اسماعيل مصطفى
الجهل
يعتبر الخوض في موضوع الجهل من أعقد المواضيع نسبياً نظراً لما يتضمنه ويحتويه من تعريفات شائكة وما قد تفضي إليه هذه التعريفات من تفسيرات مختلفة تلقي بظلالها القاتمة على مجمل تفاصيل الحياة وما قد يؤول إليه ذلك من نتائج مدمّرة ومخيّبة للآمال في أكثر من مفصل وصعيد مهم يرتبط بواقع الإنسان ومصيره وما يتبع ذلك من ضرورة معالجة الأسباب التي أنتجت الجهل وما خلّفته هذه الأسباب من آثار لا يخفى على أحدٍ، كم هي قاسية ومشؤومة ومشوِّهة لما ينبغي أن تكون عليه البشرية من تطوّر ورقي وتحضّر يسمو بها إلى قلل رفيعة من السعادة والنجاح والتوفيق في شتّى الميادين الإنسانية والاجتماعية والنفسية والفكرية والمعرفية وما يتصل بها من جوانب اقتصادية وسياسية وأمنية وتربوية وأُسرية وغيرها.
ويقسّم الجهل بحسب مستوياته إلى ثلاثة أقسام:
الأول: جهل بسيط؛ وهو فهم مسألة ما دون إحاطة كاملة بها.
الثاني: جهل كامل؛ وهو خلاف العلم بالمسألة أي إنّ صاحبها لايعلم من المسألة شيئا.
الثالث: جهل مركب؛ وهو الاعتقاد الجازم بما لا يتفق مع الحقيقة، إذ يعتقد المرء بأنه عارفٌ علماً وهو عكس ذلك، وهو تعبير يُطلق على من لا يسلم بجهله، ويدّعي ما لا يعلم.
ومنشأ الجهل عادة هو عدم تلقي العلوم والمعارف التي تؤهل الإنسان لخوض الحياة ببصيرة وحنكة تمكّنانه من اتخاذ مواقف صحيحة في المجالات المختلفة، بالإضافة إلى عوامل أخرى منها عدم الاحتفاظ بالتجارب المفيدة وأهمية تفعيلها في الأوقات المناسبة لتجنب الوقوع في ذات الأخطاء التي أُرتكبت في ظروف سابقة، ولا يمكن التغاضي في هذا الصدد عن عامل التعصب الأعمى الذي ينشأ غالباً من الحبّ أو الكره غير المتوازن والذي من طبيعته وشأنه أن يؤثّر على قدرة الإنسان في فرز الصواب من الخطأ مما يوقعه في مطبّات قد تؤول في نهاية المطاف إلى كوارث ومآسٍ جمّة خصوصاً في حال كان الشخص يشغل منصباً قيادياً لكنّه غير مؤهل للعب دور إيجابي وبنّاء نتيجة الضياع والتخبط والغرور المُصاب به تارة، والعجرفة التي تمتلكه وتجعله في مصافّ الجهلة الذين لا يميّزون الصالح من الطالح تارة أخرى، وما أكثر الأمثلة التي شاهدناها ونشاهدها في حياتنا لمن يسمّون أنفسهم أو يسمّيهم البعض قياديين لكنّهم في الحقيقة لا يفقهون شيئاً من السياسة المنشودة وما يرتبط بها، وما ينبغي أن تقود وتنتهي إليه من نتائج مفيدة وحكيمة، ومردّ ذلك يكمن في الغالب في بُعد هؤلاء الأشخاص عن مصادر الثقافة والمعرفة الصحيحة التي يفترض أن تزوّدهم بما تتطلبه الإدارة والقيادة السليمة والتي لابدّ أن تفضي لحياة مجتمعية طيّبة ونافعة تتناسب مع كرامة الإنسان وحقّه الطبيعي في العيش السعيد والهادف لتحقيق أجمل وأفضل النتائج وقطف أحلى الثمار في شتّى الميادين .
808 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع