يوسف علي خان
اعتادت الحكومات في معظم الدول أن تعلن فترة هدوء وسكون بعد فترة من النشاط المحموم ....
عند اقتراب موعد الانتخابات العامة لاعضاء البرلمان أولاعضاء مجالس المحافظات من احتدام الدعايات للمرشحين والترويج لهم وما يتخللها من اتهامات بعضهم لبعض وتسقيط البعض للاخر من اجل تشويه صورته لدى الناخبين للانصراف عنه والتوجه الى مرشح غيره في نفس الدائرة وقد تستمر هذه السجالات لعدة ايام او لعدة اشهر بحسب ما تحدده حكومة ذلك البلد حيث يبدا المرشحون بالتنقل في مختلف الاماكن يخطبون فيها ويعقدون المؤتمرات الجماهيرية يرافقهم بالطبع بعض الاعوان مما تدفعهم احلامهم الانتهازية أو دوافعهم الطائفية أو العرقية لتأييد ذلك المرشح وما يتوقعونه من مكاسب عند فوزه .. يحاول هؤلاء مع صاحبهم المرشح أن يقدموا ما يتيسر لهم من عطايا وهدايا لاغراء ا لبسطاء من السذج ابتغاء تاييدهم والتصويت لهم ..من اجل الفوز في احد الكراسي الروحانية المبجلة التي فيها سحر عجيب..تاخذ بالباب الناس وتبهر عيونهم وتعميهم عن مشاهدة أي شيء اخر عند فوزهم غير كراسيهم التي يجلسون عليها ..فقد تسنح معظم الحكومات لهؤلاء المرشحين خلال فترة من الزمن التحرك كي ينشروا الوعود ويقطعوا العهود للمتواجدين في مؤتمراتهم أو من يلتقون به من المواطنين على مختلف مستوياتهم خاصة من المسحوقين والجهلة والاميين الذين يشكلون غالبية الشعوب العربية فيتلقفون وعودهم بكل فرح ويصدقونها فيدعموا هذا المرشح أو ذاك بحسب ما يستطيعه ذلك المرشح من خداع اكبر عدد ممكن من المغفلين عن طريق الاعوان الانتهازيين الذين يلتفون حوله من الذين لهم القابلية الكبرى على الخداع..أو بما يسلكه هو من اساليب الحلال والحرام فخلال تلك الفترة يكون كل شيء فيها حلال وجائز حتى الجريمة إن تتطلب الامر بتصفية منافسيهم ... طالما سوف توصله الى مقعد البرلمان او مجلس المحافظة .. فالحرام عند الناس جميعا له وجود إلا عند المرشحين فلا وجود له إلا بما يضر مصالحهم أو على الاقل لا يمسها بسوء ..والتبريرات جاهزة على طول الخط وهي لا تعد ولا تحصى وتستمر مهازل الدعايات الانتخابية في احتدام واشتباك وتراشق حتى تهل ايام الصمت الرهيب (( رهيب والله رهيب )) الذي يتوقف عنده الجميع كي يتهياوا لمعركة الصناديق لتبدا صولة اخرى من اتهامات التزوير ليكشف كل منهم عورات الاخرين ولكن من خلال تهديدات مبطنة لا يفهمها سوى المرشحون انفسهم ... أما ابناء الشعب فهم في غفلة بما يتحدثون كما انهم في احلامهم غارقون بما سيعم عليهم من خيرات ونعيم على ايدي مرشحيهم المنتخبين بعد ان تفوز قوائمهم في الانتخاب دون ان يتنبهوا الى حقيقة تلك التهم التي يكيلها المرشحون بعضهم لبعض خلال فترة الترشيح..... وبعد ان يفوز من يفوز ويجلس الجميع على مقاعدهم الوثيرة تهدا النفوس لتبدا مرحلة الصفقات وتتلاشى كل تلك الاحقاد وينتظر الشعب المسكين فلا زال هو في صمته الانتخابي اللعين... ينتظر ساعة الفرج ومتى يرى النور المولود الجديد .. فإذا هي ظلام في ظلام والشعب المصري في صمته حزين فينطبق عليه قول الرصافي (( يا قوم لا تتكلموا إن السكوت مغنم -----فلا تثيروا شغبا وإلا سوف تندموا --- فهو دعي مسلم )) وهكذا ينام الجميع فالمرشحون يحلمون بفوزهم المؤزر وما ستد ر عليهم مناصبهم الجديدة من مكاسب ونعم وما ستفتح لهم من ابواب الغنى والثراء في التجارة والمقاولات الوهمية والحقيقية باضعاف اسعارها الطبيعية والسفرات الترفيهية التي ستقوم على قدم وساق ما عدا الايفادات المجانية وعلى حساب الدولة الغتية .. فاموالها جارية سخية لا تنضب ..... أما الان وبعد الصمت الرهيب فقد ذهب المغفلون واصطفوا زرافات ووحدانا بصفوف متراصة وأدوا واجبهم الوطني أملين متاملين بالنخبة الواعدة إذلا زالت صور احلامهم تتراقص امام اعينهم بعد أن توجهوا الى تلك الصناديق ووضعوا امانيهم فيها..وإذا بهم يستفيقون على (( فاشوش )) فقد غاب عنهم المرشحون الذين لم يفارقونهم طيلة فترة الترشيح واصبحوا نوابا محترمين واقفلت عليهم ابواب مجلس الشعب واحتوته جدرانه أو اصبحوا اعضاء في مجالس المحافظات فهيهات هيهات أن يحضى بهم احد من المصوتين (((المصريين ))) فقد انتهى دورهم وأفل نجمهم بعد أن كانوا هم الهدف وباسمهم تحرك المرشحون.. لقد أيد اللبرالييون والعلمانيون الاخوان ودعموهم كي يفوزوا في انتخابات الرئاسة لانهم لايهمهم من يكون النائب أو الرئيس فلا تهمهم الهويات بقدر ما يهمهم الخدمات ويهمهم من يحقق امانيهم وطموحاتهم وينقلهم الى حياة افضل.... ولكن خاب ظنهم واصابهم الاحباط بعد ان اتضح لهم بان الاخوان جاءوا ليسيطروا على الحكم ويستفيدوا هم تاركين من انتخبوهم يلعقون جراحهم دون ان يقدموا لهم أي شيء... فالشعوب لاتهمها الاشخاص بل يهمها الافعال حتى إن كانت من طائفة الرئيس او الزعيم.... وهو امر للاسف لم يدركه حتى بعض الساسة فينصرفوا للاهتمام بمصالحهم دون الاهتمام بمصالح شعوبهم حتى من ابناء طائفتهم أو عرقهم فيعدوهم خلال فترة الترشيح ليكسبوا رضاهم وودهم ويتخلون عنهم حال تسلمهم مناصبهم ومقاعدهم في احد المجالس المتواجدة في بلدانهم وهنا تكمن المصيبة .. التي لم يدركها الساسة فيحتدم الخصام بينهم وبين شعوبهم فور توليهم عروش بلادهم وهو ما نشاهده اليوم يحدث حيث انقلب على الاخوان معظم من وقف الى جانبهم وايدوهم في الانتخابات وهو ما يحدث في مختلف البلدان العربية فقامت الثورات وتوالت التظاهرات والاعتصامات واستغلها الاستعمار ... فالحل في الاستعجال بتقديم الخدمات الاساسية التي ذكرناها وهي ما يحتاجها الشعب ويكون بامس الحاجة لها وإلا فلن تتوقف الاضطرابات وينتهي الاحتراب.... فالمسالة ليست طائفية كما يحاول ان يصورها الاستعمار بل انعدام الخدمات فاي حكومة تستطيع ان تلبي مطامح الشعوب سوف تنتهي عندها المشاكل حتى لو حكمت الشعوب الشياطين وليس الاخوان.... فالشعوب لا تعر اهمية للاسماء فالامر لايتعلق بجهل او غباء الشعوب ولكن حتى الغبي والجاهل فهو بحاجة الى مسكن والى فرصة عمل والى انارة وكهرباء مثل الذكي تماما فالجميع لهم احاسيس مهما تفاوتت في الدرجات فالحكومات في الدول العربية إن ارادت الاستقرار فالتبادر الى تحقيق الا حتياجات وإلا فسوف تستمر المشاكل وتتفاقم الاضطرابات ولن تقف امامها الجيوش أو مليشيات الاخوان ... فهم قد اخطأوا ولا زالوا يخطؤون ... فيا ايها الاخوان ثوبوا الى رشدكم وقدموا الخدمات لشعوبكم ولا تعتمدوا على الاعوان فقد سبق ان اعتمد عليهم صدام فخذلوه واعتمد عليهم القذافي فتركوه واعتمد عليهم علي صالح فغدروا به واعتمد عليهم مبارك فباعوه فليس هناك من منجاة سوى الخدمات والاهتمام المستمر بالشعوب وعدم اغفالهم بعد الفوز في الانتخابات.... فالمرء لا يلدغ من جحر مرتين ... والاعتماد على التهدأة والاغفال لا ياتي بنتيجة الخضوع والسكون والصمت الدائم... فهي دعوات فاشلة...... بل اني اقدم دعوة محب او جهها اليكم ايها الاخوان ...فالصمت الانتخابي قد تتحمله الشعوب لكونه موقت ولبضعة ايام أما الصمت الابدي فهو امر مستحيل فلا تحاولوا خداع الشعوب بوعودكم الكاذبة التي تملاؤن بها ادمغتهم ثم تتنكرون لها بعد فوزكم فتعزفوا لهم من خلالها على اعوادكم اعذب الالحان بما ستحققونه لهم من منجزات فاذا بكل تلك الالحان الشجية التي اطربتم بها الاذان ردحا من الزمن قد انقلبت الى اصوات نشاز وتلاشت احلامهم وذهبت ادراج الرياح
(( con with the wind )) وغابت في طي النسيان فلا بد أن يستفيقوا ...... ليروا أن لا شيء غير الظلام ولا شيء غير العراء ولا شيء غير العطالة والجوع والحرمان فقد اضحت كل تلك الوعود هواء في شبك وتبخرت كل تلك الاحلام ولم يعثروا على النعيم الذي وعدوا به فحل عليهم صمت جديد فهو صمت ابدي يسوده القفر والقحط والسنين العجاف ...هذه هي حال الاخوان فقد تنكروا لكل ما وعدوا به الشعب المصري والخطأ هو خطأ الشعوب بتمجيد الاسماء فالشعوب للاسف الشديد تقيم الاشخاص باسمائها بدلا من ان تقيم الافعال فالقائد او الزعيم او الرئيس الوطني من يقدم الخدمات الفعلية على ارض الواقع وليس بالتصريحات أو بالتبريرات..... ولكن لا زالت الشعوب تقيم الاسماء وتمجدها فهذا الزعيم هو الاحسن وذاك القائد هو الاسوا ويستمرون يوما يرفعون بهذا ويوما يذمون ذاك والقادة فرحون ومسرورون من غباء شعوبهم التي تتخبط بارائها وتكتوي بنيران احتياجاتها وتخرج بالنهاية بخفي حنين... ويصدق عليهم قول الرصافي رحمه الله ((ياقوم لا تتكلموا إن الكلام محرم ناموا ولا تستيقضوا ما فاز إلا النوم ))... فهنيئا لكم ياشعوب العربية في صموتكم الابدية ..لعل يوقضكم ويقطع عليكم هذا الصمت المهين انتهازي لعين ينصب نفسه قائد او زعيم فيثير فيكم النخوة والحمية ويشعركم بلفحات الصيف الحار ولسعات البرد القارص ويضع امام وجوهكم الكالحة مراة ترون فيها عريكم وحرمانكم لعلكم تصحون وتنتفضون على ما انتم فيه .. كما قد تكون هذه الاثارة جرص انذار للحكام كي تنبههم وتشعرهم بانه إن صمتت الافواه فالبطون الجائعة سوف لن تصمت وهل ستغمض الجفون اعينها ولا ترى تلك القصور الشامخة التي يشيدها من انتخبوهم ووعدوهم بالنعيم لكنها بقيت محرومة ولو من جدران اربع تستر عوراتها.... فتقوم التظاهرات وبحتدم النزاع ..فتخرج تلك الرؤوس من جحورها كي تطالب بالتهدأة حتى لا يعم الخراب ويستغل الاعداء الضروف كما يدعون ويطالبون بازالة كل مظاهر التوتر .. كي يتسنى الاستجابة للمطالب فيعودوا بدعوتهم هذه الى قصة البيضة والدجاجة وايهما الاولى فيبقى الجدال فيمن يجب أن يكون اولا ولا يصلون الى نتيجة فتنطبق عليهم اغنية ام كلثوم (( دليلي احتار )) فلربما تجد الحل باغنية ليلى مراد (( أنا البي دليلي )) فالحل ابسط ما يكون أيها الاخوان فهو كهرباء دائم وشقق سكنية كافية وتوفير فرص عمل .. ولكن هل هناك من يريد الحل بصدق هذا هو السؤال ؟؟؟؟؟ وهل هناك من يستطيع أن يتنازل عن جزء يسير من ملياراته ؟؟؟؟؟؟؟ فمطاليب التهدأة لاتحل المشاكل بل تراكمها وتفاقمها .. فكيف تهدا البطون وهي تتلوى من الجوع وكيف تهدا الاجساد وهي تحترق بلهف الشمس و حر الصيف وترتجف من برد الشتاء وهي في العراء فعن أي تهداة تتحدثون يا اهل الفطن ؟؟؟؟؟ فالشتائم بعضكم لبعض والاتهامات سوف لن تحل اية مشكلة وتحشيد الجيوش ونشر المليشيات ورفع الاعلام البيضاء والخضراءوالسوداء والحمراء والاستقواء بالاجنبي أي كان من اليمين او اليسار لاطائلة منه ولا فائدة ترتجى واساليب الاخوان بالزحف على الاماكن والسيطرة على المرافق سوف يكتشف امره ولا بد أن يقاوم.. فالتفتوا الى الشعوب فاليوم لم تعد القوة بالاكثرية والاقلية فقد تغيرت المفاهيم و اساليب الحروب.... وتغيرت مناهج الشعوب .. فالشاطر من يجيد الحساب و يستجيب لمن يدق الباب0000 فلا بد أن يستمع الجواب... والتهدأة لا تتم إلا باستجابة المطاليب الحقيقية وليست مطاليب المشعوذين ولا يمكن ان يكون من ضمنها بناء نافورة أو تعليق صورة او وضع جدارية او صبغ حيطان أو انفلات الامن والامان ولا يمكن ان يكون من ضمنها الايفادات ووضع الخرائط والبحث والدراسات فهذه خزعبلات مكشوفة وتحايل على الشعوب ... ولا إطالة الللحا ولبس العمائم فهذه ضحك على الذقون...... فليس هناك من بديل سوى الانصياع لرغبات الشعوب والتخلي عن تنفيذ ارادة الاجنبي من أي طرف كان فسوف يظل الاجنبي لا يريد الخير للشعوب مهما ادعى من وحدة الدين من كل اطياف اللون الشمسي فهو سوف يبقى اجنبي يريد التهام البلاد ...وقد صدق الشاعر الذي قال (( بلادي وإن جارت علي عزيزة واهلي وإن ظنوا علي كرام )) وعلينا أن نعود بجيشنا الى سابق عزه ومجده فكم شعرت بالفخر والاعتزاز وانا ارى احد قادة الجيش وهو يلبس الخاكي القديم ويضع على راسه السدارة العراقية رمز العراق وفخرها فاعادني الى عهد المنعة والقوة التي كان عليها العراق وكيف دفع بنا الاجنبي والخونة الى الحضيض ...!!!
877 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع