اسماعيل مصطفى
لماذا؟
تثار الكثير من التساؤلات حول قضايا متعددة دون التمكن من الاجابة عنها بشكل واضح وصريح فضلاً عن عدم القدرة على استيعاب تداعياتها ووضع الحلول السليمة لتشظياتها المدمرة على جواب أخرى في شتى الميادين الاجتماعية والسياسية والإنسانية.
من هذه التساؤلات: لماذا لا يتمكن الإنسان من تحقيق طموحاته المشروعة والتي لن تلحق الأذى بغيره على الرغم من امتلاكه الأسباب التي تمكنه من تحقيق تلك الطموحات؟
ومن التساؤلات الأخرى: لماذا يعجز الإنسان عن شرح ما يعانيه من مشاكل وأزمات نفسية وروحية على الرغم من شعوره بالحاجة للبوح بهذه المشاكل علّه يتمكن من علاجها أو تقليص آثارها السلبية الى أقل حدّ ممكن؟
وهناك تساؤل ثالث هو: لماذا يجد الإنسان نفسه مضطراً لتحمل أعباء مسؤليات قد تلقى عليه من قبل آخرين لكنه لا يتمكن من رفضها لاسيّما وأنه غير مقتنع بوجوب الرضوخ لهذه الاعباء والتي غالباً ما تكون مصدر ازعاج وقلق وكآبة لهذا الشخص؟
هذه التساؤلات المشروعة وغيرها يمكن ايجاز الدوافع لإثارتها في ثلاثة أمور وبشكل مختصر جدّا.
أولاً: الاعراف الاجتماعية التي تحول دون تمكن الإنسان من ابراز مشاعره وأحاسيسه أمام الآخرين بسبب الحياء تارة، والخوف من الوقوع بالمحذور كالشماتة تارة أخرى.
ثانياً: الاستعجال في اتخاذ القرارات والذي ينجم غالباً عن قلّة التجربة أو نسيانها وما قد يسببه ذلك من تداعيات خطرة تؤثر على مصير الإنسان وتدعوه للندم حين لا ينفع الندم.
ثالثاً: الوقوع في حبائل الرغبة غير السليمة في ارضاء طرف معيّن وحينها لا ينتبه الشخص الذي يقع في فخّ هذه الرغبة الى ما ستؤول له نتيجة قبوله بما يريده الطرف المقابل دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر والمصاعب التي قد يسببها هذا الأمر. وهنا لابدّ من تسجيل ملاحظة غاية في الأهمية وهي ضرورة تجنب الضعف في تلبية رغبات سريعة وزائلة لأنها لن تثمر الّا عن متاعب لصاحبها هو في غنى عنها، ويحدث ذلك في حال لم يحسن السيطرة على رغباته ونزواته التي تنجم في معظمها عن قلّة التجربة والاستسلام للظروف غير الموضوعية التي يفرضها الضعف النفسي في تلك اللحظة العابرة.
نستنتج مما تقدم أنه ينبغي للإنسان أن يستشير أصحاب الخبرة قبل اتخاذ القرارات المصيرية وينأى بنفسه عن الاستعجال في إبرامها لأنه قد يقع في فخّ الطرف الآخر، وكذا عدم الخضوع والاستسلام للأعراف الاجتماعية الضارّة كالحياء والخجل غير المبررين، وعدم اعتبار هذه الأعراف ملاكاً كافياً لإبرام صفقة معينة لأن نقاط الضعف هذه ربّما تودي بالإنسان الى مهالك كثيرة وتفضي الى تعقيدات لا تحمد عقباها، وقد أثبتت التجارب أن عوامل الضعف النفسي التي تسبق أو تتخلل عملية اتخاذ القرار من شأنها أن تكون مصدر قلق وإرباك وتخبط لمن يبتلي بها خصوصاً ونحن في زمن سادت فيه عمليات النصب والاحتيال ومحاولة توظيف نقاط الضعف لدى الضحية لخدمة مصالح ومآرب الطرف القوي وهي مصالح ومآرب غير مشروعة ولا إنسانية ولا يقرّها العقل ولا القانون ولا أية شريعة تستند إلى تعاليم سماوية في أي زمن من الأزمان.
1693 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع