أخذ يهدد المجتمع والطاقات البشرية الصحية والتعليمية والمعيشية فقد جرت مؤخراً البعض من المحاكمات ، وإصدار احكاماً بالإعدام حيث أشار مجلس القضاء الأعلى على ان " المحكمة الجنائية المركزية في بغداد أصدرت أحكاماً بالإعدام شنقاً بحق مدانين بالانتماء إلى عصابةٍ دوليةٍ لتجارة المخدرات." ثم تابع المجلس في بيانه أن "المدانين كانوا يشكلون عصابة متورطة في تجارة المخدرات عبر مسارين، الأول تهريب الكوكايين والحشيش من البرازيل إلى العراق، ومنه إلى لبنان، والثاني تهريب الحبوب المخدرة من لبنان إلى سوريا، ومنها إلى العراق ودول أخرى". ولم يكتف مجلس القضاء فقد أشار"نسبة الإدمان قد تصل إلى 50 % بين الشباب" وهناك آراء بخصوص هذه النسبة تشير عدم التأكد رسمياً.. أثارت قضية هروب ( 21 ) معتقلاً من سجن مركز شرطة قضاء الهلال في محافظة السماوة، حفيظة المواطنين والكثير من المهتمين لأن هذا السجن الذي خصص لتجار المخدرات والإرهاب يعتبر من المراكز المهمة، وقد كشف النقاب عن الخروقات لبعض الأجهزة الأمنية وإدارة السجون في تكرار قضية هروب موقوفين وسجناء بهذه الكمية دليل عن وجود خلل كبير في هذه الأجهزة، إن الإعلان من وزارة الداخلية العراقية لتشكيل لجنة تحقيقية عليا من اجل تقصي ملابسات وحقيقة هذا الهروب دليل ملموس ليس على تفشي داء المخدرات المختلفة فحسب بل وجود عصابات منخرطة في تجارتها وهؤلاء يملكون الوسائل العديدة لتمرير صفقات لمخدرات تبدأ من الترياق الذي يهرب من إيران والحشيش والحبوب المختلفة والكوكائين والمورفين وغيرها، ولا ندري هل ستقوم لجنة التحقيق العليا بكشف حقيقة كيفية هروب تجار المخدرات من سجن محاط بقوى أمنية مسلحة فضلاً عن العاملين الذين اختيروا أو هكذا اختاروهم بمواصفات أمنية عالية ومجربة، واشارت مصادر أن قوات الشرطة قد ضبطت مطلع عام 2021 " كمية من مادة مخدرة غامضة، كانت معبأة في أكياس صغيرة توحي بأنها مادة طاردة للرطوبة،" وأكدت التحليلات في مختبرات وزارة الصحة بعد ذلك والتي اجريت على عينات منها انها مادة مخدرة جديدة، وتنقل لنا وسائل الاعلام باستمرار على كميات غير قليلة من الحبوب المخدرة إضافة الى مخدرات متنوعة توزع بشكل يكاد ان يكون طبيعياً في البلاد هناك العديد من استفسارات حول ذلك. أولاً: الكشف عن الأسباب التي أدت الى هروب المعتقلين على ذمة التحقيق بسبب المخدرات او الإرهاب وعدم الاكتفاء بإعلانات وزارة الداخلية أو الأجهزة الامنية ثانياً: من هم الكبار وراء الهروب السابق والحاضر وإذا وجدوا لماذا لم يعلن عنهم وتقديمهم للعدالة واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة ضدهم؟
ثالثاً: ما هو دور الأجهزة الأمنية أو الذين يكلفون بمهمة الحراسة والمراقبة وبخاصة اثناء عمليات الهروب الفردي والجماعي
رابعاً: الا يعني تكرار الهروب الفردي والجماعي وجود مخططات مسبقة واتفاقيات مدعومة بالمال والرشاوى ومهمة التحقيق في هذا المجال، معرفة المخططين والداعمين داخلياً وخارجياً، ثم القاء القبض على بعضهم بعد الهروب (الاجهزة الامنية القت القبض على 9 موقوفين (بحسب البيان) من أصل واحد وعشرين فروا من مركز الهلال)
خامساً: الجميع يترقب نتائج اللجنة التحقيقية العليا لكشف حقيقة الهروب الأخير، مع العلم إن المصادر اشارت الى توقيف مدير مديرية مكافحة مخدرات المثنى وهو برتبة عميد (وقد وذكرت اسمه العلني) وإحالته للتحقيق واعفائه من منصبه.. ان تفشي ظاهرة تجارة المخدرات واتساع اعداد المتعاطين بها في العراق تكاد ان تكون من اخطر القضايا المعادية التي تواجه للشعب العراقي لما لها من تأثيرات اقتصادية وصحية وستكون بمثابة آفة من الصعوبة بمكان التخلص منها وتحتاج الى أوقات إضافية معنوية ومادية ووفق برنامج علمي تشترك في تنفيذه أجهزة الدولة المعنية في مقدمتها وزارة الصحة وحذرت مفوضية حقوق الانسان في العراق من مخاطر مواجهة المافيات المختصة واعتبرت ذلك تحدي رئيسي للعراق كما على الأجهزة الأمنية ان تراقب المقاهي وأماكن تجمع الشباب والكافيهات ومخاطر انتشارها في هذه الأماكن، وقال علي البياتي عضو المفوضية في تصريح صحفي " إن "مشكلة المخدرات ستكون التحدي الرئيسي والأكبر الذي ستواجه البلاد في السنوات المقبلة، نظراً إلى المشكلات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الخطرة التي ستنجم عن تفشّيها وانتشارها المتسارع في عموم محافظات البلاد". لان تجارة المخدرات اوجدت مافيات مختصة تنتشر وهذا الانتشار زاد من اعداد المتعاطين الشباب الذين هم عماد الوطن ومستقبله الذي يقع على كاهله واجبات كثيرة في مقدمتها البناء والتطور، ومن هذا الحرص نحث الحكومة ان لا تعتمد على تطبيق القانون المخصص لها وعقوباته فقط، بل ان تضع خطة وبرنامج علمي لمعالجة هذه الظاهرة قبل ان تكون خطراً لا يمكن تلافيه الا بصعوبة بالغة.
3150 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع